الخلافات تتفجر داخل الاتحاد الوطني الكردستاني وتهدد وحدته

TT

الخلافات تتفجر داخل الاتحاد الوطني الكردستاني وتهدد وحدته

بانتقال نائب الأمين العام للاتحاد الوطني كوسرت رسول علي، إلى ألمانيا لتلقي العلاج من الوعكة المفاجئة التي ألمت به بعد يوم واحد من أربعينية الأمين العام الراحل جلال طالباني، يكون الحزب قد فقد جميع رموزه القيادية التاريخية، خاصة بعد أن قدم النائب الثاني برهم صالح استقالته من الحزب، وهو الذي كانت الآمال معقودة عليه لقيادة الحزب بعد مرض ثم رحيل طالباني، لكن الرجل فضل البقاء بعيدا عن الحزب لفترة طويلة ولم يتجاوب مع جهود كثيرة بذلتها أطراف عدة لإقناعه بالعودة إلى صفوف الاتحاد الوطني ليفاجئ الجميع بإعلان كيان سياسي سماه «التحالف من أجل العدالة» ومضى به نحو (حركة التغيير والجماعة الإسلامية) لتشكيل تجمع سياسي جديد يواجه الحزبين التقليديين الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني.
ولم يكد الاتحاد الوطني يصحو من صدمة رحيل رمزه التاريخي ومؤسسه جلال طالباني، حتى أعلن برهم صالح انشقاقه عن الحزب نهائيا، ثم وقع النائب الأول كوسرت رسول صريع المرض والذي أجريت له عملية جراحية خطيرة تم على إثرها ترحيله إلى ألمانيا لاستكمال العلاج. وبدأت التسريبات تتحدث عن صعوبة تمكنه من مواصلة دوره القيادي مما سيجعل الاتحاد الوطني بلا رموز قيادية بغياب الأمين العام ونائبيه. ومما زاد من تعقيدات الأزمة القيادية، أن المجلس القيادي اتخذ قبل عدة أسابيع قرارا بحل المكتب السياسي للحزب، وهذا ما أجج الخلافات بين قياداته من خلال تصادم المكتب السياسي المنحل مع المجلس القيادي. فحين التقى الملا بختيار المسؤول السابق للهيئة العاملة للمكتب السياسي بوفد من الحزب الديمقراطي الكردستاني يوم أمس وتباحث معه كمكتب سياسي، خرج عضو المجلس القيادي فريد أسسرد ليعلن بأن الملا بختيار ليست لديه الصلاحية للتحدث باسم المكتب السياسي، لأن هذا المكتب قد جرى حله بقرار المجلس القيادي، وأن الملا بختيار لا يمثل إلا نفسه وليس قيادة حزبه. ولم يكتف المجلس القيادي الذي بات هو الجهة الشرعية الوحيدة لتمثيل الاتحاد الوطني بإقرار حل المكتب السياسي، بل شن هجوما عنيفا على عضو المكتب السياسي نجم الدين كريم محافظ كركوك السابق واتهمه بالفساد وبتخريب أوضاع كركوك.
ففي بيان أصدره المجلس يقول: «إن محافظ كركوك السابق كان له دور كبير في تعكير الوضع الأمني بالمحافظة»، أضاف أن «مغامراته الطائشة برفع العلم الكردستاني على دوائر المحافظة وإظهار نفسه كقومي من الدرجة الأولى، وعقده اتصالات مشبوهة مع المخابرات التركية تارة، ومع المسؤولين العراقيين تارة أخرى وسعيه لتأسيس إقليم مستقل في كركوك، وكذلك تورطه في قضايا فساد، تستوجب محاسبته حزبيا وطرده بسبب تفريطه بواجباته الحزبية وتورطه بقضايا فساد شوهت سمعة حزبه».
وبحسب قيادي بالحزب أكد لـ«الشرق الأوسط» مشترطا عدم كشف اسمه «أن هذه المواجهات والمصادمات بين قيادات الحزب من جهة، وكذلك بين المجلس القيادي والمكتب السياسي المنحل ستستمر إلى حين انعقاد المؤتمر الحزبي الرابع، ولكن حتى عقد هذا المؤتمر بات بعيد المنال بسبب غياب النائب الأول للأمين العام الراقد حاليا بمستشفيات ألمانيا». وتابع: «ورغم أن التطورات تتسارع وأن الوضع السياسي غير المستقر في الإقليم يمر بمرحلة حساسة جدا، لكن نحن عاجزون فعلا عن اتخاذ قرار بتحديد موعد المؤتمر المقبل، ولا بد أن ننتظر عودة النائب الأول لكي نعقد اجتماعا لذلك، ولا ندري هل سيكون بإمكانه العودة قبل الموعد الذي حدده المجلس المركزي لعقد المؤتمر قبل حلول فبراير (شباط) المقبل، أم سيتم تأجيل المؤتمر إلى إشعار غير معلوم».



