في ثاني انتخابات برلمانية مبكرة في آيسلندا جاءت كاترين ياكوبسدوتير، من حركة اليسار الأخضر، بعد رئيس الوزراء الحالي بيارني بينيديكتسون زعيم حزب الاستقلال، حسب استطلاعات الرأي، التي أظهرت أنه يتقدم عليها بفارق ضئيل، وأن الحزبين سيحصلان على نحو 20 في المائة من الأصوات. وما يصب في صالح ياكوبسدوتير هذه المرة هو احتمال حصول الحزب الاجتماعي الديمقراطي، الذي يميل إلى اليسار، على المركز الثالث في الانتخابات، وأن الناخبين يبدون مستعدين للتغيير أكثر من أي وقت مضى.
ولم يمر على الائتلاف الحاكم المنتمي إلى يمين الوسط 9 أشهر منذ توليه الحكم في البلاد، وقد انهار الائتلاف في أعقاب انسحاب حزب «المستقبل الباهر» الصغير، بعد أن حاول والد رئيس الوزراء وزعيم حزب الاستقلال المحافظ بيارني بينيديكتسون، محو السجل الجنائي لرجل أُدين في جريمة اغتصاب، وذلك بعد قضاء هذا الرجل مدة عقوبته في السجن. واتهم حزب «المستقبل الباهر»، بينيديكتسون بمحاولة التستر على ما فعله والده.
كان بينيديكت سفينسون، والد رئيس الوزراء، قد أرسل خطاباً إلى وزارة العدل يطالب فيه بشطب سجل رجل مدان بجريمة جنسية. وواجه الرجل حكماً بالسجن لمدة 5 أعوام ونصف العام في 2004 بتهمة الاعتداء الجنسي على ابنة زوجته. وعندما تم الكشف عن الخطاب بشكل علني، لم تكشف وزارة العدل على الفور عمن كتبه. ويُعْتَقد أن بينيديكتسون كان يعلم منذ يوليو (تموز) أن والده هو الذي كتب الخطاب.
وبدأ الناخبون الآيسلنديون أمس (السبت)، الإدلاء بأصواتهم وسط فضائح تهز الطبقة السياسية رغم اقتصاد قوي يعززه قطاع السياحة المزدهر، بعد أن كانت واحدة من أكثر الدول التي تضررت من الأزمة المالية العالمية في 2008. والانتخابات اليوم هي الرابعة في آيسلندا منذ 2008، وسيرشح الحزب الفائز رئيساً للوزراء، الذي سيضطلع بدوره بتشكيل حكومة ائتلافية.
بموجب النظام الآيسلندي، يطلب الرئيس الذي يتولى دوراً فخرياً، من زعيم أكبر حزب، تشكيل الحكومة. وركزت ياكوبسدوتير، 41 عاماً، خلال حملتها الانتخابية على إعادة الثقة بالحكومة والاستفادة من طفرة اقتصادية لزيادة الإنفاق العام. ومن المتوقع أن يدخل 7 أحزاب على الأقل إلى البرلمان المكون من 63 مقعداً، مما يعقد تشكيل ائتلاف حاكم. وحسب استطلاعات للرأي نُشرت الجمعة، فإن حزب الاستقلال سيحصل على 17 مقعداً. وسيحصل المنافس الرئيسي «حركة الخضر» اليسارية وشريكاها المحتملان: الائتلاف الاشتراكي الديمقراطي، وحزب القراصنة المناهض للمؤسسات، على 29 مقعداً لها جميعاً، أي دون الغالبية المطلقة، ولكن بمساعدة حزب رابع، يمكنهم الإطاحة بوسط اليمين، والفوز بتشكيل حكومة يسارية هي الثانية في آيسلندا منذ استقلالها عن الدنمارك في 1944. وقال إرنار ثور جونسون، أستاذ القانون في جامعة ريكيافيك، لوكالة الصحافة الفرنسية: «هناك شكوك حول احتمال تشكيل حكومة»، لافتاً إلى أن مفاوضات تشكيل حكومة بعد انتخابات أكتوبر (تشرين الأول) 2016 استمرت 3 أشهر.
وشارك حزب الاستقلال، كما جاء في تقرير «رويترز»، في كل حكومة منذ عام 1980 عدا ائتلاف حكم في الفترة من عام 2009 إلى عام 2013 شمل اليسار الأخضر، وكانت ياكوبسدوتير وزيرة تعليم في تلك الحكومة. وحققت آيسلندا التي يقطنها 340 ألف نسمة انتعاشاً اقتصادياً مثيراً للإعجاب، معتمدةً على السياحة، لكن فضائح سياسية وتنامي الشعور بعدم المساواة ومخاوف من الهجرة هددت استقرار البلاد.
منذ الأزمة المالية عام 2008 عندما انهارت أكبر 3 بنوك وشارفت الدولة على الإفلاس، تمكنت آيسلندا من النهوض وسجلت نمواً قوياً نسبته 7,2 في المائة في 2016، بينما تبلغ نسبة البطالة 2,5 في المائة.
لكن الغضب وانعدام الثقة بين أوساط النخبة المالية والعديد من السياسيين المتورطين في فضيحة أوراق بنما التي كشفت عن شبكات للتهرب الضريبي، وتّرا المشهد السياسي في هذه الجزيرة. واضطر رئيس الوزراء السابق سغموندور ديفيد غولاوغسون إلى الاستقالة قبل عام، عقب ورود اسمه في فضيحة الملاذات الضريبية.
ووردت أسماء 600 آيسلندي، وهو رقم كبير في دولة صغيرة، في الفضيحة، بينهم وزير المالية آنذاك بينيديكتسون. ويسعى بعض الناخبين للتغيير وينجذبون إلى حركة الخضر اليسارية، التي تدعو للاستثمار في برامج الرعاية الاجتماعية وبناء منازل بأسعار معقولة وفرض زيادة ضريبية على الأكثر ثراءً. وبينما يشهد قطاع البناء طفرة، تسببت السياحة المزدهرة في ارتفاع أسعار المنازل ونقص في عدد الشقق المعروضة للبيع، إذ يتم تأجير العديد منها للسياح. وحسب صندوق تمويل الإسكان الآيسلندي ارتفعت قيمة الإيجارات في العاصمة بنسبة 13,9 في المائة حتى سبتمبر (أيلول) الماضي.
فرصة اليسار لتسلم السلطة في آيسلندا
واحدة من أكثر الدول التي تضررت من أزمة 2008
فرصة اليسار لتسلم السلطة في آيسلندا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة