ديزيريه بولييه... لبنانية غيرت مفهوم التسوق

حولت «بيستر فيلدج» من قرية لتسويق بضائع بأسعار مخفضة إلى مركز يليق باستقبال سلطان بروناي

ديزيريه بولييه
ديزيريه بولييه
TT

ديزيريه بولييه... لبنانية غيرت مفهوم التسوق

ديزيريه بولييه
ديزيريه بولييه

«سياحة التسوق جزء لا يتجزأ من التجربة التي نقدمها هنا في (بيستر فيلدج) أو في أي (قرية) أخرى من قرى التسوق المترامية في كل أنحاء العالم. صحيح أن التسوق الإلكتروني أصبح واقعاً ملموساً يحتمه العصر، لكنه يبقى تجربة قائمة على العزلة. في المقابل نحرص هنا على توفير تجربة اجتماعية تتفاعل فيها كل الحواس». هذا ما تقوله ديزيريه بولييه، الرئيسة التنفيذية لـ«فاليو ريتايل» Value Retail المالكة لعدة قرى خاصة بالتسوق والموجودة في الصين أو أوروبا.
امرأة صغيرة الحجم، وفي غاية الأناقة، تتكلم عدة لغات بطلاقة بما في ذلك اللغة العربية. وإذا عرف السبب بطل العجب. ديزيريه لبنانية عاشت في الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا وسويسرا ولندن. مساهماتها لا تقتصر على تطوير وتوسيع مفهومنا للتسوق الرفيع والذكي، بل تشمل الفن كونها عضوا في مجلس الأكاديمية الملكية للفنون الاستشاري، والموضة بحكم أنها عضو في جمعية مساندة لمنظمة الموضة البريطانية. درست الحقوق في باريس وعملت في عدة شركات عالمية منها «رالف لورين» قبل أن تلتحق في عام 2001 بـ«ريتايل فاليو». تتذكر بأن مغادرة عائلتها لبنان في عام 1973 لم تكن خياراً، ومع ذلك لم تتوقف عندها طويلاً. بل ربما علمها كيف تحول ما يبدو سلبيا في البداية إلى إيجابي. «مغادرتي لبنان وتنقلي في عدة بلدان ما بين الدراسة والعمل قوّى بداخلي روح الترحال... فأنا أؤمن بأن السفر يوسع آفاق الإنسان ويجعلنا نتقبل الآخر بصدر رحب، لأننا نفهم ثقافته وطريقة تفكيره... أعتقد أن هذا ما كون شخصيتي».
رغم حجمها الصغير وابتسامتها الدافئة تشعر بأن هذه الشخصية المنفتحة على ثقافات العالم أيضا حديدية. على الأقل تعرف جيدا ما تريده تماما ولا تتنازل عن قناعاتها مهما كانت الصعوبات. وكأنه قرأت ما يجول ببالي تُعلق: «كلنا نمر بظروف وأوقات قد تهزنا وربما تجعل البعض منا مستعدا لتقديم التنازلات من باب الاستسهال، لكن بالنسبة لي هذا الأمر غير وارد بتاتا. أنا أومن بأننا بالعمل والمثابرة يمكننا أن نُذوب المصاعب، خصوصا إذا كان الهدف واضحاً أمامنا».
عندما افتتحت قرية «بيستر» أول مرة في عام 1995، كانت فكرتها تتلخص في بيع سلع من مواسم ماضية بأسعار مخفضة. لكن ليس هذا ما كان يدور بذهن ديزيريه. كانت الصورة التي رسمتها في خيالها أكبر من هذا بكثير. كانت تريد أن تُصبح القرية مركزا سياحيا وعالميا للتسوق بالمعنى الرفيع. لم تكن تحلم بقدر ما كانت تضع أهدافا تعرف أنها ستحققها مع الوقت. في الشهر الماضي وبعد نحو أكثر من 20 عاما، تحقق حلمها. توسع المكان وازدان بالأشجار الخضراء والورود وديكورات على شكل معالم بريطانية تعزز فكرتها القائمة على «سياحة التسوق».
وبالفعل فإن زيارة «بيستر فيلدج» هذه الأيام لا تترك أدنى شك بأن صورتها تغيرت تماما. لم تعد مجرد سوق للبضائع من مواسم ماضية بأسعار مخفضة بل وجهة سياحية تجمع متعة التسوق بالفن والأكل وما شابه من أمور تخاطب كل الحواس. بالنظر إلى نوعية الأسماء التي افتتحت محلات فيها، تشعر بأنها أصبحت وجهة تستقطب النخبة وليس ذوي الإمكانيات المحدودة فقط، بعد أن أخضعتها ديزيريه لعدة عمليات تجديد وتجميل، إلى حد القول إنها باتت تنافس في جاذبيتها السياحية قصر بكنغهام حسبما تؤكده الأرقام التي نشرتها جهات سياحية موثوق بها. هذه الجهات نفسها أكدت أنها تفوقت في العام الماضي على بعض المتاحف من حيث عدد الزوار، حيث استقطبت 6.4 مليون زائر مقارنة بـ4.6 مليون زائر لـ«تايت مودرن». أمر انتبهت له ديزيريه وتعمل على تطويره في كل عام تقريبا حتى تبقى قراها في الصدارة وصامدة في وجه التغيرات التي تشهدها ثقافة التسوق خصوصا والموضة عموما. اهتمامها لا يقتصر على تجميل ديكوراته ومحيطه فحسب بل أيضا على «لوجيستياته» الصغيرة والكبيرة. فالرحلة إليه من محطة «ماريلبون» وسط لندن مثلا لا تستغرق سوى 46 دقيقة. وبما أن أغلب المتسوقين فيه من الصين ومنطقة الشرق الأوسط، فإنها المحطة الوحيدة في بريطانيا التي تعلن عن مواقيت القطارات المتوجهة إلى «بيستر فيلدج» باللغتين المندرينية والعربية.
تُؤكد ديزيريه وتكرر أن هدف الزبون من هذه الرحلة «ليس البحث عن سلع بأسعار مخفضة، بقدر ما هي رغبة في أن يعيش تجربة من نوع آخر». هذا كان هدفها الذي وضعته لنفسها منذ 20 عاما عندما تسلمت المشروع. كان هدفها حينذاك أن يتحول ما بدأت فكرته على الورق كمركز تسوق لبضائع من مواسم ماضية يحتاج المصممون للتخلص منها، إلى مركز تسوق من المستوى الرفيع يستقطب كل من له ذوق ويتذوق الأناقة والترف في الوقت ذاته. هذا الترف برأيها يتلخص في كل ما يلمس «حياتنا اليومية من أكل وإقامة وفن وموضة». وهو ما أصبح حقيقة تؤكدها أعداد الزوار ونوعياتهم. فسلطان بروناي، من بين زواره، حيث طلب في إحدى المناسبات أن يُغلق المكان ليوم كامل حتى يتمكن من أن يتسوق فيه وحاشيته بحرية مطلقة.
قوبل طلبه بالرفض لسبب بسيط ووجيه أنه «كان لدينا بديل آخر يُرضي جميع الأطراف ولا يُقلل من مكانته» حسب قول ديزيريه: «هذا البديل يتمثل في شقة فخمة نخصصها في مثل هذه الحالات للشخصيات المهمة. نفتحها لهم طوال النهار لكي يرتاحوا فيها مع كل من يرافقونهم، كما يحصلون فيها على كل أنواع التدليل والخدمات والتسهيلات بعيدا عن أعين الفضوليين، إذا كانت هذه هي الفكرة».
ملك بروناي ما هو إلا واحد من بين العديد من الزوار الذي يتوافدون على «بيستر فيلدج» حاليا ويضعونه ضمن أولوياتهم عندما يزورون بريطانيا. أغلبهم ربما يتسوقون في محلات «هارودز» و«سلوان ستريت» الفخمة لأن إمكانياتهم تسمح لهم بذلك. وفي اليوم التالي يتوجهون إلى القرية الواقعة بين أحضان أوكسفودشاير ليعيشوا تجربة تسوق مختلفة تماما». وتعلق ديزيريه: «ولا أستبعد أن يُكمل بعضهم عملية التسوق هذه في المساء من موقع إلكتروني».
كان واضحا أنها لا تعتبر أن هناك منافسة بين ما تقدمه وبين مواقع التسوق الإلكتروني. فرغم شعبية بعض هذه المواقع ومخاوف البعض من انتعاشها على حساب المحلات الكبيرة والتسوق التقليدي، فإنها بالنسبة لديزيريه تفتقد إلى المشاعر والإحساس بالتفاعل مع الآخر. وتشير: «كبشر يغلب علينا الطبع الاجتماعي وتُحركنا مشاعر ومجموعة من الحواس، مثل اللمس والنظر وغير ذلك، لهذا أعتقد أنه كلما عشنا في العالم الافتراضي وفي عزلة، تزيد رغبتنا لبديل تفاعلي مع الناس، لهذا لا أراه تهديدا بل مجرد شكل آخر من أشكال التسوق».
في الشهر الماضي توسعت «بيستر فيلدج» أكثر، لتحتضن هذه المرة 30 ماركة جديدة انضمت إلى الـ130 ماركة أخرى، مثل «بالنسياغا» و«غوتشي» و«فندي» و«دولتشي آند غابانا» و«ديور» و«لورو بيانا» وهلم جرا. بخلق مناخ يسر العين ويخاطب الحواس، تعرف ديزيريه بولييه أنها نجحت في مهمتها والأهداف التي تم وضعها في البداية.
