دار الفتوى «خلية نحل» لمواكبة الأزمة السياسية

دعوات للالتزام بسياسة النأي بالنفس وتحييد لبنان عن الصراع السوري

TT

دار الفتوى «خلية نحل» لمواكبة الأزمة السياسية

واصلت دار الفتوى استنفارها لمواكبة الأزمة السياسية التي دخلتها البلاد منذ 11 يوما مع إعلان رئيس الحكومة سعد الحريري استقالة حكومته، ردا على «توغل» إيران و«حزب الله» في الشؤون اللبنانية وبث الفتنة في العالم العربي.
والتقى مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، سفير دولة الإمارات العربية المتحدة حمد سعيد الشامسي، ووزير الدولة لشؤون التخطيط ميشال فرعون الذي عبّر عن تقديره الكبير لمواكبة المفتي دريان الأزمة التي قال إنها «متعددة الأوجه»، لافتا إلى أن «هناك من جهة عودة رئيس الحكومة سعد الحريري وهي أساسية، ولا بديل عنها، وطبعا هناك موضوع الاستقالة والتكليف، وما إذا كان هناك تكليف جديد أم تصريف للأعمال، مع أمل أن يكون هناك تجميد للاستقالة، لإفساح المجال أمام حوار جدي». وشدد فرعون على أنه «ليس هناك بديل عن الرئيس الحريري والعودة إلى حوار ونقاش يدور حول التأكيد على التزام مختلف الجهات بالاتفاق الذي جرى في محطة الانتخابات الرئاسية وخطاب القسم وتأليف الحكومة والبيان الوزاري»، مذكرا بأن الاتفاق يتمحور حول «النأي بالنفس وتحييد لبنان عن الصراعات الإقليمية والصراع في سوريا ووقف محاولات زج لبنان». وأضاف: «كما أن هناك حاجة إلى استئناف الحوار حول الاستراتيجية الدفاعية مع مواكبة خارجية للحوار الداخلي، لأن هذه المواضيع تتداخل مع مسألة تطبيق القرارات الدولية وأيضا مع معالجة الهواجس العربية».
من جهته، اعتبر النائب روبير غانم بعد لقائه المفتي أن عودة الرئيس الحريري «باتت ملحة وضرورية، فهو يشكل اليوم ركنا أساسا في هذه الوحدة الوطنية وهذه المعادلة اللبنانية»، داعيا الشركاء بالوطن إلى أن «يضعوا الأولوية لمقومات الشراكة الوطنية، حتى نحافظ على وحدتنا والوحدة الوطنية، وعلى السلم الأهلي، حتى يكون لبنان صاحب رسالة، ويؤدي دورا إيجابيا في المنطقة العربية».
أما النائب عن تيار المستقبل، أحمد فتفت، فرأى أن الأزمة التي دخلنا فيها ترتكز على ثلاثة أسباب رئيسية: «الاختلال الوطني الداخلي، والامتناع عن النأي بالنفس والعودة إلى التدخل في شؤون الدول العربية وتحديدا على الساحة السورية، وفي الخليج أيضا. وثالثا عدم احترام القرارات الدولية». وحث على وجوب «العودة إلى الأساسيات، وأن تكون هناك حكومة وحدة وطنية برئاسة دولة الرئيس الحريري، تحترم أصول التسوية ومبدأ النأي بالنفس، وتحترم ما جاء في البيان الوزاري من خلال التوازنات الداخلية، ومن خلال احترام التباعد والبعد عن التدخل في شؤون الآخرين، وصولا إلى الحياد الذي أصبح ضرورة لبنانية ماسة في هذه المرحلة، واحترام القرارات الدولية».
كذلك التقى المفتي دريان وفدا من كتلة اللقاء الديمقراطي، وقيادة الحزب التقدمي الاشتراكي، وبعد اللقاء حيّا وزير التربية مروان حمادة «مواقف سماحته تحديدا في إطفاء الأزمة ونزع الفتيل، وفي محاولة معالجة أسباب هذه الأزمة التي وقعنا جميعا فيها». وقال: «لقد أكد لنا صاحب السماحة أن ما يقوم به بالتعاون مع كل السلطات وبالاتصال مع فخامة رئيس الجمهورية، هو من أجل إعادة المسار الدستوري إلى الأوضاع القائمة تحت سقف اتفاق الطائف، وضمن المعايير الأساسية التي دائما كانت تضمن استقرار لبنان، وهي الابتعاد عن كل المحاور، وأن نلتقي جميعا على وحدة البلد، وعلى ازدهاره، وعلى لبنانيته، ونهائية حدوده، وعلى عروبته، وهذا ما أكد عليه».
كما استقبل المفتي الوزير السابق فارس بويز، ووفد النواب الأرمن الذي ضم سيبوه قالبانيان وسيرج طورسركيسيان الذي قال بعد اللقاء: «نطالب المحبين الجدد للرئيس سعد الحريري بوضع حد للمزايدات على محبته لكي نصل إلى المحبين الأساسيين في البلد»، مشددا على أن «الرئيس الحريري في أياد أمينة». وأكد باسم كتلة «نواب الأرمن» تكليف الحريري رئاسة الحكومة مجددا وتسلمه زمام الأمور، منبها من «أي موقف متسرع لأي جهة سياسية يكون انعكاسها على اللبنانيين الموجودين في دول الخليج». وأضاف: «فكما نحن مسؤولون عن اللبنانيين في الداخل فنحن أيضا مسؤولون عن كل اللبنانيين في الخارج».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.