نجحت أنقرة في دفع فصائل المعارضة العاملة في منطقة «درع الفرات»، وهي مجموعات في معظمها مرتبطة بالإدارة التركية، إلى توقيع اتفاق يقضي بالاندماج في «جيش نظامي» معارض، إضافة إلى توحيد إدارة المعابر الموجودة في المنطقة الممتدة من جرابلس إلى أعزاز شمالاً وبعمق 30 كيلومترا نحو الباب وحدود منبج الإدارية.
وأفيد بأن اجتماعا عُقد في مقر القوات الخاصة التركية الثلاثاء الماضي، بحضور كل من والي مدينة غازي عنتاب ووالي كلّيس التركيتين، وقائد القوات الخاصة التركية وممثلي الاستخبارات التركية، وأعضاء الحكومة السورية المؤقتة ونائب رئيس «الائتلاف الوطني السوري» المعارض عبد الرحمن مصطفى وقيادة فصائل «الجيش الحر» الموجودين في منطقة «درع الفرات»، انتهى إلى اتفاق على «توحيد منطقة المعابر الموجودة في (درع الفرات) وإداراتها من قبل الحكومة السورية المؤقتة، وجمع كل واردات هذه المعابر في خزينة واحدة تحت تصرف الحكومة».
كذلك تم الاتفاق، بحسب بيان وقعه نحو 43 طرفا، على انتقال الفصائل من مرحلة المجموعات إلى مرحلة «الجيش النظامي» على مرحلتين؛ المرحلة الأولى «تتضمن تشكيل 3 فيالق؛ هي: (فيلق الجيش الوطني)، و(فيلق السلطان مراد)، و(فيلق الجبهة الشامية)»، على أن يتم بعد شهر واحد الانتقال إلى المرحلة الثانية، التي تقضي بـ«تجريد الفصائل من (المسميات) والتعامل مع الجيش النظامي على النحو الآتي: تحت كل فيلق 3 فرق؛ تحت كل فرقة 3 ألوية؛ تحت كل لواء 3 كتائب». وخلال هذه المرحلة، بحسب البيان: «سيتم تسليم كل أسلحة وسيارات ومعدات ومقار الفصائل لوزارة الدفاع التابعة للحكومة السورية المؤقتة».
وأكّد «مصطفى سِيجَرِي» القيادي في «الجيش الحر» ومسؤول المكتب السياسي لـ«لواء المعتصم» أن «الاتفاق تم بإرادة داخلية سورية باعتبار أن المرحلة تقتضي الانتقال إلى (جيش وطني موحد) تحت مظلة هيئة الأركان، وبعد إلغاء الأسماء الفصائلية»، وأشار في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الدور التركي المشكور شمل الاستضافة والرعاية لا أكثر». وأضاف: «هذا الاتفاق سيؤدي إلى تمكين دور الحكومة المؤقتة، بحيث ستصبح المعابر تحت سلطتها... أضف أن تمويل الفصائل سيمر عبرها من خلال هيئة الأركان».
في المقابل، قال مصدر عسكري في «الجيش الحر»، فضّل عدم الكشف عن هويته، إن الاتفاق على الانتقال من الحالة الفصائلية إلى «جيش وطني» معارض، تم بـ«أمر إلزامي من تركيا»، لافتا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «وبما أن الفصائل المنتشرة في منطقة (درع الفرات) غير قادرة على الاستمرار من دون الدعم التركي، رضخت تلقائيا لمضمون الاتفاق». وأوضح المصدر أن «المعابر ستتولاها إدارة مدنية تحددها الحكومة المؤقتة التي لا شك ستسعين بالفصائل من خلال جهاز الشرطة»، مشيرا إلى أنه «من شأن تجميع إيرادات المعابر في صندوق واحد أن يشكل مصدر تمويل أساسياً للحكومة المؤقتة التي يعود لها حينها تمويل الفصائل الملتزمة بالاتفاق».
لكن الخطوة التي تدفع باتجاهها تركيا لا يبدو أنها قابلة لأن تمتد إلى باقي المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة في أنحاء سوريا، مما قد يؤدي لانحصارها في منطقة «درع الفرات».
في هذا السياق، يتحدث الباحث السوري أحمد أبا زيد عن «تحديين أساسيين يواجهان الاتفاق المعلن، باعتبار أننا لا نرى إمكانية لامتداد مشروع (الجيش الوطني) على المستوى الوطني من منطلق أنّه مرتبط بالإدارة التركية، وبالتالي من الصعوبة بمكان أن يشمل الغوطة ودرعا والبادية ومناطق أخرى، أضف أن التحدي الآخر يكمن في صعوبة استمرار التعايش والدمج بين المكونات العسكرية التي كانت قبل أيام في حالة حرب، وهنا نتحدث بشكل أدق عن (فرقة السلطان مراد) و(الجبهة الشامية)». وأضاف أبا زيد في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «الموضوع يحتاج لبعض الوقت لقياس إمكانية نجاحه، وقد لحظ مضمون الاتفاق ذلك من خلال تحديد مهلة شهر للانتقال من المرحلة الأولى إلى المرحلة الثانية».
ورحّب «الائتلاف» المعارض، الذي كان أحد الموقعين على الاتفاق من خلال مصطفى، بالتفاهم على «توحيد إدارة المعابر ودمج فصائل (الجيش السوري الحر)، الذي تم التوصل إليه»، واصفا إياه بـ«الخطوة الهامة والإيجابية نحو بناء سوريا الجديدة؛ دولة القانون والمؤسسات». وفيما أشار البيان الصادر عن الائتلاف إلى أن الاتفاق جاء في ختام اجتماعات مهمة بحضور عبد الرحمن مصطفى، وممثلي الحكومة السورية المؤقتة، ومسؤولي وزارة الدفاع، وقادة فصائل «الجيش السوري الحر»، وممثلين عن الحكومة التركية، أعرب عن تطلعه إلى «تعاون جميع قوى الثورة السورية وأصدقاء الشعب السوري، لدعم هذا الاتفاق والعمل على إنجاز جميع بنوده بحسب المراحل التي تم التفاهم عليها».
تركيا تدفع لتوحيد فصائل معارضة وتشكيل «جيش وطني»
«الائتلاف الوطني السوري» يرحب بالخطوة
تركيا تدفع لتوحيد فصائل معارضة وتشكيل «جيش وطني»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة