سلامة: ليبيا ليست جاهزة لتنظيم انتخابات في الوقت الحالي

روسيا تشترط تشكيل حكومة وحدة وطنية قبل الموافقة على تزويدها بالسلاح

TT

سلامة: ليبيا ليست جاهزة لتنظيم انتخابات في الوقت الحالي

اعتبر غسان سلامة، رئيس بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا، أن «مستقبل هذا البلد يمر عبر مؤسساته»، موضحاً أن شروط تنظيم انتخابات «تشريعية ورئاسية لا تتوفر حالياً لأن ليبيا ليست جاهزة لها».
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن سلامة قوله إن «البلاد ليست جاهزة لأي انتخابات، وحتى نستطيع تنظيم انتخابات هناك شروط تقنية وسياسية وأمنية غير متوافرة اليوم»، لكنه لفت إلى أن تنظيم استفتاء حول دستور جديد لليبيا هو مشروع قيد الإعداد أيضاً.
وأضاف سلامة أن «ما يثير القلق لديه هو تنظيم انتخابات غداً، واختيار برلمان ثالث، والأمر نفسه بالنسبة إلى الحكومات»، مشدداً على أنه «لا بد من الإدراك أن الانتخابات تعني استبدال شخص بآخر، وليس إضافة شخص إلى آخر... والشرط السياسي الأساسي لإجراء الانتخابات هو الحصول على التزام من الجهات الرئيسية بأن كل الذين سيتم انتخابهم سيحلون محل المسؤولين الحاليين، ولن تتم إضافتهم إليهم». وأبرز سلامة أن «مفهوم المؤسسات لم يدخل بعد في ثقافة ليبيا السياسية، لأنه لم تكن هناك مؤسسات كثيرة خلال عهد القذافي الذي لم يكن يريد ذلك... وسلطته كانت تقوم على التفكيك الشامل للمؤسسات، كما أن سنوات الفوضى التي تلت لم تساعد في ترسيخ الفكرة». وحول دور الأمم المتحدة في حل الأزمة الليبية، قال سلامة «إن دورها ليس هو البقاء لفترة طويلة في مثل هذا النوع من الدول... لذلك علينا توحيد المؤسسات المنقسمة، وتحرير المؤسسات الخاضعة لمسؤول أو مجموعة، أو التي لا تعمل لما فيه المصلحة العامة، بالإضافة إلى تفعيل المؤسسات التي لا يستخدمها أحد». وفي تعليقه على الوضع الإنساني وأزمة المهاجرين الذين يتم الاتجار بهم أحياناً، قال سلامة إن «الحكومة الليبية لا تملك جيشاً وشرطة، والأمر لا يتعلق بنية سيئة، بل أحياناً بالعجز... الحكومة تفتقد إلى الأدوات من أجل ممارسة السلطة». واختتم سلامة حديثه بالتأكيد على أن «مسألة المؤسسات تبدو أساسية بالنسبة له، وإلا سيقتصر الأمر على منافسة بين أفراد يقولون إنهم يمثلون عشائر كبيرة... وهم لا يمثلون شيئاً مهماً».
في غضون ذلك، اشترطت روسيا تشكيل حكومة وحدة وطنية في ليبيا، قبل الموافقة على تزويدها بالسلاح، إذ قال السفير الروسي لدي ليبيا إيفان مولوتكوف إن «تزويد ليبيا بالسلاح في الوضع الحالي شيء خطير»، مبرراً ذلك بعدم وجود ضمانات بألا يقع السلاح في أيدي تنظيمات إرهابية متطرفة.
لكنه لفت في مقابلة مع وكالة «شينخوا» الصينية إلى أنه «يمكن العودة إلى قضية توفير السلاح إلى ليبيا بعد استقرار الأوضاع وتشكيل حكومة وحدة وطنية، عوضاً عن حكومة في طرابلس وأخرى في طبرق». وبشأن طلب المشير خليفة حفتر، قائد الجيش الوطني الليبي، الحصول على السلاح للقضاء على التنظيمات الإرهابية في ليبيا، قال إيفان «حفتر يريد ويتمنى الحصول على السلاح، لكننا لا نوفر السلاح له، ولا لأي طرف آخر في ليبيا... نحن نخوض اتصالات مع حفتر باعتباره شخصية قوية لها نفوذ في ليبيا، ولا يمكن تجاهل هذه الشخصية، ولذلك نقوم باتصالات معه، وليس لغرض تسليحه لا هو ولا غيره».
ورفض إيفان التعليق على ما إذا كانت بلاده، التي تسعى لإطلاق سراح ثلاثة مواطنين روس محتجزين في ليبيا، تزود المشير حفتر بمعلومات لوجيستية، وتدرب قواته على استخدام الخرائط، وتحديد المواقع، وغيرها من الأمور الفنية، لافتاً إلى أن هناك اتصالات بين حفتر وعسكريين روس، وتمت مباحثات في وزارة الخارجية الروسية بحضور وزير الخارجية سيرجي لافروف ومع نائبه.
إلى ذلك، انتقدت وزارة الخارجية بالحكومة المؤقتة، التي يترأسها عبد الله الثني في شرق ليبيا، محاولة تحريك شخصيات وأسماء تنتمي إلى الإسلام السياسي، مؤسسات القانون الدولي الجنائي ضد الجيش الوطني وقياداته، ورأت في بيان لها أن ما وصفته بـ«الشطحات الإعلامية التي تحاول النيل من المؤسسة العسكرية وقادتها تأتي في الوقت الذي يخوض فيه الجيش الوطني معارك بطولية، وبإمكانات محدودة ضد التنظيمات الإرهابية التي تسعى لإطالة عمر الفوضى ومعاناة أبناء شعبنا».
من جهة ثانية، أنهى 300 عامل أجنبي في محطة أوباري للكهرباء بجنوب ليبيا عملهم بشكل جماعي، وقرروا المغادرة بعدما أخفقت حكومة الوفاق الوطني، التي يترأسها فائز السراج، في إقناعهم بالبقاء والاستمرار في أعمالهم، على خلفية مرور أسبوعين على اختطاف أربعة أجانب من قبل مسلحين مجهولين.
وقال مسؤول بالمجلس البلدي لأوباري إن «جميع العمال الأجانب الذين يتجاوز عددهم 300 من جنسيات مختلفة غادروا»، وقد «فشلت كل الجهود الأمنية في إقناع الشركة التركية المنفذة للمشروع بالاستمرار، واستكمال الجزء الأخير من المشروع لحل مشكلة انقطاع الكهرباء المستمرة في ليبيا».
وكان مسلحون قد اختطفوا مطلع الشهر الحالي ثلاثة أتراك وجنوب أفريقي يحمل الجنسية الألمانية، يعملون بمحطة الكهرباء التي تقع في بلدية أوباري جنوب العاصمة طرابلس.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.