بطرس غالي: نثمن موقف خادم الحرمين من ثورة 30 يونيو ونعتز بالعلاقات القوية المتينة بين السعودية ومصر

الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة في حواره مع («الشرق الأوسط») طالب بمنع النشاط السياسي لـ«الإخوان»

بطرس غالي:  نثمن موقف خادم الحرمين من ثورة 30 يونيو ونعتز بالعلاقات القوية المتينة بين السعودية ومصر
TT

بطرس غالي: نثمن موقف خادم الحرمين من ثورة 30 يونيو ونعتز بالعلاقات القوية المتينة بين السعودية ومصر

بطرس غالي:  نثمن موقف خادم الحرمين من ثورة 30 يونيو ونعتز بالعلاقات القوية المتينة بين السعودية ومصر

ثمن الدكتور بطرس غالي الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة والرئيس الشرفي للمجلس القومي لحقوق الإنسان بمصر موقف خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز من ثورة 30 يونيو وأشاد بقوة العلاقات السعودية المصرية، وقال في حوار خاص لـ«الشرق الأوسط» إن غرفة العمليات بالمجلس تلقت شكاوى وهناك بعض الملاحظات والأخطاء ولكنها لا تخل بالعملية الانتخابية وأكد أن وجود 20 بعثة دولية بمصر خلال هذه الانتخابات عكس الاهتمام الدولي الكبير بما يدور في مصر وأشار إلى أن السيسي أمامه مشكلات كثيرة وأن على الشعب المصري قبول بعض التضحيات للتغلب عليها وأعرب عن رفضه الشديد لمشاركة أي فصيل إخواني في الحياة السياسية بمصر. وإلى نص الحوار.
* بداية.. ما تعليقك على الانتخابات المصرية؟
- ما حدث خلال الانتخابات الرئاسية المصرية الأخيرة يدل على اهتمام الشعب المصري بالانتخابات واهتمام المجتمع الدولي أيضا والدليل على ذلك هو عدد البعثات الدولية التي اهتمت بحضور الانتخابات سواء المنظمات الحكومية أو غير الحكومية والبعثات الدولية وهذا دليل على اهتمام المجتمع الدولي بما يدور في مصر.
* هل يكون ذلك في صالح تغيير الصورة الخارجية السلبية عن مصر مؤخرا؟
- للأسف الشديد تغيير الصورة يحتاج إلى جهد كبير ووقت لأن إعلامنا المصري في الخارج يحتاج إلى تطوير. فلا بد أن نهتم بهذا الإعلام الخارجي ولا عيب في أن نلجأ إلى خبرة أجنبية فكافة الدول تلجأ إلى خبرات أجنبية ولا مانع من هذا.
* أليس هذا العمل من مهام سفاراتنا في الخارج؟
- لا ليس من اختصاص السفارات وإنما من اختصاصات الإعلام. فالسفارة لها اتصال مع وزارات الخارجية ومع الوزارات الرسمية ولكن شؤون الرأي العام ليست من اختصاصها.
* باعتباركم الرئيس الشرفي للمجلس القومي لحقوق الإنسان.. هل رصدتم أي تجاوزات من أي نوع خلال فترة الانتخابات الرئاسية المصرية؟
- غرفة العمليات بالمجلس تلقت شكاوى وهناك بعض الملاحظات والأخطاء ولكنها لا تخل بالعملية الانتخابية والأمر سار على ما يرام.
* كيف تقيم هذه الانتخابات مقارنة بالانتخابات الرئاسية السابقة من الناحية التنظيمية؟
- بصراحة لم أكن موجودا بمصر في الانتخابات السابقة ولذلك لا أستطيع الرد على هذا السؤال.
* كيف ترى الشعب المصري ومدى تجاوبه مع رئيسهم الجديد وتجاوز المرحلة الصعبة في مصر؟
- أملي أن نستطيع أن نتغلب على التردد ونواجه الصعوبات المتراكمة والتحديات لكي نتغلب عليها.
* في رأيك ما أهم الصعوبات التي تواجه المشير السيسي رئيس مصر الجديد وتعرقله عن القيام بمهام عمله؟
