كرنفالات «كرامبوس»... قوامها القبح وإرعاب الحاضرين

تحتفل بها دول شرق الألب

كرنفالات «كرامبوس»... قوامها القبح وإرعاب الحاضرين
TT

كرنفالات «كرامبوس»... قوامها القبح وإرعاب الحاضرين

كرنفالات «كرامبوس»... قوامها القبح وإرعاب الحاضرين

أكثر ما تعرف الكرنفالات عالمياً بالملابس المبهرجة الملونة والجميلة، والرقصات الفنية التقليدية والحديثة، والفرق الموسيقية التي تتبارى بجمال ألحانها في جذب الحضور، ودعوتهم للمشاركة بالرقص والمرح، ومن هذه الكرنفالات «السامبا» في البرازيل، وكرنفال «نوتينغ هيل غيت» في العاصمة البريطانية لندن.
على عكس تلك الكرنفالات التي قوامها الجمال، تنتشر هذه الأيام وتستمر لما قبل يوم عيد الميلاد، كرنفالات ومسيرات من نوع خاص جداً، قوامها «القبح»، والمشاركة بأقنعة مخيفة. وللمفارقة فإنّها مشهودة جداً ومحبوبة، على الرغم مما تثيره من هلع؛ بل تؤدي أحياناً لحوادث وإصابات تنتهي في المستشفيات.
أكثر ما تعرف هذه الكرنفالات المرعبة ويسمونها «كرامبوس» في دول شرق الألب، ويحافظ عليها سكان كثير من المدن والقرى في مختلف الأقاليم النمساوية والألمانية من سكان إقليم بافاريا، وفي التشيك والمجر وسلوفينيا، وإمارة ليختنشتاين، وكانتونات في سويسرا، ويهتمون بها اهتماماً ملحوظاً، كما يعشقها أهل إقليم تيرول الإيطالي المجاور للنمسا.
وحسب ما يتداوله النمساويون، فإنّ «كرامبوس هو شخصية تقليدية نصفها ماعز ونصفها شيطان»، قبيحة المظهر لدرجة الرعب، تظهر قبل الاحتفالات بأعياد الميلاد، وتتجول في الطرقات بحثاً عن المشاغبين، سيما الأطفال، لتأنيبهم، وفيما قد يتجول «كرامبوس» في جماعات أو بمفرده، يظهر أحياناً وهو يجري على غير هدى خلف القديس الطيب نيكولاس «بابا نويل» الذي يقدّم للأطفال في العيد الحلوى والهدايا، فيما «كرامبوس» يأخذ ولا يعطي.
من جانبها ترجع مصادر ظهور شخصيات «كرامبوس» لتقاليد سادت بين سكان الجبال قبل المسيحية ولم تندثر بعدها، باعتبارها شياطين عاقبها الخالق، ثم تطور الأمر قرناً بعد قرن، لتتحول لمجرد تقليد وتراث شعبي قد تغمره روح العصر الاستهلاكية التي أصبحت ضرورية عند التجهيزات للكرنفالات، وعند الاستعانة بمستلزمات مظهر «كرامبوس» وتنقلاته وجولاته التي كثيراً ما تجوب شوارع وأزقة وطرقات، بل أصبحت تفاجئ حتى موظفين داخل مكاتب ودور حكومية ومؤسسات وشركات، وسبق أن اقتحم «كرامبوس» مبنى البرلمان الألماني «البندستاغ»، كما يهاجم مراراً مكاتب ومؤسسات في فيينا، ويعيث فيها فساداً، ويقرع الطبول، ويطارد موظفين.
في سياق موازٍ، أصبحت المدن تنظم كرنفالات ومسيرات ضخمة يشارك فيها مئات المقنعين بأقنعة تشبه ما تتداوله الأجيال عن مظهر «كرامبوس» وقرونه الكبيرة، ولسانه الطويل المدبب، وشعره المنتف والمنكوش، وقدم إنسان، وأخرى على شكل حافر، وأنياب بارزة، وملابس كاسية من جلد الماعز، يتوسطها حزام تحفه أجراس وعدد من الأبواق. هذا ويظهر «كرامبوس» خاصة في المسيرات الجماعية، مقيداً بسلاسل يحاول الانفكاك منها.
وفي بعض الدول، ومنها دولة سلوفينيا تُحرق مجسمات تبدو على هيئة «كرامبوس» ويشعلون فيها نيراناً تقضي عليها تماماً، وكأنّهم يحرقون الشيطان وشروره.
عادة ما تصنع أقنعة التنكر على هيئة «كرامبوس» يدوياً من خشب الصنوبر، وتنحت مجوفة، وقد تختلف ملامحها قليلاً من مكان لآخر، إذ يترك البعض أجزاء مرئية من الوجه لتبدو الأقنعة طبيعية ومرعبة، ويتمسك آخرون بأهمية أن تكون القرون أصلية طبيعية، كما يتزينون بأكبر عدد من الأجراس الصغيرة، ويحملون طبولاً وسياطاً من أفرع نباتية يضربون بها على الأرض، ويلوحون بها أمام ضحاياهم، مما يزيد الموقف رعباً. وهذا الأمر ولّد استياءً، فانطلقت شكاوى لوقف هذه التقاليد بدعوى قسوتها وعدم تماشيها مع أصول التربية الحديثة والعصرية.
من جانبه يشتهر إقليم كرنثيا في جنوب النمسا بالكرنفالات السنوية التي ظل طيلة الأعوام الماضية ينظمها لـ«كرامبوس»، واليوم السبت تشهد عاصمته كلاغنفورت، أضخم مسيرة لـ«كرامبوس»، تبدأ من الساعة السابعة مساءً وتستمر حتى الساعة الثانية صباحاً، بطول 1.5 كيلومتر. ويتوقع أن يفوق عدد حضورها 40 ألفاً، فيما يُشرف عليها 130 شخصاً، ويحرسها 40 من رجال الأمن بزيهم الرسمي، للحفاظ على الأمن والسلامة.
هذا وكانت شائعات قوية قد روّجت لمعلومات عن إلغاء الكرنفال، بعدما تعذر وجود شركة لتأمينه بسبب أحداث عنف وفوضى سادت في الأيام الماضية، خلال مسيرات أصغر في بعض القرى، انتهت بعمليات شغب بين المقنعين والجمهور، مما أدّى إلى إصابات استلزمت علاجات طبية.
ولمزيد من النظام، ستفرض السلطات هذا المساء الفصل بين المشاركين والجمهور بفواصل تمنع الاختلاط تماماً، كما أعلنت حظراً على بيع الكحوليات وتناولها خلال الكرنفال، سيما بعد شكاوى نسائية من تحرشات وسلوكيات مستهجنة.
إلى ذلك تشهد الدورة الـ26 لكرنفال «كرامبوس» في مدينة كلاغنفورت وللمرة الأولى، مشاركة فريق نسائي قَدم خصيصاً من سويسرا، فيما اقتصر الظهور بمظهر «كرامبوس» تقليدياً على رجال يتطلب منهم أن يكونوا أقوياء وأشداء قادرين على العمل، وغير متزوجين، ويمتازون بطول قامتهم وأجسادهم الضخمة.
ما يجدر ذكره أنّ قانون حظر النقاب وكل ما يغطّي معالم الوجه الذي أمسى سارياً في النمسا منذ مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، يستثني المقنعين أثناء الاحتفالات التقليدية، وبالتالي فإنّ أقنعة «كرامبوس» قانونية 100 في المائة.


