طهران تبتز دول المنطقة عبر أذرعها والمجتمع الدولي بربط الملفين السوري واليمني

طهران تبتز دول المنطقة عبر أذرعها والمجتمع الدولي بربط الملفين السوري واليمني
TT

طهران تبتز دول المنطقة عبر أذرعها والمجتمع الدولي بربط الملفين السوري واليمني

طهران تبتز دول المنطقة عبر أذرعها والمجتمع الدولي بربط الملفين السوري واليمني

دأبت الميليشيات الإرهابية في العالم، وخصوصاً المدعومة من إيران، على شنّ عمليات خطف المدنيين العزَّل «مواطنين وأجانب»؛ بهدف الحصول على أموال مقابل الإفراج عنهم، ولا يكاد يمر موقف دولي أو إقليمي تجاه دولة من الدول التي تدخلت بها إيران؛ إلا وتأمر طهران ميليشياتها في تلك الدول بشنّ مجموعة من العمليات التخريبية بهدف صرف الأنظار وتحويلها عن ذلك الاتجاه.
عمليات الاختطاف واحدة من أسوأ تلك العمليات التخريبية التي تنفذها إيران أو أذرعتها الإرهابية في أنحاء العالم، ولها فيها أهداف عدة؛ منها جذب الأنظار إلى الاختطاف ذاته، وكذلك تمرير مخططاتها الأهم خلف الستار، ولترتيب أوراقها من جديد في المنطقة، وتجاوز أضرار العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها دولياً، إضافة إلى مساعدة تلك الميليشيات على تمويل عملياتها في المنطقة.
وطبقاً لمعلومات وتقارير دولية عدة، فقد قبضت الميليشيات الإرهابية التي ترعاها إيران على مئات الملايين من الدولارات جراء شنّها عمليات اختطاف طالت سياحاً أجانب وإعلاميين وسياسيين، ونساءً ينتمون إلى «مجموعات عرقية»، وآخرين عاملين في منظمات إغاثية وإنسانية كانوا يعملون لنجدة أفراد في مناطق منكوبة أو تشهد صراعات مسلحة.
ونقلاً عن ديفيد كوهين، وكيل إدارة مكافحة الإرهاب في وزارة الخزانة الأميركية، فإن أموال الفدية التي نالتها الجماعات الإرهابية («القاعدة» و«داعش») في الفترة ما بين عامي 2012 و2014 بلغت نحو 120 مليون دولار، منها 20 مليون دولار حصلت عليها «القاعدة» في اليمن وحدها؛ إذ اعتمد التنظيمان على خطف السياح والإعلاميين ونساء «إيزيديات» لمقايضتهم بالمال.
في حين تشير تقديرات مصادر دولية، إلى أن ميليشيا «حزب الله» اللبناني استطاعت الحصول على نحو 300 مليون دولار مقابل الإفراج عن أشخاص اختطفتهم خلال السنوات الماضية، واستخدمت تلك الأموال في دعم أفرادها وتسليحهم للدخول في حروب إقليمية في دول عدة، منها سوريا واليمن.
ولم تغفل ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران أيضاً، ممارسة عمليات الخطف بإيعاز من حاضنتها الأم طهران؛ إذ بحسب تقارير منظمات يمنية، فإن ميليشيا الحوثي اختطفت نحو 2304 مدنيين من الشوارع ومن داخل منازلهم، منهم 987 سياسياً ومعارضاً للانقلابيين في اليمن، في حين حاولت دولة قطر استغلال دعاية الاختطاف لتمرير 500 مليون دولار إلى ميليشيا الحشد الشعبي في العراق والمدعومة من إيران، تحت ذريعة أن الأموال كانت مخصصة لإطلاق سراح الصيادين القطريين المختطفين في العراق، إلا أن الحكومة العراقية حالت دون وصول تلك الأموال للميليشيا وتحفظت عليها.