- المشكلات الاقتصادية أولا ومشكلة الانفجار السكاني ثانيا ومشكلة المياه. وكلها مشكلات أساسية كما أن هناك تحديات أمنية. والشعب المصري يقبل بعض التضحيات مثل ارتفاع أسعار المواد الأولية والحياة في مصر.
* معنى ذلك أنك لم تعد قلقا من الإخوان كخصوم سياسيين؟
- لا. لست قلقا منهم لأن الرأي العام المصري فهم الجوانب السلبية للحركة الإخوانية.
* في ضوء ذلك هل تقبل وجود مرشحين من تيار الإخوان في الانتخابات البرلمانية المقبلة أم أنك ما زلت ترى أنه يجب القضاء على الإخوان؟
- أرى أنه يجب اتخاذ كافة الإجراءات أسوة بمنع بعض الأحزاب المتطرفة في ألمانيا وفرنسا وأميركا وبعض الدول الأخرى.
* على ذكر المياه كإحدى الصعوبات التي تواجه الرئيس المصري الجديد. هل تعتبر سد النهضة الإثيوبي تهديدا لمصر؟
- هذا الموضوع يحتاج لمفاوضات وليس تهديدات من الجانبين، فهذا «كلام فاضي» والاتصالات تحتاج لمجهود ونستطيع التغلب على أي شيء بطريق المفاوضات وأنا لا أخشى السد وإنما أخشى من السابقة ومن سدود أخرى.
* كيف تقيم حقوق الإنسان بمصر وأنت الرئيس الشرفي لمجلسها القومي في ظل الأحداث الدامية التي تعيشها مصر مؤخرا؟
- تعزيز ثقافة حقوق الإنسان في مصر موضوع يحتاج لوقت فإذا كان الإنسان يحتاج لـ30 أو 40 سنة ليكون مهندسا أو طبيبا ناجحا فما بالنا بدولة تتبنى مبادئ حقوق الإنسان وثقافتها وتفهم أبعادها منذ وقت قصير فهي لا شك تحتاج لوقت وعمل مستمر ونحن ما زلنا في بداية طريق طويل.
* أنا أتكلم عما يتردد بشأن الانتهاكات التي تحدث للمساجين والعنف الشديد في بعض الحالات. هل للمجلس دور لمراقبة هذا الأمر؟
- كما قلت لك يا سيدتي هذا الأمر يحتاج لثقافة معينة. فحقوق الإنسان ليست قاصرة فقط على السجون بل تمتد لموقف المجتمع من المرأة ومكانتها وأيضا ترتبط حقوق الإنسان بحق المعارضة فهناك جوانب كثيرة لها وأيضا هناك لجان تقصي حقائق من المجلس تزور السجون.
* على ذكر حقوق الإنسان هل تعتقد أن الدستور المصري الجديد يكفل هذه الحقوق أم يكبلها خاصة ما يتعلق بمسائل الحريات والتعبير عن الرأي؟
- بصرف النظر عن الدستور فإننا في بداية طريق طويل يحتاج إلى عمل واستمرارية في العمل. بمعنى ألا نتكلم اليوم بكثافة عن حقوق الإنسان ثم ننساها بعض فترة. فلا بد من تدريس حقوق الإنسان في المدارس والجامعات على كافة المستويات وحقوق الإنسان عملية مستمرة لا تتوقف.
* هل تشعر بخطر الإرهاب على مصر؟
- الظاهرة أصبحت ظاهرة دولية وبالتالي لا يمكن معالجتها على مستوى وطني بل يجب أن تعالج على مستوى دولي.
* كيف ذلك؟
- بسن قوانين دولية وتعاون وتنسيق بين الأجهزة المختلفة لمراقبة الإرهاب والإرهابيين في مختلف أنحاء العالم والانفتاح على العالم الخارجي الذي يساعد على عدم الانغلاق كما أنه لا بد من فهم ظاهرة العولمة التي بمقتضاها أصبحت كثير من المشكلات الوطنية تتطلب تعاونا دوليا للقضاء عليها ولا يمكن معالجتها على مستوى وطني.
* بعين السياسي المخضرم ما تقييمك لما يسمى بثورات الربيع العربي؟ وهل لذلك علاقة باتساع نطاق الإرهاب في المنطقة؟
