برامج السعوديين على «يوتيوب».. صبغة شبابية متنوعة

90 مليون مشاهدة يومية لعروض البرامج والأفلام القصيرة والمسلسلات والمدونات المرئية

برنامج «يحق لك» السعودي على إحدى القنوات المتابعة بكثافة على «يوتيوب»
برنامج «يحق لك» السعودي على إحدى القنوات المتابعة بكثافة على «يوتيوب»
TT

برامج السعوديين على «يوتيوب».. صبغة شبابية متنوعة

برنامج «يحق لك» السعودي على إحدى القنوات المتابعة بكثافة على «يوتيوب»
برنامج «يحق لك» السعودي على إحدى القنوات المتابعة بكثافة على «يوتيوب»

310 ملايين رقم سهل، خاصة عندما نشير إلى أنه العدد اليومي لمشاهدات الفيديوهات على شبكة «يوتيوب» بمنطقة الشرق الأوسط. ولعل ما أسهم في الوصول إلى هذا الرقم بالدرجة الأولى تطور شبكات النطاق العريض، وتوفر الأجهزة الذكية في متناول أيدي المستخدمين.
وارتفعت نسب مشاهدة قنوات «يوتيوب» في السعودية، مما رفع حجم المشاهدة في الربع الأخير من العام الحالي إلى 90 مليون مشاهدة يوميا، حيث إن 50 في المائة من إجمالي المحتوى يجري من خلال أجهزة ذكية محمولة ولوحية، لتتعدى هذه النسبة المعدل العالمي للمشاهدة عبر الأجهزة الذكية، التي تقدر بـ25 في المائة.
وترجع قصة انتشار قنوات «يوتيوب» في السعودية إلى عام 2008، حيث بدأ استخدامها كمنصة لعرض البرامج، والأفلام القصيرة، والمسلسلات، وحتى المدونات المرئية، ولكن الحراك الحقيقي بدأ قبل ثلاث سنوات، عندما بدأت تنشأ شركات إنتاج مرئي ناشئة وسعودية تبث محتوى من برامج كوميدية وساخرة بتقنيات بسيطة من شباب لديهم طاقة ومواهب وطموح عالٍ.
فكرة الكوميديا الارتجالية (ستاند أب كوميدي) بدأها السعودي فهد البتيري، عبر طرحه لعدة «اسكتشات» في برنامج «لا يكثر» الشهير على «يوتيوب»، الذي بدأ قبل ثلاث سنوات ولا يزال مستمرا، بعد رؤيته أن بعض الأفكار والنصوص غير مناسبة للمسرح، إنما تحتاج لطرحها في قالب فيديو مرئي.
ويشير فراس بقنة، أحد الوجوه المعروفة بين أوساط الشباب، في أحد الملتقيات السابقة المقامة بالعاصمة السعودية الرياض، إلى أن دخوله لعالم «يوتيوب» كان بهدف إيجاد تغيير إيجابي في المجتمع، بعدما وجد أن التأثير الإيجابي على جيل الشباب عبر الحملات التطوعية على أرض الواقع يعتبر لحظيا، بعد أن لامس الأثر لوقت طويل بعد عرضه لعدة برامج تحمل الهدف ذاته، من خلال «يوتيوب».
من جانبه، يؤكد بندر حلواني مدير البرامج الخارجية بقناة «صاحي» أن صانع المحتوى أو المقدم على «يوتيوب» أصبح اليوم أقرب للمتلقي، عبر ميزة التفاعلية التي تمكّنه من استقصاء ميول المشاهدين عبر تعليقاتهم أو انتقاداتهم أحيانا على مقاطع الفيديو المطروحة، أو تفاعلهم معه مباشرة عبر شبكات التواصل الاجتماعية. وهو ما يختلف كليا عن الوسائل الإعلامية التقليدية كالتلفزيون والراديو وغيرها.
ويختلف عنهم أحمد بن محفوظ، مقدم برنامج «جيم دوس شو» شبه اليومي، المتخصص في ألعاب الفيديو بمختلف أنواعها، الذي سيحتفل بمرور عام خلال مارس (آذار) المقبل. يقول أحمد: «ما يميز برنامجي عن غيره أنه يصور بطريقة عفوية، ومن دون مونتاج أحيانا للأخطاء اللفظية التي ترد خلال حديثي»، ويتابع: «البرنامج لمحبي ومهتمي الألعاب بالسعودية ودول الخليج».
ويرى أحمد بن محفوظ أنه من خلال تجاربه السابقة في عمل برامج، فإن جمهور «يوتيوب» يبحث عن المعلومة بشكل سريع وممتع، مشيرا إلى التقدم الملحوظ في متابعة البرامج التقنية وارتفاع عدد المشتركين بها، إلا أن البرامج الكوميدية ما زالت هي المتصدرة، التي يميل لها الذوق العام لمتابعي الشبكة.
ولم تقتصر القنوات اليوم على بث مقاطع فيديو «كوميدية»، أو برامج فكاهية ساخرة، وإنما تعدتها إلى فيديوهات تعليمية وتوعوية حول عدة مواضيع مهمة متعلقة بالمجتمع والناس، إضافة لتجربة إنتاج مسلسلات درامية سعودية، وأفلام سينمائية بجودة عالية، حازت عدد مشاهدات فاق توقعات منتجيها أنفسهم.



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».