في هذا الصدد، أكد الدكتور محمد عسكر، وزير حقوق الإنسان في اليمن، لـ«الشرق الأوسط» أن الميليشيات الحوثية جماعة إرهابية استولت على مقدرات الدولة، وتمارس أعمالها المشبوهة والمحرّمة دولياً، ولا يوجد لديها أي شرعية قانونية وسياسية، ولا يستبعد من هذه الميليشيات أن تقوم بملاحقة واختطاف شخصيات اعتبارية ومعارضين بإيعاز من إيران؛ بهدف ابتزاز المجتمع المدني، وبخاصة أن الميليشيات قامت بما هو أسوأ من خلال أعمال السطو على المساعدات الإنسانية للأطفال والنساء، فهو غير بعيد أن تقوم بمثل هذه الأعمال. واستطرد عسكر: «إنه وبحسب القرار رقم 2216، الذي يدعو إلى إطلاق القيادات العسكرية من سجون الميليشيات، وفي مقدمتهم وزير الدفاع اللواء محمود الصبيحي، واللواء ناصر المنصور وحمد قحطان، والعميد فيصل رجب، وهؤلاء قيادات في الدولة، ما زالوا حتى الآن محتجزين، ولم يجر الإفراج عنهم من قبل الميليشيات رغم وجود القرار الدولي، والجميع بمن فيهم الصليب الأحمر وذووهم يجهلون مواقع احتجازهم وحالتهم الصحية».
وتستخدم ميليشيات الحوثيين، والحديث للوزير، المختطفين من القياديين والمعارضين، كورقة ضغط لتحقيق أهداف سياسية، من خلال تحقيق مصالح معينة، وتحديداً الشخصيات البارزة التي يحتفظ بها كورقة ضغط في المرحلة الأخيرة من وجود هذه الميليشيات في العاصمة اليمنية صنعاء، وتقدم الجيش على الجبهات كافة.
ولا تتوقع الحكومة اليمنية، وفقاً لعسكر، أن تقوم ميليشيات الحوثيين المدعومة من إيران، بأي عمل عقلاني وإيجاد توافق مع الطرف الآخر «الحكومة الشرعية» المختلف معها سياسياً في المقام الأول على أي تسوية حول الأسرى والمختطفين، وأن تقوم هذه الميليشيات بالإفراج عن الشخصيات السياسية والعسكرية، وبخاصة أن الحكومة قدمت الكثير للمعتقلين ودعت لحمايتهم، ورفعت للصليب الأحمر الذي لم يستطع إيجاد مَخرج للأسماء المقدمة إليهم.
واعتبر عسكر، أن المجتمع الدولي الذي ينادي بحقوق الإنسان، وحرية الرأي، لم يقدم شيئاً في هذا السياق، وهو يشاهد هذه الممارسات المجحفة بحق المواطن الذي يعيش في أجواء ترهيب وخوف؛ إذ ما زال المجتمع الدولي صامتاً، ولم يقم بأي تحرك لوقف هذه الأعمال الإرهابية التي تمارسها الميليشيات الحوثية من أجل فرض قبضتها السياسية على المناطق التي تقبع تحت سيطرتها، من خلال الزج بكل معارض وصحاب رأي في السجون، وتمارس أبشع أنواع التعذيب؛ لإرهاب المجتمع المدني وإخافته.
وتختلف عمليات الابتزاز التي تمارسها إيران، سواء في المنطقة من التدخل المباشر وغير المباشر، وما تقوم به في المجتمع الدولي بخلط جميع الملفات المطروحة لكسب مزيد من الوقت لحلفائها في الدول العربية؛ وهو ما أكده عبد الملك المخلافي، نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية اليمني، لـ«الشرق الأوسط» في وقت سابق، من سعي إيران الربط بين الملفين السوري واليمني، الذي اعتبرها الوزير أنها تأتي بهدف ابتزاز الحكومة الشرعية في اليمن، ودول الجوار ومنها السعودية، والموقف العربي في اليمن، ومحاولة تكريس نفوذ طهران في سوريا.
وجرى التصدي لهذه المحاولة، من قِبل الحكومة اليمنية مدعومة بالتحالف العربي وعلى رأسه السعودية، كما يقول المخلافي، الذي أكد، أن الموقف العربي تجاه اليمن موحد، وهذا يعزز الموقف الدولي، ولم تتمكن إيران وبعض الدول التي ترتبط معها وتتحرك في فلكها، من اختراق الموقف الموحد عربياً ودولياً من اليمن؛ إذ إن دول العالم كافة تدعم الشرعية، وتؤكد أن الحل هو السلام، وأن ما يجري في اليمن هو بين حكومة شرعية ومتمردين، وليست حرباً أهلية.



