السنغال تحبط عملية إرهابية كبيرة بالتعاون مع استخبارات أجنبية

الولايات المتحدة وكندا حذرتا من «هجمات محتملة»... وفرنسا صامتة

TT

السنغال تحبط عملية إرهابية كبيرة بالتعاون مع استخبارات أجنبية

أحبطت الأجهزة الأمنية في السنغال، بالتعاون مع استخبارات أجنبية، عملية إرهابية كانت تحاول استهداف أحد فنادق العاصمة السنغالية دكار يرتاده الرعايا الغربيون بكثرة، وفق ما تداولته الصحافة المحلية في السنغال أمس (الجمعة)، رغم عدم صدور أي تصريحات رسمية من طرف الحكومة أو الأجهزة الأمنية بالسنغال. وقالت المصادر التي أوردت الخبر، من ضمنها صحف محلية ومواقع إلكترونية مهتمة بقضايا الأمن في منطقة الساحل الأفريقي، إن الأمن السنغالي نجح في إحباط العملية الإرهابية التي كان من المفترض أن تقع ليلة أول من أمس، وأن تستهدف فندقاً يرتاده الرعايا الغربيون على شواطئ العاصمة دكار. ولم تعلن المصادر عن اسم الفندق المستهدف، كما لم تكشف عن تفاصيل إفشال العملية الإرهابية، مكتفية بالقول إنه قد تم اعتقال ثلاثة أشخاص، يشتبه في تورطهم في التخطيط للهجوم، اثنان منهم يحملان جنسية دولة مالي، المجاورة للسنغال، ولكن لم يعرف إن كان المشتبه بهم قد دخلوا فعلاً الأراضي المالية أم أنهم اعتقلوا داخل الأراضي المالية. وسبق أن وجهت سفارة الولايات المتحدة في السنغال رسالة إلى رعاياها توصيهم بالتزام الحذر في المناطق التي يرتادها أجانب «غربيون» في العاصمة دكار بسبب ما قالت إنه «تهديد يتمتع بالصدقية مرتبط بنشاطات إرهابية محتملة»؛ وجاء في الرسالة المؤرخة في 18 أكتوبر (تشرين الأول) أن «السفارة الأميركية توصي المواطنين الأميركيين بالتزام الحذر عندما يتوجهون إلى مبان وفنادق يرتادها غربيون بسبب تهديد يتمتع بالصدقية مرتبط بنشاطات إرهابية محتملة».
وأضافت الرسالة أن «طاقم السفارة الأميركية ممنوع من الإقامة في فنادق دكار الواقعة على شاطئ البحر حتى الأسبوع الأول من ديسمبر (كانون الأول) »، مشيرة إلى أنه «على المواطنين الأميركيين (المقيمين في السنغال) أن يتوقعوا عمليات مراقبة أمنية أعمق عندما يتنقلون في دكار»، وفق نص الرسالة.
وكانت الحكومة الكندية قامت أول من أمس، بتحديث الصفحة «الأمنية» لموقعها الإلكتروني المخصص للمسافرين إلى السنغال؛ وتحت عنوان «تهديد إرهابي في دكار»، نشرت أوتاوا تحذير السفارة الأميركية وأوصت رعاياها «بالتزام الحذر في كل الأوقات في الأماكن العامة» في العاصمة.
وقالت الخارجية الكندية في تحذيرها: «عليكم الإقامة في الفنادق التي تتخذ إجراءات أمنية مشددة، لكن عليكم أن تبقوا في أذهانكم أنه حتى الأماكن الأكثر أمانا لا تخلو من المخاطر».
من جهتها كانت الحكومة الفرنسية توصي منذ عدة أشهر بالتزام الحذر في السنغال بسبب الاعتداءات الإرهابية في بلدان أخرى في غرب أفريقيا (مالي وموريتانيا وبوركينا فاسو)، إلا أنها لم تعدل مساء الخميس نصائحها للمسافرين إلى السنغال ولا وجهت رسالة إلى رعاياها المقيمين هناك، على الرغم من آلاف الفرنسيين يقيمون على الأراضي السنغالية. وتعتمد دكار لتأمين أراضيها على خطة أمنية محكمة، تتعاون فيها مع استخبارات عدد من الدول الصديقة والحليفة، في مقدمتها فرنسا والولايات المتحدة الأميركية، وقد تمكنت مؤخراً من اعتقال اثنين من مقاتلي تنظيم داعش «داعش»، دخلا أراضيها شهر يوليو (تموز) الماضي قادمين من تركيا.
وخلافا للعدد من الدول المجاورة لها، لم تشهد السنغال حتى الآن أي اعتداءات إرهابية، رغم التحذيرات الدائمة التي تطلقها بعض الجهات الغربية، خاصة بعد أن شنت القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي هجمات ضد فنادق ومنتجعات سياحية في عواصم أخرى في المنطقة خلال الأعوام الأخيرة؛ أبيدجان، باماكو، واغادوغو. وفي شهر مارس (آذار) الماضي أعلنت أربع جماعات إسلامية مسلحة انخراطها في تنظيم موحد يحمل اسم «جماعة نصرة الإسلام والمسلمين»، وهذه الجماعات هي: إمارة الصحراء الكبرى (تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي)، جماعة المرابطون (مختار بلمختار)، جماعة أنصار الدين (إياد أغ غالي)، جبهة تحرير ماسينا. ووجهت هذه الجماعة الجديدة، التي توصف بأنها الأقوى في منطقة الساحل الأفريقي، تهديدات صريحة لفرنسا والدول المتعاونة معها في شبه المنطقة، فيما سبق أن شنت جماعة المرابطون بالتعاون مع إمارة الصحراء هجمات عنيفة ودامية في كل من باماكو (مالي) وأبيدجان (كوت ديفوار) وواغادوغو (بوركينافاسو)، أسفرت عن سقوط عشرات القتلى من ضمنهم غربيون.



