تبرئة ساحة «كادبوري» من احتواء منتجاتها على مشتقات الخنزير في السعودية

ماليزيا تعلن خلو المنتج من الحمض النووي.. والشركة الأم تبدي التعاون مع جميع الأطراف

مقر شركة كادبوري في مدينة برمنغهام الإنجليزية (أ.ب)
مقر شركة كادبوري في مدينة برمنغهام الإنجليزية (أ.ب)
TT

تبرئة ساحة «كادبوري» من احتواء منتجاتها على مشتقات الخنزير في السعودية

مقر شركة كادبوري في مدينة برمنغهام الإنجليزية (أ.ب)
مقر شركة كادبوري في مدينة برمنغهام الإنجليزية (أ.ب)

في وقت ترقبت فيه الأسواق السعودية نتائج العينات المسحوبة، كشفت السلطات الرسمية أمس عن خلو «كادبوري»، منتجات الشوكولاته المعروفة، من الحمض النووي للخنزير (DNA)، معلنة بذلك استمرار تداول السلعة في الأسواق المحلية.
وأفصحت الهيئة العامة للغذاء والدواء عن أن نتائج تحليل عينات من شوكولاته كادبوري المتوافرة في الأسواق السعودية، أثبتت خلوها من الحمض النووي للخنزير، بعد أن كانت الهيئة شرعت قبل يومين، في إجراءات احترازية عاجلة، بسحب عينات من منتجات الشركة، نتيجة أنباء عن احتوائها على آثار الحمض النووي للخنزير، بأرقام تشغيل مختلفة ومنتجة في دول أخرى مثل ماليزيا.
وسحبت «الغذاء والدواء» عينات بغرض إجراء التحاليل اللازمة للتأكد من خلوها من مشتقات الخنزير، حيث أثبتت أمس طبقا لنتائج التحاليل المخبرية سلامة منتجات كادبوري في الأسواق السعودية، وهي التي تستورد من جمهورية مصر العربية والمملكة المتحدة، من أي آثار للحمض النووي للخنزير.
أمام ذلك، صدر بيان توضيحي من مونديليز العربية للتجارة، إحدى شركات مونديليز إنترناشونال وهي المالك لشوكولاته كادبوري عالميا، حول ما جرى تداوله مؤخرا عن أحد منتجاتها في السوق الماليزية - بحسب تعبيرها - والمخاوف من احتوائها على بروتينات من الخنزير في دولة ماليزيا.
ولفتت الشركة إلى أن إدارة التنمية الإسلامية في ماليزيا، جهة حكومية مستقلة، قامت بتحليل 11 عينة من شوكولاته كادبوري المأخوذة من المصنع في ماليزيا وبعد إجراء التحاليل والفحوصات الرسمية أعلنت من خلال مؤتمر صحافي عقد أمس بمكتب رئيس الوزراء الماليزية أن المنتجات لا يوجد بها أي أثر لمشتقات الخنزير.
وأضافت في البيان: «في خطوة مماثلة قام مجلس العلماء في إندونيسيا بتحليل منتجاتنا المتداولة بالأسواق ووجدها خالية من مشتقات الخنزير»، مفيدة أن «كادبوري - ماليزيا» قامت بسحب منتجاتها طواعية الأسبوع الماضي كتدبير احترازي حيث إنه لا يوجد لديها شك في خلو منتجاتها من وجود عناصر للخنزير في شوكولاته «كادبوري».
وبينت الشركة أن المنتجات الماليزية معتمدة بشهادة حلال مصدقة من إدارة التنمية الإسلامية في ماليزيا وهي جهة حكومية وتتبع منتجاتها أعلى معايير الجودة الصارمة، مشيرة إلى أن إدارة شركة مونديليز إنترناشونال على استعداد تام بالتعاون مع الجهات المعنية لطمأنة المستهلكين وإمدادها بالمعلومات والمستندات الأزمة لإتمام إجراءات الفحص والتحليل.
ومعلوم أن شوكولاته كادبوري المتداولة في دول مجلس التعاون الخليجي مصنعة في مصر والمملكة المتحدة، حيث تلتزم بالقواعد التصنيعية وتتبع جميع الإجراءات الواجبة لضمان توافق المنتج مع التشريعات والمتطلبات في الدول الإسلامية.
من جانبه، أوضح يوسف القفاري الرئيس التنفيذي لشركة أسواق عبد الله العثيم - مساهمة مدرجة في سوق الأسهم وأحد أكبر أسواق التجزئة انتشارا في السعودية - أن إدارة الجودة في الأسواق كانت تترقب النتائج للتحرك فورا طبقا لإبلاغها، مشيرا إلى أن المصدر الرئيس الذي يعتمدون عليه هو الهيئة العامة للغذاء والدواء.
وأفاد القفاري في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن الأسواق كانت متهيئة وسريعة التفاعل مع قرار الهيئة على الفور لا سيما ما يخص السلع الاستهلاكية متى ما تعممت وظهرت النتائج علنيا، مبينا في الوقت ذاته أن ذلك يشمل عمليات الفسح والمنع متى ما جرى الإبلاغ عنه.
وشدد القفاري على أن هذا التفاعل يتضمن جميع الأصناف، لافتا إلى أن إدارة الجودة تعنى بهذا الجانب وتتابع بدقة كل التفاصيل المتعلقة، وتقوم بإبلاغ الشركة للتنفيذ الفوري، مفيدا أنه في حال لم يصدر منع سيستمر البيع وإذا ما جرى الإعلان عن إيقاف البيع تتجه الأسواق لسحبها الفوري من الرف وإعادتها إلى المورد.
من ناحيته، لفت فيصل بالبيد نائب المدير العام لمؤسسة محمد بالبيد التجارية، إلى أن الإعلان عن خلو واردات منتجات «كادبوري» إلى السعودية من مشتقات الخنزير، دلالة مباشرة استمرار بيع المنتج، مشيرا إلى أن ذلك بدد مخاوف التجار إذ إن هناك ترتيبات كان لا بد من إجرائها في حال ثبوت وجود حمض الخنازير في المنتج، من الضروري اتباعها بين الشركات والوكيل.
وأضاف بالبيد بالقول: «ما دام أن المختبر أظهر أن النتائج سليمة وخلو المنتج من أي مشتقات فإن البيع مستمر»، مضيفا أن الشركة الوكيل لـ«كادبوري» أبلغت الأسواق عبر جولات وزيارات قامت بها للموزعين والشركات الكبرى توضح لهم الصورة بوضوح.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».