البشير يطلب من روسيا حماية لمواجهة «أميركا العدائية»

حمّل واشنطن مسؤولية أزمات المنطقة... ومحادثاته مع بوتين شملت الطاقة والتنقيب والبرامج النووية السلمية

البشير وبوتين خلال لقائهما في سوتشي أمس (رويترز)
البشير وبوتين خلال لقائهما في سوتشي أمس (رويترز)
TT

البشير يطلب من روسيا حماية لمواجهة «أميركا العدائية»

البشير وبوتين خلال لقائهما في سوتشي أمس (رويترز)
البشير وبوتين خلال لقائهما في سوتشي أمس (رويترز)

أجرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين محادثات أمس في مدينة سوتشي مع الرئيس السوداني عمر البشير.
وقال الكرملين إن الرئيسين تبادلا وجهات النظر حول تطوير العلاقات الثنائية، والقضايا الدولية الملحة، بما في ذلك الوضع في الشرق الأوسط. وأكد البشير في مستهل المحادثات التي جرت في منتجع سوتشي على ضفاف البحر الأسود، الأهمية الخاصة التي تمنحها بلاده للعلاقات مع روسيا، وعبر عن تقديره للموقف الروسي في الساحات الدولية، وقال إن «موقف روسيا في الدفاع عن السودان مهم بالنسبة لنا». وأشار إلى تقارب مواقف البلدين حيال جملة من القضايا، وقال: «بالدرجة الأولى نحن ضد التدخل الأميركي في الشؤون الداخلية للدول العربية»، وحمل الولايات المتحدة، مسؤولية الأزمات التي تواجهها المنطقة. وقال البشير: «نرى أن ما يجري في بلدنا، خاصة في دارفور، وجنوب السودان، نتيجة السياسات الأميركية.. وفي النتيجة انقسم بلدنا قسمين، ما أدى إلى تدهور الوضع». وقال مخاطبا بوتين إن «السودان بحاجة لحماية من الممارسات العدائية الأميركية»، رغم رفع واشنطن مؤخرا الحظر الذي فرضته على بلاده طوال عشرين عاما. وأضاف البشير أن «الوضع في البحر الأحمر يثير قلقنا، ونعتقد أن التدخل الأميركي في تلك المنطقة يمثل مشكلة أيضا، ونريد التباحث في هذا الموضوع من منظور استخدام القواعد العسكرية في البحر الأحمر».
وأظهر البشير تضامناً مع الرؤية الروسية لما يجري في سوريا، وحمل السياسات الأميركية المسؤولية عن الوضع هناك الذي وصفه بـ«الكارثة»، كما أعرب عن قناعته بأنه «لا يمكن تحقيق السلام في سوريا من دون الرئيس الأسد»، وأثنى بعد ذلك على الدور الروسي في سوريا، واعتبر أنه لولا ذلك الدور لانتهت سوريا.
من جانبه، عبر بوتين عن يقينه بأن زيارة البشير إلى موسكو ستكون مثمرة جداً وستساهم في تطوير العلاقات الثنائية، لافتاً إلى أنها الزيارة الأولى التي يجريها الرئيس السوداني إلى روسيا. وتوقف عند العلاقات الاقتصادية بين بلدين، التي حققت نموا خلال العام الماضي بنسبة 66 في المائة، ومع إشارته إلى أن تلك العلاقات ليست كبيرة، لكنه عبر عن ارتياحه لوتيرة نموها، التي زادت خلال الأشهر الماضية عن 80 في المائة. وعبر عن أمله في زيادة صادرات القمح الروسي إلى السودان لتصل العام الحالي إلى مليون طن. وأكد وجود آفاق جيدة للتعاون الثنائي في مجال الطاقة والتنقيب والإنتاج وتبادل المواد الخام، وكذلك في مجال النفط والطاقة الكهربائية وتطوير البرامج النووية السلمية.
وأجرى البشير محادثات في وزارة الدفاع الروسية، وقال إن اللقاء مع وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو كان إيجابياً. وأشار إلى اتفاق خلال المحادثات مع شويغو على تقديم روسيا المساعدة للسودان في برنامج إعادة تأهيل وتسليح القوات السودانية، وأشار بصورة خاصة إلى القوات البرية، التي تستخدم أسلحة روسية المنشأ. وأعرب البشير عن رغبة بلاده في تعزيز التعاون العسكري مع موسكو من أجل «تحديث عتاد قواتنا المسلحة» مشيرا إلى أن «السلاح الذي نمتلكه روسي الصنع».
ودعا الشركات الروسية للعمل في السودان، لا سيما في مشروعات التنقيب وتطوير البرامج النووية السليمة، وأكد اهتمام الخرطوم بتطوير العلاقات مع القطاع النفطي الروسي، واقترح على بوتين الاستفادة من موقع السودان للتعاون الثنائي في مجال تطوير علاقات روسيا مع دول أفريقيا، وقال إن «السودان قد يشكل مفتاح روسيا لأفريقيا».
وتعد زيارة البشير الأولى له إلى روسيا، وتأتي بعد رفع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب مؤخرا الحظر المفروض على السودان. وقررت واشنطن في أكتوبر (تشرين الأول) رفع بعض العقوبات المفروضة على السودان لكنها أبقت على هذا البلد على لائحة الدول المتهمة بدعم الإرهاب. وفرضت واشنطن عقوباتها المالية عام 1997 لاتهام السودان بدعم جماعات متطرفة. وبعد عقود من التوتر الدبلوماسي، تحسنت العلاقات بين الخرطوم وواشنطن إبان ولاية الرئيس السابق باراك أوباما ما سمح برفع العقوبات في عهد خلفه ترمب.
وينفي السودان دائما اتهامات للمحكمة الجنائية الدولية، بتورط الرئيس البشير بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. وأصدرت المحكمة عام 2009 مذكرة توقيف باسم البشير، وظلت المحكمة من وقتها تنتقد الدول التي تستقبله، لكن روسيا انسحبت من تلك المحكمة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2016. وقال ديمتري بيسكوف المتحدث الرسمي باسم الكرملين، إن الرئيس بوتين استقبل البشير بصفته رئيسا شرعيا للبلاد. وفي إجابته عن سؤال حول موقف بوتين من سياسات الرئيس السوداني، الذي تتهمه المحكمة الدولية بجرائم إبادة، قال بيسكوف: «سأدع هذا السؤال دون إجابة»، وأضاف: «البشير رئيس شرعي للسودان وفي هذه الحالة هو رئيس قانوني للبلاد، ولذلك هو نظير للرئيس بوتين في المحادثات الروسية - السودانية».



