رئيس «أبوظبي» المالية: بروز فرص استثمارية مع تصحيح أسعار الأصول في الشرق الأوسط

الصديقي قال لـ«الشرق الأوسط» إن محفظة المجموعة تصل إلى 5 مليارات دولار

تتمتع دول الخليج بوجود نمو مع مخاطرة قليلة نسبة إلى دول العالم الأخرى - جاسم الصديقي
تتمتع دول الخليج بوجود نمو مع مخاطرة قليلة نسبة إلى دول العالم الأخرى - جاسم الصديقي
TT

رئيس «أبوظبي» المالية: بروز فرص استثمارية مع تصحيح أسعار الأصول في الشرق الأوسط

تتمتع دول الخليج بوجود نمو مع مخاطرة قليلة نسبة إلى دول العالم الأخرى - جاسم الصديقي
تتمتع دول الخليج بوجود نمو مع مخاطرة قليلة نسبة إلى دول العالم الأخرى - جاسم الصديقي

قالت مجموعة مالية استثمارية إماراتية إن منطقة الشرق الأوسط ودول الخليج شهدت خلال العامين الماضيين تصحيحاً في أسعار الأصول، مشيرة إلى أنها تنظر إلى المنطقة كفرصة جيدة للاستثمار خلال الفترة الحالية، حيث هبطت أسعار الأصول بالتزامن مع انخفاض أسعار النفط.
وقال جاسم الصديقي، الرئيس التنفيذي لمجموعة أبوظبي المالية: «أصبحت أسعار الأصول مغرية في الشرق الأوسط عامة، وخصوصاً في الخليج، ولدينا توجه في الإمارات والسعودية ومصر كمناطق للاستثمار لأسباب معينة، أهمها الأسباب المالية والتجارية، كون تلك الاقتصادات تعتبر من أكبر وأقوى الاقتصادات في الشرق الأوسط أو الوطن العربي»، مشيراً إلى أن المجموعة ركزت منذ 3 سنوات على تلك الدول.
وقال الصديقي، في حديث مع «الشرق الأوسط» في مقر المجموعة بالعاصمة الإماراتية: «في مصر، لدينا استثمارات في مشاريع للتطوير العقاري حققت نجاحاً باهراً، وأعلنا أخيراً كشركة شعاع عن افتتاح مكتب في مصر. وفي السعودية، توسعنا خلال الأشهر الاثني عشر الماضية، حيث أعلنت شركة شعاع السعودية عن افتتاح فندق سنترو في الرياض، وهو ثاني فندق يتم افتتاحه بعد الفندق الأول في جدة، ونأمل أن يتم افتتاح فندق سنترو في مدينة الدمام، شرق السعودية».
وتابع: «فيما يتعلق بالتطوير العقاري، أعلنت «شعاع» السعودية عن استثماراتها بمبلغ مليار ريال (226 مليون دولار) في مشروع سكني في مدينة الرياض، حيث تم المضي في هذا المشروع، وتجري الآن أعمال ما قبل البناء. وفيما يتعلق بالتمويل، لدينا شركة الخليج للتمويل، وهي مرخصة من مؤسسة النقد. وحالياً، الشركة في وضع جيد، واستطعنا أن نتدارك بعض الضغوط السلبية التي واجهتنا خلال الأربعة والعشرين شهراً، ولكن نتأمل خيراً في الوقت الحالي والمستقبل، والمجموعة تسير في تطور وازدهار، ونستمر في الاستثمار بسوق التمويل».
وأضاف: «نحن في (شعاع كابيتال) السعودية بصدد إدراج بعض الأصول التي لدينا ولدى مستثمرينا في صندوق عقاري (ريت) في السوق السعودية، ونتوقع أن تكون في نهاية العام الحالي أو بداية العام المقبل».
وبيّن الرئيس التنفيذي لمجموعة أبوظبي المالية: «في الإمارات، لدينا استثمارات كبيرة في عدة مجالات، ونرى أنها فرصة جذابة للاستثمارات في الدول الثلاث لأسباب اقتصادية، بسبب نزول الأسعار سابقاً، وبسبب الرؤى الاقتصادية المستقبلية لهذه الدول، دول الخليج في الثلاث سنوات الماضية بعد أزمة أسعار النفط؛ أعتقد أنه تم إعادة هيكلة الاقتصادات لدول الخليج بطريقة إيجابية تجعلها تستطيع أن تقاوم أي هبوط مستقبلي في أسعار النفط، وهذه نقطة تحول لاقتصادات دول الخليج في المستقبل».
وقال: «بدا واضحاً أن الدعم الحكومي انخفض على قطاعات كثيرة، وهذا شيء إيجابي على المدى الطويل، وتنوع في الإيرادات الخليجية من قطاعات غير قطاع النفط والغاز، وهذا أيضاً مؤشر إيجابي، ورأينا تعويم العملة في مصر، وقد يكون هذا شيء صعب على المصريين، ولكنه حل جذري لمشكلة مزمنة للاقتصاد المصري، إذ إن التعويم يجعل الاقتصاد المصري منافساً عالمياً، يجذب الإيرادات والاستثمار الخارجي، كما حصل خلال الاثني عشر شهراً الماضية»، مضيفاً: «إحدى شركاتنا (كابيتال غروب بروبتيز) شكلت 30 في المائة من الاستثمار الخارجي في القطاع العقاري المصري، وحالياً وضع الشركة في أفضل حال من سنة 2016 إلى الوقت الحالي، والاقتصاد المصري في تعافٍ».
وأكد أن دول الخليج اليوم مناطق تتمتع بوجود نمو مع مخاطرة قليلة، نسبة إلى مستوى المخاطرة العالمية، وقال: «في حال التوجه نحو اقتصادات شرق آسيا أو أفريقيا أو أميركا الجنوبية، صحيح هناك نمو، لكن مع مستوى مخاطرة عالية. أما في دول الخليج، فلدينا نمو وإن كان بسيطاً، لكن المخاطرة منخفضة، إذ إن النظام التشريعي والاقتصادي والنظام السياسي مستقر وقوي منذ ما يقارب 60 عاماً؛ هناك عدد من الدول يتم تعويم العملة لديهم أكثر من مرة، والاقتصاد يفلس أكثر من مرة، ولكن دول الخليج لم تعلن إفلاسها في تاريخها، ولديها فائض كبير من الاحتياطي الأجنبي، ولديها أيضاً نمو من الجهة الديموغرافية».
ولفت إلى أن مجموعته كانت تستثمر في أوقات صعبة، تأتي من ضمن رؤيتها الاستثمارية: «ففي 2011، كانت الدول العربية تشهد اضطرابات، حيث استثمرت المجموعة في مصر والبحرين والخليج، وكانت لدينا صفقات لا تتم لوجود منع للتجول، وعلى الرغم من ذلك كنا نستثمر. وفي نهاية العامين الماضيين، ضخت المجموعة، على الرغم من أن أسعار النفط كانت في أقل مستويات، ما يقارب 700 مليون درهم (190 مليون دولار)، للاستحواذ على أسهم في البورصة وحصص في شركات».
وكشف أن مجموعة أبوظبي المالية تدير ما يقارب نحو 5 مليارات دولار كأصول مالية، وكشركات في البورصة المحلية، استثماراتها تبلغ نحو ملياري درهم (544 مليون دولار)، وفي بريطانيا تقريباً 3 مليارات دولار، مستطرداً: «نستثمر أيضاً في مجال التمويل غير التقليدي، حيث بدأنا العمل فيه 2011، وهذا قطاع سيستمر، وهو قطاع جديد، وهناك نمو في التمويل غير التقليدي، وهو كل تمويل لا يقدمه البنك، حيث نعمل في الإمارات وبريطانيا في القطاع العقاري، وقد مولنا ما يقارب 10 مشاريع في دبي بالقطاع العقاري، وكلها مشاريع ناجحة. وفي بريطانيا، عملنا على تمويل بديل، ونحاول أن نستخدم شركة التمويل في السعودية، لتحذو حذو هذه الخطوة في تقديم التمويل البديل».
وحول خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وتأثيره على أعمال المجموعة هناك، قال الصديقي: «أثر على أعمالنا في القطاع العقاري، ولكن عندما تستثمر في قطاع 5 إلى 10 سنوات، تحليلك لأي مشروع يشمل التحديات، كتحديات السياسة والاقتصاد والعملة وغيرها، فهل كنا نتوقع خروج بريطانيا؟ لم نكن نتوقع، ولكن اليوم لأننا متحفظون في استثماراتنا وضعنا جيد، غير أننا لا نطمح للجيد، بل نطمح إلى الامتياز. ومع الوقت، ولأن نظرتنا إلى القطاع في بريطانيا طويلة الأمد، نعتقد أنه سيكون هناك حل في هذه المعضلة، وأملنا في المستقبل أن يكون خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي إيجابياً على المدى الطويل».
وأكد أن قطاع الاستثمار كان قوياً في العام الماضي، والعام الحالي سيكون إيجابياً، وأنه يأمل في أن تشهد الثلاث سنوات المقبلة طفرة، خصوصاً مع ثبات أسعار النفط، وإعادة هيكلة الاقتصادات في المنطقة الخليجية، وقال: «عندما كان سعر برميل النفط قد وصل إلى 120 دولاراً، كان الصرف 80 دولاراً. واليوم، سعر البرميل قد وصل إلى 60 دولاراً، ولكن الصرف 40 دولاراً، والمشاريع نفسها تعمل لكن الهدر أصبح أقل، وأصبحت إعادة الهيكلة لتقليل الهدر وليس الصرف، والهدر لا يغذي الاقتصاد؛ وهذه تعتبر إيجابية للاقتصادات الخليجية، وبالتالي هناك كفاءة في الصرف».



وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 
TT

وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

قبل أكثر من مائة عام، بدأت رحلة السعودية ذات المناخ الصحراوي والجاف مع تحلية المياه بآلة «الكنداسة» على شواطئ جدة (غرب المملكة)، قبل أن تصبح اليوم أكبر منتج للمياه المحلاة في العالم، وحاصلة على 9 شهادات قياسية من «غينيس».

وسميت «الكنداسة» اشتقاقاً من اسمها اللاتيني (Condenser) والتي تعني المكثف، هذه الآلة كانت تعمل بالفحم الحجري لتكثيف وتقطير مياه البحر لتنتج المياه العذبة.

وفي عام 1926، وبسبب معاناة الحجاج والمعتمرين من قلة المياه العذبة عند وصولهم إلى جدة، إذ كانت بالكاد تكفي السكان، أمر الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود باستيراد آلتين كبيرتين لتقطير مياه البحر لتأمين احتياجهم من الماء.

أما نقطة التحول فكانت في 1974، العام الذي أنشئت فيه المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة في السعودية (الهيئة السعودية للمياه حالياً). وتدير حالياً 33 محطة تحلية، من بينها 8 محطات على ساحل الخليج العربي و25 محطة على ساحل البحر الأحمر.

وتنتج هذه المحطات 5.6 مليون متر مكعب من المياه العذبة يومياً، ما يعادل نحو 70 في المائة من إنتاج المياه المحلاة في المملكة، ما يجعلها أكبر منتج للمياه المحلاة في العالم.

وقد سجّلت في فبراير (شباط) الماضي المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة تسعة أرقام قياسية سعودية جديدة في موسوعة «غينيس» العالمية، وذلك لإنتاجها ما يزيد على 11.5 مليون متر مكعب يومياً.

استثمارات ضخمة

أصبحت السعودية من كبرى الدول في العالم من حيث حجم الاستثمارات في تحلية المياه، إذ ضخت استثمارات كبيرة في بناء محطات التحلية، بحسب وكيل الرئيس للشراكات الاستراتيجية والمحتوى المحلي في الهيئة السعودية للمياه المهندس محمد آل الشيخ، خلال حديثه في مؤتمر الأطراف (كوب 16) المقام حالياً في الرياض.

وأوضح آل الشيخ أن العاصمة الرياض على سبيل المثال تحصل على المياه المحلاة من بحر الخليج العربي عبر خط أنابيب يمتد لمسافة 500 كيلومتر، وهو نظام نقل مياه متطور لنقل المياه المحلاة، مضيفاً أن هناك استثمارات في البنية التحتية قد تمت على مدار أكثر من أربعة عقود.

ووفقاً لآخر الأرقام المعلنة، فقد رصدت البلاد ميزانية تجاوزت 80 مليار دولار لتنفيذ مئات المشاريع المائية خلال السنوات المقبلة.

تعميم التجربة

ولم تدخر السعودية الخبرات التي جمعتها منذ أن تحولت تحلية المياه من «الكنداسة» إلى أكبر منتج للمياه المحلاة في العالم.

فقد وقّعت في يوليو (تموز) 2024 اتفاقية مع البنك الدولي تهدف في أحد بنودها إلى تعميم تجربة المملكة الناجحة في قطاع المياه إلى الدول الأقل نمواً.

