هل بإمكان ليفربول حل لغز التناقض في مستوى تشامبرلين؟

اللاعب الإنجليزي الموهوب الذي حاولت أندية كبيرة ضمه لا يزال ينتظر فرصة اللعب أساسياً

تشامبرلين موهبة إنجليزية ينقصها الولع بجنون كرة القدم (إ.ب.أ)  -  كلوب مدرب ليفربول لم يمنح تشامبرلين سوى دقائق محدودة (رويترز)
تشامبرلين موهبة إنجليزية ينقصها الولع بجنون كرة القدم (إ.ب.أ) - كلوب مدرب ليفربول لم يمنح تشامبرلين سوى دقائق محدودة (رويترز)
TT

هل بإمكان ليفربول حل لغز التناقض في مستوى تشامبرلين؟

تشامبرلين موهبة إنجليزية ينقصها الولع بجنون كرة القدم (إ.ب.أ)  -  كلوب مدرب ليفربول لم يمنح تشامبرلين سوى دقائق محدودة (رويترز)
تشامبرلين موهبة إنجليزية ينقصها الولع بجنون كرة القدم (إ.ب.أ) - كلوب مدرب ليفربول لم يمنح تشامبرلين سوى دقائق محدودة (رويترز)

رغب آرسنال في الإبقاء عليه، وحاولت أندية كثيرة وكبيرة، أبرزها تشيلسي، ضمه إلى صفوفها خلال موسم الانتقالات الصيفي، ومع هذا لا يزال أليكس أوكسليد تشامبرلين يبدو بعيداً عن ضمان مكان له في التشكيل الأساسي بفريق ليفربول الذي فضله عن الآخرين.
أثناء ذروة الحرب الباردة، ساورت الاتحاد السوفياتي شكوك عميقة إزاء سراويل الجينز المصنوعة من قماش «الدنيم». وخلال تلك الفترة، جرى النظر إلى الجينز وكل ما يرتبط به باعتباره رمزاً لانحطاط أسلوب الحياة الغربي، ولإيمان الأجيال الأصغر بأشياء سامة، مثل الحداثة والحرية الفنية والسراويل المريحة.
وفرض الاتحاد السوفياتي عقوبات صارمة ضد من يتورطون في السوق السوداء للسراويل الجينز، التي أطلقت عليها الشرطة «جرائم الجينز». ومع هذا، بدت تلك كحرب تقف فيها السلطات في موقف المهزوم. وبالفعل، جرى رفع الحظر على السراويل «الجينز» أخيراً عام 1975، بل وأعلنت وزارة الصناعات الخفيفة عزمها إنتاج سراويل «جينز» شيوعية، مصنوعة من أجود الخامات وبأرقى التصميمات.
إلا أن هذا الأمر لم يفلح. ورغم أن السراويل «الجينز» السوفياتية ربما بدت شبيهة بالأخرى الأصلية، فإنها لدى تفحصها عن قرب يتضح أنها تفتقر إلى عنصر الخطر الذي شكل أهمية محورية، فهي سراويل لا تبلى تحت المطر، ولا تلطخ جلدك بصبغة زرقاء. وفي النهاية، اتضح فشل السراويل «الجينز» السوفياتية، ليخسر بذلك الاتحاد السوفياتي على جبهة أخرى في إطار الحرب الآيديولوجية التي دارت بينه وبين الغرب. ومن جديد، أثبتت هذه الحادثة المقولة الشهيرة حول أنه مهما بلغت روعة تصميم جهاز «الفاكس»، فإنه لا بديل عن الشيء الحقيقي.
كان ما سبق مقدمة للانتقال إلى الحديث عن أليكس أوكسليد تشامبرلين، الذي يعد لاعب كرة إنجليزياً موهوباً بحق يعاني حالياً من المنغصات التي عادة ما يمر بها لاعب كرة القدم في منتصف مسيرته المهنية. ما زال أوكسليد تشامبرلين ينتظر أول مشاركة أساسياً مع ليفربول بالدوري الممتاز، إلا أن هذا الاحتمال يبقى ضئيلاً بالنظر إلى الوفرة التي يتسم بها الفريق في لاعبي خط الوسط أصحاب المستوى المشابه له، إضافة إلى استعداد جورجينيو فينالدوم للمشاركة بعد تعافيه من الإصابة.
الملاحظ أن ثمة سمة رافقت أوكسليد تشامبرلين من آرسنال، تمثلت في وجود بعض الاضطراب بخصوص المركز المحدد الذي ينتمي إليه اللاعب الذي يملك جميع الخصال التي تؤهله للانضمام إلى مصاف اللاعبين الصفوة: الذكاء والمهارة والسرعة واللياقة البدنية والتعليم الأكاديمي رفيع المستوى، ناهيك بقدرته على ترك بصمة واضحة داخل الملعب.
ورغم مرور 8 سنوات على انطلاق مسيرته الكروية في صفوف الفرق الأولى، لا يزال أوكسليد تشامبرلين بمثابة تجسيد لمصطلح «التناقض الظاهري»، فهو لاعب خط الوسط الإنجليزي الذي يسعى وراءه الجميع، لكن أحداً لا يبدو أن لديه رغبة حقيقية في منحه فرصة المشاركة بانتظام في الفريق الأول. كما أن مسيرة تقدم اللاعب طرحت نتائج مختلطة: في سن الـ19، أعلن اللاعب عن انضمامه إلى آرسنال، مع تألقه على نحو خاص في مواجهة ميلان الإيطالي، في إطار بطولة دوري أبطال أوروبا، من خلال نجاحه في اختراق صفوف دفاع قوي بمستوى من المهارة والبراعة ورباطة الجأش لم يستطع الارتقاء إليه مرة أخرى.