فتوسع المكان، الذي أصبح بطول «الشانزليزيه» 1.2 ميل، يؤكد هذه الحقيقة ويجعل مخاطبة الأذواق العالمية عملية جد سهلة.
لا تُنكر أن ثقافة التسوق تغيرت كثيرا عما كانت عليه. في البداية كان البعض يفضل عدم الإعلان عن تسوقه لمنتجات من موسم ماضٍ، أو من «آوتليت» لارتباطها بإيحاءات سلبية، لكن كان هذا منذ 10 سنوات تقريبا، الآن أصبحت عملية المزج بين الموضة وقطع فريدة وكلاسيكية إنجازا يعبر عن الذوق الخاص.
وتشرح: «هناك قطع كلاسيكية ومنتجات لا تموت مهما مرت المواسم والفصول عليها». ثم تتابع بحماس: «قد تكون هناك قطعة أعجبتك من (فالنتينو) ولم يسعفك الحظ لشرائها في موسمها لأسباب عديدة، مثل أنها لم تكن متوفرة بمقاسك مثلا. لا تفارقك صورتها وربما تتحسرين عليها، لكن بعد عام تتفاجئين بها هنا وعلى مقاسك. تصوري حجم السعادة التي ستشعرين بها آنذاك؟. أنا أرى الأمر هنا بمثابة دخول مغارة علي بابا والخروج منها بكنز».
تتذكر أن التحدي الذي واجهته في البداية لم يكن إقناع الزوار والزبائن بقدر ما كان إقناع المصممين بالانضمام إلى المشروع. كان العديد منهم إما خائفا أن ترتبط صورتهم بمنتجات بارت من جهة، وإما يشك في نوعية الزبائن الذين سيرتادون هذه الأماكن من جهة ثانية. مهمة ديزيريه كانت إقناعهم بأن صورتهم لن تهتز وتضمن لهم ذلك. ومع الوقت تأكدوا أن المسألة في صالحهم وليست ضدهم، بدليل أن دراسة أجريت في عام 2012 وشملت 5000 زائر أفادت بأن 82 في المائة منهم تعرفوا على ماركات معينة أو أسماء مصممين في هذه القرى. فزبون عادي مثلا لن يُفكر بدخول محل لـ«لورو بيانا» أو لـ«فندي» في عواصم الموضة، لكنه يجد الأمر عاديا في «بيستر فيلدج» وغيرها من القرى المتواجدة في الصين أو أوروبا. غالبا ما يحملون معهم اكتشافهم هذا إلى بلدانهم، بحيث يُصبحون زبائن دائمين لهذه الماركات يشترون منها تصاميمها الموسمية بسعرها الكامل. بهذا لم تنجح ديزيريه في إقناع المصممين وبيوت الأزياء بأن الأمر لن يؤثر على أسمائهم أو مكانتهم في السوق فحسب، بل أدخلت العديد من عشاق الموضة إلى عالم لم يكن بعضهم يعرف عنه الكثير. «الآن يبدو كل شيء جميلا وسهلا، لكن العملية لم تكن مفروشة بالورود في البداية. فقد استغرقت ما لا يقل عن 20 عاما لتصل إلى ما هي عليه اليوم، كوجهة تمنح فرصة ثانية لشراء قطعة قد تكون راوغت الزبون في موسمها، كما تمنح للمصممين فرصة للتخلص من بضائع قد تبور أو تتلف في المخازن».
بين المتسوق العربي والصيني
النسبة الكبرى من زوار هذه القرى، حسب الإحصائيات، هم من الصين ومنطقة الشرق الأوسط؛ لهذا كان لا بد من ابتكار طرق لإرضائهم والإبقاء عليهم أوفياء حتى تكون زيارتهم لبريطانيا ممتعة من كل الجوانب. من أجل هذا يخضع العاملون في هذه القرى إلى عدة تدريبات لكي يتعرفوا على ثقافة كل جنسية ويتعلموا حسن الضيافة وما شابه من أمور تصب في صالح هذا الزبون. من الملاحظات التي يتم أخذها بعين الاعتبار عن المتسوق العربي والصيني التالي:
- أن الصيني لا يقوى على الانتظار. فهو متسوق متحمس يشتري بسرعة على أساس أن الوقت من ذهب.
- الزبون العربي في المقابل يفكر كثيرا قبل أن يشتري. فحتى عندما تُعجبه قطعة لا يتسرع، بل يترك المحل إلى أقرب مقهى ليرتشف فنجان قهوة أو مطعم ليتناول وجبة غذاء قبل أن يُقرر العودة لشرائها.
- العربي يحب أن يعامل بطريقة خاصة بأن يُدلل، لأن المهم بالنسبة له ليس شراء قطعة «لقطة» من ناحية أن سعرها مخفض، بقدر أن يعيش تجربة ممتعة وفريدة يشعر فيها بأن الخدمة عالية.