وتشمل أيضاً نقل المعرفة وتبادل الخبرات في إدارة الموارد المائية وتقليل التكاليف التشغيلية للمرافق.

وتسعى البلاد إلى مساعدة الدول الأخرى في تحسين كفاءة قطاع المياه وتطوير حلول مستدامة، ما يحقق الهدف السادس لهيئة الأمم المتحدة: «المياه النظيفة والنظافة الصحية»، وفق البيان.

تقنيات الطاقة

وفيما يخص التقنيات المتطورة في تحلية المياه، تحدث آل الشيخ عن التوجهات المستقبلية لتحسين تقنيات التحلية، إذ انتقلت المملكة من استخدام تقنيات التحلية الحرارية إلى تقنيات أكثر كفاءة وأقل استهلاكاً للطاقة بنسب تصل في توفير الطاقة لأكثر من 80 في المائة، وتهدف إلى أن تصبح 83 في المائة من مياه البحر المحلاة، وتعتمد على تقنية التناضح العكسي، وهو ما يمثل خطوة مهمة نحو تحقيق الاستدامة.

وتُستخدم تقنية التناضح العكسي بشكل واسع في تحلية مياه البحر للحصول على مياه صالحة للشرب، وفي معالجة مياه الصرف الصحي، وكذلك في العديد من التطبيقات الصناعية التي تحتاج إلى مياه نقية وخالية من الشوائب.

آل الشيخ متحدثاً للحضور خلال إحدى الجلسات على هامش مؤتمر (كوب 16) بالرياض (الشرق الأوسط)

وأشار آل الشيخ إلى أن المملكة قامت بتنفيذ تجارب مبتكرة، مثل المشروع التجريبي في مدينة حقل (شمال غربي السعودية)، من خلال إنشاء محطة هجينة تعتمد على الطاقة الشمسية والرياح والطاقة التقليدية.

و«قد أثبت المشروع أن هذه التكنولوجيا يمكن أن تساهم في تقليل استهلاك الطاقة في تشغيل محطات التحلية، حيث يمكن للطاقة المتجددة أن تساهم في تشغيل المحطات بنسبة تصل إلى 60 في المائة في بعض الفصول».

انخفاض تكلفة الإنتاج

وفيما يتعلق بتكاليف الإنتاج، أكد آل الشيخ أن تكلفة تحلية المياه قد انخفضت بشكل ملحوظ، إذ كانت تكاليف إنتاج متر مكعب واحد من الماء تتجاوز 4 ريالات (1.06 دولار) في الماضي، بينما الآن لا تتجاوز التكلفة 2.5 ريال (نحو 0.67 دولار)، مع توقعات بتحقيق انخفاض أكبر في المستقبل.

وخلال الجلسة الحوارية على هامش «كوب 16»، قال المدير العالمي لقطاع الممارسات العالمية للمياه بمجموعة البنك الدولي ساروج كومار جاه إن الدول التي تعاني من ندرة المياه يجب أن تسعى إلى إعادة استخدام كل قطرة مياه في البلاد عدة مرات.

وأشار إلى أن سنغافورة تعد نموذجاً في هذا المجال، حيث تعيد استخدام كل قطرة مياه 2.7 مرة. وفيما يتعلق بالسعودية، ذكر أن المملكة تستخدم المياه مرتين تقريباً، مع إمكانية تحسين هذه النسبة بشكل أكبر في المستقبل.

المدير العالمي لقطاع الممارسات العالمية للمياه بمجموعة البنك الدولي ساروج كومار خلال الجلسة الحوارية (الشرق الأوسط)

وفيما يخص تكلفة تحلية المياه، قال إنها انخفضت بنسبة 80 في المائة تقريباً عالمياً، بفضل استخدام الطاقة الشمسية وتطور التقنيات المستخدمة في التحلية، مما يجعل هذه الطريقة أكثر جدوى في البلدان مثل السعودية التي تقل فيها معدلات هطول الأمطار.

ولفت كومار جاه إلى زيارته الأخيرة منطقة أنتوفاغاستا في تشيلي، وهي الأشد جفافاً في العالم، إذ لا تسقط فيها الأمطار على الإطلاق.

ورغم ذلك، تُعد هذه المنطقة من أكثر المناطق الاقتصادية ازدهاراً في العالم، بفضل تبني تقنيات تحلية المياه وإعادة استخدامها، مما يعكس إمكانية بناء المرونة المائية في المناطق الجافة مثل السعودية، بحسب كومار جاه.