احتجاز «داعش» مدنيين يؤخر تحرير آخر معاقله في العراق

تضارب بين «الحشد» والحكومة حول انطلاق معركة الرمانة

قوات عراقية وسط مدينة القائم العراقية على الحدود مع سوريا (أ.ف.ب)
قوات عراقية وسط مدينة القائم العراقية على الحدود مع سوريا (أ.ف.ب)
TT

احتجاز «داعش» مدنيين يؤخر تحرير آخر معاقله في العراق

قوات عراقية وسط مدينة القائم العراقية على الحدود مع سوريا (أ.ف.ب)
قوات عراقية وسط مدينة القائم العراقية على الحدود مع سوريا (أ.ف.ب)

أعربت المفوضية العراقية العليا لحقوق الإنسان، أمس، عن «قلقها» حيال الأوضاع الإنسانية لمدنيين يحتجزهم تنظيم داعش في قضاء راوة التابع لمحافظة الأنبار، الذي يعد آخر معاقل التنظيم في العراق.
ويرى مراقبون عسكريون، أن «وجود أعداد غير قليلة من السكان داخل المدينة، ربما يجبر القوات الأمنية على تغيير تكتيكاتها العسكرية وعدم الاستعجال في إطلاق عملية التحرير».
وقالت المفوضية في بيان: «وفقا لمصادر الرصد لمكاتب المفوضية في الأنبار، فإن تنظيم داعش الإرهابي لا يزال يحتجز نحو ألفين و500 عائلة، أي ما يعادل عشرة آلاف فرد داخل القضاء، لاستخدامهم دروعا بشرية لعرقلة تقدم القوات التي تحاصر المنطقة منذ بدء عمليات تحرير القائم».
ولفتت إلى أن «هذه العصابات الإرهابية تضيّق الخناق على المدنيين من أهالي القضاء المحاصرين يوما بعد آخر، وتمنع وصولهم إلى الممرات الآمنة التي حددتها القوات العراقية لإجلائهم».
وناشدت المفوضية الحكومة الاتحادية والقوات الأمنية المكلفة بتحرير راوة «تكثيف الجهود الإنسانية لفتح ثغرات في طوق الحصار الإرهابي على القضاء وتوفير ممرات آمنة لخروج المدنيين، وتوخي الحذر عند اقتحام القضاء». كما طالبت حكومة الأنبار المحلية بتنسيق الجهود الإنسانية وإدارة الأزمة إلى حين تحرير راوة. ودعت خلية الأزمة الإنسانية واللجنة العليا لإغاثة وإيواء النازحين والمنظمات الأممية والإنسانية إلى توفير مستلزمات الإغاثة والدعم الإنساني للمدنيين الناجين من حصار التنظيم في راوة.
إلى ذلك، تضاربت الأنباء حول تحرير ناحية الرمانة في قضاء القائم الذي حررته القوات العراقية قبل ثلاثة أيام. وفي حين أعلن الموقع الرسمي لـ«الحشد الشعبي» انطلاق معركة تحرير الناحية، نفت قيادة العمليات المشتركة ذلك. وحذرت «خلية الإعلام الحربي» التابعة لقيادة العمليات وسائل الإعلام من «نقل أخبار تضر بالخطط العسكرية».
وعقب بيان النفي، عاد موقع «الحشد الشعبي» الرسمي، واعتبر أن «ما تم نشره صباحا بهذا الشأن ورد سهوا بقائمة الأخبار». وربما يشير التضارب في التصريحات بين قيادة العمليات و«الحشد» إلى حالة «الخلاف المضمر» بين الجانبين حول إدارة المعركة في غرب العراق والأولويات التي تتقدم اهتمام كل طرف.
وكان رئيس الوزراء حيدر العبادي، هاجم في مؤتمره الصحافي الأسبوعي، أول من أمس، جهات مرتبطة بـ«الحشد الشعبي»، معتبرا أن مطالباتها بزيادة مخصصات «الحشد» في الموازنة الاتحادية «مغالطة»، وأن «من يطرح ذلك ليس دفاعا عن (الحشد)، إنما لديه من يخصصهم للانتخابات ويستعين بهم للعمل في مكاتبه الحزبية» ويضعهم على قوائم «الحشد».
وعن استهداف «داعش» في الأراضي السورية، قال العبادي خلال المؤتمر: «وجهنا القوات الأمنية بالتصدي لأي تعرض حتى من داخل الأراضي السورية».


مقالات ذات صلة

تركيا مستعدة لدعم السلطة السورية الجديدة... وأولويتها تصفية «الوحدات الكردية»

المشرق العربي جانب من لقاء وزير الدفاع التركي الأحد مع ممثلي وسائل الإعلام (وزارة الدفاع التركية)

تركيا مستعدة لدعم السلطة السورية الجديدة... وأولويتها تصفية «الوحدات الكردية»

أكدت تركيا استعدادها لتقديم الدعم العسكري للإدارة الجديدة في سوريا إذا طلبت ذلك وشددت على أن سحب قواتها من هناك يمكن أن يتم تقييمه على ضوء التطورات الجديدة

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا أسلحة ومعدات كانت بحوزة إرهابيين في بوركينا فاسو (صحافة محلية)

بوركينا فاسو تعلن القضاء على 100 إرهابي وفتح 2500 مدرسة

تصاعدت المواجهات بين جيوش دول الساحل المدعومة من روسيا (مالي، والنيجر، وبوركينا فاسو)، والجماعات المسلحة الموالية لتنظيمَي «القاعدة» و«داعش».

الشيخ محمد (نواكشوط)
المشرق العربي حديث جانبي بين وزيري الخارجية التركي هاكان فيدان والأميركي أنتوني بلينكن خلال مؤتمر وزراء خارجية دول مجموعة الاتصال العربية حول سوريا في العاصمة الأردنية عمان السبت (رويترز)

تركيا: لا مكان لـ«الوحدات الكردية» في سوريا الجديدة

أكدت تركيا أن «وحدات حماية الشعب الكردية» لن يكون لها مكان في سوريا في ظل إدارتها الجديدة... وتحولت التطورات في سوريا إلى مادة للسجال بين إردوغان والمعارضة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الولايات المتحدة​ أحمد الشرع مجتمعاً مع رئيس حكومة تسيير الأعمال محمد الجلالي في أقصى اليسار ومحمد البشير المرشح لرئاسة «الانتقالية» في أقصى اليمين (تلغرام)

«رسائل سريّة» بين إدارة بايدن و«تحرير الشام»... بعلم فريق ترمب

وجهت الإدارة الأميركية رسائل سريّة الى المعارضة السورية، وسط تلميحات من واشنطن بأنها يمكن أن تعترف بحكومة سورية جديدة تنبذ الإرهاب وتحمي حقوق الأقليات والنساء.

علي بردى (واشنطن)
المشرق العربي فصائل الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا تدخل منبج (إعلام تركي)

عملية للمخابرات التركية في القامشلي... وتدخل أميركي لوقف نار في منبج

يبحث وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في تركيا الجمعة التطورات في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.