مهرجان طنطا الدولي للشعر يكسب أرضاً جديدة

الشعر بين البسطاء في القرى والنجوع وساحة المسجد

صورة جماعية للشعراء المشاركين
صورة جماعية للشعراء المشاركين
TT

مهرجان طنطا الدولي للشعر يكسب أرضاً جديدة

صورة جماعية للشعراء المشاركين
صورة جماعية للشعراء المشاركين

أربعة أيام من الشعر في فضاءات متنوعة واستثنائية، نجح مهرجان طنطا الدولي للشعر في دورته الثالثة أن يجعل منها عرساً شعرياً بامتياز، ويكسب أرضاً جديدة، حيث ذهب الشعر إلى الناس البسطاء في القرى والنجوع، كما ذهب إلى الطلبة في قاعات الدرس بالجامعة، وعلى رقصات «التنورة» الشعبية عانق النفحات الروحانية في ساحة مسجد الصوفي السيد البدوي، صاحب المزار الديني الأشهر بالمدينة، الذي شهد أمسية الافتتاح، رافقها أمسيتان أخريان أُقِيمَتا في أماكن أخرى.
شارك في المهرجان الذي دارت فعالياته في الفترة من 27 إلى 30 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، 35 شاعراً من 17 دولة، من مصر، والمغرب، والعراق، وسوريا، ولبنان، واليمن، وتركيا، وفرنسا، والهند، وإسبانيا، وأميركا، والمكسيك، والدومينيكان، وهولندا، ومالطا، والمجر، وكوستاريكا. ومن أبرز الشعراء المشاركين، الشاعر محمد بن طلحة من المغرب، والشاعر منعم الفقير من العراق، ومن مصر الشعراء: محمود قرني، فارس خضر، محمد إبراهيم البجلاتي، محمد القليني، هدى حسين. والشاعر جان ريميه من فرنسا، والشاعرة هلال كرهان من تركيا، والشاعر توماس مولمان من هولندا.
سادت حالة من الفرح بالشعر حفل الافتتاح الذي شهد حضوراً مكثفاً من الجمهور، وعدد من قيادات المحافظة ووزارة الثقافة. ومع انطلاق فعاليات المهرجان بدا لافتاً حرص منظِّمِيه على إذابة الحدود والفواصل السميكة بين الشعر والجمهور، وبين الشعراء المشاركين أنفسهم، فتركوا الشعر يمشي على سننِه وفطرته، يصنع حالاته وإيقاعاته بالتفاعل الحيِّ بين الشعراء أنفسهم، وبينهم وبين الجمهور.
وضع المسؤولون خطوطاً شفيفة، تحفظ للمهرجان شكله وخصوصيته، وتركوا المشاركين فيه يكملون الصورة، بل يصنعونها في توافق وانسجام وتلقائية منفلتة من أية قيود؛ فاقتصر المهرجان على الشعر، وترك النقاش حول قضاياه الشائكة والملتبسة مفتوحة لجلسات الشعراء الخاصة، وتنوع ثقافاتهم ولغاتهم، فتناثرت هذه النقاشات على طاولات الطعام، وفي الحوارات الجانبية والجماعية في مقهى الفندق، والمقاهي الشعبية بالمدينة، التي آثر عدد من الشعراء السهر فيها، في جوّ مفعم بالدفء والذكريات حول الشعر ومحطاته التي لن تنتهي.
حفز هذه المناخ عدداً من الشعراء على التعبير بالجسد عن قصائدهم، ومحاولة تجسيد ما ترمي إليه بطريقة مختلفة، تكسر طرق الإلقاء التقليدية، ففي أمسية الافتتاح بساحة مسجد السيد البدوي، قلب الشاعر العرقي الشاب علي ذرب، الكرسيّ، وفرش الأرض بصفحات من قصيدته، ثم جلس على ركبتيه وبدأ في إلقائها، محاولاً تجسيد الحالة العراقية الراهنة بكل ما فيها من كوارث وحروب، ما أثار دهشة الحضور وتساؤلاتهم، وإعجابهم أيضاً. كما حولت الشاعرة، ماريا باليتاتشي من الدومينيكان، قصيدته إلى «شو» مسرحي، بالتعبير بالجسد والكلمة معاً، لتبرز مساحات الدراما والوجع الإنساني، خصوصاً أن القصيدة تعلو فيها نبرة الصراخ والاحتجاج على أوضاع العسف والقهر ضد الإنسان في بلادها.
وفي حفل الختام عَلَّق الشاعر الفرنسي جان ريميه جاندون مقطعاً من قصيدته على صدره مترجماً إلى العربية يقول: «العالم قبيح/ كثير من الحب/ وأماكن كثيرة لا تسعه»، ثم قام بتمزيق قصيدته ووزع على الجمهور قصاصات منها، و«كرمش» الباقي ووضعه في صدره، ثم صعد إلى المسرح واكتفى بتحية الجمهور، ولم يقرأ شيئاً، وحين نزل أفرغ ما في صدره من قصاصات... كأنه يريد أن يقول، من خلال دلالة التمزيق، إنه يحتجّ على قصيدته؛ أن توجَد وتُكتَب في هذا العالم القبيح، قبل أن يحتجَّ عليه ويرفضه.
