ثلاث حفلات عامرة في لبنان للفنانة البرازيلية ساندي سيمز، التي أصبحت عالمية، بفضل الشبه الذي يجمعها بالراحلة الكبيرة داليدا. من طرابلس في الشمال إلى بيروت ومن ثم صيدا في الجنوب، انتقلت الفنانة مستعيدة مع جمهورها رحلة الألم والوحدة، ومن ثم الكآبة التي غرقت فيها داليدا، وأودت بحياتها انتحاراً. هذا لا يعني أنّ الحفلات سوداوية بل على العكس، ساعتان من المرح، والغناء والموسيقى والاستعراض، تماماً كما كانت تنعش صاحبة الابتسامة الدائمة جمهورها، ولا تخيب أحداً منهم.
كانت بداية الحفلات، من طرابلس، من «مركز الصفدي الثقافي» مساء الجمعة الماضي، حيث قدم الحفل بالتعاون بين جمعية «إدراك» المعنية بالصحة النفسية والعقلية وجمعية «أكيد فينا سوا» التي أخذت على عاتقها إحياء نشاطات ثقافية وترفيهية في عاصمة الشمال.
الفكرة بديعة، في الأساس. فاختيار تخليد ذكرى داليدا تحديداً، استفادت منه الجمعية لتقول إنّ الفنانة العالمية على الرغم من كل ما عاشته من مجد وشهرة، إلّا أنّها عانت من اكتئاب حاد وطويل كان سبباً في انتحارها وإنهاء حياتها بطريقة تراجيدية، لذا لا بدّ أن يكون الوعي حليفنا لمواجهة مخاطر هذا المرض. أسلوب لطيف في التوعية، ولفت النظر إلى مخاطر إهمال السوداوية المظلمة.
وقبل ساندي، كانت إطلالة للشاب الموهوب فرناندو، مقدماً أغنيات مختارة من أجمل ما غناه الشهير خوليو إغليسياس، منشداً الحب واللقاءات العاصفة والعاطفة الجامحة برومانسية عذبة. هذا الأداء الاستعادي الذي بُني عليه الحفل، يُرجع عشاق الحنين، إلى لحظات عاشوها، ويشعرون بالغبطة في تذكرها غناءً.
إطلالة ساندي سيمز جاءت باهرة، فهي ليست فقط شبيهة لداليدا في الطول والشعر الأشقر المنسدل الذي تعبث به وهي تغني مثلها تماماً، بل إنّ الجهد المبذول لتقليد حركاتها وبحة صوتها، وأسلوبها في الكلام والتعاطي مع الجمهور، يجعل المتفرج يسعد بأن يرى نسخة أخرى من تلك النجمة الأسطورة التي رحلت وخلفت وراءها فراغاً كبيراً. وللتذكير فإن داليدا هي من الفنانات القلائل جداً اللواتي تستعاد أغنياتهن بشكل شبه دائم على المسرح، وتسجل وتباع في أسطوانات، وتقام لهن الحفلات طوال السنة، وكأنّهنّ لم يغبن يوماً. بل يمكن أن يقال بأنّ هذه المغنية ذات الأصول الإيطالية التي عشقت الموسيقى والغناء، وأجادت الاستعراض والتمثيل تعيش حياة أخرى جديدة بعد موتها.
البداية كانت مع أغنية «أنا كل النساء» التي أدتها بفستان أبيض طويل شبيه بذلك الذي كانت ترتديه داليدا على المسرح، كما أنّها لم تنس الفرو الذي كانت تتلفّح به، وتمسك به راقصة بكلتا يديها وهي تتمايل على أنغام أغنياتها. أدت الفنانة البرازيلية خفيفة الظل أجمل أغنيات شبيهتها التي تقمصتها حتى الثمالة، قدمت استعراضها الشيق مع الراقصين الأربعة الذين رافقوها، وعلى الرغم من قلة عددهم فقد استطاعوا أن يملأوا المسرح حيوية.
اختيرت قصداً أغنيات، تروي جانبا من حياة داليدا، وقصصها مع عشاقها المخيبين، وانتظارها للعاطفة الصادقة التي لا تأتي، ومعاناتها من العزلة، على الرغم من الصخب الكبير الذي أحاط بها، وإحساسها بالظلمة وهي تحت الأضواء. وبين الأغنيات كان صوت يذكّر ببعض مراحل حياتها، من الصبا والحياة المتواضعة الأولى إلى الرحلة الشاقة التي اجتازتها صوب المجد الذي لم يحمل لها سوى الخيبة مروراً بقصص الحب التي لم تجن منها سوى المزيد من العزلة.
ساندي سيمز وبعد عدد من الأغنيات العاطفية الرومانسية، قالت إنها تحب المرح والتسلية، وإنّها ستنتقل بالجمهور إلى الديسكو، لتغني ـ «جي جي» و«نابولي» و«حتى أقاصي الحلم» وكل أيام الأسبوع و«الكلمات».
الاستعراض الغنائي الراقص، استدعى من المؤدية، تبديل الفساتين طوال الوقت، وهو جزء رئيسي من العرض، إذ اختارت تلك الفساتين والألوان التي ما أن تطلّ بها، حتى نظن أنّنا بالفعل نعرف تلك الأزياء البراقة التي شاهدناها في الصور الشهيرة للفنانة الكبيرة. ولمزيد من الانغماس في حياة داليدا، كنّا نسمع أحياناً صوتها المستل من أحد أفلامها وكأنّها تتكلم عن أحداث مرّت في حياتها.
لم ينته الحفل بطبيعة الحال من دون أغنية «جو سوي ملاد» أو تلك الأغنيات المنتظرة، مثل «حلوة يا بلدي» التي غنتها رغم عدم إجادتها العربية، وكذلك «سالمة يا سلامة». وكانت المفاجأة في أدائها أغنية عربية ثالثة كانت قد أدتها داليدا للبنان تقول فيها:
«من بعد ها اللي صار، بعد الحرب والنار، عاد الصفا لبنان، عاد الوفا لبنان، شمس وقمر لبنان... لبنان بها الكون فيه السهر واللون، والحب والمنان... ممنونة للبنان».
7:57 دقيقة
أغاني داليدا تكافح الكآبة في لبنان
https://aawsat.com/home/article/1081756/%D8%A3%D8%BA%D8%A7%D9%86%D9%8A-%D8%AF%D8%A7%D9%84%D9%8A%D8%AF%D8%A7-%D8%AA%D9%83%D8%A7%D9%81%D8%AD-%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%A2%D8%A8%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%A7%D9%86
أغاني داليدا تكافح الكآبة في لبنان
البرازيلية ساندي سيمز استعادت اعمال الفنانة الراحلة
- بيروت: سوسن الأبطح
- بيروت: سوسن الأبطح
أغاني داليدا تكافح الكآبة في لبنان
مواضيع
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة