عرب وعجم

عرب وعجم
TT

عرب وعجم

عرب وعجم

> محمود بن حسين قطان، سفير خادم الحرمين لدى ماليزيا، حضر حفل تدشين وزير الإعلام والاتصالات الماليزي، صالح سعيد كيرواك، منصة المؤتمر الدولي الأول تحت عنوان «خير أمة»، المزمع إقامته في كوالالمبور تحت شعار «منهج أهل السنة يوحد دول آسيان»، ويستهدف مسلمي أهل السنة في دول جنوب شرقي آسيا. وقال السفير إن رعاية المملكة لهذا المؤتمر تأتي لغرض إظهار الصورة الحقيقية للإسلام، وفقاً لنهجها الوسطي المعتدل الذي تنهجه وتسير عليه.
> نورة بنت محمد الكعبي، وزيرة الثقافة وتنمية المعرفة في الإمارات، شاركت في فعاليات منتدى سان بطرسبرغ الثقافي الدولي السادس. وأكدت الكعبي، في كلمتها، اهتمام دولة الإمارات بالثقافة والفنون، باعتبارهما عاملاً أساسياً في تعزيز التقارب بين الشعوب والإرث الإنساني الحضاري، مشيرة إلى حرص الدولة على تعزيز علاقاتها الدولية في هذا الإطار مع مختلف الأطراف الدولية المشاركة في المنتدى، بما يدعم قطاع الثقافة والفنون على المستوى الوطني.
> الشيخ خميس بن محمد الفارسي، سفير سلطنة عُمان لدى الأردن، أكد في تصريح له، بمناسبة العيد الوطني السابع والأربعين لبلاده، تميز العلاقات بين سلطنة عمان والأردن، واعتبرها نموذجاً للعلاقات العربية. وأشار السفير إلى الخصوصية التي تجمع القيادتين والشعبين الشقيقين، وما يربطهما من أخوة حميمية وتشابك متين، في القيم والتراث والعادات والتقاليد، أثمرت تطوراً ونمواً وتعاوناً مستمراً بين البلدين في مختلف المجالات.
> روان سليمان، سفيرة دولة فلسطين لدى هولندا، أحيت اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني وذكرى إعلان الاستقلال، بحفل فني أحيته فرقة الثلاثي جبران بمدينة لاهاي. وقالت السفيرة إن هذا العام شهد عدداً من المناسبات المؤلمة للشعب الفلسطيني، أهمها مرور مائة عام على وعد بلفور، وسبعين عاماً على النكبة الفلسطينية، وخمسين عاماً على الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية وقطاع غزة، مشددة على أن هذه المناسبات تدلل على أن المسألة الفلسطينية ومعاناة الشعب الفلسطيني لا تزال مستمرة.
> معضد حارب مغيير الخييلي، سفير الإمارات في باريس، منحه إيمانويل ماكرون، رئيس الجمهورية الفرنسية، وسام جوقة الشرف برتبة قائد، الذي يعد من أرفع الأوسمة الوطنية في فرنسا، تقديراً للجهود الكبيرة التي بذلها لتوثيق وترسيخ العلاقة بين الدولتين. وقلد جيروم بونافوم، مدير إدارة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في وزارة الخارجية الفرنسية، سفير الإمارات الوسام خلال احتفال بمقر الوزارة. وأعرب الخييلي عن بالغ شكره وتقديره للرئيس الفرنسي على منحه هذا الوسام.
> مراد كاراغوز، السفير التركي في عمّان، ألقى محاضرة في الجامعة الأردنية بحضور مدير المركز الثقافي التركي جنكيز أرأوغلو وعدد من أعضاء الهيئة التدريسية في الكلية، ومسؤولين في السفارة التركية. وأكد السفير أهمية توطيد التعاون الأكاديمي بين الأردن وتركيا، داعياً إلى طرح برنامج يمنح درجة البكالوريوس في اللغة التركية وآدابها، جنباً إلى جنب مع البرنامج المزدوج (التركي الإنجليزي) في قسم اللغات الآسيوية.
> الدكتور عبد الله بن عبد العزيز الربيعة، المستشار بالديوان الملكي السعودي، والمشرف العام على مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، حاضر بالندوة الخاصة حول «الشراكة السعودية في السلام المستدام في اليمن»، التي نظمتها سفارة السعودية في روما. ودعا إلى أهمية تعاون الجميع في دعم العمل الإغاثي والإنساني في اليمن، وعرض أرقاماً عكست حجم المعاناة التي يعيشها الشعب اليمني، وحجم المساعدات الكبيرة التي تقدمها المملكة إلى الشعب اليمني، والتي تجاوزت 8 مليارات دولار منذ 2015.
> المهندس طارق الملا، وزير البترول والثروة المعدنية في مصر، بحث خلال لقائه توميسلوف بوسنجاك، سفير كرواتيا الجديد بالقاهرة، مجالات التعاون البترولي المشترك، والفرص المتاحة للاستثمار بين البلدين. وأكد الوزير عمق العلاقات التي تربط الجانبين، حيث تمثل مصر مركز الثقل للعلاقات الكرواتية مع دول المنطقة. من جانبه، أشاد السفير بالخطوات الإصلاحية التي تنتهجها مصر، وما حققته من نتائج متميزة في مجال الطاقة؛ خاصة في مجال الغاز الطبيعي.
> جيام باولو كانتيني، السفير الإيطالي لدى مصر، شهد احتفالية نظمتها قنصلية بلاده بالإسكندرية، بمناسبة زيارته الأولى لها، وشهدها عدد من قناصل الدول العربية والأجنبية. وقال السفير إن هناك ارتباطاً تاريخياً بين الإسكندرية وإيطاليا منذ زمن بعيد، وإن هناك آثاراً إيطالية بعروس البحر المتوسط التي كانت مسقط رأس لعظماء إيطاليين من الأدباء وغيرهم، وأوضح أن أولى زياراته خارج القاهرة توجه فيها إلى الإسكندرية.



100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)