فادي الهبر لـ«الشرق الأوسط»: مصالحة الجبل خط أحمر

عضو «كتلة الكتائب» قال إن المطلوب خطة اقتصادية وإنهاء هيمنة «حزب الله»

النائب اللبناني فادي الهبر
النائب اللبناني فادي الهبر
TT

فادي الهبر لـ«الشرق الأوسط»: مصالحة الجبل خط أحمر

النائب اللبناني فادي الهبر
النائب اللبناني فادي الهبر

اعتبر عضو كتلة حزب الكتائب النائب فادي الهبر أن تصريحات وزير الخارجية جبران باسيل التي شكك فيها بمصالحة الجبل «ليست بريئة وغير ارتجالية». ورأى أن هذه الأمور «منسقة في المدى الاستراتيجي من قبل إيران الموجه الأساسي لها». وأضاف أن «المصالحة أصبحت وراءنا وعلينا احتضانها، وهي كما قال النائب أكرم شهيب خط أحمر، ونحن ملتزمون بها وملتزمون بأولوية وحدة العائلة في الجبل».
ولفت فادي الهبر في حديثه مع «الشرق الأوسط»: «لمن خانتهم الذاكرة، حزب الكتائب وبعد (الطائف) مباشرة، كان له اندفاعة قوية لإقفال ملف حرب الجبل وصولا إلى إرساء مداميك المصالحة، وذلك من خلال مؤتمر بيت الدين، يوم كان الراحل الدكتور جورج سعادة رئيسا لحزب الكتائب، فكانت لنا اتصالات شبه يومية مع أمين السر العام في الحزب التقدمي الاشتراكي المقدم شريف فياض وقيادة الحزب التقدمي الاشتراكي بشكل عام. وكانت هناك مشاركة من قبل رئيس الحزب التقدمي النائب وليد جنبلاط». وأضاف: «هذا المؤتمر كانت له أهميته في تلك المرحلة حيث ساهم في تبريد الأجواء وشق الطريق أمام المصالحة ومن ثم كان توقيع الوثيقة التاريخية بين الكتائب والاشتراكي من قبل الشيخ أمين الجميل ووليد بيك جنبلاط في قصر المختارة، وصولاً إلى المصالحة التاريخية في آب 2001 يوم زار البطريرك الماروني مار نصر الله بطرس صفير المختارة، وكان يوما مشهودا».
وشدد الهبر على أنه «منذ ذاك الحين إلى اليوم والمصالحة متماسكة محصنة، ليأتي الوزير جبران باسيل ويشكك بها»! معتبراً أن تصريحات باسيل «ليست بريئة وغير ارتجالية ورأى أن هذه الأمور منسقة في المدى الاستراتيجي من قبل إيران الموجه الأساسي لها».
واستعرض الهبر شريط «المواقف السلبية للوزير باسيل»، بدءا من لقائه وليد المعلم في واشنطن، ومحاولته شرعنة النظام الأسدي انطلاقا من لبنان، وصولاً إلى المناقلات الدبلوماسية وما جرى في انتخابات اليونيسكو، متوقفا عند كلامه عن مصالحة الجبل التاريخية التي رعاها النائب وليد جنبلاط والكاردينال مار نصر الله بطرس صفير، والتي جاءت بعد سنة على توقيع وثيقة المختارة الشهيرة بين جنبلاط والجميل، والتي قادت فيما بعد إلى ثورة الأرز وخروج الجيش السوري من لبنان.
وقال: «ما الفائدة من عملية نبش القبور، ومن المستفيد؟ فبدل أن نفكر بكيفية استعادة نمونا الاقتصادي الذي تراجع إلى الصفر بسبب فقدان السيادة، نجد البعض يتلهى بالقشور ويستغل تدشين بعض المشاريع البسيطة، ليقول لنا بأنه عاد إلى سوق الغرب».