وكان لافتاً أيضاً حرص القائمين على المهرجان على أن يسمع الشعراء أصواتاً شعرية شابة من الجمهور، في ختام الأمسيات الشعرية، سواء في القرى والنجوع وبعض الكليات بالجامعة، ما أكسب الأمسيات حسّاً جميلاً من الحنوّ والفرح حتى بأخطاء الشعر، في مسعاها إلى النمو والاكتمال.
وسَّعت الشاعرة المصرية هدى حسين هذه الدائرة، بتنظيمها حفلاً بالفندق، استمتع فيه شعراء المهرجان بمواهب متعددة في الشعر والغناء والرقص لمجموعة الشباب والشابات المشاركين في التنظيم والعمل بالمهرجان، وحرصهم على راحة الشعراء الضيوف.
واحتفي المهرجان، بصدور أول ديوان للشاعر التركية هلال كرهان «قصائد الظلال» مترجماً إلى اللغة العربية، وقام بترجمته الشاعر التونسي فتحي ساسي.
الديوان صدر بالقاهرة الشهر الماضي عن مطبوعات دار «بتانة» للنشر والتوزيع، أقام لها المهرجان على هامش فعالياته وبالتعاون مع الدار حفل توقيع، بمقهى الفندق الذي يقيم به ضيوف المهرجان.
أقيم الحفل بالتزامن مع حفل توقيع آخر لديوان «جدار أزرق» لكاتب هذه السطور، الصادر أيضاً عن دار «بتانة» منذ عدة أشهر، وتحدث الشاعران عن تجربتيهما في الديوانين المحتفى بهما، وأجابا عن أسئلة ومداخلات مهمة من الشعراء الضيوف والحضور، نوّعت أفق الاحتفالية، وأشاعت جوّاً من الألفة والحميمة، خصوصاً في الجدل حول علاقة الشعر بفنون «الميديا» ومواقع التواصل الاجتماعي... حضر الحفل الدكتور عاطف عبيد رئيس دار «بتانة»، والشاعر محمود شرف رئيس المهرجان.
وَثَّق المهرجان فعاليات دورته هذه بإصدار أنطولوجيا، ضمَّت قصيدة واحدة للشعراء المشاركين، مع ترجمة لها من لغتها الأم إلى العربية، وتعريف بكل شاعر. وفي منحى إنساني قام الشعراء المشاركون بزيارة مستشفى السرطان الخاص بالأطفال بالمدينة. وبروح طفولية داعبوا الأطفال وسامروهم، كما زاروا المكتبة الخاصة التي أنشأتها الشاعرة أمل جمال لتكون بمثابة ورشة فنية تقدم أشكالاً من القراءة والرسم بالصلصال والورق (الأوريغامي)، للأطفال، تعينهم على مقاومة المرض والشفاء منه.
هذه الحالة الجميلة التي صنعها المهرجان على مدار أيامه الأربعة لا تخلو من دلالات مهمة، لعل أبرزها أنه يُقام رغم ما تعانيه الدولة من محاربة الإرهاب، وهو ما أكد عليه محافظ طنطا (الغربية) اللواء أحمد ضيف صقر في كلمته بافتتاح المهرجان، مشيراً إلى أهمية الثقافة والإبداع في دحر الإرهاب. وتكمن الدلالة الثانية في دعم ومساندة وزارة الثقافة وقطاعاتها المختلفة للمهرجان.
وتبقى الدلالة الأكثر رسوخاً وجمالاً، في الجهد والمثابرة والإصرار على نجاح المهرجان، واتساعه بعمق من دورة لأخرى، ما يقوم به أعضاء جمعية «شعر للأدباء والفنانين بالغربية»، وعلى رأسهم الشاعر محمود شرف رئيس مجلس إدارة الجمعية، رئيس المهرجان وصاحب فكرته، والشاعران محمد عزيز، وهاني عويد، وغيرهم من الشعراء والأدباء.
أشاد الشاعر محمود شرف رئيس المهرجان، في كلمته بحفلي افتتاح المهرجان والختام بهذا الجهد، معبراً عن سعادته الغامرة بنجاح فريق عمله في إقامة الدورة الثالثة، كما أشاد بالمساندة التي يلقاها المهرجان من وزير الثقافة، وجميع القيادات الحالية للوزارة، وأيضاً بمحافظ الغربية، والمسؤولين بالمحافظة، ووجه الشكر للشعراء المشاركين الذين تكبدوا مشقة السفر، ليشاركوا طنطا مهرجانها الدولي.
تبقى الملاحظة الأساسية على هذا المهرجان الناجح، هو ضرورة تحاشي الشاعر «سد الخانة»، الذي قد تمليه ظروف طارئة، من قبيل التحسب لاعتذار شعراء في اللحظات الأخيرة، وهو ما حدث بالفعل، حيث اعتذر شعراء من السعودية والجزائر، ودول أجنبية، لظروف خاصة حالت دون مشاركتهم... لكن رغم ذلك، يظل معيار الشعرية هو الفيصل في مؤتمر دولي خاص بالشعر، ويظل الفراغ أكثر جمالاً وشاعرية من ملئه بقصائد لا تغني ولا تسمن من جوع.



