لقاح الإنفلونزا... وقاية موسمية

فروقات بينها وبين نزلات البرد

لقاح الإنفلونزا... وقاية موسمية
TT

لقاح الإنفلونزا... وقاية موسمية

لقاح الإنفلونزا... وقاية موسمية

تعتبر الإنفلونزا الموسمية أحد أنواع الأمراض المُعدية التي يُمكن الوقاية من الإصابة بها. وهي «موسمية» لأن ثمة تكرارا موسميا سنويا لانتشار وارتفاع حالات الإصابات بها، رغم أن ثمة احتمالا لحصول إصابات أقل في طوال أوقات العام. وفي كثير من مناطق العالم، تتسبب الإنفلونزا الموسمية بأوبئة كل عام. ووفق ما تذكره منظمة الصحة العالمية WHO، فإن أوبئة الإنفلونزا تحدث في المناطق المعتدلة المناخ كل عام أثناء فصل الشتاء، في حين أنها يمكن أن تحدث في المناطق المدارية طيلة العام مسببة فاشيات مرضية أقل انتظاماً. وفي المناخات المعتدلة، تحدث الأوبئة الموسمية بصورة خاصة خلال فصل الشتاء، بينما في المناطق الاستوائية، تكون الإنفلونزا الموسمية أقل وضوحاً، ويمكن أن تحدث الأوبئة على مدار السنة.
على الصعيد العالمي تشير منظمة الصحة العالمية إلى أن الإصابة بالإنفلونزا الموسمية تحدث بمعدل سنوي يتراوح بين 5 في المائة و10 في المائة بين البالغين، وتتراوح من 20 في المائة إلى 30 في المائة فيما بين الأطفال. والتداعيات الصحية التي تتسبب بها الإنفلونزا الموسمية، يمكن أن تكون السبب في الدخول إلى المستشفيات لتلقي المعالجة الطبية، وقد تكون العدوى شديدة ويُمكن أن تُؤدي إلى الوفاة، وخاصة لدى مجموعات الناس الأعلى عُرضة للإصابة بالمضاعفات الشديدة للإنفلونزا، وهي فئات الأطفال الصغار في السن أو المسنين أو المصابين بأمراض مزمنة كأمراض القلب ومرض السكري ومرضى الفشل الكلوي وفشل الكبد وغيرهم.
وفق إحصائيات منظمة الصحة العالمية، تتسبب تلك الأوبئة الموسمية للإنفلونزا في حدوث نحو ما بين ثلاثة إلى خمسة ملايين من حالة الاعتلال المرضى الوخيم بشكل سنوي، وما قد يصل سنوياً إلى نحو نصف مليون وفاة عالمياً. وتضيف أن معظم الوفيات المرتبطة بالإنفلونزا تحصل بين الأشخاص البالغين من العمر 65 سنة فأكثر، كما تتسبب الحالات المرضية للإنفلونزا الموسمية في ارتفاع مستويات الغياب عن العمل والدراسة، وفي خسائر كبيرة في الإنتاجية.
إصابات الإنفلونزا
وتدوم الفترة التي تفصل ما بين اكتساب العدوى وظهور المرض، والتي تُعرف بفترة الحضانة، يومين تقريباً. وتتميز حالات الإصابة بالإنفلونزا الموسمية بارتفاع حرارة الجسم بشكل مفاجئ والإصابة بسعال، وعادة ما يكون سعالاً جافاً، وصداعا وألما في العضلات والمفاصل وغثيانا والتهاب الحلق وسيلان الأنف. وفي بعض الحالات يمكن أن تحصل إصابة بسعال شديد قد يدوم لفترة أسبوعين أو أكثر. ويُشفى معظم المرضى من حمى ارتفاع الحرارة ومن الأعراض الأخرى في غضون أسبوع واحد دون الحاجة إلى عناية طبية. ولكن يمكن للإنفلونزا أن تتسبب في حدوث حالات مرضية شديدة في حالات الحوامل والأطفال المتراوحة أعمارهم بين ستة أشهر وخمس سنوات وكبار السن والأشخاص المصابين بأمراض مزمنة معيّنة مثل الربو والأمراض القلبية أو الأمراض الرئوية المزمنة ومرضى السكري.
وتنتشر الإنفلونزا الموسمية بسهولة وتنتقل العدوى بسرعة في الأماكن المزدحمة. وعندما يسعل الشخص المصاب بالعدوى أو يعطس، ينتشر الرذاذ الحاوي للفيروسات في الهواء وفيما بين الأشخاص القريبين منه. كما يمكن للفيروس أن ينتشر عن طريق الأيدي الملوّثة بالفيروس نفسه، وهو ما يتطلب من الناس الحرص على تغطية أفواههم وأنوفهم بمنديل عند السعال وغسل أيديهم بانتظام. ولذا فإن الوقاية من الإنفلونزا الموسمية تستحق الاهتمام من قبل عموم الناس، ومن أفضل وسائل الوقاية المتوفرة هو تلقي لقاح الإنفلونزا الموسمية، وخاصة للفئات العُمرية الأعلى عُرضة للإصابة بمضاعفاتها.
عدوى فيروسية
