أحمد زاهر لـ «الشرق الأوسط»: لا أبحث عن البطولة المطلقة وأنتظر العمل المختلف

مهندس ديكور رومانسي وكوميدي بمسلسل «الطوفان»

أحمد زاهر لـ «الشرق الأوسط»: لا أبحث عن البطولة المطلقة وأنتظر العمل المختلف
TT

أحمد زاهر لـ «الشرق الأوسط»: لا أبحث عن البطولة المطلقة وأنتظر العمل المختلف

أحمد زاهر لـ «الشرق الأوسط»: لا أبحث عن البطولة المطلقة وأنتظر العمل المختلف

يخوض الفنان المصري أحمد زاهر، تجربة مختلفة عما قدمه من قبل، من خلال مشاركته في مسلسل «الطوفان»، الذي يعرض حاليا بإحدى القنوات الفضائية. ظهر زاهر في أولى الحلقات، في دور «كوميدي ورومانسي»، وهو ما مثّل مفاجأة لجمهوره.
عن تفاصيل دوره في المسلسل الجديد قال أحمد زاهر لـ«الشرق الأوسط»: «أبحث دائما عن الدور المختلف والمميز، وأحاول عدم تكرار نفس الشخصيات التي أقدمها، حتى عُرض علي الاشتراك في مسلسل (الطوفان)، قصة بشير الديك، وإخراج خيري بشارة ووجدت في شخصية (عمر) شيئاً مختلفاً لم أقدمه من قبل».
وأضاف زاهر قائلاً: «(عمر) مهندس ديكور ناجح في عمله، وشخصيته تجمع ما بين الكوميديا والرومانسية، مرح جدا، هو وزوجته (تقى)، الفنانة هنا شيحة، فهما عاشقان للكوميديا».
ولفت إلى أن «(عمر) هو الابن الأوسط لـ(فاطمة)، التي تقوم بدورها الفنانة المصرية نادية رشاد، مشيراً إلى: «وجود 6 أشقاء آخرين (منيرة)، التي تقوم بدورها الفنانة المصرية وفاء عامر، و(حنان)، التي تقوم بدورها الفنانة المصرية روجينا و(داليا)، التي تقوم بدورها الفنانة المصرية أيتن عامر، و(يوسف)، الذي يقوم بدوره الفنان المصري ميدو عادل، و(كمال)، الذي يقوم بدوره الفنان المصري فتحي عبد الوهاب». وأوضح زاهر أن شخصية (عمر) التي يلعبها مختلفة تماما عنهم، فهو يحب زوجته كثيرا، ويلقبه أشقاؤه بـ(روميو)، كما أنه لا يحمل هموم الحياة، ولا يفكر في الأمور المادية تماما».
وحدد زاهر ملامح المسلسل قائلاً: «(الطوفان) من المسلسلات الدرامية، التي تم تحويلها عن فيلم سينمائي يحمل نفس الاسم، تم عرضه عام 1985، ورغم أن القصة واحدة، فإن التناول الدرامي مختلف تماما عن الفيلم السينمائي، حيث يوجد بالمسلسل شخصيات جديدة مثل شخصية (عمر) التي أؤديها، كما أن المعالجة الدرامية تمت بما يتناسب مع العصر الحديث».
وعن تكرار تجربته مع المسلسلات الطويلة في «اختيار إجباري» وفي «علاقات خاصة» وأخيرا في «الطوفان» قال زاهر: «التجربة جيدة، لكن بعض الأعمال لا تصلح أن تكون طويلة، فأحداث مسلسل (اختيار إجباري)، كانت مثيره ومشوقة، لم يشعر المشاهد معها بالملل، وكذلك مسلسل (علاقات خاصة) 72 حلقة، الذي أحدث صدى كبيرا في دول الخليج العربي».
وأكد أن «مسلسل الطوفان، كان في الأصل ثلاثين حلقة، لكن تأجيل عرضه في موسم شهر رمضان الماضي، شجع المنتج والمخرج على عرضه في 45 حلقة، وهذا الأمر ليس من ثوابت الدراما في مصر، فهناك أعمال درامية طويلة، لكنها لا تستحق التطويل لكي لا يشعر المشاهد بالملل، وأنا ضد هذا النوع من الأعمال».
وعن ظاهرة تحويل الأفلام العربية القديمة، إلى مسلسلات درامية حديثة مثل فيلمي «الكيف» و«العار»، قال زاهر «إنها ظاهرة جيدة خاصة، إذا كان العمل تمت معالجته دراميا بما يتناسب مع العصر الحالي، كما أنها تعطي فرصة للجيل الحديث من الشبان والأطفال، لمشاهدة أعمال جيدة تم عرضها في الماضي لم يشاهدوها من قبل».
وحول تفضيله عرض الأعمال الدرامية في موسم شهر رمضان، أو غيره، أوضح زاهر: «توجد مواسم درامية تتيح فرصة للأعمال التي تظلم في الموسم الرمضاني، بسبب تكدس الأعمال. لكن لكل موسم من المواسم الدرامية مذاق خاص يختلف عن الآخر، لذلك لا أفضل موسماً محدداً عن غيره».
وردا على تأخر إسناد أدوار البطولة الفردية له، رغم مشواره الفني المميز، أعلن زاهر أنه لا يبحث عن أدوار البطولة المطلقة، بل يفضل البطولة الجماعية، التي تؤدي إلى نجاح العمل بشكل أكبر. وتابع قائلاً: «مسلسل الطوفان بطولة جماعية لـ22 نجماً ونجمة، جميعهم لديه القدرة على القيام بدور البطولة، لكنْ كل منهم بطل في دوره الخاص، وهذا الشكل أفضله أكثر».
أما عن الجديد الذي من المنتظر أن يقدمه في الفترة المقبلة يقول زاهر: «حتى الآن لا يمكن أن أتعاقد على عمل جديد إلا بعد أن أنتهي من تصوير مسلسل الطوفان الجاري تصويره حاليا، ومعروض علي عملان ولم أعطِ القرار فيهما إلا بعد انتهاء (الطوفان)».
يشار إلى أن مسلسل «الطوفان» يناقش قضية انحدار القيم والمبادئ، التي أصبحت تسود المجتمع، مع رغبة الجميع في الثراء بأي طريقة، وتحقق ذلك على حساب الأخلاق. ويظهر الفيلم تأثير الطمع على النفس البشرية، حتى تتخلى عن كل مبادئها من أجل الحصول على الأموال. والمسلسل من بطولة ماجد المصري، وأحمد زاهر، وروجينا، وأيتن عامر، ومحمد عادل، وإيهاب فهمي، وفتحي عبد الوهاب، ووفاء عامر، ورامي وحيد، ونجلاء بدر، وسيد رجب، وعبير صبري، وعدد كبير من النجوم. والمسلسل من تأليف بشير الديك، وسيناريو وحوار محمد رجاء، ومن إخراج خيري بشارة.