مقالات ذات صلة

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

لمسات الموضة توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

بعد عدة أشهر من المفاوضات الشائكة، انتهى الأمر بفض الشراكة بين المصمم هادي سليمان ودار «سيلين». طوال هذه الأشهر انتشرت الكثير من التكهنات والشائعات حول مصيره…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة كيف جمع حذاء بسيط 6 مؤثرين سعوديين؟

كيف جمع حذاء بسيط 6 مؤثرين سعوديين؟

كشفت «بيركنشتوك» عن حملتها الجديدة التي تتوجه بها إلى المملكة السعودية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة الملك تشارلز الثالث يتوسط أمير قطر الشيخ تميم بن حمد وزوجته الشيخة جواهر والأمير ويليام وكاثرين ميدلتون (رويترز)

اختيار أميرة ويلز له... مواكبة للموضة أم لفتة دبلوماسية للعلم القطري؟

لا يختلف اثنان أن الإقبال على درجة الأحمر «العنابي» تحديداً زاد بشكل لافت هذا الموسم.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة تفننت الورشات المكسيكية في صياغة الإكسسوارات والمجوهرات والتطريز (كارولينا هيريرا)

دار «كارولينا هيريرا» تُطرِز أخطاء الماضي في لوحات تتوهج بالألوان

بعد اتهام الحكومة المكسيكية له بالانتحال الثقافي في عام 2020، يعود مصمم غوردن ويس مصمم دار «كارولينا هيريرا» بوجهة نظر جديدة تعاون فيها مع فنانات محليات

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة الممثلة والعارضة زانغ جينيي في حملة «بيربري» الأخيرة (بيربري)

هل يمكن أن تستعيد «بيربري» بريقها وزبائنها؟

التقرير السنوي لحالة الموضة عام 2025، والذي تعاون فيه موقع «بي أو. ف» Business of Fashion مع شركة «ماكنزي آند كو» للأبحاث وأحوال الأسواق العالمية، أفاد بأن…

«الشرق الأوسط» (لندن)

اختيار أميرة ويلز له... مواكبة للموضة أم لفتة دبلوماسية للعلم القطري؟

الملك تشارلز الثالث يتوسط أمير قطر الشيخ تميم بن حمد وزوجته الشيخة جواهر والأمير ويليام وكاثرين ميدلتون (رويترز)
الملك تشارلز الثالث يتوسط أمير قطر الشيخ تميم بن حمد وزوجته الشيخة جواهر والأمير ويليام وكاثرين ميدلتون (رويترز)
TT

اختيار أميرة ويلز له... مواكبة للموضة أم لفتة دبلوماسية للعلم القطري؟

الملك تشارلز الثالث يتوسط أمير قطر الشيخ تميم بن حمد وزوجته الشيخة جواهر والأمير ويليام وكاثرين ميدلتون (رويترز)
الملك تشارلز الثالث يتوسط أمير قطر الشيخ تميم بن حمد وزوجته الشيخة جواهر والأمير ويليام وكاثرين ميدلتون (رويترز)