وفي الواقع، يبدو أوكسليد تشامبرلين لاعباً مبدعاً، يحمل طابعاً هجومياً جيداً بما يكفي لأن يسجل هدفاً رائعاً في شباك البرازيل على استاد ماراكانا. علاوة على ذلك، يتميز اللاعب بدقة دفعته لدراسة الخصوم واللاعبين الآخرين بهدف تحسين مستوى مرونته التكتيكية. ومع هذا، تظل الحقيقة أن أوكسليد تشامبرلين ساعد في إحراز هدف واحد فقط في إطار مواجهات الدوري الإنجليزي الممتاز بين مارس (آذار) 2014 وأكتوبر (تشرين الأول) 2016. ورغم أن الصورة العامة حول هذا اللاعب تبدو وكأنها لا تضم سوى نقاط قوة، بينما تخلو من أي نقاط ضعف، فإنه لم يتمكن قط من المشاركة كلاعب مهاجم من الداخل، أو كلاعب جناح مدافع، أو كصانع ألعاب من قلب الملعب.
لقد لفتت مهارات أوكسليد تشامبرلين أنظار فابيو كابيللو (مدرب منتخب إنجلترا السابق) وسير أليكس فيرغسون (مدرب مانشستر يونايتد السابق)، لذا لم يكن غريباً أن يثار جدل حول تركه لآرسنال، وسط محاولات تشيلسي وليفربول ضمه هذا الصيف. ويحظى تشامبرلين بحب من حوله، بجانب قدرته على اللعب كجزء من فريق، في الوقت الذي يبدو في صورته العامة أمام الإعلام أقرب ما يكون إلى معلم ودود على قناة «بي بي سي» دراما للأطفال. ومع هذا، شهدت مسيرته الكروية تراجعاً في زخمها، وانحرفت عن المسار المتوقع لها.
وفي الواقع، هناك نظرية مطروحة لتفسير ذلك الانفصال بين مظهر أوكسليد تشامبرلين وتأثيره الفعلي. وتدور النظرية حول كونه فعلياً رياضياً من الصفوة يلعب كرة القدم، وليس لاعب كرة قدم «محض»، لا تجري في عروقه سوى كرة القدم فحسب. جدير بالذكر أن تشامبرلين كان لاعباً ناشئاً جيداً لكرة الرجبي، وكذلك لاعب كريكيت جيداً بما يكفي لأن يحقق أرقاماً قياسية على مستوى عالٍ.
بذلك يتضح أننا بصدد إنسان رياضي موهوب بحق، قادر على المشاركة في أدوار مختلفة، لكنه يفتقر إلى العنصر الأهم الذي تحتاجه كرة القدم بحق: الشعور بالانغماس في كرة القدم من شعر رأسه حتى أخمص قدميه.
وللتعرف أكثر على هذا الأمر، لا عليك سوى مقارنته بلاعب مثل البرازيلي غابرييل خيسوس، مهاجم مانشستر سيتي البالغ 20 عاماً، صاحب أقوى عزيمة وعشق لكرة القدم يمكن للمرء أن يتخيله، أو الكرواتي لوكا مودريتش، نجم ريال مدريد الذي لا يكاد يبدو في صورة شخص رياضي، ومع هذا يبدو غارقاً في عشق الساحرة المستديرة، وتأتي كل حركة منه داخل الملعب مفعمة بالحماس لدرجة تجعله يبدو قادراً على رسم حدود المباراة، ويصول ويجول قفزاً خلف الكرة على نحو يجعله يبدو بمثابة النظير البشري لها!
من ناحيتهم، ثمة لفظ يستخدمه الإيطاليون (فربو) لوصف نمط من السرعة والخفة والذكاء في الحركة. ولدى البرازيليين مكافئ لهذه الكلمة، هو «مالاندرو»، التي يوصف بها اللاعب المحتال السريع داخل الملعب. وتبعاً للنظرية سالفة الذكر، فإن ما يفتقر إليه تشامبرلين هو الـ«فربو» أو الـ«مالاندرو»؛ بمعنى آخر: الشعور بالجنون نحو كرة القدم.
وفي الواقع، يعتبر أوكسليد تشامبرلين نموذجاً لظاهرة محددة من كرة القدم النخبوية، باعتباره لاعباً تخرج في أكاديمية كروية، وانتقل من أعلى لأسفل. لقد ارتاد مدرسة للرجبي، وانضم إلى نادي ساوثهامبتون في السابعة من عمره. ومثل جميع رفاقه، شارك في لعب كرة القدم بالشكل التقليدي المقبول المنضبط.
واللافت أن هذه الفكرة المرتبطة بظهور نمط جديد من اللاعبين الجيدين فنياً، الذين لا ينقصهم شيء سوى قليل من العشوائية، أصبحت مصدر قلق خلال الفترة الأخيرة. وتكمن المفارقة في أن كرة القدم الإنجليزية انتقلت من مشكلة إنتاج لاعبين يملكون الحماس لكن يفتقرون إلى المهارات الأساسية المناسبة، إلى الخوف الآن من إنتاج قوالب جامدة رفيعة المستوى. ومن هذا المنظور، يبدو أننا الآن نواجه جيلاً من الرياضيين الذين جرى إنتاجهم داخل المصانع على نحو يجعلهم شديدي الشبه بلاعبي الحياة الواقعية، لكنهم ليسوا كذلك.
ومع هذا، تبقى هذه النظرية مجرد افتراض، لكن الأمر المؤكد أن أوكسليد تشامبرلين لا تزال أمامه 6 سنوات أخرى في فترة ذروته كلاعب كرة قدم داخل نادٍ ضحى من أجل الاستمرار معه براتب أعلى. ومن المثير حقاً متابعة ما سيتكشف عنه الجزء المتبقي من مسيرته.


