مسجد الصحابة بشرم الشيخ... منارة إسلامية في عاصمة السياحة الترفيهية

يضم 6 أئمة يجيدون الإنجليزية والفرنسية

مسجد الصحابة يضفي المزيد من الجمال على مدينة شرم الشيخ
مسجد الصحابة يضفي المزيد من الجمال على مدينة شرم الشيخ
TT

مسجد الصحابة بشرم الشيخ... منارة إسلامية في عاصمة السياحة الترفيهية

مسجد الصحابة يضفي المزيد من الجمال على مدينة شرم الشيخ
مسجد الصحابة يضفي المزيد من الجمال على مدينة شرم الشيخ

في وسط منطقة «السوق القديم» بمدينة شرم الشيخ السياحية بمحافظة جنوب سيناء في مصر، يقف مسجد الصحابة بقبابه اللافتة ومئذنتيه الشامختين، فضلاً عن ألوانه المستوحاة من الطبيعة الجبلية المحيطة بالمنطقة.
قبل أقل من عام وتحديداً في مارس (آذار) 2017 اُفتتح هذا المسجد الذي يتوسط منطقة تجارية حيوية، وأصبحت بفضله وجهة ومزاراً سياحياً بعد أن كانت مقصداً تجارياً للضيوف الأجانب بغرض شراء الهدايا ذات الطابع الفرعوني من ملابس وتحف وغيرها.
وأسهم المسجد الذي احتاج إلى نحو 6 سنوات -تخللتها توقفات لأسباب مختلفة لإتمام بنائه- في إضفاء طابع سياحي ديني على مدينة شرم الشيخ، التي تعرف حول العالم مقصداً ترفيهياً يرتبط بسياحة الشواطئ والاحتفالات.
وتبلغ مساحة مسجد الصحابة نحو 3 آلاف متر مربع تقريباً، بينما تتسع طوابقه المتعددة لنحو ألفي مصلٍّ، وتقدّر تكلفة تشييده بما بين 35 و40 مليون جنيه مصري، تنوعت بين التبرعات المادية المباشرة، والعمل المجاني كما فعل صاحب التصميم المهندس المعماري فؤاد توفيق، فضلاً عن مساهمات حكومية، إضافة إلى تكفل الهيئة الهندسية التابعة للقوات المسلحة بإتمام أعمال التشطيب النهائية حتى تسليمه وافتتاحه قبل 8 أشهر.
يمزج تصميم المسجد بين أنماط معمارية مختلفة، تبدو للوهلة الأولى مثيرة للارتباك، غير أن وراء ذلك فلسفة فنية يؤمن بها من أقرّوا الشكل، فمن العصر العثماني استُوحيت قباب المسجد النحاسية اللون التي تقترب من مسجد محمد علي (حاكم مصر منذ 1805: 1848) في القلعة التي تحمل اسمه في القاهرة. وتظهر بصمة العصر المملوكي، في «المقرنصات» التي تبدو لافتة في مئذنة مسجد الصحابة، فضلاً عن استخدام اللون الذهبي في الأبواب. ولم يخلُ الأمر من لمسة لمطلع القرن الماضي، والتي تجلت في تسمية أحد الممرات في المسجد باسم «زقاق الصحابة»، في محاكاة -على ما يبدو- لمنطقة «زقاق المدق» القريبة من حي الحسين بالقاهرة الفاطمية.
ويحمل «مسجد الصحابة» من اسمه نصيباً، إذ تحمل «أباليك» الإضاءة المصنوعة من الفخار والمثبتة في جوانب متعددة من المسجد أسماء صحابة سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم)؛ أبو بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، وعمار بن ياسر، وغيرهم (رضوان الله عليهم)، حيث تزينت أركان المسجد بأسمائهم الأولى.
التكنولوجيا الحديثة كان لها حضور في بنية المسجد، ما دعا إلى وضع شاشات تلفزيونية كبيرة موزعة على أعمدته المختلفة، بغرض نقل صورة خطيب الجمعة إلى جميع المصلين الذين قد لا يرون الإمام مباشرة، بسبب مساحة المسجد المترامي الأطراف، فضلاً عن صلاة السيدات في دور آخر. يقول الشيخ مؤمن أحمد، أحد أئمة مسجد «الصحابة» لـ«الشرق الأوسط»، نستهدف بتلك الشاشات خلق حالة تواصل سمعي وبصري بين الإمام والمصلين، لتعظيم الاستفادة من رسالة الخطبة وتحقيق أهدافها، وحتى لا تكون مسألة عدم رؤية الإمام مباشرة سبباً في السهو والانشغال من قبل المصلي.
«كما تتعدد الأنماط المعمارية لمسجد (الصحابة)، وتتنوع كذلك مهامه وأدواره»، هكذا يقول الشيخ أحمد وحيد، وهو إمام آخر لمسجد الصحابة متخصص في الدعوة باللغة الإنجليزية، الذي تخرج في كلية اللغات والترجمة بجامعة الأزهر وتخصص في الدعوة باللغة الأجنبية.
ويشرح الشيخ وحيد أن إدارة المسجد توفر مطبوعات باللغات (الإنجليزية، والفرنسية، والألمانية، والإسبانية، والروسية، والبرتغالية، والإيطالية، والصينية) وجميعها تشرح للسائحين أسس الإسلام بعيداً عن دعاية «الإسلاموفوبيا»، أو تجاوزات التنظيمات المتطرفة مثل «داعش» وغيره.
ويروى الشيخ وحيد لـ«الشرق الأوسط» أنه تسلم عمله قبل شهرين، ويواصل: «يسر لي الله أن تُسْلم سيدة إنجليزية وابنتها على يدي، وكان أكثر ما يشغلها هو السؤال عن (داعش) وعلاقة تعاليم الإسلام بذلك التنظيم المتطرف الإرهابي».
وبسبب طبيعة مدينة شرم الشيخ الجاذبة لمختلف الجنسيات يحتل «المركز الثقافي الإسلامي» مساحة مهمة في طبيعة عمل مسجد الصحابة، إذ يشغل 4 أدوار ترتفع في مبنى ملاصق ليمين المسجد.
ويقول الشيخ أشرف حسين، وهو أحد المسؤولين عن الدعوة بالإنجليزية في المركز الثقافي، لـ«الشرق الأوسط»، إن فريق العمل يضم 6 أئمة نصفهم متخصص في الدعوة بالإنجليزية ومثلهم يتقن الفرنسية، وجميعهم تم اختيارهم ضمن مسابقة متخصصة لشغل ذلك الموقع من بين 150 متقدماً من جميع أنحاء مصر.
ويشرح أن «المركز الإسلامي» تلقى وفوداً رسمية بالتنسيق مع محافظة جنوب سيناء، من الصين وروسيا وإيطاليا، بغرض التبادل الثقافي، لافتاً إلى أنه وفيما يتعلق بالتفاعل مع الزائرين من «السياح» بشكل غير رسمي، فإن أئمة المسجد ينتظرون بشكل تطوعي عقب الانتهاء من صلاة العشاء في الساحة الخلفية للمسجد والمعروفة باسم «الإيوان» التي تعد مزاراً لالتقاط الصور من قبل الأجانب.