مقالات ذات صلة

«القاهرة السينمائي» يوزّع جوائزه: رومانيا وروسيا والبرازيل تحصد «الأهرامات الثلاثة»

يوميات الشرق المخرج المصري بسام مرتضى يرفع بجوائز فيلمه «أبو زعبل 89» (إدارة المهرجان)

«القاهرة السينمائي» يوزّع جوائزه: رومانيا وروسيا والبرازيل تحصد «الأهرامات الثلاثة»

أثار الغياب المفاجئ لمدير المهرجان الناقد عصام زكريا عن حضور الحفل تساؤلات، لا سيما في ظلّ حضوره جميع فعاليات المهرجان.

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق عمرو سعد يتحدث عن مشواره الفني (إدارة المهرجان)

عمرو سعد: أعود للشاشة بفيلم «الغربان»... وأحل ضيفاً على «الست»

قال الفنان المصري عمرو سعد إن غيابه عن السينما في السنوات الأخيرة جاء لحرصه على تقديم أعمال قوية بإمكانات مادية وفنية مناسبة.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق مشهد من الفيلم السعودي «ثقوب» (القاهرة السينمائي)

المخرج السعودي عبد المحسن الضبعان: تُرعبني فكرة «العنف المكبوت»

تدور الأحداث حول «راكان» الذي خرج إلى العالم بعد فترة قضاها في السجن على خلفية تورّطه في قضية مرتبطة بالتطرُّف الديني، ليحاول بدء حياة جديدة.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق حفل ختام مهرجان شرم الشيخ المسرحي شهد غياب مشاهير الفن (شرم الشيخ المسرحي)

«شرم الشيخ المسرحي» يُختتم بعيداً عن «صخب المشاهير»

اختتم مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي فعاليات دورته التاسعة، مساء الأربعاء، بعيداً عن صخب المشاهير.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق الفنانة السورية سُلاف فواخرجي والمخرج جود سعيد مع فريق الفيلم (القاهرة السينمائي)

«سلمى» يرصد معاناة السوريين... ويطالب بـ«الكرامة»

تدور أحداث الفيلم السوري «سلمى» الذي جاء عرضه العالمي الأول ضمن مسابقة «آفاق عربية» بمهرجان القاهرة السينمائي في دورته الـ45، وتلعب بطولته الفنانة سلاف فواخرجي.

