لومبارديا وفينيتو الإيطاليتان تصوتان لتعزيز الحكم الذاتي

TT

لومبارديا وفينيتو الإيطاليتان تصوتان لتعزيز الحكم الذاتي

نظمت منطقتا لومبارديا وفينيتو الإيطاليتان، أمس، استفتاء للمطالبة بتوسيع صلاحيات الحكم الذاتي، بعد أيام من مطالبة كاتالونيا بالانفصال عن إسبانيا.
ورد الناخبون بـ«نعم» أو «لا» على سؤال: «هل ترغبون في أشكال إضافية وشروط خاصة للحكم الذاتي» لمنطقتيهما، في الاستفتاء الذي انطلق في الساعة السابعة صباحا واستمر حتى ساعة متأخرة مساء أمس.
وأشارت آخر استطلاعات الرأي، حتى وقت كتابة هذه السطور، إلى تقدم كبير لمؤيدي تعزيز صلاحيات المنطقة، لكن العنصر المجهول يبقى نسبة المشاركة. وبلغت هذه النسبة حتى ظهر أمس 10 في المائة في لومبارديا، و21.1 في المائة في فينيتو.
وينظم هذا الاستفتاء التشاوري بمبادرة من رئيسي منطقتي لومبارديا، روبرتو ماروني، وفينيتو، لوكا تسايا، اللذين ينتميان إلى حزب «رابطة الشمال» اليميني المتطرف. وصرح ماتيو سالفيني زعيم حزب «رابطة الشمال»: «أنا سعيد لمطالبة آلاف، وأمل الملايين، من الناخبين في فينيتو ولومبارديا، بسياسة ملموسة، أكثر فعالية وأقل بيروقراطية وهدرا».
وتعد فينيتو التي تضم 5 ملايين مقيم، ولومبارديا (10 ملايين نسمة) من أغنى المناطق في إيطاليا، وتساهمان وحدهما بـ30 في المائة من إجمالي الناتج المحلي. وهما تطمحان إلى الحصول على مزيد من الموارد، من خلال استعادة نحو نصف رصيد الضرائب الراهن (الفارق بين ما يدفعه السكان من ضرائب ورسوم وما يتلقونه من نفقات عامة). وبلغ هذا الرصيد 45 مليار يورو للومبارديا، و15.5 مليار يورو لفينيتو، في مقابل 8 مليارات لكاتالونيا.
وهما تريان أن روما تسيء استخدام هذه المبالغ التي يمكن الاستفادة منها بفاعلية أكبر، بما في ذلك عبر اتفاقات شراكة بين المناطق. كما تريدان الحصول على صلاحيات إضافية في مجال البنى التحتية والصحة والتعليم، وحتى سلطات خاصة بالدولة في مجالي الأمن والهجرة اللذين يركز عليهما حزب «رابطة الشمال» لكنهما يتطلبان تعديل الدستور.
وقال يكولا لوبو، أستاذ القانون الدستوري في جامعة لويس في إيطاليا، لوكالة الصحافة الفرنسية إن عمليتي التصويت في المنطقتين تجريان في إطار الدستور الذي ينص على إمكانية أن يمنح البرلمان هذه الأشكال من الحكم الذاتي، للمناطق التي تتقدم بطلب للحصول عليها.
ويحظى الاستفتاء الذي يدافع عنه «رابطة الشمال»، بدعم حزب «إلى الأمام إيطاليا» بزعامة سيلفيو برلسكوني (يمين وسط)، وحركة «الخمسة نجوم» الشعبوية، وهيئات أرباب العمل والنقابات.
في المقابل، دعت أحزاب يسارية مثل الحزب الشيوعي إلى الامتناع عن التصويت، منتقدة «التبذير في المال العام» و«استفتاء مهزلة». ولم يصدر الحزب الديمقراطي الحاكم (يسار الوسط) تعليمات لناخبيه، لكن عددا كبيرا من مسؤوليه، لا سيما رئيس بلدية ميلانو، صرحوا بأنهم سيصوتون بـ«نعم».
ويفترض أن تبلغ تكلفة عملية التصويت 14 مليون يورو في فينيتو، ونحو 50 مليونا في لومبارديا التي اختارت التصويت الإلكتروني واشترت أجهزة لوحية مكلفة. وتبقى نسبة المشاركة هي القضية الأساسية؛ ففي فينيتو، يتعين أن تتخطى نسبتها 50 في المائة حتى يكون الاستفتاء قانونيا. وحتى في لومبارديا، حيث لم يحدد نصاب؛ «إذا كانت المشاركة دون 40 في المائة، فسيتراجع السؤال على الأرجح إلى مجرد حادثة صغيرة في كتب التاريخ».
وقال رئيس جمعية الحرفيين في المنطقة، اغوستينو بونومو: «أعتقد أن عالم الأعمال سيصوت بـ(نعم)». وهو يأمل بأن يفيد الحكم الذاتي الشركات عبر السماح باستعادة أموال وتأهيل قضاة المحاكم المحلية بشكل أسرع.
لكن في لومبارديا، لا يثير الاستفتاء أي حماسة؛ وإن كانت الإعلانات الدعائية تغطي جدران ميلانو. وليس هناك أي نصاب محدد. فقد أكد ماروني أن نسبة 34 في المائة ستشكل نجاحا، لكن خصومه في الحزب الديمقراطي يرون أن نسبة أقل من 50 في المائة لن تكون لها أهمية.
من جانبه، رأى يكولا لوبو أن الاستفتاء يجري في إطار من «الانقسام بين الشمال والجنوب، مع فكرة أن روما هي مكان الحكم الفاسد والمركزي».
وتخلى «رابطة الشمال» في الواقع عن توجهاته الاستقلالية الماضية (1996 - 2000) وتحول إلى معاداة اعتماد اليورو والهجرة، على غرار «الجبهة الوطنية الفرنسية». وقال تسايا إن أي مقارنة مع كاتالونيا هي محاولة «ماكرة» لثني الناس عن التصويت بـ«نعم». وأكد لوبو أن «أوجه التشابه مع كاتالونيا ضئيلة، والمشاعر الاستقلالية ليست متفشية على نطاق واسع» في هاتين المنطقتين.
ويقول المطالبون الفعليون بالاستقلال، وهم أقلية، إن هذا الاستفتاء ليس سوى محاولة. وقال أليسو موروسان، مؤسس حزب «فينيتو المستقلة»: «سيتيح لنا أن نوحد صفوفنا بصفتنا أبناء فينيتو».



كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.