شلل يجتاح صنعاء وأسعار جنونية

الدراسة شبه متوقفة في الجامعات ووسائل المواصلات دون حراك

TT

شلل يجتاح صنعاء وأسعار جنونية

تعيش العاصمة صنعاء حالة شبه شلل على مختلف الصعد، فقد تعطلت فيها كافة مناحي الحياة، تقريبا، بدءا من توقف الدراسة الجامعية، مرورا بضعف الدوام في المؤسسات الرسمية وليس انتهاء بالحركة المرورية الضعيفة للغاية.
لم يكد حبر قرار دول التحالف بإغلاق المجال الجوي والمنافذ، بصورة مؤقتة، عقب التطورات الأخيرة والمتمثلة في إطلاق الصاروخ الباليستي على العاصمة السعودية الرياض من قبل الميليشيات الحوثية؛ حتى انبلجت أزمة خانقة في المشتقات النفطية في صنعاء والمناطق التي ما زالت تخضع لسيطرة الانقلابيين.
انسحبت أزمة المشتقات على كافة مناحي الحياة في العاصمة، إلى درجة أن الدراسة في جامعة صنعاء باتت شبه متوقفة بسبب انعدام وسائل المواصلات، إضافة إلى أن معظم المرافق لم يستطع الموظفون الوصول إليها. ويؤكد مراقبون أن الأزمة مفتعلة وجاءت لهدفين رئيسيين، الأول هو التحريض على قرار التحالف من سلطات الانقلاب، من ناحية، ومن ناحية أخرى (الثاني)، الاستفادة في تعزيز «السوق الموازية» أو «السوق السوداء»، التي أنشأها الحوثيون عقب اجتياحهم للعاصمة والمحافظات.
وتمكنت بعض قياداتهم من تكوين ثروات هائلة من المتاجرة بالمشتقات النفطية والمواد الغذائية والمساعدات الإنسانية التي تستولي عليها الميليشيات، لتحويلها إلى ما يسمى «المجهود الحربي».
ورغم أن مراقبين ومواطنين من سكان صنعاء (تحفظوا على نشر أسمائهم حرصا على سلامتهم) يرون أن ما يحدث لا يرتبط بشكل مباشر بالإجراءات التي اتخذتها دول التحالف، فإن الانقلابيين يحاولون تصوير ذلك أمام المواطن العادي.
في هذا السياق يعتقد الخبير الاقتصادي، مصطفى نصر، رئيس مركز الإعلام الاقتصادي اليمني أن فئة معينة هي من تتحكم بالسوق في المناطق الخاضعة للانقلابيين الحوثيين، ويقول نصر لـ«الشرق الأوسط»: «للأسف الشديد يقع المواطن اليمني ضحية استغلال الأزمات الراهنة التي تشهدها اليمن جراء الحرب، فبمجرد أن سمع تجار السوق السوداء قرار إغلاق المنافذ حتى سارعوا إلى رفع أسعار المشتقات النفطية بنسب بعضها تجاوز 100 في المائة، وإخفائها من السوق وينطبق الأمر على كثير من السلع الأساسية والثانوية». ويضيف قائلا: «من المؤسف، أيضا، أن تجار السوق السوداء هم من أصبحوا يتحكمون في الوضع الاقتصادي سواء في المشتقات النفطية أو في سعر وبيع العملات وغيرها، لا سيما في مناطق نفوذ جماعة الحوثي وصالح».
ويعتقد نصر أن «من الطبيعي أن تحدث حالة من الهلع لدى المواطنين وزيادة في الطلب على السلع، بل المؤسف حالة الانفلات وعدم ضبط موضوع الاحتكار والمغالاة في الأسعار واستغلال الأزمة لخلق سوق سوداء يستفيد منها أصحاب النفوذ».
ويدلل مسؤولون يمنيون على صحة فرضية الافتعال بأن ميناء الحديدة استقبل، أخيرا، عشرات الناقلات المحملة بالمواد والمشتقات النفطية، مما يشير إلى أنه لا توجد أزمة فعلية وإنما أزمة مفتعلة من قبل الانقلابيين.
يقول وليد القديمي، وكيل أول محافظة الحديدة إن 182 سفينة نفطية دخلت إلى ميناء الحديدة منذ بداية يناير (كانون الثاني) 2017، وحتى الآن ويعتبر هذا العدد كبيرا جدا مقارنة بالسنوات الماضية».
وأشار في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى بدء الميليشيات «في المتاجرة بالمشتقات النفطية، وأصبح قادة ما يسمى بالمسيرة القرآنية هم تجار النفط والمواد الغذائية في الوطن بحيث يستطيعون افتعال الأزمات للشعب وبيع المواد بأسعار خيالية».
«لاحظنا عند إعلان التحالف إغلاق المنافذ البحرية والبرية والجوية وسارع تجار الحرب الداخلية بإغلاق المحطات ورفع سعر المواد الغذائية».
في السياق ذاته، يعيش الشارع العاصمي حالة سخط جراء غلاء المعيشة المتواصل والمتزايد في ظل عدم صرف الميليشيات لمرتبات الموظفين منذ نحو 11 شهرا، واستيلائها على موارد الدولة في المناطق الخاضعة لسيطرتها.


