بوتين يتسلم رسالة من ماكرون قبل لقائه ترمب وإردوغان

موسكو ترفض تقرير «الكيماوي» السوري وتدعو إلى تغيير آلية التحقيق

TT

بوتين يتسلم رسالة من ماكرون قبل لقائه ترمب وإردوغان

تسلم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رسالة من نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، تناولت بصورة خاصة الأزمة السورية. ونقل جان بيير شيفينيمان، مبعوث الرئيس الفرنسي المختص بالعلاقات مع روسيا، الذي وصل إلى موسكو أمس، رسالة من ماكرون إلى نظيره الروسي قال إنها تخص بشكل العام الشأن السوري. وأوضح في تصريحات لوكالة «ريا نوفوستي»، أن «الرسالة تتحدث عن أمور عدة برزت بعد مكالماتهما الهاتفية»، وأضاف: «إنها رسالة لم يتم الإعلان عنها، وتخص الموضوعات التقنية».
وفي إجابته عن سؤال ما إذا كانت الرسالة التي يحملها تتناول الأزمة الأوكرانية أيضاً، قال المبعوث الرئاسي الفرنسي: «كلا، الرسالة حول سوريا بصورة خاصة». وتسعى فرنسا إلى لعب دور أكثر تأثيراً في التسوية السورية.
وكان ماكرون تبنى مواقف محددة تمهيداً لتعاون مع روسيا في الشأن السوري، ومنها قوله: إن رحيل بشار الأسد لم يعد شرطاً بالنسبة لفرنسا، وإن التركيز يجب أن يكون على التصدي للإرهاب.
إلى ذلك، قال يوري أوشاكوف، معاون الرئيس الروسي: إن موسكو مستعدة لعقد لقاء مستقل موسع بين بوتين ونظيره الأميركي دونالد ترمب على هامش قمة منتدى آسيا – المحيط الهادئ في فيتنام، يومي 11 - 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي. وقال أوشاكوف: «سيشارك الرئيسان في المنتدى ذاته، ومن الطبيعي أن يلتقيا ويناقشا هذه المسألة أو تلك. نحن مستعدون للقاء مستقل موسع». موضحاً، أنه يوجد ما يجب بحثه «وبصورة أساسية المشكلات الدولية، بداية من سوريا، وصولاً إلى كوريا الشمالية». وأشار إلى أنه لم يتم بعد تحديد موعد اللقاء، لكن يجري النظر في إمكانية عقده. وسيبحث بوتين التسوية السورية كذلك مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، في سوتشي يوم 13 نوفمبر، وفق ما أكد أوشاكوف، وقال: إن «الفعالية الدولية التالية (بعد لقاء ترمب في فيتنام) ستكون يوم 13 نوفمبر، حيث ستجري جولة جديدة من المحادثات بين الرئيسن الروسي والتركي (...) سيتناولان خلالها كل مجالات العلاقات الثنائية، وفي الجزء الثاني سيجري نقاش حول مسائل التسوية السورية. وسيتم تكريس الوقت الرئيسي من المحادثات لهذه القضايا». وأضاف، أن «سوريا محط اهتمام دائم من جانب الرئيسين بوتين وإردوغان، وهما يتبادلان وجهات النظر حول هذه المسألة بشكل دائم».
في شأن متصل بتطورات المشهد السوري، تصاعدت حدة الخلافات أمس بين الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن بشأن نتائج تقرير آلية التحقيق الدولة حول الهجمات بالسلاح الكيماوي في سوريا، وتمديد عمل تلك الآلية. وعرضت الآلية أمس قرارها على مجلس الأمن، وتحمل فيه النظام السورية المسؤولية عن الهجوم الذي تعرضت له خان شيخون يوم 4 أبريل (نيسان) الماضي باستخدام غاز السارين، كما نفت الآلية الاتهامات الروسية بأن «الحادثة مفبركة وعبارة عن سيناريو»، وقال رئيس الآلية: إن الخبراء حللوا كل السيناريوهات المحتملة ولم يجدوا ما يشير إلى أن الهجوم مفتعل. وأكد، أن التقرير تم وضعه بناءً على معلومات من 12 دولة، تشمل تسجيلات صوتية ومقاطع فيديو، وأقوال شهود، كما أجرت الآلية تحاليل كيماوية على المادة المستخدمة في الهجوم.
وكررت موسكو رفضها وانتقاداتها الاستنتاجات التي عرضها تقرير الآلية الدولية المشتركة، وقال فلاديمير سافرونكوف، نائب مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة: إن روسيا تشعر بخيبة أمل كبيرة إزاء نتائج التحقيق، ووصف التقرير بأنه من نوعية سطحية للغاية، وأشار إلى أنه «هناك أسس تدعو إلى الاعتقاد بأن الهجوم في خان شيخون مفتعل من جانب المقاتلين»، ونفى الاتهامات التي وجهتها الولايات المتحدة والدول الغربية لروسيا بتقويض هيبة آلية التحقيق المشتركة، وقال: «نحن ببساطة نعتمد على الوقائع». وأضاف، إن روسيا على قناعة بأن الآلية لا يمكنها مواصلة العمل على هذا النحو «ومن دون تغيير جذري ستبقى أداة عمياء لتصفية الحسابات مع السلطات السورية». وشدد على أن «هذا أمر لا يمكن السماح به».
ومن موسكو، قال سيرغي ريابكوف، نائب وزير الخارجية الروسي: إن روسيا لا يمكنها الصمت أكثر من ذلك على محاولات استخدام آلية التحقيق المشتركة أداةً لتصعيد الضغط على دمشق (النظام السوري)، وشدد على ضرورة تعديل طبيعة وأساليب عمل آلية التحقيق المشتركة، وقال: إن «عدم التغيير يعني أننا أمام وضع جديدة، عندما لا تكون دول مستعدة لتقبل استنتاجاتنا، وتضحي بأداة مهمة جداً للكشف عن الحقيقة». ووصف التقرير الصادر عن الآلية بأنه بعيد عن المعايير المتعارف عليها، و«نرى حالات عدة للتحريف المتعمد للحقائق. وهذا يتعلق بتقييم طبيعة حادثة خان شيخون»، حسب قول ريابكوف.
وانتقد نائب وزير الخارجية الروسي مشروع قرار أميركياً جديداً لتمديد ولاية آلية التحقيق المشتركة، وقال: إن «القرار ليس جديداً، وهو مشروع القرار القديم ذاته، ولا يتضمن العناصر الضرورية» وأكد أن موسكو تدرس حالياً الاقتراحات الأميركية في مشروع القرار. وكانت روسيا استخدمت الفيتو للمرة التاسعة في الشأن السوري، وأجهضت في جلسة لمجلس الأمن يوم 2 نوفمبر، مشروع قرار غربياً لتمديد ولاية آلية التحقيق الدولية، وقدمت بعد ذلك مشروع قرارها الخاص بهذا الشأن. إلا أن الدول الغربية رفضت مشروع القرار الروسي، ووصفه جوناثان آلين، نائب مندوب بريطانيا لدى الأمم المتحدة بأنه «محاولة ساخرة لتقويض هيبة آلية التحقيق المشتركة»، وأكد أن مشروع القرار الروسي لا يملك أي فرصة لاعتماده من جانب مجلس الأمن الدولي. وتنتهي ولاية آلية التحقيق المشتركة يوم 17 نوفمبر الحالي.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.