نجح المغرب أمس في إطلاق قمر صناعي يحمل اسم «محمد السادس أ»، ووضعه على مداره حول الأرض، انطلاقاً من قاعدة كورو الفضائية في جزيرة غوايانا الفرنسية، بواسطة صاروخ إيطالي الصنع، من طراز (فيغا)، تابع لشركة (أريان سبايس). وبإطلاق قمره الصناعي من نوع «بلياد أستريوم» وتصميم «تاليس ألينيا سبيس» و«إرباص ديفانس آند سبيس»، يكون المغرب ثالث دولة أفريقية، بعد مصر وجنوب أفريقيا، تتوفر على هذه التقنية. وقال كريم التجموعتي، رئيس الوفد المغربي المشرف على إطلاق القمر الصناعي «محمد السادس أ»، الذي ينتظر أن يتم تدعيمه في 2018 بقمر صناعي ثان، يحمل اسم «محمد السادس ب»، إن إطلاق القمر الصناعي يشكل «مصدر فخر للمغاربة جميعاً»، مشيراً إلى أن هذا المشروع، الذي تم بمبادرة من العاهل المغربي الملك محمد السادس «يحمل تكنولوجيا متطورة ستمكن من تطوير عدة مجالات ذات قيمة مضافة للمغرب».
وأجمع عدد من الخبراء والباحثين المغاربة على أن إطلاق هذا القمر الصناعي يشكل «حدثاً تاريخياً» بامتياز، ومن شأنه أن يمكن المغرب من «آلية عمل استراتيجي تعزز مكانته»، مشددين على أنه «يشكل قفزة نوعية في مجال استخدام المغرب لتكنولوجيا الفضاء». وفي هذا السياق، قال الدكتور محمد بنحمو، رئيس المركز المغربي للدراسات الاستراتيجية، لـ«الشرق الأوسط»، إنه «بعد الإطلاق الناجح للقمر الصناعي (محمد السادس أ)، يكون المغرب قد خرج من مرحلة ودخل أخرى، تتعلق بزمن الفضاء، الذي يقوم على التكنولوجيا الرقمية، التي تطورت في العقود الأخيرة»، مشيرا إلى أن القمر الصناعي المغربي ينتمي إلى الجيل الرابع، وأنه متطور بشكل كبير، مقارنة مع القمر الصناعي «زرقاء اليمامة» الذي سبق للمغرب أن أطلقه في 2011. مبرزاً أن «محمد السادس أ» تم بناؤه بأحدث التقنيات، سواء فيما يتعلق بالكاميرات والبصريات أو المنظومة المعلوماتية الخاصة بالإرسال، فضلاً عن قدرته على أخذ عدد كبير من الصور وتركيب صور ثلاثية الأبعاد، وقال إن الأمر يتعلق بتقنيات متطورة تتطلب أن تكون للقاعدة الأرضية بنية متطورة، وخبرات وقدرة على معالجة المعطيات، من جهة أن قيمة أي قمر صناعي لا تتوقف فقط على تصنيعه وإطلاقه، بل أيضا على القدرة على تدبيره. وأبرز بنحمو أن القمر الصناعي «محمد السادس ب»، الذي سيأتي في 2018 ليدعم القمر الصناعي «محمد السادس أ»، ينتظر أن يقوي من عملية المسح والتغطية. وبخصوص ما يمكن أن يثيره الحدث، لا سيما لدى الجزائر وإسبانيا، تحدث بنحمو عن «تغير في موازين القوى بالمنطقة، سواء في اتجاه الجار الشمالي أو الجار الشرقي، وبالتالي فقد فرض المغرب اليوم توازناً استراتيجياً على المنطقة»، قبل أن يشير إلى أن «إسبانيا ستسعى إلى تدارك الأمر»، مستدركاً أنه «في جميع الأحوال يبقى للمغرب سبق ومسافة ستؤهله إلى أن يحافظ على توزانه في المنطقة».
من جهته، اعتبر الدكتور إدريس الكريني، مدير مختبر الدراسات الدولية حول إدارة الأزمات بجامعة القاضي عياض بمراكش، أن إطلاق القمر الصناعي المغربي يشكل «خطوة مهمة جداً، تأتي لتعزز الأمن المغربي في بعده الشمولي، وخصوصاً إذا استحضرنا، اليوم قيمة المعلومة، وأهميتها ضمن العناصر المشكلة للقوة في عالم اليوم، وما يجسده ذلك من امتلاك لعنصر الردع».
وأبرز الكريني أن «امتلاك المعلومة دعم لقوة الدول، وامتلاك التكنولوجيا الحديثة في عالم اليوم، وتوظيفها خدمة للمصالح الاستراتيجية للدول ينطوي على أهمية قصوى، وبخاصة مع تعدد وتنوع التحديات والمخاطر التي تواجه دول العالم بشكل عام، والمغرب على وجه الخصوص، بالنظر إلى موقعه الاستراتيجي كبوابة نحو أوروبا، بما يعنيه ذلك من استثمار هذا الإنجاز في تدبير المخاطر والأزمات من قبيل الهجرة السرية والجريمة المنظمة والإرهاب الدولي. كما أن امتلاك هذه التقنية سيتيح استعمالها في مجالات متصلة بالتنمية، على مستوى تدبير الموارد المائية والفلاحية أو المجالية والعمرانية».
المغرب يطلق بنجاح قمره الصناعي «محمد السادس أ»
المغرب يطلق بنجاح قمره الصناعي «محمد السادس أ»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة