ندى الأهدل... أيقونة يمنية ألهمت أطفال العالم

احتجزها نظام صالح وطاردها الحوثيون ثم اختطفها تنظيم {القاعدة}

الطفلة اليمنية ندى الأهدل (تصوير: بشير صالح)
الطفلة اليمنية ندى الأهدل (تصوير: بشير صالح)
TT

ندى الأهدل... أيقونة يمنية ألهمت أطفال العالم

الطفلة اليمنية ندى الأهدل (تصوير: بشير صالح)
الطفلة اليمنية ندى الأهدل (تصوير: بشير صالح)

بعد أربع سنوات على معاناتها نتيجة رفضها محاولة أهلها تزويجها، تؤكد الطفلة اليمنية ندى الأهدل أنّها ستتخذ الموقف ذاته لو عاد بها الزمن مرة أخرى إلى الوراء، مبينة أنّ قرارها الذي دفعت ثمنه غالياً فتح أبواب الأمل والحياة لآلاف اليمنيات اللاتي كن يُزجّ بهن وهن صغيرات في عالم الرجال، دونما رحمة أو شفقة.
احتجزها نظام الرئيس السابق علي عبد الله صالح، وطاردها الحوثيون، ثم اختطفها تنظيم القاعدة، كل ذلك لم يثنِ أيقونة اليمن الصغيرة عن مواصلة مشوارها في إنقاذ آلاف الفتيات اليمنيات وغيرهن حول العالم من الزواج المبكر، والحرمان من التعليم، حيث أسست مؤسسة ندى الأهدل لحقوق الطفل، وتعكف حالياً على مشروع لمساعدة أطفال العالم اسمه «ملاذات آمنة».
ندى التي تقيم حالياً في العاصمة السعودية، الرياض، بعد أن رفضت دعوة عائلة أميركية للتبني في الولايات المتحدة، أكدت أنّها فضلت دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز للعيش والاستقرار في المملكة، مشيرة إلى أنّها تدرس حالياً في المرحلة المتوسطة بإحدى مدارس الرياض وتخصص جزءاً كبيراً من وقتها لنشاطها الحقوقي لدعم الأطفال في اليمن وحول العالم.
قالت ندى لـ«الشرق الأوسط»: «قررت ألّا أتزوج شخصاً أكبر مني وأنا ما زلتُ طفلةً مهما كلفني ذلك، كما حدث مع شقيقاتي وخالاتي، وأكثر ما كنت أخشاه هو ردة فعل المجتمع، وكيف سيتعاملون معي، لكن ما يفرحني أنّني أوصلتُ رسالةً وأُنقِذت من هذه المشكلة، وإنقاذ عشرات الفتيات بعد انتشار قصتي وتوعية المجتمع بخطر تزويج القاصرات».
وتتذكر ندى بعد أربع سنوات من محاولة تزويجها عندما كان عمرها 11 سنة، أموراً كثيرة، منها حروق خالتها وموتها، ومعاناة شقيقتها.
وتحدثت عن اختطافها من تنظيم القاعدة: «هربتُ من الحوثيين إلى محافظة عدن، وفي إحدى الليالي بعد تناول العشاء مع عمي في مديرية المنصورة، جاءت سيارة وسحبوني بالقوة إليها، حاول عمي عبثاً مقاومتهم، إلا أنهم أخذوه معي، وربطوا أعيننا في مشهد لم أرَه إلّا في الأفلام، ومشينا بالسيارة نحو ساعتين من دون إجابة على سبب أخذهم لي، وعندما وصلنا إلى بيت مهجور وضعوني في غرفة لا أرى منها النور 14 يوماً، وهناك أدركتُ أنّ تنظيم القاعدة اختطفني بزعم أنني عميلة للغرب ولديَّ علاقات مع منظمات غربية أتلقى الدعم منها، وكان أميرهم يحقق معي يومياً على انفراد، ويحاول الحصول على معلومات، ومن الأسئلة التي وجهها إلي: من أين لك الأموال؟ وأين يعمل عمك؟ ولماذا أنت ضد زواج القاصرات؟ كذلك كانوا ينظمون لنا عصر كل يوم دروساً في (الخلافة الإسلامية) والعقيدة وغيرهما»، مشيرة إلى أن التنظيم هدّدها بقتل عمها إذا لم تتعاون معهم، وبعد انتشار خبر الاختطاف في الصحافة المحلية جرى إطلاق سراحها بالمصادفة مع يوم اغتيال محافظ عدن الأسبق اللواء جعفر حسن.
