قطر مستاءة... وإسرائيل تهدد «حماس» بدفع ثمن العلاقة مع إيران

وفد الحركة يناقش تقارباً أكبر مع الحلفاء السابقين... وطهران تشكر الحركة بسبب تمسكها بالسلاح

عناصر من {حماس} لدى تشييعهم نضال الجعفري من كتائب عز الدين القسام الذي قتل مؤخراً في غزة (أ.ف.ب)
عناصر من {حماس} لدى تشييعهم نضال الجعفري من كتائب عز الدين القسام الذي قتل مؤخراً في غزة (أ.ف.ب)
TT

قطر مستاءة... وإسرائيل تهدد «حماس» بدفع ثمن العلاقة مع إيران

عناصر من {حماس} لدى تشييعهم نضال الجعفري من كتائب عز الدين القسام الذي قتل مؤخراً في غزة (أ.ف.ب)
عناصر من {حماس} لدى تشييعهم نضال الجعفري من كتائب عز الدين القسام الذي قتل مؤخراً في غزة (أ.ف.ب)

هددت إسرائيل حركة حماس بدفع ثمن أكبر جراء استمرار علاقة الحركة بالنظام الإيراني، وألمحت إلى أن سكان قطاع غزة هم الذي سيدفعون ثمن هذه العلاقة. في حين أكد مسؤولون في «حماس» أن العلاقة مع قطر في تراجع بسبب تقارب الحركة مع مصر.
وقال ممثل الحكومة الإسرائيلية في الضفة الغربية وقطاع غزة، رئيس الإدارة المدنية الجنرال يوآف مردخاي، إن زيارة وفد «حماس» إلى طهران، برئاسة نائب رئيس المكتب السياسي صالح العاروري «تدلّ على أن قادة حماس لا يحاولون إخفاء حقيقة أن نظام إيران الذي يقمع شعبه نحو 40 عاماً، هو الذي يدبّر أمور (حماس الإرهابية) في قطاع غزة». وأضاف مردخاي: «رغم التطورات في الساحة الفلسطينية فإن قادة حماس، الذين ينبهرون بـالدعم الإيراني، يستمرّون في تلقي الأوامر من النظام الإيراني المتطرف الذي يطمح بدوره إلى تصدير ما يسمى بـالثورة الإسلامية». وأردف مردخاي محذراً: «ومن الذي سيدفع، في نهاية المطاف، ثمن طاعة حماس العمياء إلى إيران؟ إنهم سكان قطاع غزة».
وأطلق مردخاي هاشتاغ بعنوان «حماس تبيع القطاع لإيران»، في أقوى رد فعل من إسرائيل على زيارة وفد رفيع من الحركة ترأسه نائب رئيس الحركة صالح العاروري. ووصل العاروري إلى إيران على رأس وفد رفيع من الحركة في أول جولة خارجية له بعد توقيعه اتفاق المصالحة مع حركة فتح في القاهرة في وقت سابق هذا الشهر. وجاءت هذه الزيارة في ظل توجه جديد لدى «حماس»، لتعزيز العلاقات مع إيران على أعلى مستوى ممكن. ويُعتقد أن ينجح العاروري الذي يحظى بعلاقات سابقة قوية مع مسؤولين في إيران، بينهم قادة في الحرس الثوري الإيراني، بجسر أي فجوات بين الحركة وإيران. وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط» إن العاروري يقود مع آخرين في المكتب السياسي الجديد سياسة من أجل إعادة العلاقات بين «حماس» وحلفائها السابقين، بينهم إيران، وسوريا كذلك.
ويحظى العاروري بدعم تيار العسكر الذي يمثله كذلك ورئيس الحركة في غزة يحيى السنوار، الذي مدح إيران بشكل كبير قبل يومين، قائلاً: إن «إيران هي الداعم الأكبر للسلاح والمال والتدريب لكتائب القسام»، ومضيفاً: «واهم من يظن أننا سنقطع علاقتنا بإيران».
وهذا التقارب الكبير بين «حماس» وإيران جاء على شكل تحدٍ جديد لإسرائيل، بعد أن اشترط المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر لشؤون السياسة والأمن (الكابنيت) على «حماس» نزع سلاحها، وقطع علاقتها بإيران، من بين أشياء أخرى للموافقة على المصالحة. وأعلن المجلس الأمني الإسرائيلي المصغر أن إسرائيل لن تتفاوض مع الفلسطينيين إلى أن تتخلى حركة حماس عن سلاحها. واشترطت إسرائيل على حماس «الاعتراف بإسرائيل، والتخلي عن الإرهاب وفقاً لشروط الرباعية، وتفكيك سلاحها، وإعادة قتلى الجيش الإسرائيلي والمواطنين الموجودين في غزة، والسيطرة الأمنية الكاملة للسلطة الفلسطينية على قطاع غزة، بما يشمل المعابر ومنع التهريب، والاستمرار بـ(تدمير البنية التحتية الإرهابية لحماس) في الضفة الغربية من قبل السلطة الفلسطينية، وقطع علاقات حماس مع إيران، وتدفق أموال المساعدات الإنسانية إلى غزة فقط عن طريق السلطة الفلسطينية والآليات التي أقيمت من أجل ذلك هناك».
وقالت مصادر في «حماس» لـ«الشرق الأوسط» إن الحركة ردت على إسرائيل بطريقتين، الأولى عبر إعلان السنوار أن «نزع سلاح حماس هو حلم إبليس بالجنة»، والثاني عبر وجود وفد رفيع من الحركة في طهران. وأضافت المصادر «لا تقرر إسرائيل لحماس. إسرائيل هي العدو، وعلاقتنا بفتح أو إيران أو أي جهة أخرى هي شأن داخلي». ويفترض أن تستمر زيارة وفد «حماس» لعدة أيام، ويعتقد أن تثمر عن تقدم كبير في العلاقات. وقال المسؤول في «حماس» طاهر النونو: «نريد علاقات قوية مع إيران، ولن نتخلّى عن أصدقائنا وحلفائنا في المنطقة، لقد قطعنا شوطاً كبيراً في إعادة تقوية العلاقات الاستراتيجية مع طهران». والتقى الوفد أمس رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية في مجمع تشخيص مصلحة النظام علي أكبر ولايتي، وهو المستشار المقرب من مرشد إيران الأعلى علي خامنئي.
وشكر ولايتي حركة حماس على عدم تخليها عن سلاح المقاومة، الذي وصفه بخط أحمر. وقال ولايتي: «نستغل كل فرصة للاجتماع بأصدقاء في محور المقاومة، لا سيما حركة حماس، ونُثني على موقف الحركة التي رفضت التخلي عن سلاح المقاومة». وإذا ما نجحت «حماس» في ترميم العلاقات مع إيران، فإنها ستستعيد مصدراً مهماً للدعم المالي. وتعاني «حماس» مؤخراً من أزمة مالية كبيرة، اضطرت معها إلى تخفيض مصاريف جناحها العسكري وكذلك رواتب عناصرها.
من جهة ثانية قال رئيس حركة حماس في قطاع غزة، يحيى السنوار، إن «علاقة قطر بحماس ليست جيدة»، بعد إبرام الحركة لاتفاق مصالحة رعته القاهرة. ونقل أحد الشبان الذين حضروا لقاء جمع السنوار مع مجموعة من الشباب الفلسطيني لـ«الشرق الأوسط»، بعض ما جاء في اللقاء. وقال إن رئيس حركة حماس ذكر لهم بالحرف الواحد إن أحد قادة «فتح» قال له خلال مباحثات القاهرة: «لماذا لا تطلبون من قطر أن تدفع لكم رواتب الموظفين... فقلت لهم إن علاقتنا معهم مش كثير». وأكد مصدر فلسطيني أن علاقة قطر بـ«حماس» ساءت بسبب تقارب الحركة مع مصر، ومن ثم تقاربها مع القيادي المفصول من «فتح» محمد دحلان. وهذه ليست أول مرة يتحدث فيها أحد مسؤولي «حماس» عن تراجع العلاقة مع قطر. وقبل ذلك أكد موسى أبو مرزوق، عضو المكتب السياسي، وجود خلافات بين «حماس» وقطر لأسباب مختلفة. وكانت حركتا فتح وحماس وقّعتا اتفاق المصالحة الفلسطينية رسمياً في 12 أكتوبر (تشرين الأول) بالقاهرة، ما أغضب فيما يبدو القيادة القطرية.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.