ومعلوم أن الإنفلونزا الموسمية هي عدوى فيروسية حادة، تحصل بشكل سريع نسبياً، ويسببها أحد أنواع فيروسات الإنفلونزا. وهناك ثلاثة فصائل رئيسية من أنواع فيروسات الإنفلونزا الموسمية، وهي نوع إيه A ونوع بي B ونوع سي C. وتتفرّع فيروسات الإنفلونزا من النوع إيه إلى أنماط فرعية وفقا لتوليفات معينة من بروتينين مختلفين يوجدان على سطح الفيروس. وكذلك تنقسم فيروسات الإنفلونزا من نوع بي إلى سلالتين. وتعتبر فصيلتا إيه A وبي B الأكثر تسبباً بفاشيات الأوبئة الموسمية للإنفلونزا الموسمية، ولهذا السبب، تُدرج السلالات المعنية من فيروسات الإنفلونزا من النوع إيه والنوع بي في لقاحات الإنفلونزا الموسمية. أما النوع سي فإنه أقل نُدرة للتسبب بحالات وبائية، ويسبب عادة حالات عدوى خفيفة، وبالتالي فإن تأثيراته أقل على الصحة العامة للناس.
ولقاح الإنفلونزا الموسمية هو «لقاح موسمي»، ويجب تلقيه في كل عام للحصول على الفائدة الصحية المطلوبة، أي منع الإصابة بأحد أنواع الفيروسات التي تتسبب بمرض الإنفلونزا الموسمية. وهو أيضاً «لقاح موسمي» لأنه يتم تجديد مكونات هذا اللقاح موسمياً، أي إنه في كل عام يتم إنتاج لقاح جديد مختلف في مكوناته عن مكونات اللقاح السابق في العام الذي قبله. ويتم تحديد المكونات الجديدة لكل عام وفق ما يتوفر لدى منظمة الصحة العالمية من بيانات حول أنواع سلالات فيروسات الإنفلونزا الأعلى انتشاراً خلال الموسم الماضي، والتي من المتوقع أن تكون أكثر نشاطاً في الموسم الحالي وأعلى تسبباً في انتشار عدوى فيروسات الإنفلونز.
نزلة البرد والإنفلونزا
تشترك الإنفلونزا ونزلة البرد في أنهما مرضان فيروسيان يصيبان الجهاز التنفسي، وهو ما يشمل الحلق والأنف ومجاري التنفس في القصبة الهوائية والشُعب الهوائية وأنسجة الرئة الداخلية. ولكن هناك الكثير من الفروقات، في جانبي الفيروسات المتسببة بكل منهما وفي جانب الأعراض المرضية التي تصيب أجزاء الجهاز التنفسي والجسم.
فيروسات الإنفلونزا الموسمية تنقسم إلى ثلاثة أنواع كما تقدم، أما الفيروسات التي قد تتسبب بنزلة البرد فإنها أكثر من 200 نوع، ولذا لا يُمكن توفير لقاح حتى اليوم للوقاية من نزلة البرد، بخلاف اللقاح المتوفر بشكل سنوي للإنفلونزا الموسمية.
نزلات البرد تتميز بأن ارتفاع الحرارة في الغالب لا يتجاوز 38.8 درجة مئوية، ويُرافق ذلك سيلان في الأنف وألم بالحلق وسعال وعطس وإعياء وآلام بالعضلات وصداع، ولكنها أعراض تكون بدرجة متوسطة، أي ليس بدرجة شديدة. أما حالات الإنفلونزا فإن ارتفاع الحرارة يتجاوز 39 درجة مئوية، ويكون ثمة سدد في الأنف وغثيان ونوبات من التعرق والرجفان البدني بالبرودة وآلام أشد في العضلات وخاصة في منطقة الظهر والأطراف السفلية، وسعال جاف وصداع وفقدان لشهية تناول الأكل.
ولدى الأطفال تجدر مراجعة الطبيب إذا كانت الحرارة أعلى من 39 درجة مئوية والأعراض مستمرة بالطفل لمدة تتجاوز بضعة أيام وثمة لدى الطفل صعوبات في التنفس، أو تسارع في وتيرة التنفس، أو سماع صفير في الصدر عند التنفس، أو ألم في الأذن مع خروج سوائل منها، أو تغير في مستوى الوعي الذهني لدى الطفل، أو أن الأعراض بدأت خفيفة ثم تحسنت ثم عادت مرة أخرى.
وتذكر الأكاديمية الأميركية لأطباء الأسرة American Academy of Family Physicians أنه لا يوجد علاج مخصوص لنزلة البرد أو الإنفلونزا، والمضادات الحيوية لا تعمل ضد الفيروسات التي تسبب بنزلات البرد والإنفلونزا. ولكن مسكنات الألم مثل تيلينول أو بانادول الأطفال يمكن أن تساعد في تخفيف آلام الصداع وآلام العضلات والتهاب الحلق وكذلك في علاج الحمى. ومن المهم التأكد من إعطاء الطفل الجرعة الصحيحة حسب عمره ووزنه. وتضيف أنه لا يُنصح ببخاخات الأنف المُزيلة للاحتقان للأطفال الصغار، لأنها قد تسبب لهم في بعض الآثار جانبية، كما لا ينصح بأدوية السعال والبرد للأطفال، وخاصة أولئك الذين تقل أعمارهم عن سنتين من العمر. وتنصح لعلاج البرد أو الإنفلونزا، أن تتأكد الأم من أن طفلها يرتدي ملابس جيدة ويشرب الكثير من السوائل. وتُضيف أنه يُمكن استخدام المرطب للمساعدة في ترطيب الهواء في غرفة نوم الطفل. كما يمكن أيضا استخدام رذاذ الماء المالح للأنف لترطيبه وتسهيل خروج المخاط الجاف.