إندونيسيا تطلق برنامج وجبات مجانية للأطفال والحوامل لمكافحة سوء التغذية

طالبتان إندونيسيتان تبتسمان عقب تلقيهما وجبة غذائية مجانية في المدرسة (أ.ف.ب)
طالبتان إندونيسيتان تبتسمان عقب تلقيهما وجبة غذائية مجانية في المدرسة (أ.ف.ب)
TT

إندونيسيا تطلق برنامج وجبات مجانية للأطفال والحوامل لمكافحة سوء التغذية

طالبتان إندونيسيتان تبتسمان عقب تلقيهما وجبة غذائية مجانية في المدرسة (أ.ف.ب)
طالبتان إندونيسيتان تبتسمان عقب تلقيهما وجبة غذائية مجانية في المدرسة (أ.ف.ب)

أطلقت الحكومة الإندونيسية الجديدة مشروعاً طموحاً، يوم الاثنين، لمكافحة سوء التغذية، من خلال توفير الطعام لما يقرب من 90 مليون طفل وامرأة حامل، ومن المتوقع أن يتكلف المشروع 28 مليار دولار حتى عام 2029، على الرغم من أن كثيراً من الناس يشككون فيما إذا كان يمكن للحكومة تحمُّل نفقات البرنامج.

يمثل برنامج الوجبات الغذائية المجانية، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، أحد وعود الحملة الانتخابية للرئيس فرابوو سوبيانتو، الذي جرى انتخابه، العام الماضي، لقيادة البلد الذي يبلغ تعداده أكثر من 282 مليون نسمة ويُعدّ أكبر اقتصاد في جنوب شرقي آسيا.

وقال إن البرنامج يهدف إلى مكافحة التقزم الذي يؤثر على 21.5 في المائة من الأطفال الإندونيسيين الذين تقل أعمارهم عن 5 سنوات، وسيرفع دخل المزارعين.

طالب يوزع وجبات غذائية مجانية على الطالبات في إحدى مدارس إندونيسيا (أ.ف.ب)

في خطاب تنصيبه في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، قال سوبيانتو إن كثيراً من الأطفال يعانون سوء التغذية.

ويُعدّ وعده بتوفير وجبات مدرسية مجانية وحليب لـ83 مليون طالب، في أكثر من 400 ألف مدرسة، جزءاً من استراتيجية طويلة الأمد لتطوير الموارد البشرية في البلاد، لتحقيق ما يطلق عليه جيل «إندونيسيا الذهبية» بحلول عام 2045.

وقال سوبيانتو: «كثيرون من إخوتنا وأخواتنا يعيشون تحت خط الفقر، وكثيرون من أطفالنا يذهبون إلى المدرسة دون إفطار ولا يمتلكون ملابس للمدرسة».

طلاب بإحدى مدارس إندونيسيا يتجمعون للحصول على وجبة غذائية في المدرسة (أ.ف.ب)

وقد تصل تكلفة برنامج التغذية لسوبيانتو إلى أكثر من 450 تريليون روبية (28 مليار دولار)، بحلول نهاية ولايته في عام 2029. وقال إن فريقه أجرى حساباته لتمويل مثل هذا البرنامج، مؤكداً: «نقدر عليه».

وأشار دادان هينديانا، رئيس وكالة التغذية الوطنية المشكَّلة حديثاً، إلى أن الهدف الحكومي هو الوصول إلى 19.5 مليون طفل في المدارس والنساء الحوامل في عام 2025 بميزانية قدرها 71 تريليون روبية (4.3 مليار دولار).

وأضاف أن هذه الأموال ستشتري نحو 6.7 مليون طن من الأرز، و1.2 مليون طن من الدجاج، و500 ألف طن من اللحم البقري، ومليون طن من الأسماك، بالإضافة إلى الخضراوات والفواكه، و4 ملايين لتر من الحليب.

طلاب بإحدى مدارس إندونيسيا يشاركون في توزيع الوجبات الغذائية على زملائهم (أ.ف.ب)

وقال وزير التعاونيات بودي أري سيتيادي إن نحو ألفيْ جمعية تعاونية ستشارك في برنامج الوجبات المجانية، من خلال توفير البيض والخضراوات والأرز والأسماك واللحوم والحليب، وغيرها من المواد الغذائية. واليوم الاثنين، وصلت شاحنة تحمل الطعام إلى مدرسة ابتدائية في مدينة ديبوك، إحدى ضواحي جاكرتا، وقدمت لـ740 طالباً الأرز والخضراوات والتمبيه والدجاج المقلي والبرتقال.

قال هينديانا: «سنرسل فريقاً إلى كل مدرسة لتسهيل توزيع الوجبات على الطلاب، كل يوم»، مضيفاً أن البرنامج سيقدم وجبة واحدة يومياً لكل طالب من مرحلة التعليم المبكر حتى الثانوية العامة، مما يغطي ثُلث الاحتياجات اليومية من السعرات الحرارية للأطفال، مع توفير الحكومة الوجبات دون أي تكلفة على المستفيدين.

طلاب في إندونيسيا يتناولون وجبة غذائية مجانية وزعتها الحكومة أثناء ساعات الدراسة (أ.ف.ب)

لكن البرنامج تعرَّض لانتقادات من المستثمرين والمحللين بشأن حجمه، والعبء الذي يضعه على كاهل المالية العامة للدولة والاقتصاد، وعلاقته بمصالح جماعات الضغط الصناعية.

قال نايلول هودا، الباحث في مركز الدراسات الاقتصادية والقانونية، إن المالية العامة لإندونيسيا ليست قوية بما يكفي لدعم البرنامج، ما سيؤدي إلى زيادة الدَّين الداخلي.

وحذَّر من أن البرنامج قد يؤدي أيضاً إلى زيادة ميزان المدفوعات الخارجي للبلاد، التي تُعد بالفعل مستورداً رئيسياً للأرز والقمح وفول الصويا ولحم البقر ومنتجات الألبان.