مقالات ذات صلة

تألق نجوم مدريد أمام أتالانتا... هل هي عودة للمسار الصحيح؟

رياضة عالمية لاعبو الريال يحتفلون بالفوز على أتالانتا (أ.ف.ب)

تألق نجوم مدريد أمام أتالانتا... هل هي عودة للمسار الصحيح؟

تألق نجوم ريال مدريد الثلاثة الكبار أمام أتالانتا... هل هذه هي البداية لحصد لقب آخر؟

The Athletic (برغامو)
رياضة عالمية لويس غارسيا (حسابه في إنستغرام)

لويس غارسيا يخلف لوبيز في تدريب قطر

أعلن الاتحاد القطري لكرة القدم، الأربعاء، انتهاء العلاقة مع الإسباني «تينتين» ماركيز لوبيز، مدرب المنتخب الأول، وعين مساعده ومواطنه لويس غارسيا خلفاً له مؤقتاً.

«الشرق الأوسط» (الدوحة)
رياضة عربية فريق التعاون يترقب منافسه في دور الـ16 (نادي التعاون)

الخميس... سحب قرعة الأدوار الإقصائية لدوري أبطال آسيا

يُجري الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، الخميس، مراسم سحب قرعة الأدوار الإقصائية ببطولة دوري أبطال آسيا الثاني، في مقر الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، بالعاصمة الماليزية.

«الشرق الأوسط» (كوالالمبور)
رياضة عالمية حُكم على ليو يي بالسجن لمدة 11 عاماً وغرامة مالية 497 ألف دولار أميركي بتهمة تلقي الرشى (الاتحاد الصيني)

الصين تسجن مسؤولين سابقين آخرين في كرة القدم بتهمة الرشوة

سجنت الصين الأربعاء مسؤولَين سابقَين في كرة القدم بتهم تلقي الرشى، وفقا لبيانات صادرة عن محكمتين، وذلك في إطار حملة واسعة النطاق لمكافحة الفساد في كرة القدم.