محاولة انقلابية فاشلة في دولة بنين

صورة أرشيفية لمتظاهرة تحمل علم بنين خارج البرلمان في العاصمة بورتو نوفو أبريل 2017 (أ.ف.ب)
صورة أرشيفية لمتظاهرة تحمل علم بنين خارج البرلمان في العاصمة بورتو نوفو أبريل 2017 (أ.ف.ب)
TT

محاولة انقلابية فاشلة في دولة بنين

صورة أرشيفية لمتظاهرة تحمل علم بنين خارج البرلمان في العاصمة بورتو نوفو أبريل 2017 (أ.ف.ب)
صورة أرشيفية لمتظاهرة تحمل علم بنين خارج البرلمان في العاصمة بورتو نوفو أبريل 2017 (أ.ف.ب)

أعلنت السلطات في دولة بنين اعتقال قائد الحرس الجمهوري ورجل أعمال مُقرّب من رئيس البلاد ووزير سابق في الحكومة، إثر تورّطهم في مخطط لقلب نظام الحكم بالقوة، في البلد الذي كان يعد واحداً من أكثر ديمقراطيات أفريقيا استقراراً، ولكنه يشهد منذ سنوات توتراً سياسياً متصاعداً، واتهامات بالتحول نحو «الديكتاتورية».

وقالت السلطات القضائية، الأربعاء، على لسان المدعي العام لدى محكمة الجرائم الاقتصادية والإرهاب، إن «قائد الحرس الجمهوري المكلف بحماية رئيس الدولة، تلقى اتصالات من الوزير السابق أوزوالد هوميكي، ورجل الأعمال أوليفييه بوكو لتنفيذ انقلاب بالقوة يوم 27 سبتمبر (أيلول) 2024».

وفي هذه الأثناء أعلنت محكمة الجرائم الاقتصادية والإرهاب، أنها اعتقلت قائد الحرس الجمهوري دجيمون ديودوني تيفويدجي، في حدود الساعة الواحدة من فجر يوم الثلاثاء الماضي، حين كان يتسلّم من وزير الرياضة السابق أوزوالد هوميكي، أكياساً من النقود تجاوزت قيمتها مليوني يورو.

وقال المدعي العام إن القائد العسكري والوزير السابق جرى اعتقالهما «أثناء عملية تسليم مبلغ مليار وخمسمائة مليون فرنك غرب أفريقي (ما يزيد قليلاً عن مليوني يورو)»، مشيراً إلى أن المحكمة قررت «فتح تحقيق لتحديد جميع الأشخاص المتورطين» في محاولة الانقلاب.

وتشير المعلومات الصادرة عن السلطات القضائية في بنين إلى أن المبالغ التي كان الوزير السابق ينوي تسليمها لقائد الحرس الجمهوري مصدرها رجل الأعمال أوليفييه بوكو، الصديق المقرب من الرئيس باتريس تالون، وفي نفس الليلة اعتقل رجل الأعمال.

خلفيات سياسية

رجل الأعمال أوليفييه بوكو (60 عاماً)، كان حتى وقت قريب واحداً من أكثر الرجال قرباً من الرئيس باتريس تالون، وهو مالك مجموعة «Dfa» للإمدادات الغذائية، ويوصف بأنه اليد اليمنى للرئيس تالون منذ نحو 20 عاماً.

إلا أن العلاقة بينه الرئيس ورجل الأعمال بدأت تتوتر منذ العام الماضي، حين بدأ رجل الأعمال يظهر طموحات سياسية ورغبة في حكم البلاد، وبدأت تتشكل كتل سياسية تدعم ترشح رجل الأعمال للانتخابات الرئاسية المقبلة (2026)، وأصبح يقدم من طرف بعض الأوساط على أنه الخليفة المثالي للرئيس الحالي باتريس تالون.

وفي عام 2023، استقال وزير الرياضة السابق أوزوالد هوميكي (المعتقل معه حالياً)، بعد أن دعا إلى دعم ترشح أوليفييه بوكو لخلافة الرئيس تالون، الذي يحكم بنين منذ 2016، وأعيد انتخابه عام 2021، ويمنعه الدستور الحالي من الترشح لولاية رئاسية ثالثة.

وتشير أوساط سياسية عديدة إلى أن تالون استاء كثيراً من طموحات رجل الأعمال، وهو الذي يرفض الإفصاح عن مستقبله السياسي، وإن كان يفكر في تعديل الدستور للبقاء في الحكم لفترة أطول، كما سبق وفعل عدد من قادة أفريقيا، رغم ما ينطوي ذلك على مخاطر سياسية.

ردود فعل

على المستوى الداخلي في بنين، تزيد هذه الاعتقالات من تعقيد الوضع السياسي، وذلك ما عبرت عنه مجموعة من المحامين عقدت مؤتمراً صحافياً يوم الثلاثاء، قالت فيه إن على السلطات أن تفرج فوراً عن أوليفييه بوكو، قبل أن يصفوا اعتقاله بأنه «اختطاف خارج القانون».

وقال المحامون: «في الوقت الذي نعقد فيه هذا المؤتمر الصحافي، لا يمكن لعائلته ولا نحن كمحامين عنه، معرفة مكان أو حالة السيد بوكو، الذي ربما يكون محروماً من الطعام وخاصة من أدويته». وأضاف المحامون أن «هذا الانتهاك الصارخ للإجراءات القانونية يحدث في سياق لم يكن فيه السيد بوكو عرضة لأي إجراء قضائي، ولم يتم استدعاؤه أو إصدار أي أمر بالقبض عليه».

من جهة أخرى، أصدرت مجموعة سياسية تدعم ترشح بوكو للرئاسة في عام 2026، بياناً دانت فيه اعتقاله ووصفته بأنه «انتهاك خطير للحقوق الأساسية»، و«اضطهاد سياسي واضح»، و«أساليب قمعية غير مقبولة».

ويأتي هذا الاعتقال ليدعم خطاب المعارضة حين تتهم الرئيس باتريس تالون بالتحول نحو الحكم الاستبدادي في بنين، التي كانت تُعتبر واحدة من أكثر الديمقراطيات استقراراً في المنطقة.

السياق الدولي

بعد اعتقال رجل الأعمال وقائد الحرس الرئاسي، واتهامه بمحاولة قلب نظام الحكم، يزداد الوضع السياسي غموضاً في بنين، خاصة فيما يتعلق بمستقبل الديمقراطية، في ظل موجة الانقلابات التي تجتاح دول غرب أفريقيا.

وتعد دول الساحل، المحاذية لدولة بنين، بؤرة موجة الانقلابات العسكرية، وهي مركز الصراع الدائر بين روسيا والصين من جهة، والغرب من جهة أخرى، والذي أصبحت دائرته تتسع لتشمل دول غرب أفريقيا عموماً.

وتقعُ دولة بنين في عمق غرب أفريقيا، مطلة على المحيط الأطلسي، وخاصة خليج غينيا الاستراتيجي، وتحدها من الشمال دولتا النيجر وبوركينا فاسو، وهما البلدان اللذان يحكمان من طرف الجيش، وتوجها نحو التحالف مع روسيا، بعد قطيعة علنية مع الغرب، وخاصة فرنسا.

وسبق أن وجهت دول الساحل (النيجر، مالي وبوركينا فاسو) اتهامات إلى بنين بأنها تحولت إلى مركز للقواعد العسكرية والاستخباراتية الفرنسية، بل إن النيجر قطعت العام الماضي جميع اتفاقيات التعاون الأمني والعسكري مع بنين، وأغلقت الحدود بين البلدين.

واندلعت إثر ذلك أزمة حادة بين النيجر وبنين، تتعلق بتصدير إنتاج النيجر من النفط، وهي الدولة الحبيسة التي كانت تعتمد على الموانئ في بنين، ودخلت الصين على الخط لنزع فتيل الأزمة، بصفتها متضررة من الأزمة حيث تتولى استغلال أكبر الحقول النفطية في النيجر.