شاشة الناقد

برايان كوكس وإلى جانبه زوجته ميراندا رتشردسون في «تشرشل»
برايان كوكس وإلى جانبه زوجته ميراندا رتشردسون في «تشرشل»
TT

شاشة الناقد

برايان كوكس وإلى جانبه زوجته ميراندا رتشردسون في «تشرشل»
برايان كوكس وإلى جانبه زوجته ميراندا رتشردسون في «تشرشل»

الفيلم: Churchill
إخراج: ‪جوناثان تبلتزسكي‬
النوع: دراما | سيرة حياة. بريطاني (2017)
تقييم: (**) من خمسة
ونستون تشرشل يستحق أفضل من هذا الفيلم. قامته القصيرة بدنياً تستحق عملاً عملاقاً لم يتم تحقيقه حتى الآن وهذا الفيلم من المخرج الأسترالي تبلتزسكي هو فرصة ضائعة.‬
الفيلم ليس عن كل حياة رئيس الوزراء البريطاني الذي وقعت الحرب العالمية الثانية على أيامه. إنه عن تلك الفترة الصعبة التي كان عليه خلالها اتخاذ قرار بشأن اشتراك بريطانيا في النزول البحري على شاطئ نورماندي الفرنسي سنة 1944. ذلك النزول الذي شاركت فيه قوات التحالف الغربي، بمساهمة أميركية، والذي تسبب في دحر القوات الألمانية من أحد أقوى معاقلها وبالتالي قلب اتجاه الحرب العالمية الثانية والبدء بوضع نهايتها أيضاً.
عدة أفلام سابقة تحدثت عن معركة نورماندي (من بينها «أطول يوم في التاريخ» و«إنقاذ المجند رايان»، لكننا لن نشاهد هذا الإنزال العسكري في «تشرشل» ولا الفيلم يقصد أن يكون حربياً، بل هو مقتصر على تداول وجهات النظر المتعددة بين تشرشل (برايان كوكس) وزوجته (ميراندا رتشردسون) وبين تشرشل والقيادة العسكرية الأميركية التي تسلمت مهام القيادة وبين تشرشل ونفسه.
حسب سيناريو يكمن فيه كل ضعف الفيلم وضعه أليكس فون تنزلمان، فإن تشرشل كان مرتاباً طوال الوقت في احتمالات نجاح معركة نورماندي كما خطط لها وسعى طويلاً وعلى نحو دؤوب لمنع القيادة العسكرية الاشتراك بها لأنه كان يراها خاسرة وأن الدفاع الألماني سيحصد أرواح كل المقاتلين المشتركين في الغزو وهو، كما يقول في الفيلم، لا يستطيع أن يوافق على إهدار دم أفراد الجنود البريطانيين فيما يراه مغامرة خاسرة كلياً.
اللعبة المتعثرة هنا هي تصوير تشرشل كشخصية ناصعة وغيورة وقوية. وهذا كله صحيح، لكن تلقيم المشاهد هذا التجسيد لقطة وراء لقطة ودفع الأحداث على نحو درامي ركيك يقوم على طريقة صف المشاهد التي يحتاجها الفيلم لتصعيد المواقف حتى وإن خلت تلك المواقف من جديد ما يجعل استخدامها، مرة بعد مرّة، يشبه علك المواقف لدرجة التكرار، يطيح بالواقع وبالحقيقة أو يحول بعضها، على الأقل، إلى تمثيل رمزي.
الفيلم صغير الحجم والميزانية وهذا ليس مشكلة، لكنه صغير الأثر أيضاً. ومشاهد الصدام بين تشرشل وما عداه متداخلة مع مشاهد سيره على الشاطئ منفرداً كمن يبحث عن صدف تركتها أمواج البحر. يحاول المخرج بث روح في ذلك النص لكن عليه دوما أن يعتمد على كليشيهاته لفقدان البديل.
هناك تمثيل جيد توفره ميراندا رتشردسون وبرايان كوكس لكنه ذائب في لجي المواقف المستهلكة بينهما. وهذه المشاهد توازي تلك التي يرتفع فيها صوت القيادة العسكرية وهي تمانع أن يدلف تشرشل وموقفه نطاق صياغة القرار ومعارضة ما تم التخطيط له. والمفاد هنا هو أن القيادتين العسكريتين، البريطانية والأميركية، لو استمعتا إلى تشرشل لما تحررت فرنسا ولما تم دحر الألمان إلى الهزيمة التي حاقت بها لاحقاً.