البطولة النسائية رهان متجدد في دراما رمضان بمصر

الفنانة المصرية غادة عبد الرازق (حسابها بـ«فيسبوك»)
الفنانة المصرية غادة عبد الرازق (حسابها بـ«فيسبوك»)
TT

البطولة النسائية رهان متجدد في دراما رمضان بمصر

الفنانة المصرية غادة عبد الرازق (حسابها بـ«فيسبوك»)
الفنانة المصرية غادة عبد الرازق (حسابها بـ«فيسبوك»)

يراهن عدد من الفنانات المصريات على أدوار «البطولة النسائية» خلال موسم الدراما الرمضاني المقبل 2025، حيث يشهد نحو 11 مسلسلاً من المقرر عرضها في الموسم الجديد حضوراً بارزاً للبطولة النسائية، من بينهن غادة عبد الرازق ونيللي كريم ودنيا سمير غانم، وغيرهن من النجمات اللواتي اعتدن الظهور الفني بالدراما التلفزيونية الرمضانية.

الفنانة غادة عبد الرزاق تقدم هذا العام بطولة مسلسل «شباب امرأة» المقتبس عن فيلم بالاسم نفسه، وقام ببطولته تحية كاريوكا وشكري سرحان، والمسلسل من تأليف محمد سليمان وإخراج أحمد حسن.

وتظهر الفنانة نيللي كريم عبر بطولة مسلسل «جاني في المنام» بصحبة الفنانات روبي وكندة علوش وجيهان الشماشرجي، من تأليف مهاب طارق وإخراج محمد شاكر خضير، بعد ظهور نيللي في رمضان الماضي عبر المسلسل الكوميدي «فراولة».