- أولا هذا الاسم فرنسي أصلا وليس عربيا كما أن ثورات الربيع العربي تختلف باختلاف البلاد والظروف في كل بلد على حدة. أما بالنسبة للإرهاب فهو ليس ظاهرة عربية أو أصولية وإنما الإرهاب في جميع أنحاء العالم في أميركا اللاتينية وفي آسيا وأفريقيا.
* بحكم عملك السابق كأمين عام لمنظمة الأمم المتحدة هل تعتقد أن الأمم المتحدة كمنظمة دولية تقوم بدورها أم آن الأوان لتطويرها؟
- لا شك أن الأمم المتحدة بحاجة إلى تجديد. فقد قامت عصبة الأمم بعد نهاية الحرب العالمية الأولى وبعد نهاية الحرب العالمية الثانية قامت منظمة الأمم المتحدة وبعد نهاية الحرب الباردة كنت آمل أن نجدد الأمم المتحدة وأن تتطور مع ظروف العالم ولكن مع الأسف لم يحصل هذا التجديد ونحن في حاجة إلى هذا التجديد الآن.
* ما تقييمك لمواقف الدول الخليجية من الأحداث بمصر؟
- ما يحدث حاليا دليل على أهمية التضامن العربي وأنا أرحب بالعلاقات المتينة والأخوية بين المملكة العربية السعودية ومصر وخاصة موقف جلالة ملك السعودية العظيم الملك عبد الله وكان أول من أعلن تأييده لثورة 30 يونيو. وأهم شيء أن نستطيع أن نحقق مرة أخرى التضامن الذي كان عند قيام جامعة الدول العربية عام 1945 وتفكك فيما بعد للأسف. واليوم هناك ظاهرة العولمة وظهور الاختراعات الجديدة التي تعتبر ثورة حقيقية في حياة الإنسان ولا بد للعالم العربي أن يساير ويتواكب مع هذه الظاهرة الجديدة وفقا لخصوصياته وذلك حتى لا نتخلف عن اللحاق بركب التقدم، كما ظهرت أيضا مشكلات أصبحت دولية كالبيئة والإرهاب ومن ثم فهناك تغييرات جذرية في المجتمع الدولي وأصبحت الدولة تفقد أهميتها.
* هل معنى ذلك أن الصراعات السياسية التقليدية تراجعت على الساحة الدولية لتحل محلها مشكلات عصرية جديدة؟
- ليس ذلك فقط بل ظهرت مفاهيم جديدة في العلاقات الدولية بدليل أن دولة كمصر أجريت بها انتخابات وكان هناك 20 بعثة أجنبية تتابع وهذا لم يكن يحدث من 50 سنة مثلا. إذن هناك اهتمام بالشؤون الداخلية لكل دولة.
* لكن ألا يتعارض ذلك مع مبدأ السيادة المكفول لكل دولة؟
- أرى أن مبدأ السيادة فقد كثيرا من أهميته بسبب العولمة وهي طبعا عملية صعبة جدا بالنسبة للدول التي كافحت من أجل أن تستقل وإذا كانت المادة 2 من ميثاق الأمم المتحدة تقول لا يجوز التدخل في شؤون الدول فإن اليوم أصبح التدخل «حاجة عادية» ويعتبر مساسا بالسيادة لكنه فقد من أهميته.
* ما رأيك في الدور الذي تلعبه إيران في المنطقة؟
- أنا ضد العقدة التآمرية المنتشرة عندنا ولا أؤمن بها وما يتردد عن إيران هو بعض مما نتصور ولكن العيب موجود فينا أولا ولو عالجنا هذه المشكلات الداخلية من أنفسنا ولو تخلصنا من التخلف ومن الانغلاق الفكري وقتها سنجد بابا أساسيا.
* ونحن على أعتاب مرحلة سياسية جديدة في مصر ما ملامح السياسة الخارجية المتوقعة لمصر؟ وبم تنصح الرئيس السيسي لاستعادة سياسة مصر الخارجية لبريقها؟
- أولا لا بد أن نصلح الأمور الداخلية وإلا فسيكون من الصعب أن نهتم بالخارج وعندنا مشكلات خارجية وإذا كنت أرى أنه بما أننا أصبحنا أمام ظاهرة جديدة هي العولمة فيجب أن نعطي المشكلات الخارجية نفس الاهتمام الذي نعطيه للمشكلات الداخلية إلا أن الواقع يعكس اهتمام الرأي العام بالشؤون الداخلية أكثر.



الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
TT

الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)

رحبت وزارة الخارجية الفلسطينية، الجمعة، بتبني الجمعية العامة بأغلبية ساحقة خمسة قرارات لصالح الشعب الفلسطيني، من بينها تجديد ولاية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا».

وقالت الوزارة، في بيان، إن هذه القرارات «تعكس تضامناً واسعاً من جميع أنحاء العالم مع الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، وتمثل إقراراً بمسؤولية المجتمع الدولي في دعم الاحتياجات السياسية والإنسانية، بما فيها حق لاجئي فلسطين».

وأضافت أن هذا التضامن يؤكد دعم العالم لوكالة «الأونروا» سياسياً ومالياً، ولحماية حقوق اللاجئين وممتلكاتهم وإدانة الاستيطان الإسرائيلي.

وأشارت الخارجية الفلسطينية إلى أن هذا التصويت «تعبير إضافي عن رفض المجتمع الدولي للضم والاستيطان والتهجير القسري والعقاب الجماعي والتدمير الواسع للبنية التحتية في الأرض الفلسطينية المحتلة، والإبادة في قطاع غزة».


حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

حديث عابر للرئيس الأميركي دونالد ترمب عن «تعديل المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة» دون أن يوضح تفاصيل ذلك التعديل، أثار تساؤلات بشأن تنفيذ ذلك.

هذا الحديث الغامض من ترمب، يفسره خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بأنه سيكون تغييراً في تنفيذ بنود الاتفاق، فبدلاً من الذهاب لانسحاب إسرائيلي من القطاع الذي يسيطر فيه على نسبة 55 في المائة، ونزع سلاح «حماس»، سيتم الذهاب إلى «البند 17» المعني بتطبيق منفرد لخطة السلام دون النظر لترتيباتها، وتوقعوا أن «المرحلة الثانية لن يتم الوصول إليها بسهولة في ظل عدم إنهاء ملفات عديدة أهمها تشكيل مجلس السلام ولجنة إدارة غزة ونشر قوات الاستقرار».

و«البند 17» في اتفاق وقف إطلاق النار بغزة الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ينص على أنه «في حال أخّرت (حماس) أو رفضت هذا المقترح، فإنّ العناصر المذكورة أعلاه، بما في ذلك عملية المساعدات الموسّعة، ستنفّذ في المناطق الخالية من الإرهاب التي يسلّمها الجيش الإسرائيلي إلى قوة الاستقرار الدولية».

و«وثيقة السلام» التي وُقعت في أكتوبر الماضي بين «حماس» وإسرائيل تناولت فقط النقاط المتعلقة بما يسمى «المرحلة الأولى»، وتشمل الهدنة الأولية وانسحاب قوات الجيش الإسرائيلي، وشروط تبادل الأسرى والمحتجزين، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية، فيما لم يتم التوصل إلى اتفاق رسمي بشأن «المرحلة الثانية» المتعلقة بإدارة غزة بعد الحرب.

وأعلن ترمب في تصريحات نقلت، الخميس، أن المرحلة الثانية من خطته للسلام في غزة «ستخضع للتعديل قريباً جداً»، وسط تصاعد القلق من تعثرها وعدم إحرازها تقدماً ملموساً في التنفيذ، دون توضيح ماهية تلك التعديلات.

المحلل في الشأن الإسرائيلي بمركز «الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، يرى أن التعديل الذي يمكن أن يرتكز عليه ترمب للحيلولة دون انهيار الاتفاق كما يعتقد هو اللجوء لـ«البند 17» الذي يرسخ لتقسيم غزة، لغزة قديمة وجديدة، وهذا ما كان يطرحه المبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف الشهر الماضي في عدد من لقاءاته.

وأشار إلى أن هذا التعديل هو المتاح خاصة أن الاتفاق أقر في مجلس الأمن الشهر الماضي، ويمكن أن يعاد تفعيل ذلك البند تحت ذرائع عدم استجابة «حماس» لنزع السلاح أو ما شابه، متوقعاً أن يقود هذا الوضع لحالة لا سلم ولا حرب حال تم ذلك التعديل.

رد فعل فلسطينية على مقتل أحد أقربائها في غارة إسرائيلية بخان يونس (أ.ف.ب)

ويرجح المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، أنه في ظل عدم توضيح ماهية تعديلات ترمب بشأن المرحلة الثانية، فإن «هناك مخاوف من ترسيخ تقسيم غزة يمكن أن نراها في التعديل مع رغبة إسرائيلية في استمرار بقائها في القطاع، تطبيقاً لما يتداول بأن هذا غزة جديدة وأخرى قديمة».

ووسط ذلك الغموض بشأن التعديل، أفاد موقع «أكسيوس» بأن ترمب يعتزم إعلان انتقال عملية السلام في غزة إلى مرحلتها الثانية، والكشف عن هيكل الحكم الجديد في القطاع قبل 25 ديسمبر (كانون الأول) الجاري. ونقل الموقع، الخميس، عن مسؤولَين أميركيين قولهما إن «تشكيل القوة الدولية وهيكل الحكم الجديد لغزة في مراحله الأخيرة»، متوقعين أن يعقد الرئيس الأميركي اجتماعاً مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو قبل نهاية ديسمبر الجاري لمناقشة هذه الخطوات.

غير أن الرقب يرى أن المرحلة الثانية أمامها عقبات تتمثل في «عدم تشكيل مجلس السلام وحكومة التكنوقراط، وعدم تشكيل الشرطة التي ستتولى مهامها وقوة الاستقرار، وأن أي تحركات لن ترى النور قبل يناير (كانون الثاني) المقبل».

ولا يرى عكاشة في المستقبل القريب سوى اتساع احتلال إسرائيل للمناطق التي تقع تحت سيطرتها في القطاع لتصل إلى 60 في المائة مع استمرار تعثر تنفيذ الاتفاق دون تصعيد كبير على نحو ما يحدث في جنوب لبنان من جانب إسرائيل.

فلسطينيون يسيرون أمام الخيام الممتدة على طول الشوارع وسط أنقاض المباني المدمرة في جباليا (أ.ف.ب)

وقبل أيام، تحدثت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن أن هناك خطة إسرائيلية لإعادة توطين نحو مليوني فلسطيني في مناطق جديدة خاضعة لإسرائيل شرق الخط الأصفر، وتفريغ المناطق الخاضعة لسيطرة «حماس» من المدنيين بالكامل، وملاحقة عناصر حركة «حماس» في هذه المناطق تدريجياً. كما نقلت صحيفة «تلغراف» البريطانية، عن دبلوماسيين غربيين أن الخطة الأميركية بشأن غزة تنطوي على خطر تقسيم القطاع إلى جزأين للأبد، ما يؤسّس لوجود قوات الاحتلال بشكل دائم في القطاع المنكوب.

وقبل نحو أسبوع، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، في لقاء ببرشلونة مع الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، على وحدة الأراضي الفلسطينية بين الضفة الغربية وقطاع غزة ورفض مصر أي إجراءات من شأنها تكريس الانفصال بين الضفة الغربية وغزة أو تقويض فرص حل الدولتين على الأرض.

وأعاد عبد العاطي، التأكيد على ذلك في تصريحات، الأربعاء، قائلاً إنه «لا مجال للحديث عن تقسيم غزة، فغزة هي وحدة إقليمية متكاملة، وجزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية القادمة، جنباً إلى جنب مع الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وهذه هي قرارات الشرعية الدولية وبالتأكيد يتعين الالتزام بذلك»، مؤكداً أنه إلى الآن يجرى التشاور بشأن لجنة إدارة قطاع غزة مع الأطراف المعنية، حتى تتولى هذه اللجنة الإدارية من التكنوقراط مهام العمل على الأرض. وأشار عكاشة إلى أن الجهود المصرية ستتواصل لمنع حدوث تقسيم في قطاع غزة أو حدوث تعديل يؤثر على الاتفاق، لافتاً إلى أن السيناريوهات مفتوحة بشأن التطورات المرتبطة بخطة ترمب.


«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
TT

«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)

تتفاقم معاناة الآلاف من ذوي الإعاقة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، في ظل انهيار شبه كامل لمنظومة الرعاية الاجتماعية، واتهامات مباشرة للجماعة الحوثية بتحويل الموارد المخصصة لهذه الفئة إلى قنوات تخدم مشروعها العسكري والآيديولوجي.

ومع استمرار انقطاع البرامج الحكومية والدعم الدولي، يجد المعاقون أنفسهم أمام واقع قاسٍ تتضاعف فيه الاحتياجات وتتراجع فيه فرص العلاج والرعاية.

مصادر محلية أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية كثفت خلال الأسابيع الأخيرة من ممارساتها التي تستهدف ذوي الإعاقة في صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرتها، سواء عبر استغلالهم في فعاليات ومناسبات سياسية، أو من خلال إجبار عشرات الأطفال على حضور دورات تعبئة فكرية تستند إلى خطاب طائفي، في مخالفة صريحة لأبسط قواعد الرعاية الإنسانية.

وتشير المصادر إلى أن ما تبقى من المراكز والمنشآت المتخصصة التي كانت تقدم خدمات طبية وتأهيلية للمعاقين، تحوّل إلى أماكن شبه مهجورة بعد إغلاقات تعسفية ووقف شبه تام للبرامج الفنية والدعم الخارجي، نتيجة استحواذ الجماعة على المخصصات والموارد المالية.

مبنى «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع للحوثيين في صنعاء (إكس)

وكشف سكان في صنعاء أن مئات المعاقين فقدوا مصادر دخلهم المحدودة. ومع غياب برامج الدعم، اضطرت كثير من الأسر إلى إرسال أبنائها من ذوي الإعاقة إلى شوارع المدينة، بحثاً عن أي مساعدة تساهم في تغطية احتياجاتهم الغذائية أو تكاليف العلاج باهظة الثمن.

وتؤكد أسرة تقيم في ضواحي صنعاء أن اثنين من أبنائها من ذوي الإعاقة لم يعودا قادرين على تلقي جلسات العلاج الطبيعي أو الحصول على أجهزة طبية مساعدة، مثل الأطراف الصناعية أو السماعات، بعد ارتفاع أسعارها وغياب الدعم المخصص لهم من «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع لسيطرة الحوثيين.

وتضيف الأسرة أن الصندوق ـ الذي كان يعد المتنفس الوحيد لهذه الفئة ـ توقف عن تقديم معظم خدماته التعليمية والتأهيلية، مما أدى إلى حرمان مئات الأطفال من ذوي الإعاقة من حقهم في التعليم المتخصص.

