بغداد تتهم «البيشمركة» بـ«الغدر» وتتوعدها

مستشار لبارزاني: الحكومة الاتحادية تقرع طبول الحرب ضد كردستان

TT

بغداد تتهم «البيشمركة» بـ«الغدر» وتتوعدها

اتهم رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي سلطات إقليم كردستان بعرقلة التوصل إلى اتفاق لنشر القوات الاتحادية في المناطق المتنازع عليها، فيما نددت قيادة العمليات المشتركة بتحركات عسكرية تعيق انتشارها في تلك المناطق. وتوصلت القوات العراقية وقوات «البيشمركة» الكردية، مساء الأحد الماضي، إلى اتفاق على نشر القوات الاتحادية المركزية في مناطق بشمال البلاد، خصوصاً عند معبر فيشخابور الاستراتيجي على الحدود مع تركيا وسوريا.
وكان الطرفان أطلقا عملية تفاوض إثر هدنة أعلنتها بغداد الأسبوع الماضي، غداة معارك عنيفة بالأسلحة الثقيلة والمدفعية بينهما، وبعد أسابيع من التوتر تمكنت خلالها القوات العراقية من السيطرة على الكثير من المناطق التي كانت تحت سيطرة الأكراد منذ عام 2014.
وقال العبادي خلال لقاء مع صحافيين وإعلاميين في بغداد إن «هناك تراجعا من قبلهم (الأكراد) عن الاتفاق». وأضاف، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية: «وجهنا... وإذا لم يلتزموا سننفذ الذي نريده. وإذا تعرضت قواتنا لإطلاق نار، سنريهم قوة القانون. لا يوجد مأمن لأحد في العراق من قوة القانون». وتنتشر في هذه المناطق قوات عراقية وكردية في انتظار أوامر بالانسحاب أو استئناف القتال. وأصدرت قيادة العمليات المشتركة العراقية بياناً، مساء أمس، أكدت فيه أن قيادة إقليم كردستان «ووفدهم المفاوض تراجعوا بالكامل مساء الثلاثاء عن المسودة المتفق عليها والتي تفاوض عليها الفريق الاتحادي معهم». واعتبرت أن «هذا لعب بالوقت... وعودة إلى ما دون المربع الأول ومخالف لكل ما اتفقوا عليه».
ولفتت قيادة العمليات إلى أن «الإقليم يقوم طول فترة التفاوض بتحريك قواته وبناء دفاعات جديدة لعرقلة انتشار القوات الاتحادية وتسبيب خسائر لها، وعليه فإنه لا يمكن السكوت عن ذلك، ومن واجبنا حماية المواطنين والقوات». وشددت على أنها لن تسمح بـ«التسويف والغدر لقتل قواتنا كما فعلوا سابقاً». وأكدت أن «القوات الاتحادية مأمورة بتأمين المناطق والحدود وحماية المدنيين ولديها تعليمات مشددة بعدم الاشتباك ومنع إراقة الدماء، لكن إن تصدت الجماعات المسلحة المرتبطة بأربيل بإطلاق صواريخ وقذائف ونيران على القوات الاتحادية وقتل أفرادها وترويع المواطنين، فستتم مطاردتها بقوة القانون الاتحادي ولن يكون لها مأمن. ونؤكد أن مصالح أبناء شعبنا في جميع المناطق التي ستدخلها القوات الاتحادية ستكون بحمايتها».
في المقابل، اتهم هامين هورامي، مستشار رئيس إقليم كردستان المتنحي مسعود بارزاني، بغداد بـ«التصعيد ضد كردستان». وكتب هورامي على موقع «تويتر» أن «الحكومة العراقية لا تقدر الحوار... هذا قرع لطبول الحرب على كردستان».
واتخذت حكومة بغداد مجموعة من الإجراءات العقابية ضد أربيل بعد الاستفتاء الذي أجرته على الاستقلال عن بغداد الشهر قبل الماضي، بينها غلق المجال الجوي على مطاري الإقليم. وخسر الإقليم غالبية الأراضي التي سيطرت عليها قوات «البيشمركة» منذ عام 2003، خصوصاً محافظة كركوك الغنية بالنفط، خلال أيام فقط ومن دون مواجهات عسكرية تذكر مع القوات الاتحادية المركزية.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.