مهرجان الموسيقى العربية يكرم 24 فناناً في دورته الجديدة

بمشاركة 85 فناناً من 8 دول

TT

مهرجان الموسيقى العربية يكرم 24 فناناً في دورته الجديدة

بات شهر نوفمبر (تشرين الثاني) موعداً سنوياً لعشاق الطرب والموسيقى المتلهفين لبرنامج مهرجان الموسيقى العربية، الذي أعلنت رئيسة دار الأوبرا المصرية إيناس عبد الدايم، تفاصيل دورته السادسة والعشرين، في مؤتمر صحافي عقد مساء أول من أمس بدار الأوبرا.
وقالت الدكتورة إيناس عبد الدايم، رئيس دار الأوبرا، إن المهرجان هذا العام، سوف ينعقد على مدار 15 يوماً، بدءاً من الأول من شهر نوفمبر (تشرين الثاني) على مسارح الأوبرا المختلفة بالقاهرة (الكبير، والصغير، والجمهورية، ومعهد الموسيقى العربية)، إلى جانب أوبرا الإسكندرية وأوبرا دمنهور. وأشارت إلى أن هذه الدورة مهداة لروح الفنان الراحل محسن فاروق، حيث يقام معرض صور فوتوغرافية عن مشوار المطرب الراحل محسن فاروق يقام ببهو المسرح الكبير.
وأبدت رئيسة دار الأوبرا وعازفة الفلوت العالمية سعادتها بالمشاركة بالعزف في حفل الافتتاح الذي يحمل عنوان «الدراما الموسيقية»، قائلة إن «الحفل سيتضمن مقطوعات موسيقية من أشهر تترات المسلسلات الدرامية المصرية والعربية؛ لتبرز جماليات ودور الموسيقى الشرقية في الدراما المصرية والعربية، ويعزفها أوركسترا تم تكوينه خصيصاً لهذه المناسبة بقيادة المايسترو أحمد عاطف (مصر)، ويقدم مجموعة من إبداعات المؤلفين الموسيقيين، مثل: راجح داود (مصر)، ورعد خلف (العراق)، وأمين بو حافا (تونس)، وتامر كروان (مصر)، مع المطربين: نهال نبيل (مصر) ووائل الفشني (مصر) والحفل من إخراج حازم طايل».
وأعلنت عبد الدايم أن المهرجان استحدث للمرة الأولى منظومة الحجز الإلكتروني، حيث يمكن حجز جميع الحفلات عبر الإنترنت؛ تيسيراً على الجمهور، مؤكدة بدء تنفذيها مع انطلاق فعاليات هذه الدورة.
تقدم الدورة الجديدة 45 حفلاً غنائياً وموسيقياً، بمشاركة 84 نجماً من 8 دول عربية، هي: مصر، وفلسطين، والعراق، ولبنان، والمغرب، وتونس، والكويت، وسوريا. وصرحت عبد الدايم بأن المهرجان سوف يكرم 24 شخصية ساهمت في إثراء الحياة الفنية في مصر والعالم العربي، من بينهم المطرب الراحل محسن فاروق، والمطرب السعودي الراحل طلال مداح، والموسيقار الراحل على إسماعيل، والمطرب الراحل عماد عبد الحليم، وعازف الكمان الراحل محمود الجرشة.
وفي كلمتها عن كواليس التحضير للمهرجان، قالت الفنانة جيهان مرسى، مديرة المهرجان والمؤتمر: «إن اللجنة حرصت أن تتوازن الفعاليات والحفلات على مدار الـ15 يوماً، وأن تضم قائمة المكرمين أسماء فنانين راحلين وموسيقيين ومطربين وشعراء»، لافتةً إلى أن «المهرجان سوف يقيم أمسية خاصة عن الفنان السعودي الراحل طلال مداح تستعرض مسيرته الفنية وتأثيره على الأغنية العربية».
فيما جدد الموسيقار حلمي بكر مطلبه السنوي، بإطلاق قناة فضائية خاصة بدار الأوبرا المصرية؛ لتبث فعالياتها وحفلاتها للعالم، وقال: «إن مهرجان الموسيقى العربية يمثل أحد أهم المحافل القومية»، مشيراً إلى الاتصالات العديدة من الفنانين العرب الراغبين في المشاركة ضمن الفعاليات. وهاجم بكر الأعمال الفنية المتدنية التي باتت تنتشر في كافة الوسائل المرئية والمسموعة، مطالباً وسائل الإعلام بالاهتمام بالفنون الجادة.
وأشاد الدكتور حسن شرارة بتخصيص إدارة المهرجان فاصلاً غنائياً بمناسبة الذكرى الـ40 لرحيل العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ، وأيضاً تقديم فاصل موسيقي لمؤلفات الموسيقار الراحل على إسماعيل في حفل أوركسترا القاهرة السيمفوني.
ويشارك في المؤتمر العلمي 42 باحثاً من 16 دولة عربية وأجنبية هي: مصر، ولبنان، وتونس، والدانمارك، والإمارات، والجزائر، والسودان، والولايات المتحدة الأميركية، والأردن، والعراق، وليبيا، والكويت، وسلطنة عمان، وفلسطين، والمغرب، والسعودية.
يشارك في دورة هذا العام 84 فناناً، منهم 70 مطرباً ومطربة، ومن مصر يشارك عدد كبير من بينهم، نهال نبيل، ووائل الفشني، وآية عبد الله، وصابرين النجيلي، وآيات فاروق، وهاني شاكر، وأحمد عفت، وهاني عامر، ومحمد متولي، ومحمد الخولي، ومي حسن، ونهى حافظ، وغيرهم.
ومن الفنانين العرب يشارك محمد عساف (فلسطين)، ورامي عياش (لبنان)، وأمنية (المغرب)، ولطفي بو شناق (تونس)، وعبد الله الرويشد (الكويت)، ويسرا محنوش (تونس)، وصفوان بهلوان (سوريا)، وأميمة طالب (تونس)، وعاصي الحلاني (لبنان) وغيرهم.
ويشارك في الحفلات 14 عازف سوليست، هم: عازفة الفلوت إيناس عبد الدايم (مصر)، وعازف القانون فرات قدوري (العراق)، وعازف التشيللو قصي قدوري (العراق)، وعازف العود سالم عبد الكريم (العراق)، وعازف العود مدثر أبو الوفا (مصر)، وعازف العود ممدوح الجبالي (مصر)، وعازف العود أحمد شمة (العراق)، وعازف البيانو عمر خيرت (مصر)، وغيرهم. كما تصاحب الحفلات 31 فرقة موسيقية، ويلقي الشاعر جمال بخيت قبل بداية بعض الحفلات نخبة من أشعاره التي ضمها ديوانه «أهل المغنى».
وتضم المسابقة الفنية المقامة على هامش المهرجان هذا العام ثلاثة أقسام؛ الأول للشباب من سن 17 حتى 40 عاماً، والثاني تم تخصيصه للعزف على آلة الربابة، حيث يؤدي المتسابق مجموعة من المؤلفات، إلى جانب ارتجالات تظهر مهارته في استخدام الآلة، أما القسم الثالث خاص بالأطفال من سن 6 حتى 14 عاماً.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».