دراسة رسمية مصرية تثبت مسؤولية المخدرات عن معظم الجرائم

TT

دراسة رسمية مصرية تثبت مسؤولية المخدرات عن معظم الجرائم

أثبتت دراسة مصرية جديدة، أنّ تناول المخدرات يتسبب في وقوع 79 في المائة من الجرائم بمصر. وأجريت الدراسة التي أعدها المجلس القومي لمكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي بالتعاون مع صندوق مكافحة الإدمان المصري، على نزلاء مؤسسات عقابية مصرية. وبينت الدراسة الارتباط الوثيق بين تعاطي مخدر الحشيش وجرائم بعينها تفجع المجتمع المصري.
وأشارت نتائج هذه الدراسة إلى أنّ 86 في المائة من مرتكبي جرائم الاغتصاب كانوا يتعاطون مخدر الحشيش، وأن 58 في المائة من مرتكبي جرائم هتك العرض كانوا يتعاطون مخدر الحشيش أيضا، وأن 23 في المائة من مرتكبي جرائم القتل العمد كانوا يتعاطون مخدر الحشيش، وأن 24 في المائة من مرتكبي جرائم السرقة بالإكراه كانوا يتعاطون مخدر الحشيش.
وأوضحت نتائج الدراسة أيضا، أنّ 56.7 في المائة من مرتكبي الجرائم كانوا يتعاطون المخدرات قبل ارتكابهم الجريمة بساعات، وهذا مؤشر قوي على العلاقة الوثيقة بين التعاطي ووقوع الجرائم.
بينما تشير الإحصاءات الرسمية المصرية أيضا، إلى «أنّ 87 في المائة من الجرائم غير المبررة يأتي تعاطي المواد المخدرة محركا رئيسيا لها، لأنّ المخدرات تغير الحالة العقلية والمزاجية للمتعاطي». ويؤكد أطباء متخصصون في علاج الإدمان أنّ المخدرات تتسبب في حدوث اختلال في وظائف الإدراك والتفكير بالمخ، ما يضعف السيطرة على ضبط الذات وفقدانها، ويؤدي إلى جعل الفرد المدمن يطلق العنان لرغباته وشهواته، فيقترف الجرائم من دون وازع من دين، أو ضمير، أو خوف من عقاب. وأكدوا أنّ المتعاطي لا يكون مدمنا بالضرورة، لأنّه قد يتناول المخدر مرّة واحدة، عكس المدمن الذي لا يستطيع العيش من دون المخدرات.
ويقول الدكتور عبد الرحمن حماد، مدير وحدة علاج الإدمان السابق في مستشفى العباسية للأمراض النفسية لـ«الشرق الأوسط»: «حكم المدمن على الأمور يكون مختلا تماما، بسبب تأثير المخدر على الخلايا العقلية، التي تقيم وتصدر تعليمات للجسد بكيفية التحرك، لذلك قد يصدر شخص متزن تصرفات غير متوافقة مع شخصيته عند تعاطيه أي مخدر، فقد يتحرش بالسيدات وهو أصلا غير متحرش».
وحذر حماد من «زيادة تأثير المخدرات على الشخصيات (السيكوباتية)، أو (الشخصيات المضادة المجتمع)، ما يساعدهم على ارتكاب جرائم بشعة ومثيرة. كما تؤدي حاجة الفرد المدمن الملحة إلى المادة المخدرة، إلى وقوعه تحت ضغط توفير المخدر باستمرار، وبذلك يصبح المريض أسيرا لعاداته، حيث يكون هاجسه الوحيد هو الحصول عليه».
ويضيف حماد قائلا: «المدمن لا يتردد في اتباع كل الطرق غير المشروعة، للحصول على المال، فقد يمارس السرقة بأنواعها، من السطو على المنازل، والمحلات التجارية، بالإضافة إلى التحايل والتزوير، وترويج المخدرات، وقد ينتج عن هذه الممارسات ارتكاب الجرائم من قتل أو إحداث أضرار بالأرواح أو الممتلكات».
وعن خطورة وجود «مدمن» في البيت، يقول حماد: «لا راحة، ولا أمان، ولا استقرار في البيت في حال وجود مدمن بين أفراد العائلة، لذا يتوجب الذهاب إلى المستشفى للحصول على العلاج المناسب».
يشار إلى أنّ مصر تشهد وقوع جرائم بشعة على فترات، يكون فيها الإدمان دائما، القاسم المشترك، ففي العام الماضي استيقظ سكان منطقة الزيتون شرق القاهرة على حادث مفجع، بعدما ذبح مدمن شقي أمّه من الخلف، مستعينا بصديقه مدمن مخدرات لسرقة أموالها ومصوغاتها.
تؤكد الإحصائيات الرسمية المصرية الصادرة من المجلس القومي للإدمان والتعاطي، أنّ نسبة متعاطي المخدرات في مصر، تبلغ 10 في المائة من عدد السكان، بينما يبلغ عدد المدمنين 2.5 في المائة، ضعف النسب العالمية. وتبذل الحكومة حاليا جهدا كبيرا لفتح الباب لعلاج المدمنين في مستشفيات حكومية وجامعية، لكن الخبراء يرون أنّها غير كافية مقارنة بأعداد المدمنين بالمحافظات المختلفة.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».