لا يختلف اثنان أن الإقبال على درجة الأحمر «العنابي» تحديداً زاد بشكل لافت هذا الموسم، سواء تعلق الأمر بمناسبات النهار أو المساء والسهرة. ثم جاءت أميرة ويلز، كاثرين ميدلتون، لترسِخ مكانته منذ أيام قليلة، لدى مشاركتها مراسيم استقبال الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، والشيخة جواهر بنت حمد بن سحيم آل ثاني. ظهرت به من الرأس إلى أخمص القدمين، في لوحة مفعمة بالجرأة والكلاسيكية في الوقت ذاته. هذه اللوحة ساهم في رسمها كل من مصممة دار «ألكسندر ماكوين» السابقة سارة بيرتون من خلال المعطف، ومصممة القبعات «سحر ميليناري» ودار «شانيل» من خلال حقيبة اليد.

الملك تشارلز الثالث يتوسط أمير قطر الشيخ تميم بن حمد وزوجته الشيخة جواهر والأمير ويليام وكاثرين ميدلتون (رويترز)

كان هذا اللون كافياً لكي يُضفي عليها رونقاً ودفئاً من دون أن يحتاج إلى أي لون آخر يُسنده. ربما تكون أقراط الأذن والعقد المرصعين باللؤلؤ هما الاستثناء الوحيد.

لكن من يعرف أميرات القصر البريطاني يعرف أن اختياراتهن لا تخضع لتوجهات الموضة وحدها. هن أيضاً حريصات على توظيف إطلالاتهن كلغة دبلوماسية في المناسبات الرسمية. في هذا الحالة، يمكن أن نقرأ أن سبب اختيارها هذا اللون كان من باب الاحتفاء بالضيفين العربيين، بالنظر إلى أنه أحد ألوان العلم القطري.

لكن إذا تقيّدنا بتوجهات الموضة، فإنها ليست أول من اكتشفت جمالياته أو سلّطت الضوء عليه. هي واحدة فقط من بين ملايين من نساء العالم زادت قابليتهن عليه بعد ظهوره على منصات عروض الأزياء الأخيرة.

اختيار أميرة ويلز لهذا اللون من الرأس إلى أخمص القدمين كان مفعماً بالأناقة (رويترز)

«غوغل» مثلاً أكدت أن الاهتمام بمختلف درجاته، من العنابي أو التوتي أو الرماني، بلغ أعلى مستوياته منذ 5 سنوات، في حين ارتفعت عمليات البحث عنه بنسبة 666 في المائة على منصات التسوق الإلكترونية، مثل «ليست» و«نيت أبورتيه» و«مايتريزا» وغيرها.

ورغم أنه لون الخريف والشتاء، لعُمقه ودفئه، فإنه سيبقى معنا طويلاً. فقد دخل تشكيلات الربيع والصيف أيضاً، معتمداً على أقمشة خفيفة مثل الكتان والساتان للنهار والموسلين والحرير للمساء، بالنظر إلى أن أول تسلل له، كان في تشكيلات ربيع وصيف 2024 في عرضي كل من «غوتشي» و«بوتيغا فينيتا». كان جذاباً، الأمر الذي جعله ينتقل إلى تشكيلات الخريف والشتاء الحاليين والربيع والصيف المقبلين.

بغضّ النظر عن المواسم والفصول، كان هناك إجماع عالمي على استقباله بحفاوة جعلته لون الموسم بلا منازع. لم يعد يقتصر على العلامات الكبيرة والغالية مثل «غوتشي» و«برادا» وغيرهما. انتقلت عدواه سريعاً إلى المحلات الكبيرة من «بريمارك» إلى «زارا» و«أيتش أند إم» مروراً بـ«مانغو» وغيرها من المتاجر الشعبية المترامية في شوارع الموضة.

الجميل فيه سهولة تنسيقه مع ألوان كثيرة مثل الرمادي (إ.ب.أ)

ورغم أن أميرة ويلز ارتدته من الرأس إلى القدمين، فإن أحد أهم عناصر جاذبيته أنه من الدرجات التي يسهل تنسيقها مع ألوان أخرى كثيرة، من دون أن يفقد تأثيره. يمكن تنسيقه مثلاً مع الأسود أو البيج أو الرمادي أو الأزرق الغامق. يمكن أيضاً تنسيق كنزة صوفية بأي درجة من درجاته مع بنطلون جينز بسيط، أو الاكتفاء بمعطف منه أو حقيبة أو حذاء حتى قفازات فقط.