مقالات ذات صلة

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

يوميات الشرق مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

رغم وقوفها أمام عدسات السينما ممثلة للمرة الأولى؛ فإن المصرية مريم شريف تفوّقت على ممثلات محترفات شاركن في مسابقة الأفلام الطويلة بـ«مهرجان البحر الأحمر».

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)

من طهران إلى كابل... حكايات نساء يتحدّيْن الظلم في «البحر الأحمر»

«السادسة صباحاً» و«أغنية سيما» أكثر من مجرّد فيلمين تنافسيَّيْن؛ هما دعوة إلى التأمُّل في الكفاح المستمرّ للنساء من أجل الحرّية والمساواة.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)

اختتام «البحر الأحمر السينمائي» بحفل استثنائي

بحفل استثنائي في قلب جدة التاريخية ، اختم مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي» فعاليات دورته الرابعة، حيث أُعلن عن الفائزين بجوائز «اليُسر». وشهد الحفل تكريمَ

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق ياسمين عبد العزيز في كواليس أحدث أفلامها «زوجة رجل مش مهم» (إنستغرام)

«زوجة رجل مش مهم» يُعيد ياسمين عبد العزيز إلى السينما

تعود الفنانة المصرية ياسمين عبد العزيز للسينما بعد غياب 6 سنوات عبر الفيلم الكوميدي «زوجة رجل مش مهم».

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق رئيسة «مؤسّسة البحر الأحمر السينمائي» جمانا الراشد فخورة بما يتحقّق (غيتي)

ختام استثنائي لـ«البحر الأحمر»... وفيولا ديفيس وبريانكا شوبرا مُكرَّمتان

يتطلّع مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» لمواصلة رحلته في دعم الأصوات الإبداعية وإبراز المملكة وجهةً سينمائيةً عالميةً. بهذا الإصرار، ختم فعالياته.

أسماء الغابري (جدة)

شاشة الناقد: جود سعيد يواصل سعيه لتقديم البيئة الرّيفية في سوريا

عبد اللطيف عبد الحميد وسُلاف فواخرجي في «سلمى» (المؤسسة العامة للسينما)
عبد اللطيف عبد الحميد وسُلاف فواخرجي في «سلمى» (المؤسسة العامة للسينما)
TT

شاشة الناقد: جود سعيد يواصل سعيه لتقديم البيئة الرّيفية في سوريا

عبد اللطيف عبد الحميد وسُلاف فواخرجي في «سلمى» (المؤسسة العامة للسينما)
عبد اللطيف عبد الحميد وسُلاف فواخرجي في «سلمى» (المؤسسة العامة للسينما)

سلمى التي تحارب وحدها

(جيد)

يواصل المخرج السوري جود سعيد سعيه لتقديم البيئة الرّيفية في سوريا من خلال أحداث معاصرة يختار فيها مواقف يمتزج فيها الرسم الجاد للموضوع مع نبرة كوميدية، بالإضافة إلى ما يطرحه من شخصيات ومواقف لافتة.

وهذا المزيج الذي سبق له أن تعامل معه في فيلمي «مسافرو الحرب» (2018)، و«نجمة الصباح» (2019) من بين أفلام أخرى تداولت أوضاع الحرب وما بعدها. في «سلمى» يترك ما حدث خلال تلك الفترة جانباً متناولاً مصائر شخصيات تعيش الحاضر، حيث التيار الكهربائي مقطوع، والفساد الإداري منتشرٌ، والناس تحاول سبر غور حياتها بأقلّ قدرٍ ممكن من التنازل عن قيمها وكرامتها.

هذا هو حال سلمى (سُلاف فواخرجي) التي نجت من الزلزال قبل سنوات وأنقذت حياة بعض أفراد عائلتها وعائلة شقيقتها وتعيش مع والد زوجها أبو ناصيف (عبد اللطيف عبد الحميد الذي رحل بعد الانتهاء من تصوير الفيلم). أما زوجها ناصيف فما زال سجيناً بتهمٍ سياسية.

هذه انتقادات لا تمرّ مخفّفة ولا ينتهي الفيلم بابتسامات رِضى وخطب عصماء. قيمة ذلك هي أن المخرج اختار معالجة مجمل أوضاعٍ تصبّ كلها في، كيف يعيش الناس من الطبقة الدنيا في أسرٍ واقعٍ تفرضه عليها طبقة أعلى. وكما الحال في معظم أفلام سعيد، يحمل هذا الفيلم شخصيات عدة يجول بينها بسهولة. سلمى تبقى المحور فهي امرأة عاملة ومحرومة من زوجها وعندما تشتكي أن المدرسة التي تُعلّم فيها بعيدة يجد لها زميل عملاً في منزل رجل من الأعيان ذوي النفوذ اسمه أبو عامر (باسم ياخور) مدرّسة لابنته. لاحقاً سيطلب هذا منها أن تظهر في فيديو ترويجي لأخيه المرّشح لانتخابات مجلس الشعب. سترفض وعليه ستزداد حدّة الأحداث الواردة مع نفحة نقدية لم تظهر بهذه الحدّة والإجادة في أي فيلمٍ أخرجه سعيد.