ضحايا بلا رعاية

تقدّر مصادر يمنية حقوقية أن عدد ذوي الإعاقة في صنعاء وبقية مناطق سيطرة الحوثيين يتجاوز 4.5 مليون معاق، بينهم مصابون بإعاقات خلقية، وآخرون نتيجة الحرب التي أشعلتها الجماعة منذ انقلابها. وتؤكد التقديرات أن أكثر من 70 في المائة منهم محرومون من الحصول على أهم الاحتياجات الأساسية، وعلى رأسها الكراسي المتحركة، والأجهزة التعويضية، وجلسات العلاج الطبيعي، وبرامج التأهيل المهني.

جانب من زيارة قيادات حوثية لـ«صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» في صنعاء (إعلام حوثي)

وأكد عاملون في «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» بصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً حاداً في الخدمات المقدمة، مشيرين إلى أن الصندوق يستقبل شهرياً نحو 800 حالة جديدة، معظمها تحتاج إلى رعاية طويلة المدى لا يستطيع الصندوق تلبيتها حالياً. وقالوا إن سيطرة الحوثيين على موارد الصندوق وقراراته أدت إلى إيقاف عشرات المراكز وتجميد برامج التأهيل، إضافة إلى تحويل جزء كبير من الدعم لصالح الجرحى والمقاتلين العائدين من الجبهات.

وأشار العاملون إلى أن المساعدات النقدية والأجهزة التعويضية تُمنح بشكل شبه حصري لعناصر الجماعة وجرحاها، في الوقت الذي يُترك فيه آلاف المعاقين المدنيين لمواجهة مصيرهم دون أي دعم.

تعبئة فكرية

وسط هذا الانهيار الإنساني، تواصل الجماعة الحوثية إخضاع عشرات الأطفال من ذوي الإعاقة في صنعاء لدورات فكرية وتعبوية تحت اسم «دورات توعوية»؛ إذ أفادت مصادر مطلعة بأن الجماعة جمعت خلال الأيام الماضية أطفالاً ومراهقين من تسعة مراكز وجمعيات متخصصة، تتراوح أعمارهم بين 10 و18 عاماً، وأخضعتهم لمحاضرات تهدف إلى غرس أفكارها العقائدية.

وتقول المصادر إن هذه هي المرة الثالثة منذ مطلع العام التي يتم فيها إخضاع قاصرين معاقين لمثل هذه الأنشطة، في خطوة أثارت سخطاً واسعاً بين أسر الضحايا، الذين اعتبروا ذلك استغلالاً فجاً لفئة يُفترض حمايتها وتمكينها بدلاً من تجييرها لصالح مشروع سياسي.

ويأتي ذلك بعد زيارة مفاجئة للقيادي الحوثي محمد مفتاح، القائم بأعمال رئيس حكومة الانقلاب، إلى مقر الصندوق، وهي زيارة رأى فيها مراقبون محاولة لشرعنة ممارسات الجماعة لا أكثر.

فتيات معاقات لدى مشاركتهن في برنامج تعبوي نظمه الحوثيون في صنعاء (فيسبوك)

ويحذر مختصون اجتماعيون في صنعاء من أن استمرار الإهمال وغياب برامج الدعم قد يدفعان بمزيد من ذوي الإعاقة إلى دوامة الفقر المدقع، ويعمق من معاناتهم الصحية والإنسانية. ويتهمون الجماعة الحوثية بأنها حولت هذه الفئة من مواطنين يحتاجون إلى رعاية إلى وسيلة للابتزاز السياسي والاستغلال الإعلامي.

ويطالب المختصون المؤسسات الدولية والمانحين بضرورة إعادة تفعيل برامج الدعم والتأهيل وضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها بعيداً عن تدخّلات الحوثيين، داعين إلى وضع آلية رقابة مستقلة على البرامج الموجهة لذوي الإعاقة.

ويؤكد المختصون أن إنقاذ هذه الفئة يتطلب جهوداً عاجلة، خصوصاً في ظل الانهيار المتواصل للخدمات الصحية وارتفاع تكاليف العلاج وتوقف التمويل المحلي والدولي عن معظم المراكز.