تونس ترشح مواقع تاريخية وطبيعية ضمن قائمة «اليونيسكو» للتراث العالمي

من بينها مائدة يوغرطة وشط الجريد وجزيرة جربة

جزيرة جربة معروفة بالتقاليد المحلية التي حافظت عليها العائلات وتوارثتها الأجيال
جزيرة جربة معروفة بالتقاليد المحلية التي حافظت عليها العائلات وتوارثتها الأجيال
TT

تونس ترشح مواقع تاريخية وطبيعية ضمن قائمة «اليونيسكو» للتراث العالمي

جزيرة جربة معروفة بالتقاليد المحلية التي حافظت عليها العائلات وتوارثتها الأجيال
جزيرة جربة معروفة بالتقاليد المحلية التي حافظت عليها العائلات وتوارثتها الأجيال

أعدت تونس مجموعة من ملفات ترشح تتعلق بمواقع أثرية وتراثية ذات قيمة تاريخية وتنوع بيئي، استعدادا لإدراجها ضمن التراث العالمي. ونظمت لهذا الغرض أول من أمس تظاهرة ثقافية للتعريف بالميزات التاريخية لشط الجريد الواقع في منطقة توزر (نحو 600 كلم جنوب العاصمة التونسية).
كما روجت قبل فترة قليلة لضم مائدة يوغرطة الواقعة في منطقة قلعة سنان (محافظة الكاف)، وسعت إلى التعريف بخصائصها التاريخية وموقعها الجغرافي المميز، ووضعتها ضمن القائمة التمهيدية للتراث العالمي لدى منظمة اليونيسكو.
وتعتبر مائدة يوغرطة وشط الجريد وطريق القصور بالجنوب الشرقي مواقع ذات قيمة طبيعية وثقافية استثنائية، وهي روافد أساسية لخطة تراثية متكاملة تمثل قاعدة للتنمية الدائمة في المجال الداخلي للبلاد.
كما سجلت تونس «فخار سجنان» ضمن لائحة التراث اللامادي، وهو من الصناعات التقليدية المتوارثة والمميزة بزينتها البربرية المعتمدة على مواد طبيعية ونباتات تنمو في المنطقة الواقعة شمال غربي تونس.
من ناحيته، أكد غازي الغرايري، سفير تونس لدى «اليونيسكو»، أن «اليونيسكو» أحدثت «لائحة التراث العالمي»، وهو ما جعل العديد من الدول تتسابق لترسيم مواقعها، سواء كانت طبيعية أو تاريخية. وتونس لها إلى حد الآن ثمانية مواقع مرسمة؛ 7 تاريخية، وموقع واحد طبيعي.
كما اعتبر أنّ تقديم ملف مائدة يوغرطة على سبيل المثال مهمّ للغاية، نظرا لمكانة الموقع جيولوجيا وطبيعيا وتاريخيا. وتوقع أن تتفاعل اليونيسكو إيجابيا مع ملف تونس، لأن موقع المائدة «موقع مخضرم» كما تسميه «اليونيسكو» يجمع الطبيعي والتاريخي، فمائدة يوغرطة تذكر بأهمية موروثنا الثقافي والتاريخي والحضاري، والأهم أن الموقع سيتحول إلى نقطة مضيئة للتعريف بتونس قصد زيارتها وتنشيط سياحتها واقتصادها.
وبدورهما، تسعى وزارتا الثقافة والمحافظة على التراث والسياحة إلى تبني هذه المطالب والتعريف بها لدى الهيئات الأممية المهتمة بالثقافة، في محاولة لاستغلالها لاحقا في المسالك الثقافية، وكذلك المسالك السياحية.
كما نظمت قبل نحو شهر تظاهرة محلية للتعريف بميزات جزيرة جربة التونسية الواقعة جنوب شرقي تونس، وهي منطقة معروفة بعدد من التقاليد المحلية التي حافظت عليها العائلات هناك وتوارثتها الأجيال على غرار التعلق بالمظلة التي تلبسها المرأة الريفية في الجزيرة، بما جعل المنطقة برمتها بمثابة مجموعة من المشاهد التراثية المتحركة.
وفي هذا الشأن، قال معز خريف، المندوب الثقافي في توزر، إن البقايا الأحفورية التي تم اكتشافها في شط الجريد تعود إلى نحو 90 ألف سنة قبل الميلاد، وقد قامت حول المنطقة حضارات شهيرة على غرار الحضارة القبسية. وأكد أن المساحة الإجمالية لشط الجريد مقدرة بنحو سبعة آلاف كيلومتر مربع، وقد تحدث الرحالة العرب والجغرافيون عن هذه المنطقة واعتبروها من عجائب الدنيا، وقد وصفها الرحالة بـ«المعدن المنصهر والرخام المصقول»، وذلك لانعكاس شعاع الشمس على بلورات الملح التي تنتجه المنطقة.


مقالات ذات صلة

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

الاقتصاد سياح صينيون يزورون مسجد الحسن الثاني في الدار البيضاء (رويترز)

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

أعلنت وزارة السياحة المغربية، الاثنين، أن عدد السياح الذين زاروا المغرب منذ بداية العام وحتى نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) بلغ 15.9 مليون سائح.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
سفر وسياحة من بين الأدوات التي استخدمها المجرمون في قتل ضحاياهم (متحف الجريمة)

«متحف الجريمة» في لندن... لأصحاب القلوب القوية

من براميل الأسيد التي استخدمها القاتل جون جورج هاي لتذويب ضحاياه والتي تعرف باسم Acid Bath «مغطس الأسيد» إلى الملابس الداخلية لـ«روز ويست».

عادل عبد الرحمن (لندن)
يوميات الشرق آلاف الحقائب التي خسرتها شركات الطيران في متجر الأمتعة بألاباما (سي إن إن)

المسافرون الأميركيون يفقدون ملايين الحقائب كل عام

داخل المساحة التي تبلغ 50 ألف قدم مربع، وإلى مدى لا ترى العين نهايته، تمتد صفوف من الملابس والأحذية والكتب والإلكترونيات، وغيرها من الأشياء المستخرجة من…

«الشرق الأوسط» (لندن)
سفر وسياحة «ساحة تيفولي» في كوبنهاغن (الشرق الأوسط)

دليلك إلى أجمل أضواء وزينة أعياد الميلاد ورأس السنة حول العالم

زينة أعياد الميلاد ورأس السنة لها سحرها. يعشقها الصغار والكبار، ينتظرونها كل سنة بفارغ الصبر. البعض يسافر من بلد إلى آخر، فقط من أجل رؤية زينة العيد.

جوسلين إيليا (لندن)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».