مقالات ذات صلة

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

الاقتصاد سياح صينيون يزورون مسجد الحسن الثاني في الدار البيضاء (رويترز)

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

أعلنت وزارة السياحة المغربية، الاثنين، أن عدد السياح الذين زاروا المغرب منذ بداية العام وحتى نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) بلغ 15.9 مليون سائح.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
سفر وسياحة من بين الأدوات التي استخدمها المجرمون في قتل ضحاياهم (متحف الجريمة)

«متحف الجريمة» في لندن... لأصحاب القلوب القوية

من براميل الأسيد التي استخدمها القاتل جون جورج هاي لتذويب ضحاياه والتي تعرف باسم Acid Bath «مغطس الأسيد» إلى الملابس الداخلية لـ«روز ويست».

عادل عبد الرحمن (لندن)
يوميات الشرق آلاف الحقائب التي خسرتها شركات الطيران في متجر الأمتعة بألاباما (سي إن إن)

المسافرون الأميركيون يفقدون ملايين الحقائب كل عام

داخل المساحة التي تبلغ 50 ألف قدم مربع، وإلى مدى لا ترى العين نهايته، تمتد صفوف من الملابس والأحذية والكتب والإلكترونيات، وغيرها من الأشياء المستخرجة من…

«الشرق الأوسط» (لندن)
سفر وسياحة «ساحة تيفولي» في كوبنهاغن (الشرق الأوسط)

دليلك إلى أجمل أضواء وزينة أعياد الميلاد ورأس السنة حول العالم

زينة أعياد الميلاد ورأس السنة لها سحرها. يعشقها الصغار والكبار، ينتظرونها كل سنة بفارغ الصبر. البعض يسافر من بلد إلى آخر، فقط من أجل رؤية زينة العيد.

جوسلين إيليا (لندن)

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.