مقالات ذات صلة

هند الفهاد: أنحاز للأفلام المعبرة عن روح المغامرة

يوميات الشرق هند الفهاد على السجادة الحمراء مع لجنة تحكيم آفاق عربية (إدارة المهرجان)

هند الفهاد: أنحاز للأفلام المعبرة عن روح المغامرة

عدّت المخرجة السعودية هند الفهاد مشاركتها في لجنة تحكيم مسابقة «آفاق السينما العربية» بمهرجان القاهرة السينمائي بدورته الـ45 «تشريفاً تعتز به».

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق «أرزة» تحمل الفطائر في لقطة من الفيلم اللبناني (إدارة المهرجان)

دياموند بو عبود: «أرزة» لسانُ نساء في العالم يعانين الحرب والاضطرابات

تظهر البطلة بملابس بسيطة تعكس أحوالها، وأداء صادق يعبّر عن امرأة مكافحة لا تقهرها الظروف ولا تهدأ لتستعيد حقّها. لا يقع الفيلم اللبناني في فخّ «الميلودراما».

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق المخرج المصري بسام مرتضى يرفع بجوائز فيلمه «أبو زعبل 89» (إدارة المهرجان)

«القاهرة السينمائي» يوزّع جوائزه: رومانيا وروسيا والبرازيل تحصد «الأهرامات الثلاثة»

أثار الغياب المفاجئ لمدير المهرجان الناقد عصام زكريا عن حضور الحفل تساؤلات، لا سيما في ظلّ حضوره جميع فعاليات المهرجان.

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق معابد الأقصر تحتضن آثار الحضارة القديمة (مكتبة الإسكندرية)

«تسجيلي» مصري يوثّق تاريخ الأقصر «أقوى عواصم العالم القديم»

لم تكن قوة الأقصر ماديةً فحسب، إنما امتدّت إلى أهلها الذين تميّزوا بشخصيتهم المستقلّة ومهاراتهم العسكرية الفريدة، فقد لعبوا دوراً محورياً في توحيد البلاد.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق مشهد من الفيلم السعودي «ثقوب» (القاهرة السينمائي)

المخرج السعودي عبد المحسن الضبعان: تُرعبني فكرة «العنف المكبوت»

تدور الأحداث حول «راكان» الذي خرج إلى العالم بعد فترة قضاها في السجن على خلفية تورّطه في قضية مرتبطة بالتطرُّف الديني، ليحاول بدء حياة جديدة.

أحمد عدلي (القاهرة )

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)