الفن الإيراني يجذب المقتنين في الخارج والداخل

خبيرة «كريستيز» هالة خياط: هناك إدراك لدى المقتنين العالميين بأنه فن يستحق الاستثمار

حضور عربي لافت خلال مزاد طهران
حضور عربي لافت خلال مزاد طهران
TT

الفن الإيراني يجذب المقتنين في الخارج والداخل

حضور عربي لافت خلال مزاد طهران
حضور عربي لافت خلال مزاد طهران

رغم الأوضاع السياسية المتقلبة في العالم، خاصة بالنسبة لدولة إيران، ورغم العقوبات الاقتصادية والتوترات التي تشهدها إيران مع عدد من دول العالم، فإن الفن الإيراني أثبت أنه خارج دائرة التوتر، فهو قد ثبت مكانته في عالم الفن عبر مشاركات واسعة في المعارض الفنية وأيضا عبر مبيعات عالية في المزادات العالمية. وهنا لا بد من ذكر الأرقام العالية والإقبال الذي يلاقيه الفنانون الإيرانيون في مزادات داري «سوذبي» و«كريستيز» بمنطقة الخليج العربي. ووسط هذه الحالة من الاهتمام بالفن الإيراني برزت أسماء كثيرة حققت مبيعات قياسية مثل الفنان برويز تانافولي الذي حقق 2.8 مليون دولار في مزاد لدار «كريستيز» بدبي عام 2008، وأصبحت أعماله تعرض في صالات ومتاحف عالمية مثل متحف «متروبوليتان» بنيويورك و«تايت غاليري» بلندن.
من جانبها، علقت هالة خياط مدير المزادات والمدير المشارك لدى «كريستيز دبي» في حديث خاطف مع «الشرق الأوسط»: «من 2006، منذ أن سلطت (كريستيز) الضوء على هذا الفن، يطلع المقتنون العالميون الذين يعيشون في أوروبا وأميركا وروسيا والصين على دور المزادات الكبيرة لاستكشاف مناطق الاقتناء الجديدة للفن، ولذا عندما تقوم دور مزادات بوزن دار (كريستيز) بتسليط الضوء عليها، يصبح الاهتمام أكبر ويتحول من اهتمام سوق محلي يخص البلد ذاته، إلى اهتمام سوق عالمية. و(كريستيز) كانت أول دار بالمنطقة تنظم هذا المزادات». وبلغ النجاح قمته في عامي 2007 و2008 وهو ما ساعد كثيرا من الفنانين الإيرانيين في عرض أعمالهم في دول العالم والمشاركة في معارض بأوروبا وأميركا وحتى هونغ كونغ، وتضيف: «اليوم بعد سبع سنين في السوق العالمية، أصبح هناك إدراك لدى المقتنين العالميين أن هذا فن يستحق الاستثمار». وهو ما يثمنه الفنان العالمي برويز تانافولي في حديثه لوكالة «رويترز»، حيث قال: «ندين بالكثير لدار (كريستيز) لدفعها بالفن الإيراني إلى دائرة الضوء العالمية».
نطرح سؤالا على خياط حول إذا ما كانت المنطقة العربية تنافس السوق العالمية في اقتناء أعمال الفن الإيراني، فتقول خياط: «الأرقام التي لدينا تشير إلى أن 50 في المائة من المقتنين من المنطقة العربية و50 في المائة من الغرب، هذه دراسة من آخر مزاد لـ«كريستيز»، ولكن لم يكن الوضع كذلك في 2007.. كان لدينا فقط خمسة في المائة من المبيعات من الغرب، و95 في المائة من الشرق الأوسط، وتناقص هذا الرقم تدريجيا على مدى السنوات السبع الماضية، والآن أصبح لدينا نصف المبيعات تذهب لمشترين من المنطقة والنصف الآخر لمقتنين أجانب».
ولكن كل ذلك الاهتمام كان يحدث خارج إيران نفسها، ومع الوقت تغير الوضع وأخيرا، وأعلن مزاد طهران للفنون في دورته الثالثة التي عقدت في الفترة ما بين 27 - 30 مايو (أيار) الماضي أن جميع القطع التي عرضت للبيع قد بيعت بالكامل محققة أكثر من خمسة ملايين دولار، وهو مبلغ يربو على مثل ما حققه المزاد العام الماضي كما أشارت وكالة «رويترز» في تقرير لها. وأشار البيان الصادر عن الصالة أن المزاد تميز بالمضاربة القوية على القطع المعروضة، وأن المبيعات تخطت التوقعات بمراحل كبيرة. وأضاف البيان أن نحو 30 في المائة من المشاركين بالمزاد كانوا عملاء جددا لم يشاركوا من قبل في مزادات الصالة.
وكان العملان الأعلى سعرا في مزاد طهران للشاعر والرسام الإيراني المرموق سهراب سبهر (1928 - 1980) وحققا 680 ألف دولار، و604 آلاف دولار. وقالت زهراء جهان بخش، الرئيسة المشاركة للمبيعات الدولية في مزاد طهران للفنون لـ«رويترز» إن الممثل الإيراني الشهير رضا كيانيان كان البائع في المزاد الذي أقيم في فندق «باريزيان»، أحد أفضل فنادق طهران، يوم الجمعة، وأضافت أن الحدث اجتذب جمهورا يزيد على الألف شخص على الرغم من أن «نحو 100 شخص فقط من الحاضرين شاركوا في المزاد».
وقالت مشاركة في المزاد لـ«رويترز»: «أستطيع أن أقول، من السيارات المتوقفة، أن كثيرا من الحضور أغنياء جدا».
ومن بين الأعمال الفنية الأخرى في المزاد لوحة «صيد السماء الزرقاء» للفنان رضا درخشاني (1952) التي حققت 227 ألف دولار، ولوحة (الحب) للفنان محمد احصايي التي جلبت 219 ألف دولار.
وقال علي رضا سامي عازار، المدير السابق لمتحف الفن المعاصر في طهران ومؤسس ومدير مزاد طهران للفنون: «الأزمة الاقتصادية كانت سبب انطلاق مزاد طهران للفنون».



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».