ولفتت إلى أنها توجهت مباشرة بعد إطلاق سراحها إلى منفذ الوديعة السعودي، بعد أن تلقت دعوة خادم الحرمين الشريفين، على الرغم من أن عائلة أميركية قدمت دعوة لها للتبني في الولايات المتحدة «ولكنني بكل فخر قبلت دعوة الملك سلمان بن عبد العزيز للقدوم إلى الرياض».
وأطلقت ندى مبادرات من أجل مساعدة الأطفال؛ فأسست مؤسسة «ندى الأهدل لحقوق الطفل»، كما عملت في مشاريع للدفاع عن حقوق الطفل، منها مشروع سيطلق قريباً لمساعدة أطفال العالم وليس اليمن فحسب أطلقت عليه «ملاذات آمنة»، وشاركت في مساعدة الأطفال في اليمن عبر توزيع أدوية وحملات كثيرة في الميدان.
وتطرقت إلى أن «ملاذات آمنة»، مشروع إلكتروني لمساعدة الأطفال حول العالم، يشمل ثلاثة أقسام: إغاثية، وتوعوية، وحقوقية، ويركز الجانب الإغاثي على ربط المستشفيات بالمجتمع لمساعدة الأطفال، والحقوقي يتمحور حول حل مشكلات الأطفال، فيما يقدم القسم التوعوي نصائح للأطفال.
وأشارت إلى أن من أبرز المواقف التي مرّت بها كان مجيء فتاة عمرها 8 سنوات في صنعاء إلى منزلها تطلب المساعدة، لأن أهلها يريدون تزويجها. وتابعت: «كانت بكامل زينتها، وقالت إنّ زواجها في ذلك اليوم، فحاولت تهدئتها، وذهبت معها للشرطة في اليوم التالي، وحُلّت المشكلة بأخذ تعهد على ولي أمرها بعدم تزويجها»، مشيرة إلى أن حالات زواج قاصرات تجري اليوم من قبل الحوثيين، عبر تزويج قاصرات لقيادات حوثية. وتابعت: «أعرف فتاة عمرها 9 سنوات موجودة اليوم في منفذ الوديعة هاربة من والدها لهذا السبب وإذا أمسك بها فقد يقتلها».
وأوضحت أن عمها يقف معها دائماً حتى قبل بدء مشكلة زواجها، إذ كانت تعيش معه في صنعاء بالاتفاق مع والدها الذي يعيش في قرية ريفية بمحافظة الحديدة، وكان يهتم بتعليمها، لافتة إلى أن علاقتها بوالديها ممتازة جداً. وقالت: «بعد القضية ذهبتُ ومكثتُ عندهما أربعة أشهر بشكل طبيعي وأتواصل الآن معهما يومياً، وأسأل الله أن يحفظهما لي».
وشدّدت على أن أهلها تغيروا وذهبت فكرة زواج القاصرات من تفكيرهم «بعض شقيقاتي كن مخطوبات وبعد قضيتي فُسخت الخطوبة، وحالياً يقومون بأدوار كبيرة في توعية المجتمع المحلي ضد ظاهرة زواج القاصرات، كما سمح لشقيقاتي بالدراسة، وتغيرت كثير من العائلات في قريتي بسبب ذلك».
وذكرت أن دار نشر فرنسية جاءت إلى اليمن وطبعت كتاباً عن قصتها وزواج القاصرات وما حدث لخالتها وشقيقتها، وأخذوا رأي والديها، وطبع الكتاب وترجم إلى سبع لغات عالمية.
وتطمح ندى أن تساعد جميع الأطفال حول العالم، وأطفال الحروب خصوصاً. وقالت: «على المستوى الشخصي أحلم بأن أصبح محامية لمساعدة الأطفال، وأستعد حالياً للمشاركة في مؤتمرات كثيرة باسم أطفال اليمن، في بلجيكا وفرنسا وسويسرا، ومؤتمر آخر في إسطنبول، أوضح فيها تجنيد الحوثيين للأطفال، وزواج القاصرات، إلى جانب العنف الأسري وتسرب الأطفال من التعليم، وتدمير المدارس، وتفخيخ المناهج من الحوثيين».
إلى ذلك، أكد عم ندى أنه واجه كثيراً من المصاعب، إذ سجنته وزارة الداخلية إبان حكم علي صالح، واتهمه ضباط كبار بالإساءة لليمن بسبب التواصل مع منظمات دولية. وقال: «اضطررتُ للتواصل مع وزيرة حقوق الإنسان لتوفير حماية لندى، حيث أوقفت مع فتيات متهمات بجرائم قتل واغتصاب وغيرها، وأتذكر مرة عند عودتنا من لبنان شاركنا في بعض اللقاءات الإعلامية تم إيقافنا في مطار صنعاء، وسحبت جوازاتنا وطلبوا منا التوقيع على وثيقة عدم الظهور إعلاميّاً بشكل نهائي، وأبلغتنا حينها وزارة حقوق الإنسان أنّ صالح شخصياً هو من طلب إيقاف ندى».