انتصار دردير (القاهرة)

إشادة بانفتاح السعودية على تقديم الفن الراقي

نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
TT

إشادة بانفتاح السعودية على تقديم الفن الراقي

نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»

شهدت الرياض وجدة فعاليات مسرحية وغنائية عقب انتهاء شهر رمضان، انطلقت مع عيد الفطر واستقطبت مشاركات مصرية لافتة، منها مسرحية «حتى لا يطير الدكان»، من بطولة الفنانَيْن أكرم حسني ودرة، في موسمها الثاني على مسرح «سيتي ووك جدة»؛ إلى عرض ستاند أب كوميدي «ذا إيليت» المقام على «مسرح محمد العلي» بالرياض، بينما شاركت الفنانة المصرية أنغام بحفلات «عيد القصيم»، والفنان عمرو دياب بحفلات «عيد جدة».
وتشهد العاصمة السعودية حفل «روائع الموجي»، الذي تحييه نخبة من نجوم الغناء، بينهم من مصر، أنغام وشيرين عبد الوهاب ومي فاروق، بالإضافة إلى نجوم الخليج ماجد المهندس وعبادي الجوهر وزينة عماد، مع صابر الرباعي ووائل جسار، بقيادة المايسترو وليد فايد وإشراف فني يحيى الموجي، ومشاركة الموسيقار رمزي يسى.
عن هذا الحفل، يعلّق الناقد الفني المصري طارق الشناوي لـ«الشرق الأوسط»: «نشجّع تكريس الكلمة الرائعة والنغم الأصيل، فحضور نجوم مصر في فعاليات المملكة العربية السعودية، يشكل حالة تكامل من الإبداع»، معرباً عن غبطته بمشهدية الزخم الفني، التي يواكبها في الرياض وجدة.
ووفق «جمعية المؤلفين والملحنين الرسمية» في مصر، ورصيد محمد الموجي، صاحب مقولة «أنا لا أعمل كالآلة تضع فيها شيئاً فتخرج لحناً؛ إنها مشاعر وأحاسيس تحتاج إلى وقت ليخرج اللحن إلى النور»، قد وصل إلى 1800 لحن، ليعلّق رئيسها مدحت العدل لـ«الشرق الأوسط» بالتأكيد على أنّ «الاحتفاء بالرموز الفنية من (الهيئة العامة للترفيه)، كاحتفالية الموجي، أمر غاية في الرقي ويدعو للفخر»، موجهاً التقدير للجميع في المملكة على النهضة الفنية الكبيرة.
واستكمالاً لسلسلة الفعاليات الفنية، فإنّ مدينة جدة على موعد مع حفلين للفنان تامر عاشور يومي 5 و6 مايو (أيار) الحالي، بجانب حفل الفنانَيْن محمد فؤاد وأحمد سعد نهاية الشهر عينه. وعن المشاركات المصرية في الفعاليات السعودية، يشير الناقد الموسيقي المصري محمد شميس، إلى أنّ «القائمين على مواسم المملكة المختلفة يحرصون طوال العام على تقديم وجبات فنية ممتعة ومتنوعة تلائم جميع الأذواق»، مؤكداً أنّ «ما يحدث عموماً في السعودية يفتح المجال بغزارة لحضور الفنانين والعازفين والفرق الموسيقية التي ترافق النجوم من مصر والعالم العربي». ويلفت شميس لـ«الشرق الأوسط» إلى أنّ «هذا التنوع من شأنه أيضاً إتاحة مجال أوسع للمبدعين العرب في مختلف الجوانب، التي تخصّ هذه الحفلات، وفرصة لاستقطاب الجمهور للاستمتاع بها بشكل مباشر أو عبر إذاعتها في القنوات الفضائية أو المنصات الإلكترونية»، معبّراً عن سعادته بـ«الحراك الفني الدائم، الذي تشهده المملكة، بخاصة في الفن والثقافة وتكريم الرموز الفنية والاحتفاء بهم».
وشهد «مسرح أبو بكر سالم» في الرياض قبيل رمضان، الحفل الغنائي «ليلة صوت مصر»، من تنظيم «الهيئة العامة للترفيه»، احتفالاً بأنغام، إلى تكريم الموسيقار المصري هاني شنودة في حفل بعنوان «ذكريات»، شارك في إحيائه عمرو دياب وأنغام، بحضور نخبة من نجوم مصر، كما أعلن منذ أيام عن إقامة حفل للفنانة شيرين عبد الوهاب بعنوان «صوت إحساس مصر».
مسرحياً، يستعد الفنان المصري أحمد عز لعرض مسرحيته «هادي فالنتين» في موسمها الثاني، ضمن فعاليات «تقويم جدة» على مسرح «سيتي ووك‬» بين 3 و6 مايو (أيار) الحالي. وعنه كان قد قال في حوار سابق مع «الشرق الأوسط»، إنّ «الحراك الثقافي الذي تشهده المملكة يفتح آفاقاً وفرصاً متنوعة للجميع لتقديم المزيد من الفن الراقي».