وتطرق الهبر إلى صدور حكم الإعدام بحق حبيب الشرتوني الذي نفذ عملية اغتيال الرئيس بشير الجميل، وقال: «بداية، إنها أداة الإجرام والقتل والاغتيالات نفسها من اغتيال الشهيد كمال جنبلاط والرئيس الشهيد رفيق الحريري وكل شهداء انتفاضة الاستقلال ومن سبقوهم هذه الأداة هي ذاتها التي اغتالت الرئيس الشهيد الشيخ بشير الجميل من خلال النظام السوري وأدواته في لبنان أي الحزب السوري القومي الاجتماعي ومن الطبيعي أن تتحقق العدالة ولو بعد حين»، مشيراً إلى أن ما حصل في العام 1982 «هو عمل إرهابي أدى إلى استشهاد رئيس للجمهورية وكوكبة من الشهداء والجرحى، فمن الطبيعي أن تنتصر العدالة». واعتبر أن «التحركات والمظاهرات التي حصلت وما سمعناه بعد صدور الحكم بحق الشرتوني كان أمرا متوقعا وواضحا، فالدفاع لا يكون عن المجرمين والقتلى ممن اغتالوا شخصية بحجم بشير الجميل الذي استشهد دفاعا عن لبنان وسيادته واستقلاله عبر أدوات نظام يمعن في القتل والاغتيالات، ولهذه الغاية على المحكمة الدولية أن تسير حتى النهاية في كل ملفات الاغتيالات التي طاولت رموز السيادة والاستقلال».
في الشأن السياسي المحلي، وباعتباره مقررا للجنة المال والموازنة، يعرب النائب الهبر عن أسفه لأن المسؤولين «بقدر ما يفشلون سياسيا وسياديا واقتصاديا واجتماعيا بقدر ما يعمدون إلى زيادة الرسوم والضرائب ومن جيوب الناس وعلى حسابهم، لإيجاد نوع من التوازن المؤقت إنما غير الصحي وغير المفيد على الإطلاق لا بل يؤدي إلى إيقاع البلد في تشوهات اقتصادية تضعه في العناية الفائقة». ولفت إلى أن «التلازم متكامل بين استعادة السيادة والاستقلال والقرار الحر ومعالجة موضوع السلاح المتفلت وغير الشرعي وصولا إلى ترسيخ سلطة الدولة وإنهاء الدويلة وبين عودة الازدهار الاقتصادي والرخاء الاجتماعي وتنشيط الاستثمار وجلب الاستثمارات»، موضحا أن «الضرائب التي ستؤخذ من جيوب الفقراء هي كلفة التضارب السياسي الداخلي وهيمنة حزب الله على الدولة».
وطالب الهبر العهد بالعمل على الخروج من لبنان المزرعة والدعوة إلى طاولة حوار اقتصادية تكون في طليعة بنودها الاستراتيجية الدفاعية وسبل عودة البلد إلى أيامه الخوالي من الوطنية والحريات والسيادة والاستقلال والوحدة الأمر الذي سيعيد الاقتصاد إلى سكته السليمة ويخفف من الاتكال على ضرائب من جيوب الفقراء وتسهيل معيشة الناس، وقال: «من هنا أقول: إن المطلوب واحد: خطة اقتصادية يكون ممرها الإلزامي الالتزام بالسيادة والاستقلال وعدم تعدد الجيوش وإنهاء هيمنة حزب الله على الدولة والبلد والقرار الوطني ككل».
وعما إذا كان الهبر قلقاً على استقرار لبنان في ظل التصعيد في المنطقة؟ يختم قائلا: «لنكن واضحين وصريحين أن حزب الله يسعى ومن خلال أجندة إيرانية للسيطرة على كل القرارات اللبنانية السيادية سياسيا وأمنيا واقتصاديا وبالتالي أنه يمثل العقيدة الإيرانية على الساحة اللبنانية وإيران تحاول التوغل في كل العمق العربي، ولهذه الغاية أرى أن اللعبة مفتوحة على كل الاحتمالات في سياق هذه الصراعات الإقليمية ربطا بالتدخل الإيراني وأدواته في الحرب السورية والعراق واليمن، وهذا ما يبقي الساحة اللبنانية عرضة لأي تطورات قد تحصل وفي أي توقيت».



3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.