قوات السراج ترفض اتهامات بالتورط في تصفيات جماعية قرب طرابلس

TT

قوات السراج ترفض اتهامات بالتورط في تصفيات جماعية قرب طرابلس

نفت القوة المشتركة التابعة لحكومة الوفاق الوطني الليبية، أمس، تورطها في تصفية 28 شخصاً تم العثور على جثثهم مؤخراً وعليها علامات أعيرة نارية وتعذيب في منطقة ورشفانة إلى الغرب من العاصمة طرابلس، بعد اشتباكات بين فصائل مسلحة متناحرة.
وقال مسؤول في الجيش الوطني الليبي لـ«الشرق الأوسط» إن الجثث التي عثر عليها في منطقة الهيرة جنوب شرقي ورشفانة على بعد 60 كيلومتراً جنوب غربي طرابلس، هي لأشخاص كانوا يقاتلون هناك، وعندما حاولوا الهرب تم الاشتباك معهم وقتلهم. وأضاف المسؤول الذي طلب عدم تعريفه: «هذا يعني أن من قتلهم هم ميليشيات غريان أو ترهونة لأنهم هم من كانوا يتمركزون في ذلك الاتجاه»، في إشارة إلى موقع الاشتباكات التي اندلعت بين فصائل مسلحة من منطقة ورشفانة وفصائل وجماعات مسلحة تمثل القوة المشتركة بقيادة المجلس العسكري لثوار الزنتان والمنطقة العسكرية الغربية التابعة لحكومة الوفاق الوطني التي يترأسها فائز السراج والمدعومة من بعثة الأمم المتحدة في ليبيا.
من جهته، قال أحمد حمزة مقرر اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا إن الجثث عُثر عليها ملقاة في العراء بمنطقة وادي الهيرة ومنطقة الكسارات غرب مدينة العزيزية بورشفانة، الأربعاء الماضي، مشيراً إلى أن الهلال الأحمر وعاملين في مستشفى ميداني تابع لوزارة الصحة تولوا نقل الجثث إلى مستشفى علي عمر عسكر بمنطقة السبيعة. وهناك أكدت مصادر طبية وعدد من أهالي وذوي الضحايا الذين تسلموا جثامين أبنائهم أن الجثث تحمل آثار تعذيب ورصاصات في منطقة الرأس والصدر ما يرجح فرضية «الإعدام الميداني» بعد أسر الضحايا.
وقال حمزة إن الناطق باسم «القوة المشتركة»، التابعة لحكومة السراج، يتحمل مسؤوليته القانونية الكاملة حيال نفي تورط قواته فيما حصل، معتبراً «أن هذا النفي لا أساس له ويمثّل تهرباً مباشرا من الحقيقة والمسؤولية القانونية وتغطية على هذه الجريمة»، لافتاً إلى أن مصادر طبية أكدت صحة معلومات اللجنة الوطنية ومن بينها تأكيد مسؤول في مستشفى علي عسكر في السبيعة تسلم جثامين 17 شخصاً عُثر عليهم مقتولين في منطقة وادي الهيرة.
وكان الناطق باسم «القوة المشتركة» قد اعتبر، في المقابل، أن المزاعم بشأن تصفية قوات تابعة لحكومة السراج للقتلى «عارية من الصحة تماماً»، وقال: «لم نرصد وجود هذا العدد من الجثث في موقع واحد طيلة فترة الاشتباكات، بل تم جمع جثث المسلحين في مواقع متفرقة». واعتبر في تصريحات له أن «هذه المزاعم أطلقها عدد من قادة المجموعات الإجرامية، بعد هروبهم من المنطقة، وملاحقتهم من طرف الأجهزة الأمنية، في محاولة منهم للتشويش على انتصارات قواتنا، وبسط الأمن في ورشفانة بالكامل».
وطبقاً لما أعلنه مصطفى فنير، مسؤول مكتب الهلال الأحمر الليبي في الزنتان، فقد تم انتشال عشرات الجثث في العزيزية وطرابلس و18 جثة في منطقة الهيرة خارج النطاق الجغرافي لمنطقة الكسارات والعزيزية.
وكانت قوات السراج قد نجحت نهاية الأسبوع الماضي في السيطرة على منطقة ورشفانة، حيث بلغت حصيلة القتلى النهائية للاشتباكات 70 قتيلاً.