«سلمى» هو نشيدٌ لامرأة وعزفٌ حزين لوضع بلد. النبرة المستخدمة تراجي - كوميدية. التمثيل ناضج من الجميع، خصوصاً من فواخرجي وياخور. وكعادته يعني المخرج كثيراً بتأطير مشاهده وبالتصوير عموماً. كاميرا يحيى عز الدين بارعة في نقلاتها وكل ذلك يكتمل بتصاميم إنتاج وديكورٍ يُثري الفيلم من مطلعه حتى لقطاته الأخيرة. هذا أنضج فيلم حققه سعيد لليوم، وأكثر أفلامه طموحاً في تصوير الواقع والبيئة وحال البلد. ثمة ثغرات (بعض المشاهد ممطوطة لحساب شخصيات ثانوية تتكرّر أكثر مما ينبغي) لكنها ثغراتٌ محدودة التأثير.

لقطة من «غلادياتير 2» (باراماونت بيكتشرز)

Gladiator II

(جيد)

ريدلي سكوت: العودة إلى الحلبة

السبب الوحيد لعودة المخرج ريدلي سكوت إلى صراع العبيد ضد الرومان هو أن «غلاديايتر» الأول (سنة 2000) حقّق نجاحاً نقدياً وتجارياً و5 أوسكارات (بينها أفضل فيلم). الرغبة في تكرار النجاح ليس عيباً. الجميع يفعل ذلك، لكن المشكلة هنا هي أن السيناريو على زخم أحداثه لا يحمل التبرير الفعلي لما نراه وإخراج سكوت، على مكانته التنفيذية، يسرد الأحداث بلا غموض أو مفاجآت.

الواقع هو أن سكوت شهِد إخفاقات تجارية متعدّدة في السنوات العشر الماضية، لا على صعيد أفلام تاريخية فقط، بل في أفلام خيال علمي (مثل Alien ‪:‬ Covenant في 2017)، ودرامية (All the Money in the World في العام نفسه) وتاريخية (The Last Duel في 2021)؛ آخر تلك الإخفاقات كان «نابليون» (2023) الذي تعثّر على حسناته.

يتقدم الفيلم الجديد لوشيوس (بول ميسكال) الذي يقود الدفاع عن القلعة حيث تحصّن ضد الجيش الروماني بقيادة الجنرال ماركوس (بيدرو باسكال). لوشيوس هو الأحق بحكم الإمبراطورية الرومانية كونه ابن ماكسيموس (الذي أدّى دوره راسل كراو في الفيلم السابق)، وهو ابن سلالة حكمت سابقاً. يُؤسر لوشيوس ويُساق عبداً ليدافع عن حياته في ملاعب القتال الرومانية. يفعل ذلك ويفوز بثقة سيّده مكرينوس (دنزل واشنطن) الذي لديه خطط لاستخدام لوشيوس ومهارته القتالية لقلب نظام الحكم الذي يتولاه شقيقان ضعيفان وفاسدان.

هذا كلّه يرد في الساعة الأولى من أصل ساعتين ونصف الساعة، تزدحم بالشخصيات وبالمواقف البطولية والخادعة، خصوصاً، بالمعارك الكبيرة التي يستثمر فيها المخرج خبرته على أفضل وجه.

فيلم ريدلي سكوت الجديد لا يصل إلى كل ما حقّقه «غلاديايتر» الأول درامياً. هناك تساؤل يتسلّل في مشاهِد دون أخرى فيما إذا كان هناك سبب وجيه لهذا الفيلم. «غلاديايتر» السابق كان مفاجئاً. جسّد موضوعاً لافتاً ومثيراً. أفلام سكوت التاريخية الأخرى (مثل «مملكة السماء» و«روبِن هود») حملت ذلك السبب في مضامينها ومفاداتها المتعددة.

لكن قبضة المخرج مشدودة هنا طوال الوقت. مشاهدُ القتال رائعة، والدرامية متمكّنة من أداءات ممثليها (كوني نيلسن وبيدرو باسكال تحديداً). في ذلك، سكوت ما زال الوريث الشّرعي لسينما الملاحم التاريخية التي تمزج التاريخ بالخيال وكلاهما بسمات الإنتاجات الكبيرة.

عروض تجارية.