نيللي كريم وروبي من كواليس مسلسل «جاني في المنام» (حساب نيللي كريم بـ«فيسبوك»)

وتعود الفنانة دنيا سمير غانم للبطولة الدرامية من خلال مسلسل «عايشة الدور» تأليف كريم يوسف وإخراج أحمد الجندي، وكانت قد قدمت مسلسل «جت سليمة» رمضان 2023، وتخوض الفنانة ياسمين عبد العزيز المنافسة الدرامية بعد غيابها العام الماضي من خلال مسلسل «وتقابل حبيب» تأليف عمرو محمود ياسين وإخراج محمد الخبيرى.

بينما تقوم الفنانة ياسمين صبري هذا العام ببطولة مسلسل «ضل حيطة» تأليف محمد سيد بشير وإخراج شيرين عادل، بينما تطل الفنانة دينا الشربيني على الشاشة عبر الجزء الثالث من مسلسل «كامل العدد»، تأليف رنا أبو الريش ويسر طاهر، وإخراج خالد الحلفاوي، الذي حقق جماهيرية ملحوظة وناقش المشكلات الاجتماعية والعلاقات الأسرية.

وانتهت الفنانة مي عمر قبل أشهر عدة من تصوير مسلسل «إش إش» الذي يشهد على تقديمها للبطولة المطلقة للمرة الثانية بعد مسلسل «نعمة الأفوكاتو»، الذي قدمت خلاله شخصية محامية بالتعاون مع زوجها المخرج محمد سامي، ووفق تصريحات محلية للفنانة المصرية فإن العمل يدور حول تفاصيل حياة راقصة.

وتستمر الفنانة روجينا في تصدر البطولة عبر مسلسل «حسبة عمري» الذي تدور أحداثه في إطار اجتماعي تشويقي؛ تأليف محمود عزت وإخراج مي ممدوح، بينما قدمت روجينا من قبل بطولة مسلسلات عدة في مواسم درامية رمضانية مختلفة من بينها «بنت السلطان» و«ستهم» و«انحراف» و«سر إلهي».

وتقوم الفنانة المصرية أمينة خليل ببطولة مسلسل «لام شمسية»، تأليف مريم نعوم وإخراج كريم الشناوي، بينما تقوم ريهام حجاج ببطولة مسلسل «أثينا»، تأليف محمد ناير وإخراج يحيى إسماعيل، كما تعود الفنانة التونسية درة للمنافسة الرمضانية من خلال مسلسل «مشتهى»، تأليف وإخراج باهر رشاد، وذلك منذ تقديمها مسلسل «بين السما والأرض» قبل 4 سنوات.

وتشترك معظم الأعمال الدرامية التي تعتمد على البطولة النسائية هذا العام في تقديم أعمال من 15 حلقة، وهو التوجه الذي اعتمده عدد كبير من صناع الدراما في السنوات الأخيرة.

ياسمين عبد العزيز (حسابها بـ«إنستغرام»)

وتعليقاً على وجود دراما تلفزيونية من بطولة نسائية بشكل لافت في رمضان المقبل، أكدت الناقدة الفنية المصرية فايزة هنداوي أن «التصدر الفني النسائي موجود على خريطة الدراما منذ سنوات طويلة»، مضيفة لـ«الشرق الأوسط» أن «هذه البطولات حققت نجاحات كبيرة، حيث يتم التسويق باسم النجمات وحسب جماهيريتهن في مصر والدول العربية».

وتوضح فايزة أن «انتشار المنصات في الفترة الأخيرة جعل القصة هي البطل وليس النجم أو النجمة، وباتت الحكاية هي الجاذبة كما حدث العام الماضي من خلال مسلسلات تصدر بطولتها مجموعة من الشباب وحققت نجاحات واسعة نظراً لحكاياتها التي حظيت بإعجاب الناس».

وأضافت أن «الاعتماد على البطولة النسائية في الدراما التلفزيونية أكثر من السينما يعود لتعدد المواسم التي تطرح موضوعات خاصة بالنساء، وكذلك اختلاف الجمهور المستهدف، وانتشار قصص الأكشن والكوميديا التي تجذب الجمهور وتليق بالنجوم الرجال أكثر وفق ما يرى صناع السينما».