تحذيرات من استمرار تأثير الفيضانات على الوضع الإنساني في اليمن

مستويات عالية من الأمطار يشهدها اليمن سنوياً (أ.ف.ب)
مستويات عالية من الأمطار يشهدها اليمن سنوياً (أ.ف.ب)
TT

تحذيرات من استمرار تأثير الفيضانات على الوضع الإنساني في اليمن

مستويات عالية من الأمطار يشهدها اليمن سنوياً (أ.ف.ب)
مستويات عالية من الأمطار يشهدها اليمن سنوياً (أ.ف.ب)

على الرغم من اقتراب موسم الأمطار في اليمن من نهايته مع رحيل فصل الصيف، تواصلت التحذيرات من استمرار هطول الأمطار على مناطق عدة، مع تراجع حدتها وغزارتها، مع استمرار تأثير الفيضانات التي حدثت خلال الأشهر الماضية، وتسببت بخسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات والبنية التحتية.

ويتوقع خبراء ومراكز أرصاد استمرار هطول الأمطار على مناطق متفرقة مختلفة الطبيعة الجغرافية خلال الأيام المقبلة، وتشمل تلك المناطق محافظة المهرة أقصى شرقي اليمن، والمرتفعات الغربية في محافظات تعز، وإب، ولحج، وريمة، وذمار، وصنعاء، والمحويت، وعمران، وحجة وصعدة، بالإضافة إلى الساحل الغربي في محافظات حجة، والحديدة وتعز، والمناطق السهلية في محافظات أبين، وشبوة وحضرموت.

آثار عميقة تسببت بها الفيضانات في اليمن وأدت إلى تفاقم الظروف الإنسانية المتردية (أ.ف.ب)

وحذّر الخبراء الذين نشروا توقعاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي من تشكل سحب عملاقة تنذر بأمطار غزيرة وسيول وعواصف وبروق شديدة، واحتمال هبوب رياح عنيفة، مع أجواء غائمة أغلب الوقت، داعين السكان إلى اتخاذ الاحتياطات اللازمة.

وشهد اليمن منذ مطلع الشهر الحالب تراجعاً في هطول الأمطار في مختلف أنحاء البلاد، بعد شهرين من الأمطار التي تسببت بفيضانات مدمرة في عدد من المحافظات، وتركزت الآثار العميقة لهذه الفيضانات في محافظتي الحديدة والمحويت غرباً.

وحذَّرت لجنة الإنقاذ الدولية من تفاقم الكارثة الإنسانية في اليمن مع استمرار الفيضانات، التي بدأت في مارس (آذار) واشتدت في يوليو (تموز) وأغسطس (آب)، وأدت إلى نزوح عشرات الآلاف من الأسر، وتدمير البنية التحتية الحيوية، وتأجيج الانتشار السريع للكوليرا، وتضرر أكثر من 268 ألف شخص في اليمن، في ظل موجة ماطرة شهدتها البلاد.

ونبهت اللجنة في بيان لها إلى أن استمرار احتمالية وجود خطر فيضانات مفاجئة إضافية بسبب تشبع الأرض بفعل الأمطار الغزيرة وأنظمة الصرف السيئة، رغم توقف هطول الأمطار خلال الشهر الحالب، ووصفت هذا الخطر بالمرتفع.

استمرار الكارثة

قالت اللجنة إن الفيضانات أثرت بشدة على محافظات الحديدة، وحجة، ومأرب، وصعدة وتعز، حيث تأثر ما يقرب من 268 ألف فرد في 38285 عائلة حتى الشهر الماضي، وفقاً لتقارير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، وتسببت الأمطار الغزيرة، التي من المتوقع استمرارها هذا الشهر، في تدمير واسع النطاق للمنازل والأراضي الزراعية والبنية التحتية.

وقيَّدت الأمطار والفيضانات - وفق بيان اللجنة - من إمكانية الوصول إلى الغذاء، وهي قضية يعاني منها بالفعل أكثر من 17 مليون يمني بسبب الصراع والتدهور الاقتصادي وارتفاع أسعار المواد الغذائية، وكلها تفاقمت بسبب أزمة المناخ.

توقعات باستمرار الأمطار الغزيرة في اليمن رغم انتهاء موسمها برحيل فصل الصيف (رويترز)

وبينت المنظمة أن محافظة تعز (جنوب غرب) شهدت وحدها تدمير ما يقدّر بنحو 70 إلى 100 في المائة من الأراضي الزراعية جراء الأمطار.

ودعت المجتمع الدولي والجهات المانحة إلى تقديم المزيد من الدعم للحد من تفاقم الكارثة الإنسانية في اليمن جراء الفيضانات المدمرة الأخيرة التي ضربت البلاد، والتفشي المتسارع لوباء الكوليرا، مشددة على زيادة الدعم المالي واللوجيستي لتلبية الاحتياجات الفورية والطويلة الأجل للمتضررين من تفاقم الكارثة الإنسانية في اليمن.

ونوهت اللجنة إلى أن الكارثة الإنسانية في اليمن تتضاعف «مدفوعة بالتأثيرات المدمرة للفيضانات الأخيرة والتفشي المتسارع لوباء الكوليرا في معظم أنحاء البلاد»، مرجحة أنه، و«من دون اتخاذ إجراءات في الوقت المناسب، سيستمر الوضع في التدهور؛ مما يعرض المزيد من الأرواح للخطر».

انتشار سريع للكوليرا

قال إيزايا أوجولا، القائم بأعمال مدير لجنة الإنقاذ الدولية في اليمن، إن البلاد «تواجه أزمة على جبهات متعددة» بدءاً من الصراع المستمر إلى الفيضانات الشديدة، والآن «تفشي وباء الكوليرا الذي انتشر بسرعة في الكثير من المحافظات».

وأضاف: «إن حياة الناس معرّضة للخطر بشكل مباشر، ومن المرجح أن يؤدي تدمير مرافق المياه والصرف الصحي إلى تفاقم انتشار المرض»، في حين أطلقت اللجنة الدولية للصليب الأحمر عمليات طوارئ في المناطق الأكثر تضرراً في حجة، والحديدة، والمحويت وتعز، حيث قدمت مساعدات نقدية لنحو 2000 عائلة متضررة.

دمار هائل في البنية التحتية تسببت به الفيضانات الأخيرة في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وأشار إلى أن المرحلة الأولية ركزت على تلبية الاحتياجات الفورية، مع التخطيط لمزيد من التقييمات لتوجيه التدخلات المحتملة في مجال المياه والصرف الصحي، مثل إنشاء نقاط المياه والمراحيض الطارئة.

وبيَّن أوجولا أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر وشركاءها أجروا تقييمات في المناطق المتضررة، وكشفوا عن نزوح ما يقرب من 9600 شخص بسبب الفيضانات في تعز، وحجة والحديدة، حيث تعرَّضت البنية الأساسية للمياه والصرف الصحي والصحة لأضرار كبيرة؛ مما زاد من خطر تفشي الكوليرا في هذه المناطق.

وكان مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية وزَّع مساعدات إيوائية طارئة على المتضررين من السيول والفيضانات في مديرية موزع التابعة لمحافظة تعز، الثلاثاء الماضي.

وتضمنت المساعدات الطارئة 100 خيمة و370 حقيبة إيواء استفاد منها 2220 فرداً من المتضررين من السيول في المديرية.

ويأتي هذا التدخل بالتنسيق مع كتلة الإيواء ومكاتب مركز الملك سلمان للإغاثة في اليمن، وبالتنسيق مع السلطة المحلية ووحدة النازحين.