السماح لسكان روما بزيارة مدرجات الكولوسيوم

بعد اكتمال عمليات الترميم

مبنى الكولوسيوم
مبنى الكولوسيوم
TT

السماح لسكان روما بزيارة مدرجات الكولوسيوم

مبنى الكولوسيوم
مبنى الكولوسيوم

أخيراً أصبح بالإمكان الاستمتاع بزيارة المدرجات العليا للكولوسيوم على ارتفاع 120 قدماً فوق سطح الأرض، مما يسمح كذلك بإطلالة بانورامية على مدينة روما القديمة والمنتدى الروماني.
وكان أكثر من 31 ألف من سكان العاصمة الإيطالية روما وسياحها قد استمتعوا الأحد بزيارة مجانية للكلوسيوم أو مدرج الفلافيان كما يعرف تاريخياً، ويعتبر أكبر ساحة ترفيه ورمز للإمبراطورية الرومانية.
بدوره نقل وزير الثقافة الإيطالي، داريو فرانسيسشيني إلى المدرجين العلويين بصحبة جمهرة من الصحافيين، مشيداً باكتمال عمليات الترميم التي أجريت للمدرجين الرابع والخامس أو اللوجيون، حيث كان أفقر فقراء روما يجلسون على مقاعد خشبية متهالكة للاستمتاع بالصراع الدائر في الساحة أرضاً بين أقوى المصارعين وأكثر الحيوانات المفترسة شراسة.
وكما هو معلوم، فإن الكولوسيوم مقسم لمدرجات، ولكل فئة مدرج يتناسب ومكانة طبقتها الاجتماعية. في هذا السياق يجلس أسفل المدرج الأرضي قبالة ساحة «حلبة» الصراع مباشرة مما يسمح برؤية أفضل الإمبراطور وحاشيته وكبار سادة القوم ممن خصصت لهم مقاعد رخامية مرقمة ومحفور عليها اسم الجالس، يليها في مدرج أعلى كبار الموظفين ممن يشغلون المناصب الحكومية العليا ثم مدرج الطبقة الوسطى، فالتجار ومن لا يتمتعون بمناصب رفيعة وفي أقصى أعلاه بعيداً الفقراء بمدرج الـ«فلافيان».
وفقاً لهذا النظام لم يكن سعر بطاقات الدخول هو الفيصل في تحديد موقع جلوس الحضور وإنما المكانة الاجتماعية والوضع الاقتصادي والجاه، إذ يتم ترتيب المدرجات على شكل هرمي يتوافق تماماً وبكل سلاسة ونظام مع الهرم الاجتماعي دون أية تعقيدات سيما وأن الدخول كان مجاناً.
وسعة حجم الكولوسيوم تصل إلى 80 ألف متفرج، متعطش للبطش والقسوة في مهارة وفن وحرفية تمكن المصارع البارع من التغلب على الحيوان أو على منافسه المصارع الآخر.
من جانبها، كانت الحيوانات المفترسة الضارية التي كانوا يجوعونها ليالي قبل الصراع تظل محبوسة في أقفاص داخل أنفاق تحت الأرض بينما كان للمصارعين قباب خاصة يستعدون داخلها للصراع.
إلى ذلك، أشار وزير الثقافة الإيطالي أن الكولوسيوم حتى بعد 2000 عام على إنشائه لا يزال يحمل الكثير من الأسرار، مؤكدا أن عدد زواره سنويا يفوق الـ6 ملايين مما يضعه في مقدمة المزارات الأثرية عالميا، متوقعاً أن يزداد ذلك العدد بعد إضافة المدرجين، عندما تنتظم الزيارات في مجموعات، بنظام 25 زائراً في كل مجموعة بدءا من أول نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».