محمد بن راشد يطلق مبادرة لتأهيل مليون مبرمج عربي

تهدف إلى تمكين الشباب من لغة العصر الحديثة

الشيخ محمد بن راشد خلال مناسبة إطلاق المبادرة («الشرق الأوسط»)
الشيخ محمد بن راشد خلال مناسبة إطلاق المبادرة («الشرق الأوسط»)
TT

محمد بن راشد يطلق مبادرة لتأهيل مليون مبرمج عربي

الشيخ محمد بن راشد خلال مناسبة إطلاق المبادرة («الشرق الأوسط»)
الشيخ محمد بن راشد خلال مناسبة إطلاق المبادرة («الشرق الأوسط»)

أطلق الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، أمس، مبادرة لتدريب مليون مبرمج عربي على البرمجة، وتقنياتها ومواكبة التطور المتسارع في علوم الحاسوب وبرمجياته.
وتهدف مبادرة «مليون مبرمج عربي» إلى تمكين الشباب العربي وتسليحهم بأدوات المستقبل التكنولوجية، وبناء قدراتهم، وتوفير فرص عمل تمكنهم من استغلال مهاراتهم وتوجيهها بما يخدم الاحتياجات المستقبلية، والمساهمة في تطوير الاقتصاد الرقمي الذي سيشكل اقتصاد المستقبل وفقا للمعلومات الصادرة أمس.
وقال الشيخ محمد بن راشد: «أطلقنا بحمد الله مشروعاً عربياً جديداً، ومبادرة للشباب العربي. سنسعى من اليوم لتدريب مليون شاب عربي على البرمجة». وأضاف: «مبادرة مليون مبرمج عربي هدفها تمكين الشباب العربي من تقنية العصر وأداته الأساسية، وهي البرمجة، لغة العصر الحديث».
واعتبر الشيخ محمد بن راشد، أن «البرمجة ستفتح للشباب مئات الآلاف من فرص الوظائف دون مغادرة بلدانهم، ومباشرة أعمال خاصة بهم على شبكة الإنترنت. البرمجة ستقود الاقتصاد العالمي».
وأضاف: «مشروعنا الجديد جزء من مبادراتنا العالمية لخلق أمل في المنطقة، وصنع مستقبل لشباب المنطقة، والمساهمة ولو بجزء بسيط في حل معضلة البطالة في عالمنا العربي». وتابع: «البرمجة هي أداة العصر ولغته، وهي مصدر قوة للشعوب، والشركات المليارية اليوم تقوم على البرمجة، واقتصاد العالم يعتمد على المبرمجين، وسندرب مليون شاب عربي على البرمجة».
وأشار: «سنوفر تدريبا مجانيا بالتعاون مع أفضل الشركات العالمية لمليون شاب عربي، وسنكافئ المتفوقين بأكثر من مليون دولار»، داعيا جميع القادرين في الوطن العربي إلى إطلاق المبادرات للشباب، وخلق الأمل وصناعة واقع أفضل. وزاد: «اليد الواحدة لا تصفق، ونحن مستعدون للتعاون مع الجميع».
وشدد على أن «الخير في الوطن العربي كثير، والإمكانيات ضخمة، والشباب قادرون، وكل ما نحتاجه بداية، والغيث أوله قطرة تتبعه قطرات وماء وخير تحيا به الأرض والبلاد والعباد»، معتبرا أن «الإمارات ستكون أقوى بمحيط عربي أقوى وأكثر صحة... وبشباب عربي يمتلك أدوات مستقبله».
وقال نائب رئيس دولة الإمارات: «مشاريعنا ومبادراتنا العربية لن تتوقف، لأن استقرار المنطقة أمانة في أعناقنا جميعا»، لافتا إلى أن «مؤسسة مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية ستكون بمشاريعها التي تتجاوز 1400 مشروع ومؤسساتها الثلاثة والثلاثين الأداة الأساسية في غرس الأمل وبناء المستقبل في المنطقة».
وتسعى مبادرة «مليون مبرمج عربي» التي تديرها مؤسسة دبي للمستقبل، إلى تمكين ملايين الشباب العربي في المنطقة من خلال توفير فرص عمل لهم في قطاع التكنولوجيا الحديثة وتأهيلهم وصقل مهاراتهم وإثراء معارفهم وتطوير قدراتهم وبناء خبراتهم في مجالات العلوم المتقدمة وتوفير التدريب العلمي المتخصص لهم، لمساعدتهم على إتقان لغة البرمجة والتفوق فيها، ليكونوا مستعدين للتعامل بكفاءة عالية مع جميع متطلبات اقتصاد المستقبل الرقمي.
وتتألف مبادرة «مليون مبرمج عربي» من ثلاث مراحل يتم تنفيذها على مدى عامين، تبدأ المرحلة الأولى بانتساب فئتي الطلاب والمدربين العرب من كل أرجاء العالم، وتتيح للمنتسبين متابعة برامج ودورات البرمجة التعليمية عن طريق منصة متخصصة في التعليم الافتراضي، لينال بعدها المنتسب شهادة عند إنهاء مدة البرنامج التعليمي، تخوله خوض اختبار «تحدي المبرمجين».
وتوفر المنصة برنامجا تعليميا متخصصا ومتكاملا في علوم الحاسوب والبرمجة، يتكون من دورات تدريبية مدتها ثلاثة أشهر، بالتعاون مع مؤسسات تعليمية وشركات عالمية في المجال، وذلك للمساهمة في تطوير خبرات ومواهب المنتسبين، ورفع كفاءتهم واطلاعهم على أحدث التطورات التي تشهدها لغة البرمجة في ظل التقدم الهائل في علوم الحاسوب وتقنية المعلومات.
ومع إتمام المرحلة الأولى، يخوض المنتسبون اختبار «تحدي المبرمجين» الذي يعد المرحلة الثانية من البرنامج التعليمي، حيث يتم تنظيمه مع نهاية كل دورة، ليصار إلى اختيار أفضل ألف منتسب في البرنامج، مما يؤهلهم للالتحاق في دورة متقدمة بمجال البرمجة. كما سيتم تخصيص مجموعة من الجوائز المالية القيمة للمتفوقين في هذه المرحلة.
ومع انتهاء المرحلة الثانية، يتم اختيار أفضل 10 مبرمجين، بحيث ينال الفائز الأول مليون دولار، فيما ينال المبرمجون التسعة مكافأة مقدارها 50 ألف دولار لكل منهم، كما سينال أفضل أربعة مدربين 200 ألف دولار، بواقع 50 ألفا لكل منهم.
وتستهدف مبادرة «مليون مبرمج عربي» الشباب العربي تحديدا بالنظر إلى البنية الفتية للمجتمعات العربية، إذ تشير الدراسات إلى أن نحو 50 في المائة من سكان الوطن العربي دون سن الخامسة والعشرين، وأن 39 في المائة منهم يطمحون لتأسيس مشاريعهم الخاصة خلال السنوات الخمس المقبلة، فضلا عن ارتفاع معدلات البطالة وسط شريحة الشباب القادرين على العمل والإنتاج، حيث تشير بيانات دولية إلى أن نسبة البطالة بين الشباب العرب تصل إلى 28 في المائة، وهي الأعلى من نوعها في العالم.
وستسهم مبادرة «مليون مبرمج عربي» في مساعدة شباب الوطن العربي على اكتساب المعرفة التخصصية التي تمكنهم من خوض قطاع تكنولوجيا المعلومات وتحقيق طموحاتهم والحصول على فرصة عمل من بين 80 مليون وظيفة متاحة عالميا بحلول عام 2020، خصوصا في برامج الحاسوب، وتطبيقات الهواتف الذكية، والصفحات الإلكترونية التي تخدم الحكومات الذكية.
ويتوقع أن تمكن مبادرة «مليون مبرمج عربي» المبتكرين الشباب من لعب دور رئيسي في عدة قطاعات اقتصادية مهمة، أبرزها قطاع التجارة الإلكترونية الذي يصل حجمه عالميا إلى 15 مليار دولار، وقطاع تكنولوجيا المعلومات الذي تصل قيمته إلى 3 مليارات دولار في العالم العربي، إلى جانب قطاع البرمجيات في الشرق الأوسط الذي تشهد عائداته نسبة نمو سنوي تبلغ 12 في المائة، حيث تحمل هذه القطاعات آفاق نمو مستقبلية واعدة نظرا للنمو المطرد في أعداد مستخدمي الإنترنت في الوطن العربي، التي تصل حاليا إلى 123 مليون مستخدم.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».