* استشارية في الباطنية


مقالات ذات صلة

8 إشارات تنبهك بها قدماك إذا كنت تعاني من مشاكل صحية

صحتك تورم القدمين قد يشير لعدد من المشكلات الصحية (رويترز)

8 إشارات تنبهك بها قدماك إذا كنت تعاني من مشاكل صحية

قالت صحيفة «إندبندنت» البريطانية إن الأقدام يمكن أن تساعد على التنبيه بوجود مشاكل صحية إذ إن أمراضاً مثل القلب والسكتات الدماغية يمكن أن تؤثر على القدمين.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الصين تقول إن فيروس «إتش إم بي في» عدوى تنفسية شائعة (إ.ب.أ)

الصين: الإنفلونزا تظهر علامات على الانحسار والعدوى التنفسية في ازدياد

قال المركز الصيني لمكافحة الأمراض والوقاية منها، الخميس، إنه رغم ظهور علامات تباطؤ في معدل فيروس الإنفلونزا بالبلاد، فإن الحالات الإجمالية للأمراض التنفسية.

«الشرق الأوسط» (بكين)
صحتك 7 حقائق قد تُدهشك عن «الخل البلسمي» وتأثيراته الصحية

7 حقائق قد تُدهشك عن «الخل البلسمي» وتأثيراته الصحية

خل البلسميك خل عطري مُعتّق ومركّز، داكن اللون وذو نكهة قوية، مصنوع من عصير كامل عناقيد العنب الأبيض الطازج المطحون، أي مع جميع القشور والبذور والسيقان.

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)
صحتك اختلاف تكوين المخّ قد يدفع إلى تعاطي المخدرات

اختلاف تكوين المخّ قد يدفع إلى تعاطي المخدرات

كشفت دراسة عصبية حديثة، عن احتمالية أن يكون لشكل المخ وتكوينه الخارجي دور مهم في التوجه إلى تجربة المواد المضرة في سن مبكرة، ثم إدمانها لاحقاً في مرحلة الشباب.

