إسرائيل تقرر طرد 40 ألف أفريقي إلى رواندا

رفضت الاعتراف بهم كلاجئين سياسيين

TT

إسرائيل تقرر طرد 40 ألف أفريقي إلى رواندا

أبرمت الحكومة الإسرائيلية اتفاقا مع حكومة رواندا، يقضي بطرد لاجئين أفارقة مقابل دفع مبلغ خمسة آلاف دولار عن كل فرد تنجح في طرده إليها.
وينسحب هذا الاتفاق على 40 ألف لاجئ أفريقي، كانوا قد تسللوا إلى إسرائيل من أوطانهم عبر أراضي سيناء المصرية خلال السنوات العشر الماضية، ومعظمهم قدموا من إريتريا وجنوب السودان وإثيوبيا. وقد رفضت إسرائيل التجاوب مع مطالب هؤلاء الأفارقة والاعتراف بهم كلاجئين سياسيين، وأقامت لهم معسكر اعتقال في النقب، وأطلقت عليهم اسم «حولوت» (رمال)؛ فيما قامت قوى اليمين الحاكم بمطاردتهم في أماكن مكوثهم، وحاولت منعهم من العمل. وتحت هذا الضغط المتواصل عرضت عليهم الحكومة مغادرة البلاد بإرادتهم، مقابل 3500 دولار لكل فرد منهم.
وبهذه الطريقة تمكنت إسرائيل من طرد أكثر من 5 آلاف منهم، وبموازاة ذلك قامت ببناء سياج أمني مزدوج على طول الحدود مع سيناء المصرية، وهو ما مكنها من تقليص عمليات تسلل اللاجئين الأفارقة إلى الحد الأدنى.
لكن بعد ذلك علمت جمعيات حقوق الإنسان في إسرائيل والعالم ومؤسسات الأمم المتحدة بما حدث لهؤلاء اللاجئين ومطالبهم، فبدأت سلطات إسرائيل تفتش عن حل آخر يضمن طردهم دون حدوث اعتراض أو تصادم مع المجتمع الدولي ومواثيق حقوق الإنسان.
وحسب مصادر سياسية في تل أبيب، فقد تمكن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في سبتمبر (أيلول) الماضي من الاتفاق مع الرئيس الرواندي بول كاغامي حول هذا الموضوع، عندما التقاه على هامش اجتماعات الدورة الأخيرة للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
وأوضحت المصادر أن كاغامي وافق على استيعاب مزيد من طالبي اللجوء من إسرائيل؛ لأنه يحتاج إلى يد عاملة؛ لكنه طلب في المقابل مساعدات مالية إسرائيلية لتمكين بلاده من استيعابهم.
وأشار مسؤولون إسرائيليون إلى أنه بالإضافة إلى ما ستدفعه الحكومة الإسرائيلية للسلطات الرواندية (مبلغ 5000 دولار عن كل طالب لجوء)، ستدفع إسرائيل نحو 3500 دولار إلى أي طالب لجوء يوافق على «المغادرة الطوعية» لرواندا.
وتحاول السلطات الإسرائيلية تهديد طالبي اللجوء بأنه في حال رفضهم الترحيل الطوعي، فإن المبلغ الذي سيتلقونه إذا رغبوا في المغادرة مستقبلا سوف ينخفض. ومن المتوقع تسليم غالبية طالبي اللجوء بلاغات تفيد بأن عليهم مغادرة إسرائيل، وإلا سيتم اعتقالهم إلى أجل غير مسمى.
وكانت الحكومة قد صادقت بالإجماع خلال اجتماعها أول من أمس، على اقتراح الوزيرين غلعاد أردان وأرييه درعي بإغلاق معسكر «حولوت» بعد أربعة أشهر.



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».