الحوثيون ينكّلون بسكان قرية يمنية في محافظة البيضاء

طوال سنوات لجأ الحوثيون إلى البطش والتنكيل بسكان المناطق القبلية المعارضة (أ.ب)
طوال سنوات لجأ الحوثيون إلى البطش والتنكيل بسكان المناطق القبلية المعارضة (أ.ب)
TT

الحوثيون ينكّلون بسكان قرية يمنية في محافظة البيضاء

طوال سنوات لجأ الحوثيون إلى البطش والتنكيل بسكان المناطق القبلية المعارضة (أ.ب)
طوال سنوات لجأ الحوثيون إلى البطش والتنكيل بسكان المناطق القبلية المعارضة (أ.ب)

بعد حصار وقصف داما أكثر من أسبوع أَقْدَمَ مسلحو الجماعة الحوثية على التنكيل بسكان قرية «حنكة آل مسعود» التابعة لمديرية القريشية في محافظة البيضاء جنوب شرقي صنعاء، حيث اعتقلوا نحو 400 مدني، وفجَّروا ونهبوا أكثر من 20 منزلاً، وفق ما أفادت به مصادر الحكومة اليمنية.

ونقلت وكالة «سبأ» الحكومية عن مصادر محلية قولها إن الميليشيات الحوثية اختطفت 400 مدني على الأقل من أهالي قرية «حنكة آل مسعود»، بينهم أطفال وشيوخ، ونقلت 360 معتقلاً منهم إلى سجن إدارة أمن مديريات رداع في منطقة الكمب، و60 معتقلاً آخرين إلى السجن المركزي في مدينة رداع.

وطبقاً لما أوردته المصادر، فجَّر الحوثيون منازل 3 من سكان القرية هم علي أحمد الجوبلي المسعودي، ومحمد صالح الجوبلي المسعودي، ومحمد أحمد حسين المسعودي، بعد أن أُحرقت 5 منازل بشكل كامل، وفُخخت 6 منازل أخرى، فضلاً عن اقتحام ونهب أكثر من 11 منزلاً في القرية، بحسب إحصائية أولية.

وباشر مسلحو الجماعة الحوثية الذين استخدموا كل الأسلحة الثقيلة والطيران المسير لاقتحام القرية باستهداف منازل السكان إثر حصار خانق وقصف مكثف لأكثر من أسبوع.

مسلحون حوثيون في صنعاء خلال حشد للجماعة دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)

وأوردت المصادر الرسمية اليمنية أن عناصر الجماعة أحرقوا 5 منازل، وفخخوا 6 أخرى بالمتفجرات استعداداً لنسفها، قبل أن تتدخل وساطة قبلية، وتَحُول دون تفجير تلك المنازل، كما اقتحموا أكثر من 11 منزلاً آخر في القرية، ونهبوا كل محتوياتها من الجواهر ووثائق ملكية الأراضي والعقارات وغيرها من المقتنيات الثمينة.

وكانت الجماعة الحوثية قد قامت بالتزامن مع حصار القرية وقصفها بقطع شبكات الاتصالات، وحجب خدمات الإنترنت عن القرية والقرى المحيطة بها بشكل كامل، خوفاً من كشف جرائمها بحق الأهالي التي تشمل التصفيات الجسدية والاختطافات والترحيل القسري.

جرائم وحشية

وعلى وقع تنكيل الحوثيين بسكان القرية، حذر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني في تصريح رسمي، من ارتكاب الجماعة «أعمال إبادة جماعية بحق الأهالي، وقال إن القصف العشوائي الذي شنته الميليشيا على منازل المدنيين باستخدام مختلف أنواع الأسلحة، أسفر عن سقوط كثير من الضحايا بين قتيل وجريح، بينهم نساء وأطفال، كما تم تدمير نحو 20 منزلاً، مع منع وصول الفرق الطبية لإسعاف المصابين أو إدخال المواد الغذائية للمحاصرين.

وأشار الإرياني إلى أن قرابة 10 آلاف شخص يقطنون نحو 2000 منزل في القرية، يعيشون في حالة من الرعب والخوف جراء الهجمات الوحشية الحوثية، والتي تشمل أعمالاً انتقامية، واعتقالات عشوائية طالت الأطفال وكبار السن، بالإضافة إلى اقتحام المنازل، ونهب الممتلكات الشخصية مثل الذهب، والأموال والأسلحة الشخصية.

وانتقد الوزير اليمني ما وصفه بـ«الصمت الدولي تجاه هذه الجرائم الوحشية»، وقال: «هذا الصمت يشجع الميليشيا على استمرار سياساتها العدوانية التي تمثل استخفافاً بحياة الأبرياء، وتعد انتهاكاً صارخاً وغير مسبوق لحقوق الإنسان وللقوانين والمواثيق الدولية.

وطالب المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان بالتدخل العاجل لوقف «الجرائم الوحشية»، وحماية المدنيين، كما دعا إلى التصنيف الفوري للحوثيين «جماعة إرهابية عالمية»، ومحاكمة قادتها أمام المحاكم الجنائية الدولية على الجرائم والانتهاكات الجسيمة، وضمان عدم إفلاتهم من العقاب.