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
صحتك التمر كنز غذائي ودوائي يعزز الصحة

آفاق جديدة للابتكار في أبحاث الطب النبوي

تنطلق في مدينة بريدة بمنطقة القصيم، صباح يوم غدٍ السبت الحادي عشر من شهر يناير (كانون الثاني) الحالي 2025 فعاليات «المؤتمر العالمي السادس للطب النبوي»

د. عبد الحفيظ يحيى خوجة (بريدة - منطقة القصيم)

تناول الحبوب المنومة قد يمنع دماغك من «تنظيف» نفسه (دراسة)

الحبوب المنومة قد تعوق عملية التخلص من السموم المتراكمة في الدماغ (رويترز)
الحبوب المنومة قد تعوق عملية التخلص من السموم المتراكمة في الدماغ (رويترز)
TT

تناول الحبوب المنومة قد يمنع دماغك من «تنظيف» نفسه (دراسة)

الحبوب المنومة قد تعوق عملية التخلص من السموم المتراكمة في الدماغ (رويترز)
الحبوب المنومة قد تعوق عملية التخلص من السموم المتراكمة في الدماغ (رويترز)

أكدت دراسة جديدة أن تناول الحبوب المنومة قد يعوق عمل الجهاز الغليمفاوي الذي يطرد السموم المتراكمة في الدماغ أثناء النوم.

ويتخلص دماغنا من النفايات السامة عندما نكون نائمين أكثر مما يتخلص منها عندما نكون مستيقظين. وهذه العملية ضرورية لوظائف المخ الصحية والوقاية المحتملة من اضطرابات مثل مرض ألزهايمر.

ويمكن تعطيل هذه العملية عند تناول الحبوب المنومة، وفقاً للدراسة جديدة، التي نقلتها صحيفة «نيويورك بوست» الأميركية.

وقالت المؤلفة الرئيسية للدراسة، مايكين نيدرغارد، من جامعة كوبنهاغن، إن طريقة عمل الجهاز الغليمفاوي تشبه «تشغيل غسالة الصحون قبل الذهاب إلى الفراش والاستيقاظ بدماغ نظيف».

وقد فحصت نيدرغارد وفريقها عدداً من الفئران لمعرفة ما يحدث داخل أدمغتهم أثناء نومهم. ووجدوا أن جذع الدماغ لديهم يطلق موجات صغيرة من جزيء النورإبينفرين مرة واحدة كل 50 ثانية أثناء النوم العميق.

ويلعب النورإبينفرين دوراً رئيسياً في استجابتنا «للقتال أو الهروب» من خلال تحفيز انكماش الأوعية الدموية، مما يزيد من ضغط الدم ويجهز الجسم للرد على المواقف العصيبة.

يعمل التوسع والانكماش الإيقاعي للأوعية الدموية أيضاً على دفع السوائل المحيطة لحمل النفايات بعيداً عن الدماغ.

وبمجرد أن تأكد الفريق من أن النورإبينفرين يحفز تنظيف الدماغ، أراد معرفة ما إذا كانت الحبوب المنومة تؤثر على هذه العملية.

وأعطى الباحثون الفئران دواء الأرق «زولبيديم» الذي يباع تحت الاسم التجاري «أمبيان».

وعلى الرغم من أن الفئران المعالجة بالزولبيديم نامت بشكل أسرع، فإن نشاط موجة النورإبينفرين لديها أثناء النوم العميق كان أقل بنسبة النصف، ونقل السوائل الدماغية بنسبة 30 في المائة أقل مقارنة بالفئران التي تنام بشكل طبيعي.

وتشير النتائج التي نُشرت يوم الأربعاء في مجلة «Cell Press» إلى أن هذه الحبوب قد تعطل نظام تنقية الدماغ أثناء النوم.

وكتب الباحثون: «يستخدم المزيد والمزيد من الناس الحبوب المنومة، ومن المهم حقاً معرفة تأثيرها الكامل على أدمغتهم».

إلا أن الفريق أكد الحاجة إلى المزيد من الاختبارات على البشر للتأكد من النتائج.