خفض الضرائب على الشركات يزيد من الاستثمار

من بين الانتقادات الشائعة للخطط الضريبية الجمهورية الحالية أنها لن تؤدي إلى تعزيز استثمارات القطاع الخاص. وفي حين أنني لديّ تحفظات كبيرة على هذه الخطط برمتها، إلا أن هذا الاعتراض الخاص مبالَغ فيه للغاية. إن النتيجة الأكثر ترجيحاً هي أن تخفيض معدلات الضرائب على الشركات سوف يؤدي إلى المزيد من المشاريع الاستثمارية، وبالتالي زيادة النشاط الاقتصادي بصفة إجمالية.
والدليل على السلوك الاستثماري واضح إلى درجة ما. فعندما يتوافر لدى الشركات المزيد من «النقد الحر» في متناول أيديها، فإنها تميل إلى المزيد من الاستثمار، وهذا التأثير يختلف تماماً عن أي تأثير ناجم عن تخفيض الضرائب على معدلات العائد المتوقعة. ولذلك، وبعبارة أخرى، عندما يصف النقاد تخفيض معدل الضرائب على الشركات بأنه «هبة» للشركات، فإن هذه بالضبط هي الآلية التي تؤدي إلى تعزيز الاستثمار.
وعلاوة على ذلك، في حين أن هذه التعزيزات الاستثمارية هي القوى بالنسبة إلى الشركات التي تعاني من قيود نقدية، إلا أنه يبدو أنها تحدث أيضاً لدى الشركات التي تحظى بالكثير من السيولة النقدية، كما هو الحال في كثير من الأحيان مع الشركات الربحية اليوم. ومن المسلّم به أن تكون هذه النتائج مثيرة للحيرة من حيث النظرية البحتة، ولكنها قد أُثبتت من حيث الدراسات. وذلك فإن كل المناقشات بشأن الحزب الجمهوري وأنه ليس بالحزب القائم على الأدلة الثابتة، في هذه المناقشة تحديداً، يبدو أن العلم قد بات في صف الحزب الجمهوري.
ومن المخاوف ذات الصلة أن الشركات سوف تأخذ السيولة النقدية وتعيدها ببساطة إلى المستثمرين في صورة أرباح وإعادة شراء الأموال. أولاً، الأدلة لا تؤيد مثل هذه المخاوف. فعندما يتم قياس كل المتغيرات بصورة سليمة، يبدو أن الشركات الكبرى تسدد للمساهمين نحو 22% من صافي الدخل. ومن المستبعد أن يتم استنزاف الأرباح الجديدة ببساطة خارج المؤسسة، كما قد يحدث انخفاض معدلات الضرائب على الشركات.
وبصفة عامة، فإن إعادة إرسال الأموال مجدداً إلى المستثمرين يجب ألا يعني عدم الشروع في استثمارات جديدة. فماذا لو أن المستثمرين قد سحبوا تلك الأموال ووضعوها في صندوق لرأس المال الاستثماري أو استثمارها بطريقة أخرى؟ إن المغزى الأساسي من سوق رأس المال هو إعادة تدوير الموارد في الفرص الجديدة الأكثر تحقيقاً للأرباح، وقد يتضمن، أو لا يتضمن، هذا الشركات التي حصلت في بداية الأمر على تلك الأرباح. وفي بعض الحالات، قد يشعر المستثمرون بأن جميع الفائزين السابقين لن يكونوا الفائزين في المستقبل.
وبمزيد من الأهمية، دعُونا نتعرض للسيناريو المتطرف والذي تأخذ فيه الشركات وبكل بساطة جميع العائدات الناجمة عن تخفيض معدلات الضرائب وتودِعها المصارف، ولا تزيد على الإطلاق من الاستثمارات الخاصة نتيجة لذلك. حسناً، صارت المصارف الآن تملك المزيد من الأموال للإقراض، وبالتالي فمن المرجح أن تزيد الاستثمارات ولكن بصورة أخرى، حتى وإن حدث ذلك في مكان بعيد تماماً عن مجالات الشركة الأصلية التي جنت الأرباح الجديدة.
أو لعلك تعتقد أن المصارف لن تقوم بإقراض الأموال الإضافية لديها، ولكن سوف تتعامل، بدلاً من ذلك، مع بعض الوسطاء الماليين الآخرين. وقد تكون التدفقات مثيرة للارتباك، ولكن حاول النظر إلى ما وراء الحُجُب فيما يتعلق بالنقد والتمويل. إن لم تؤخذ هذه الأموال خارج النظام المالي وتُستخدم في تمويل الاستهلاك، فإن الكمية الحقيقية للاستثمار في الاقتصاد سوف ترتفع من تلقاء نفسها.
وهناك سيناريو آخر يتعلق بأرباح الشركات الجديدة والتي توضع في صورة سندات الخزانة. وحتى في هذه الحالة، فإن ذلك سوف يؤدي إلى انخفاض معدلات الاقتراض بالنسبة إلى الحكومة الأميركية، ويحرر المزيد من الأموال للبرامج الحكومية، أو على أدنى تقدير يؤدي إلى الحد من درجة التقشف الموجعة التي ستكون مطلوبة في نهاية المطاف.
ولكي نكون واضحين تماماً، أعتقد أن الإصدارات المتداولة حالياً من الخطط الضريبية لا تتسم بالحكمة. إنها تؤدي إلى زيادة العجز بدرجة كبيرة، ولا تحظى بالنوع الملائم من النتائج المتصلة بالتوزيع لإثبات استقرارها، ومن شأنها أيضاً القضاء على تفويض «أوباماكير» من دون وجود بديل مُخطط له ويحقق الاستقرار. وهذه الأسباب، فضلاً عن أسباب أخرى فنية محضة، تكفي لإعادة أجزاء من هذه القوانين المقترحة إلى مجالس البحث والمناقشة.
لكن عندما يزعم النقاد أن تخفيضات الضرائب على الشركات لن تؤدي إلى تعزيز الاستثمار، فإن هذا يتعارض مع أسس الاقتصاد السليمة.
*بالاتفاق مع «بلومبيرغ»