إلى ذلك، أعلنت بعثة الأمم المتحدة أن رئيسها غسان سلامة ناقش مع السفير الإيطالي جوزيبي بيروني في اجتماعهما بمقر السفارة الإيطالية بطرابلس، دعم إيطاليا لجهود الأمم المتحدة واجتماع مجلس الأمن حول ليبيا.
وعلى صعيد آخر، أبدى سلامة للسفير التركي في طرابلس أحمد دوغان، تضامنه مع الشعب والحكومة التركية في قضية اختطاف العمال الأتراك في جنوب ليبيا، معتبراً أن «سلامة وحرية الخبراء الأجانب أمر أساسي، وخاصة في تنفيذ المشاريع الإنمائية في ليبيا». وكان أربعة مهندسين أجانب من تركيا وجنوب أفريقيا يعملون لصالح شركة «إنكا» التركية للإنشاءات قد اختطفوا في جنوب غربي ليبيا الجمعة الماضي، لدى انتقالهم من المطار في مدينة أوباري إلى محطة لتوليد الكهرباء كانوا يساعدون في بنائها.
في المقابل، عادت 30 سفارة للعمل من داخل الأراضي الليبية بسفير معتمد أو قائم بالأعمال بعد أكثر من ثلاثة أعوام على مغادرتها طرابلس، وفقاً لما أعلنه محمد سيالة وزير الخارجية في حكومة السراج. وقال سيالة لوكالة أنباء شينخوا الصينية إن «تأشيرات السفر (شينغن) تمنح حالياً من داخل طرابلس من سفارتين، موضحاً أنه يجري العمل على عودة كل السفارات وتوفير الظروف الأمنية الملائمة لعملها من داخل العاصمة. كما أشار إلى حوار يتم مع الخارجية الأميركية لتوفير متطلبات قدمتها لعودة سفارتها إلى ليبيا. وكشف أن وفداً أميركياً يستعد لزيارة طرابلس قريباً «للاطلاع على مقر السفارة من ناحية المبنى والموقع»، مشيراً إلى أن من ضمن الشروط التي يضعها الأميركيون لعودتهم «توفير الأمن».
وبدأت سفارات بالعودة تدريجياً بعد تسلّم حكومة السراج السلطة عقب اتفاق الصخيرات المبرم قبل عامين، علماً بأن غالبية السفارات والبعثات الدبلوماسية العربية والأجنبية غادرت العاصمة طرابلس عام 2014 بعد توتر الوضع الأمني واندلاع معارك مسلحة أدت لسيطرة ميليشيات إسلامية على المدينة.
ووجهت حكومة السراج رسالة أمس إلى وزارة الخارجية المصرية أعلنت خلالها تكليف صالح الشماخي، مندوب ليبيا الحالي لدى الجامعة العربية، بمنصب القائم بأعمال سفارة ليبيا بالقاهرة.
إلى ذلك، أعلن العاملون في جهاز أمني تابع لحكومة السراج في بنغازي، شرق البلاد، تخليهم عن قائدهم وكيل وزارة الداخلية فرج قعيم، بعدما فرضت قوات الجيش سيطرتها على مقراته بعد هجوم مسلح عليها في منطقتي بوتزيرة وبرسس في بنغازي. وجاء ذلك على خلفية مطالبة قعيم المشير خليفة حفتر بالتنحي عن منصبه كقائد عام للجيش الوطني الليبي واتهامه له بتدبير محاولتين لاغتياله.
وأعلن منتسبو جهاز «قوة المهام الخاصة» البالغ عددهم 700 فرد أنهم «ليسوا للمتاجرة... فنحن من أوائل المنخرطين في مكافحة الإرهاب في بنغازي بقيادة (المشير) حفتر». وأضافوا في بيان: «نحن مع قائد الجيش، لن نقاتل إخوتنا ورفاقنا بسبب مواقف طائشة» لمسؤول وزارة الداخلية في حكومة السراج.
وعقب عملية السيطرة على مقرات قعيم، الهارب حالياً، أصدرت حكومة عبد الله الثني الانتقالية الموالية للجيش والبرلمان في المنطقة الشرقية، تحذيرات للمسؤولين المحليين في المناطق الخاضعة لها من مغبة التعاون مع حكومة السراج التي لم تعد تحتفظ الآن بأي وجود رمزي في بنغازي.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.