عباس يتدخل لإنقاذ المصالحة من «تصريحات مسيئة» قبل اجتماع القاهرة

مسؤول في {حماس} قال إن حركته لا تريد الحمد الله على رأس الحكومة المقبلة

TT

عباس يتدخل لإنقاذ المصالحة من «تصريحات مسيئة» قبل اجتماع القاهرة

تدخل الرئيس الفلسطيني محمود عباس، (أبو مازن)، لوقف تصريحات متكررة وصفت بأنها مسيئة من قبل مسؤولين فلسطينيين، حول المصالحة الداخلية مع حماس، في خطوة تهدف إلى تخفيف التوتر والاحتقان، في حين خرج مسؤول في حماس يقول إن حركته لا تريد الحمد الله على رأس الحكومة المقبلة، ليزيد الطين بلة.
وقررت اللجنة المركزية لحركة فتح بناء على توجيهات من عباس، قصر التصريحات في موضوع المصالحة، خلال المرحلة المقبلة، على أعضاء اللجنة المكلفة الحوار من قبل اللجنة المركزية. وقالت المركزية إن الخطوة جاءت «انطلاقاً من الحرص على التطور الإيجابي المستمر بمجال العمل لاستعادة الوحدة الوطنية وإنجاز المصالحة، دون أي سوء فهم أو عقبات». وفي هذا المجال، عبرت اللجنة المركزية، في بيان، عن أملها في نجاح اجتماع الفصائل المقبل في القاهرة يوم الثلاثاء المقبل 21 نوفمبر (تشرين الثاني)، بما يُبنى على نجاح الاجتماع الأول بين حركة فتح وحركة حماس في القاهرة واتفاق 12 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
ويعبر البيان النادر عن توجه قوي داخل فتح لإنجاح المصالحة بعد أن أثار مسؤولون فلسطينيون شكوكا كبيرة حول ذلك في ظل نقاش إعلامي حول بسط الأمن في قطاع غزة ونزع سلاح حماس. وكان مسؤولون فلسطينيون ربطوا بين نجاح المصالحة وبسط السلطة لسيطرتها الأمنية على قطاع غزة، وطالبوا بنزع سلاح حماس، ورفضوا أي محاصصة أمنية وهو الأمر الذي رفضته حماس جملة وتفصيلا، وشنت هجوما على رئيس الحكومة الحالية رامي الحمد الله.
وقال عضو المكتب السياسي لحركة حماس صلاح البردويل أمس إن «شخصية رئيس الوزراء رامي الحمد الله غير مرغوبة لدى حماس لتولي أي حكومة فلسطينية مقبلة». وأضاف البردويل، لموقع «سوا» المحلي «حل حكومة الوفاق الوطني وتشكيل حكومة وحدة وطنية أكثر قوة ونزاهة أصبح مطلبا مهما لجميع الفصائل وحتى لدى جمهور كبير من حركة فتح». وتابع «مصير حكومة التوافق الوطني بيد الفصائل. ونحن رؤيتنا بأن يتم تشكيل حكومة وطنية أفضل من الحكومة القائمة حاليا للضعف الكبير لدى حكومة الحمد الله وتنكرها للقانون، ولأنها منحازة ولا تعبر عن الكل الوطني».
وتابع مهاجما «شخصية الحمد الله ارتبط اسمها بحصار غزة والمناكفات»، مضيفا: «حتى بعد المصالحة لم تقدم أي جديد لحل مشاكل المواطنين، بل بالعكس كل يوم يصدر منها تصريحات سلبية وغير مبالية بمعاناة الناس في قطاع غزة» وفق قوله. ولم تعقب حكومة التوافق على تصريحات البردويل فورا. لكن مصادر مطلعة في حركة فتح قالت إن موقفه يمثله وحده. وأضافت «تشكيل حكومة الوحدة مسألة مطروحة على الطاولة وكذلك من سيرأسها، وليس بالضرورة أن تتم». وتابعت «هذا أمر بيد الرئيس أولا وأخيرا».
وجاء موقف فتح بحصر التصريحات حول المصالحة، على أمل أن تلتزم حماس أيضا باتفاق سابق بوقف أي تصريحات إعلامية متعلقة بالمصالحة. ويعبر موقف فتح عن عدم الرضا عن معالجة الأمر من قبل مسؤولين في السلطة أو حماس عبر وسائل الإعلام. وكانت «الشرق الأوسط» نشرت أمس عن مصدر كبير في فتح أنه يستغرب التركيز الكبير على الملف الأمني على الرغم من أن حركتي فتح وحماس اتفقتا على معالجته بهدوء وروية. وأضاف المصدر أن ثمة اتفاقا بين الحركتين على تجنب معالجة هذا الملف بشكل سريع، وعدم إثارته عبر وسائل الإعلام وحله في مرحلة ثانية بشكل هادئ حتى لا تفشل المصالحة. وأكد المصدر أن الجانب المصري مطلع على هذا الاتفاق وشجعه وسيكون مشرفا على إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية في غزة، وهذا ما تعرفه جيدا كل الجهات ذات الصلة. وطلب المصدر من الجميع عدم وضع العصي في دواليب المصالحة. وبحسب المصدر فإن هذا الملف سيكون على طاولة البحث بين فتح وحماس في لقاءات لاحقة، ويحتاج إلى وقت وجهد ولجان متخصصة ولن يتم حله في جلسة أو اثنتين.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.