فنانات «غرافيكس» سعوديات يجسّدن هوياتهن على لوحات فنية

تكشف ملامح شخصيات النساء في السعودية

لوحة للفنانة نهى الجوهر
لوحة للفنانة نهى الجوهر
TT

فنانات «غرافيكس» سعوديات يجسّدن هوياتهن على لوحات فنية

لوحة للفنانة نهى الجوهر
لوحة للفنانة نهى الجوهر

تطغى السمة الذاتية على الفن، لاسيما الفنون البصرية التي يتواصل بها الفنان مع متذوقي ما يعرضه، فلا بد وأن تبرز لمسة من شخصيته أو مشاهداته اليومية في ما يصنعه ويبدعه بيديه، وهذا ما بدا جلياً على لوحات عدد من مصممات الفن الرقمي (الغرافيكس) بالسعودية.
وتبرز على لوحات الفنانات السعوديات اليوم، لمسة من أسلوب الحياة اليومي في السعودية، حيث أبدعن في عرض شخصياتهن من تحت العباءات أو التي تختفي تحت أغطية وجوههن بأكملها، من خلال لوحات بورتريه (وجوه أشخاص) بتصاميم رقمية، وكذلك لوحات زيتية من الفن التشكيلي.
وأظهرت لوحات فدى الحصان مصممة الغرافيكس، السعوديات بشخصيات هزلية بعد إضافة لمسات رقمية غيرت ملامح الصور بأكملها. تقول فدى: "أحببت أن أظهر السعوديات كما هنّ، بشخصياتهن الطبيعية التي لا تتأثر بوضع الغطاء على الوجه، هن حالمات، يملكن جانبا هزليا حتى وإن التزمن بالعباءة والغطاء".
وبدأت الجوهرة آل سعود وزميلتها رنا الجمعان عملهما الخاص في تصميم الغرافيكس، والذي قاده شغفهما الخاص بفن التصميم الرقمي وطباعته كهواية، واعتبرا معرض الفن السعودي الذي أقيم بالعاصمة السعودية الرياض في فبراير (شباط) الماضي، باكورة الانطلاقة في رحلة الألف ميل لمشروع "فينوستس آرت" الناشئ، بعرض أفضل أعمالهما الفنية المطبوعة على لوحات مطعمة بلمسات من الكريستال.
فيما اتخذت غادة اليوسف، فنانة تشكيلية، مسلكاً آخر عبر تصميمات "رشمة"، حيث ركزت على إخراج الصور القديمة بأسلوب لوحة، بإضافة وتعديل ألوانها وتطعيمها بنقوش الخط العربي لتخرج بشكل شرقي عصري. صور "رشمة" أظهرت طابعا سعوديا بحتا بصور قديمة لسيدات سعوديات يتسوقن في منتصف السبعينيات، وطعمت الصورة بنقشات مكررة لحرف النون بالخط العربي، إشارة منها لتأكيد "نون النسوة" على الصورة. تقول غادة:" حرصت على إظهار التراث السعودي بشكل خاص الذي له مكانة وسط عشقي لنقوش للأرابيسك والفن الشرقي عموماً".
وعلى العكس من ذلك، جاءت لوحات آلاء العقيل لتوضح جانبا من الحياة العصرية للفتاة في السعودية، بألوان صارخة تكسر جمود رسوم البورتريه، والتي خطت بجانبها كلمات اعتدن الفتيات على الحديث بها في حياتهن اليومية.
وتعكس الفنانة التشكيلية نهى الجوهر، بلوحاتها جزءا من مطالبات اجتماعية لبنات جنسها، والقيود التي تفرض عليهن ومحاولتهن كسرها، وتظهر لوحات الفنانة بالألوان الزيتية رمزية من خلال بعض رسومات "البورتريه" الصامتة بلا ملامح.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».