تحديات التقنيات الحديثة تواجه مراسلي الصحافة العالمية

أستراليا تحل بعد كينيا وتايلند في تصنيف سرعة الإنترنت

داميان كايف مراسل «نيويورك تايمز» في سيدني يستخدم أبسط التقنيات المتوافرة في عمله («الشرق الأوسط»)
داميان كايف مراسل «نيويورك تايمز» في سيدني يستخدم أبسط التقنيات المتوافرة في عمله («الشرق الأوسط»)
TT

تحديات التقنيات الحديثة تواجه مراسلي الصحافة العالمية

داميان كايف مراسل «نيويورك تايمز» في سيدني يستخدم أبسط التقنيات المتوافرة في عمله («الشرق الأوسط»)
داميان كايف مراسل «نيويورك تايمز» في سيدني يستخدم أبسط التقنيات المتوافرة في عمله («الشرق الأوسط»)

كيف يستخدم صحافيو «نيويورك تايمز» التكنولوجيا في عملهم وحياتهم الخاصة؟... داميان كايف، مدير مكتب الصحيفة في أستراليا، يطلِع قراءه من سيدني على التقنيات التي يستخدمها.
- تقنيات متدنية
> افتُتح مكتب الصحيفة في أستراليا هذا العام. كيف كانت عملية تجهيز المكتب من الناحية التقنية؟ وما الأمور التي ركزتم عليها والتي ستفيد الموظفين الذين سيعملون فيه؟
- التحدي الأكبر كان الحصول على خدمة إنترنت موثوقة. فأستراليا، وعلى الرغم من الرخاء الذي تنعم به، تعتبر كارثة رقمية إلى حد ما؛ فقد حلّت في تصنيف سرعة الاتصال بالإنترنت بعد كينيا، وتايلند، والكثير من الدول النامية الأخرى. والشكاوى من الإهمال الحكومي لخدمة النطاق العريض كثيرة.
بعد العمل في مكان مؤقت لبضعة أشهر، اتخذنا مكتباً يملك اليوم اتصالاً بشبكة النطاق العريض الحكومية، لكننا لا نزال في حاجة إلى دعم خليوي حين نشعر بأن الخدمة تباطأت أو تعطلت.
لكن الأمر الذي أفكر فيه حتى هذه اللحظة هو ما إذا كنا في حاجة إلى هواتف ثابتة (الأرضية) وليس خليوية. هل ما زال الناس فعلاً في حاجة إلى هذه الهواتف الثابتة، وبخاصة في عالم الصحافة؟
> ما التجهيزات التقنية الإضافية التي استخدمتموها في المكتب؟
- التجهيزات لم تنتهِ بعد، ونحن مستمرون في البحث عن ما ينقص؛ اشتريت مكبر صوت «سونوس Sonos»؛ لأننا سنحتاج إليه لعزل الأصوات التي تأتي من الجوار من جهة، ولأنني وجدت أن الموسيقى ستفيد فريق العمل بصفتها أداةً للإلهام.
لن أنس يوماً كيف دخل دايفيد غونزاليس، المراسل السابق في «نيويورك تايمز» الذي لطالما كنت من معجبيه، إلى الصف حين كنت أدرس في جامعة كولومبيا وشغّل موسيقى مايلز دايفس. وكان هدفه من تشغيلها إفهامنا أن الصحافة تتطلب حساً من المغامرة، والبديهة، والتواضع.
كما أننا اخترنا الأسلوب التناظري لأدوات عصف (شحذ) الأذهان، فاستعضنا عن الألواح البيضاء بلفافتين من الورق الذي وضع على الحائط مثل السبورة.
بدايات ازدهار تقني
> ما الذي يستوقفك في المشهد التقني في أستراليا؟ هل ترى ازدهاراً في العلامات التجارية والتطبيقات والمواقع الإلكترونية الأسترالية؟
- نعم، هناك ازدهار، لكنه لا يزال في بداياته. زرت بعض أماكن العمل حين ذهبت إلى سيدني أول مرة، وكانت مليئة بالأشخاص الذين يحاولون البدء بشيء ما في هذا المجال ويرسمون طريقهم نحو النجاح. لكن الغالبية لا تزال تعتمد على العلامات التجارية والتطبيقات الأميركية الشهيرة، حسبما رأيت.
تعتبر «أطلاسيان» من الشركات المشهورة المختصة بالتكنولوجيا في هذه البلاد؛ و«غومتري»، النسخة الأسترالية من موقع «كريغليست» التسويقي في أستراليا لبيع الأشياء المستعملة أيضاً مفيد وفاعل. وهناك الكثير من الأمور المفيدة التي يجب تعلمها من «غومتري» وطريقة عمله على الهواتف المحمولة والتواصل بين المنصات المختلفة.
> من المزمع أن يبدأ «أمازون» عمله وخدماته في التجارة الإلكترونية في أستراليا قريباً. هل يشعر الأستراليون بالحماسة له؟
- ردود الأفعال متضاربة؛ إذ يبدو الأميركيون الذين يعيشون في أستراليا متحمسين جداً للأمر، وبخاصة أولئك الذين كانوا يعتمدون على «أمازون» كثيراً عندما كانوا يعيشون في الولايات المتحدة، مثلي أنا. كما أن بعض الأستراليين، كأصحاب الشركات الصغرى الذين يبيعون بضائعهم عن طريق «أمازون» متحمسون لانطلاقه أيضاً.
لكن عموماً، يمكنني أن أقول إن الأستراليين يشعرون بالفضول وبعض القلق من «أمازون».
كتبت أخيراً تقريراً عن «أمازون» وصناعة الكتب والمكتبات في أستراليا، التي تعتبر قوية ومحاطة بالحماية، ومقاومة للغرباء. والمكتبات المستقلة ليست الوحيدة التي تتمتع بهذه القوة؛ ففي النهاية، أستراليا بلد أفلست فيه الكثير من الشركات الغريبة، وعانى فيها مقهى «ستاربكس» بشكل كبير.
المراكز التجارية والشوارع الرئيسية الموجودة في البلدات الصغيرة مزدحمة هنا؛ مما يعيدني في الذاكرة إلى زمن قديم بصفتي مواطناً أميركياً؛ فالتسوق عبر الإنترنت ليس شائعاً في هذه البلاد كما هو في الولايات المتحدة. في الأيام الأخيرة، أجريت مقابلة مع امرأة شابة في العشرينات في إحدى المكتبات، وقالت لي إنها لا تنوي أبداً شراء أي شيء عبر الإنترنت ودفع ثمنه من خلال بطاقتها المصرفية؛ ففوجئت!
إلا أن هذه الآراء قد تكون سبباً لعدم ألفة هذا النوع من التجارة في البلاد. وأتصور أنه بعد وصول «أمازون» ومساهمته في تخفيف عبء بعض المشتريات الباهظة التي يُجبَر الأستراليون على شرائها، سيشهد المجتمع تحولات كبيرة في هذا الصدد.
استخدامات يومية
> بعيداً عن عملك، ما المنتجات التقنية التي تستخدمها في حياتك اليومية؟
- اشتريت أخيراً (عبر «أمازون»، وتم شحنه من الولايات المتحدة) سماعات بلوتوث «جبرا»، التي يوصي بها موقع «ذا وايركاتر»، وأحببتها. لا يمكنني أن أصف كم يشعر الإنسان بالحرية دون الاضطرار إلى الارتباط بسلك ما.
> كيف تستخدم وعائلتك هذه السماعات، وما أفضل ميزاتها؟
- أستخدم السماعات للاستماع إلى الموسيقى، وبالطبع لإجراء وتلقي الاتصالات. ولكنني أمس اتصلت بزوجتي وأنا في طريق العودة من عشاء في ملبورن، واكتشفت أن لاقطة الصوت لا تعمل جيداً في ظل وجود الرياح. لا أعرف كيف يمكن حلّ هذا الأمر، لكن توفير أداء أفضل للتواصل الصوتي سيعتبر تحسناً كبيراً فيها.
وبما أننا نتحدث عن الصوتيات، لمَ لا يضيف جهاز «سونوس» ميزة الاتصال عبر بلوتوث كي يستفيد منه الأشخاص الذين يعانون من مشاكل الاتصال بالواي – فاي؟
> ما تطبيقك أو موقعك الأسترالي المفضل ولماذا؟
- «غومتري Gumtree» هو الأفضل بالنسبة لي. اشتريت جهازاً للتدفئة ومجموعة من الأشياء الأخرى أخيراً. الخيارات فيه متنوعة جداً، ويمكن للمستخدم أن يصنف الخيارات عبره حسب المسافة. يمكن اعتبار هذا الموقع ممتازاً بالنسبة لشخص مثلي يتنقل كثيراً، ووصل إلى البلاد بحقائب ملابسه فقط.
- خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

يوميات الشرق الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

فاز الفيلم الوثائقي «حالة من الصمت» للمخرج سانتياغو مازا بالنسخة الثانية من جائزة «الشرق الوثائقية».

«الشرق الأوسط» (جدة)
رياضة عربية المهندس خالد عبد العزيز رئيس المجلس الأعلى للإعلام في مصر (صفحة المجلس على «فيسبوك»)

مصر: قرارات جديدة لمواجهة «فوضى الإعلام الرياضي»

أصدر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر، برئاسة المهندس خالد عبد العزيز مجموعة قرارات، اعتماداً لتوصيات لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي.

محمد الكفراوي (القاهرة)
أوروبا مراسلات يتحدثن أمام الكاميرات خلال تغطية صحافية في البرازيل (رويترز)

ثلثهم على أيدي الجيش الإسرائيلي... مقتل 54 صحافياً في عام 2024

قُتل 54 صحافياً حول العالم أثناء قيامهم بعملهم أو بسبب مهنتهم في عام 2024، ثلثهم على أيدي القوات الإسرائيلية، وفق ما أظهر تقرير سنوي.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق الصحافي سامح اللبودي والزميلة بيسان الشيخ من «الشرق الأوسط»

«الشرق الأوسط» تفوز ببرونزية «أريج» للصحافة الاستقصائية

فازت «الشرق الأوسط» بالجائزة البرونزية للصحافة الاستقصائية العربية التي تمنحها مؤسسة «أريج»، عن تحقيق: قصة الإبحار الأخير لـ«مركب ملح» سيئ السمعة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق صورة تذكارية لعدد من أعضاء مجلس الإدارة (الشركة المتحدة)

​مصر: هيكلة جديدة لـ«المتحدة للخدمات الإعلامية»

تسود حالة من الترقب في الأوساط الإعلامية بمصر بعد إعلان «الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية» إعادة تشكيل مجلس إدارتها بالتزامن مع قرارات دمج جديدة للكيان.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».