مقالات ذات صلة

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

العالم العربي  فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

بينما تفرج الجماعة الحوثية عن عدد من المختطفين في سجونها، تختطف مئات آخرين بتهمة التخابر وتبث اعترافات مزعومة لخلية تجسسية.

وضاح الجليل (عدن)
خاص الرئيس اليمني رشاد العليمي خلال استقبال سابق للسفيرة عبدة شريف (سبأ)

خاص سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

تكشف السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبدة شريف، عن تحضيرات لعقد «مؤتمر دولي في نيويورك مطلع العام الحالي لحشد الدعم سياسياً واقتصادياً للحكومة اليمنية ومؤسساتها».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

أظهرت بيانات حديثة، وزَّعتها الأمم المتحدة، تراجعَ مستوى دخل الأسر في اليمن خلال الشهر الأخير مقارنة بسابقه، لكنه كان أكثر شدة في مناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

ضاعفت الجماعة الحوثية من استهدافها الأكاديميين اليمنيين، وإخضاعهم لأنشطتها التعبوية، في حين تكشف تقارير عن انتهاكات خطيرة طالتهم وأجبرتهم على طلب الهجرة.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

اجتماع لبناني - سوري يبحث ملفات مشتركة ويخرق جمود العلاقات

الشرع وميقاتي (أ.ف.ب)
الشرع وميقاتي (أ.ف.ب)
TT

اجتماع لبناني - سوري يبحث ملفات مشتركة ويخرق جمود العلاقات

الشرع وميقاتي (أ.ف.ب)
الشرع وميقاتي (أ.ف.ب)

شهدت العاصمة السورية دمشق اجتماعاً رفيع المستوى بين رئيس الإدارة السورية الجديدة، أحمد الشرع، ورئيس الحكومة اللبنانية، نجيب ميقاتي، الذي زارها على رأس وفد رفيع لبحث الملفات المشتركة، في أول تواصل رسمي بين البلدين، وأول زيارة لرئيس حكومة لبناني إلى سوريا منذ اندلاع الأزمة في عام 2011. وانتظر رئيس حكومة تصريف الأعمال، نجيب ميقاتي، انتخاب رئيس جديد للبنان قبل تلبية دعوة قائد الإدارة السورية الجديدة، أحمد الشرع، لزيارة سوريا.

ميقاتي مغادراً بيروت (أ.ف.ب)

وعلى رأس وفد رسمي رفيع، وصل ميقاتي السبت إلى دمشق؛ حيث عقد مع الشرع مشاورات لحلحلة مجموعة من الملفات العالقة، خصوصاً بعد إشكالات واشتباكات حدودية بين الجيش اللبناني ومسلحين سوريين في الأسابيع الماضية، وكذلك بعد قرار الإدارة الجديدة في دمشق مطلع العام فرض قيود غير مسبوقة على اللبنانيين الذين يرغبون في الدخول إلى أراضيها، في إطار المعاملة بالمثل.

ملف النازحين

ووضع لبنان وسوريا خلال اللقاء هواجسهما على الطاولة. وقال ميقاتي خلال مؤتمر صحافي عقده مع الشرع: «تجمع بلدينا علاقات تاريخية وندية بين الشعبين، وسوريا هي البوابة الطبيعية للبنان إلى العالم العربي، وما دامت سوريا بخير فلبنان بخير».

وأضاف ميقاتي: «واجبنا أن نفعّل العلاقات على قاعدة الاحترام المتبادل، ومن الملح معالجة ملف النزوح وعودة النازحين إلى سوريا. هذا الملف يضغط بشكل كبير على لبنان برمته، ولمستُ تفهماً له، وتطرقنا إلى الوضع بين البلدين على الحدود لمنع أي أعمال تسيء إلى أمنيهما، وهذه الزيارة هي فاتحة خير، وما لمسته من السيد الشرع عن علاقة البلدين يجعلني مرتاحاً».

وعبّر ميقاتي عن ارتياحه لوضع سوريا، والعلاقات اللبنانية - السورية، مشدداً على أنه «على سلّم الأولويات الآن ترسيم الحدود مع سوريا، وهذا قد يأخذ بعض الوقت، ويجب ضبط الحدود ضبطاً كاملاً لوقف أي محاولة تهريب، وسنتعاون عبر تشكيل لجنة مشتركة لترسيم الحدود».

مصافحة بين الشرع وميقاتي على مرأى من أعضاء الوفدين (

التهريب والحدود

من جهته، قال الشرع: «نعطي فرصة لأنفسنا لنبني علاقات جدية قائمة على احترام البلدين وسيادة لبنان وسوريا التي ستقف على مسافة واحدة من الجميع، ونحاول أن نعالج كل المشكلات بالتفاصيل، وتحدثنا عن الودائع السورية في البنوك اللبنانية، والتهريب والحدود، واتفقنا على لجان مختصة تدرس الوضع». ولفت إلى أن «هناك كثيراً من الأمور العالقة، والملفات التي تحتاج إلى وقت لعلاجها، والأولوية الآن للوضع الداخلي وحصر السلاح بيد الدولة، وطمأنة الدول المجاورة، وعلى رأس ذلك موضوع الحدود».

وأضاف الشرع: «كان هناك شبه توافق في لبنان على الرئيس جوزيف عون، ونحن ندعم خيارات التوافق على صعيد الرئاسة وعلى أي صعيد»، مشيراً إلى أنه «ستكون هناك علاقات استراتيجية مع لبنان تُبنى على قواعد سليمة، ونبحث عن حلول هادئة لأي مشكلة».

وشارك في الاجتماع من الجانب اللبناني وزير الخارجية والمغتربين عبد الله بوحبيب، المدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء إلياس البيسري، مدير المخابرات في الجيش العميد طوني قهوجي، ونائب المدير العام لأمن الدولة، العميد حسن شقير. وعن الجانب السوري شارك وزير الخارجية أسعد شيباني، ورئيس الاستخبارات أنس خطاب، ومدير مكتب الشرع علي كده.

عناق بين الشرع وميقاتي (أ.ف.ب)

عون في جو الزيارة

وأشار النائب في تكتل «الاعتدال الوطني» أحمد الخير إلى أن الزيارة تم بثها بعد الأحداث الأمنية التي شهدتها الحدود اللبنانية - السورية، وتُرك للرئيس ميقاتي تحديد توقيتها، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه فضّل حصولها بعد انتخاب رئيس للجمهورية لاستئذانه قبل الذهاب؛ لذلك فإن الرئيس عون في جو هذه الزيارة، ويُدرك تماماً أهميتها للبنان وسوريا على حد سواء.

واستغرب الخير حديث البعض عن أنه لا دولة في سوريا لإتمام هذه الزيارة، لافتاً إلى أن «المجتمعين العربي والدولي سارعا للانفتاح على سوريا الجديدة، واعترفا بالحكم الانتقالي هناك، فكيف، بالأحرى، نحن بصفتنا بلداً جاراً تجمعنا مصالح شتى»، وأضاف: «اليوم سوريا ولبنان عادا معاً إلى كنف الدولة والمؤسسات وإلى موقعيهما الطبيعي في الحضن العربي».