مقالات ذات صلة

سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

خاص الرئيس اليمني رشاد العليمي خلال استقبال سابق للسفيرة عبدة شريف (سبأ)

سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

تكشف السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبدة شريف، عن تحضيرات لعقد «مؤتمر دولي في نيويورك مطلع العام الحالي لحشد الدعم سياسياً واقتصادياً للحكومة اليمنية ومؤسساتها».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

أظهرت بيانات حديثة، وزَّعتها الأمم المتحدة، تراجعَ مستوى دخل الأسر في اليمن خلال الشهر الأخير مقارنة بسابقه، لكنه كان أكثر شدة في مناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

ضاعفت الجماعة الحوثية من استهدافها الأكاديميين اليمنيين، وإخضاعهم لأنشطتها التعبوية، في حين تكشف تقارير عن انتهاكات خطيرة طالتهم وأجبرتهم على طلب الهجرة.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي العام الماضي كان قاسياً على اليمنيين وتضاعفت معاناتهم خلاله (أ.ف.ب)

اليمنيون يودّعون عاماً حافلاً بالانتهاكات والمعاناة الإنسانية

شهد اليمن خلال العام الماضي انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، وتسببت مواجهات البحر الأحمر والممارسات الحوثية في المزيد من المعاناة للسكان والإضرار بمعيشتهم وأمنهم.

وضاح الجليل (عدن)

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم
TT

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم

حقق فيلم الرعب والإثارة «يوم 13» مفاجأة خلال الأيام الماضية في شباك التذاكر بمصر، حيث حصد أعلى إيراد يومي متفوقاً على فيلم «هارلي» لمحمد رمضان، الذي لا يزال محتفظاً بالمركز الأول في مجمل إيرادات أفلام موسم عيد الفطر محققاً ما يزيد على 30 مليون جنيه مصري حتى الآن (نحو مليون دولار أميركي)، بينما يطارده في سباق الإيرادات «يوم 13» الذي حقق إجمالي إيرادات تجاوزت 20 مليون جنيه حتى الآن.
ويعد «يوم 13» أول فيلم عربي بتقنية ثلاثية الأبعاد، وتدور أحداثه في إطار من الرعب والإثارة من خلال عز الدين (يؤدي دوره الفنان أحمد داود) الذي يعود من كندا بعد سنوات طويلة باحثاً عن أهله، ويفاجأ بعد عودته بالسمعة السيئة لقصر العائلة المهجور الذي تسكنه الأشباح، ومع إقامته في القصر يكتشف مغامرة غير متوقعة. الفيلم من تأليف وإخراج وائل عبد الله، وإنتاج وتوزيع شركته وشقيقه لؤي عبد الله «أوسكار»، ويؤدي بطولته إلى جانب أحمد داود كل من دينا الشربيني، وشريف منير، وأروى جودة، كما يضم عدداً من نجوم الشرف من بينهم محمود عبد المغني، وفرح، وأحمد زاهر، ومحمود حافظ، وجومانا مراد، ووضع موسيقاه هشام خرما.
وقال مخرج الفيلم وائل عبد الله في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه ليس متفاجئاً بالإيرادات التي حققها الفيلم، ولكنه كان متخوفاً من الموسم نفسه ألا يكون جيداً، قائلاً إن «إقبال الجمهور حطم مقولة إن جمهور العيد لا يقبل إلا على الأفلام الكوميدية، وإنه يسعى للتنوع ولوجود أفلام أخرى غير كوميدية، وإن الفيصل في ذلك جودة الفيلم، مؤكداً أن الفيلم احتل المركز الأول في الإيرادات اليومية منذ انتهاء أسبوع العيد».
وكشف عبد الله أن الفيلم استغرق عامين، خلاف فترات التوقف بسبب جائحة كورونا، وأنه تضمن أعمال غرافيك كبيرة، ثم بعد ذلك بدأ العمل على التقنية ثلاثية الأبعاد التي استغرق العمل عليها عشرة أشهر كاملة، مؤكداً أنه درس طويلاً هذه التقنية وأدرك عيوبها ومميزاتها، وسعى لتلافي الأخطاء التي ظهرت في أفلام أجنبية والاستفادة من تجارب سابقة فيها.
وواصل المخرج أنه كان يراهن على تقديم الفيلم بهذه التقنية، لا سيما أن أحداً في السينما العربية لم يقدم عليها رغم ظهورها بالسينما العالمية قبل أكثر من عشرين عاماً، موضحاً أسباب ذلك، ومن بينها ارتفاع تكلفتها والوقت الذي تتطلبه، لذا رأى أنه لن يقدم على هذه الخطوة سوى أحد صناع السينما إنتاجياً وتوزيعياً، مشيراً إلى أن «ميزانية الفيلم وصلت إلى 50 مليون جنيه، وأنه حقق حتى الآن إيرادات وصلت إلى 20 مليون جنيه».
ورغم عدم جاهزية بعض السينمات في مصر لاستقبال الأفلام ثلاثية الأبعاد، فقد قام المخرج بعمل نسخ «2 دي» لبعض دور العرض غير المجهزة، مؤكداً أن استقبال الجمهور في القاهرة وبعض المحافظات للفيلم لم يختلف، منوهاً إلى أن ذلك سيشجع كثيراً على تقديم أفلام بتقنية ثلاثية الأبعاد في السينما العربية.