«الشرق الأوسط» (بكين)
رياضة عالمية مبابي يتحدث مع أنشيلوتي بعد إصابته أمس (أ.ف.ب)

أنشيلوتي: أتمنى ألا تكون إصابة مبابي خطيرة

أعرب كارلو أنشيلوتي مدرب ريال مدريد عن أمله ألا يبتعد كيليان مبابي عن المنافسات لفترة طويلة، بعدما خرج مصاباً بعد أن افتتح التسجيل في الفوز 3-2 على أتالانتا.

«الشرق الأوسط» (برغامو (إيطاليا))

«خليجي 26»... السعودية والعراق وجهاً لوجه في المجموعة الثانية

الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)
الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)
TT

«خليجي 26»... السعودية والعراق وجهاً لوجه في المجموعة الثانية

الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)
الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)

أسفرت قرعة بطولة كأس الخليج (خليجي 26) لكرة القدم التي أجريت السبت، وتستضيفها الكويت خلال الفترة من 21 ديسمبر (كانون الأول) 2024، وحتى 3 يناير (كانون الثاني) 2025، عن مجموعتين متوازنتين.

فقد ضمت الأولى منتخبات الكويت، وقطر، والإمارات وعمان، والثانية العراق والسعودية والبحرين واليمن.

ويتأهل بطل ووصيف كل مجموعة إلى الدور نصف النهائي.

وسُحبت مراسم القرعة في فندق «والدورف أستوريا» بحضور ممثلي المنتخبات المشارِكة في البطولة المقبلة.

وشهد الحفل الذي أقيم في العاصمة الكويت الكشف عن تعويذة البطولة «هيدو»، وهي عبارة عن جمل يرتدي قميص منتخب الكويت الأزرق، بحضور رئيس اتحاد كأس الخليج العربي للعبة القطري الشيخ حمد بن خليفة، إلى جانب مسؤولي الاتحاد وممثلين عن الاتحادات والمنتخبات المشاركة ونجوم حاليين وسابقين.

السعودية والعراق وقعا في المجموعة الثانية (الشرق الأوسط)

وجرى وضع الكويت على رأس المجموعة الأولى بصفتها المضيفة، والعراق على رأس الثانية بصفته حاملاً للقب النسخة السابقة التي أقيمت في البصرة، بينما تم توزيع المنتخبات الستة المتبقية على 3 مستويات، بحسب التصنيف الأخير الصادر عن الاتحاد الدولي (فيفا) في 24 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وتقام المباريات على استادي «جابر الأحمد الدولي» و«جابر مبارك الصباح»، على أن يبقى استاد علي صباح السالم بديلاً، ويترافق ذلك مع تخصيص 8 ملاعب للتدريبات.

وستكون البطولة المقبلة النسخة الرابعة التي تقام تحت مظلة اتحاد كأس الخليج العربي بعد الأولى (23) التي استضافتها الكويت أيضاً عام 2017. وشهدت النسخ الأخيرة من «العرس الخليجي» غياب منتخبات الصف الأول ومشاركة منتخبات رديفة أو أولمبية، بيد أن النسخة المقبلة مرشحة لتكون جدية أكثر في ظل حاجة 7 من أصل المنتخبات الثمانية، إلى الاستعداد لاستكمال التصفيات الآسيوية المؤهلة إلى كأس العالم 2026 المقررة في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك.

وباستثناء اليمن، فإن المنتخبات السبعة الأخرى تخوض غمار الدور الثالث الحاسم من التصفيات عينها، التي ستتوقف بعد الجولتين المقبلتين، على أن تعود في مارس (آذار) 2025.

ويحمل المنتخب الكويتي الرقم القياسي في عدد مرات التتويج باللقب الخليجي (10) آخرها في 2010.

الكويت المستضيفة والأكثر تتويجا باللقب جاءت في المجموعة الأولى (الشرق الأوسط)

ووجهت اللجنة المنظمة للبطولة الدعوة لعدد من المدربين الذين وضعوا بصمات لهم في مشوار البطولة مع منتخبات بلادهم، إذ حضر من السعودية ناصر الجوهر ومحمد الخراشي، والإماراتي مهدي علي، والعراقي الراحل عمو بابا، إذ حضر شقيقه بالنيابة.

ومن المقرر أن تقام مباريات البطولة على ملعبي استاد جابر الأحمد الدولي، الذي يتسع لنحو 60 ألف متفرج، وكذلك استاد الصليبيخات، وهو أحدث الملاعب في الكويت، ويتسع لـ15 ألف متفرج.

وتقرر أن يستضيف عدد من ملاعب الأندية مثل نادي القادسية والكويت تدريبات المنتخبات الـ8.