مع تلاحق الهزائم التي تصيب «داعش» في العراق وسوريا، عاد الحديث عن حل سياسي في سوريا واقتراح تشكيل «مجموعة الاتصال» التي تتمسك بها فرنسا، صاحبة الفكرة، للسير في حل من هذا النوع. وكشفت مصادر فرنسية لـ«الشرق الأوسط»، عن أن تلقي الوزراء الأربعة خلال اجتماع الدول الخمس دائمة العضوية كان «فاترا»، وبخاصة من الطرفين اللذين يلعبان الدور الأساسي في سوريا، وهما روسيا من جهة، والولايات المتحدة الأميركية من جهة أخرى.
ورغم «القبول المبدئي» للطرف الروسي، فإن المناقشات معه بينت أن موسكو «متمسكة» بمسار «آستانة» الذي يضمها وتركيا وإيران، وهي الأطراف الثلاثة الضالعة في إنشاء مناطق خفض التصعيد الأربع، التي نجحت في جمع النظام وبعض المعارضة العسكرية والسياسية إلى طاولة واحدة. يضاف إلى ذلك أن موسكو «لا ترى حقيقة الفائدة من إنشاء مجموعة جديدة، لكنها لا تمانع في إقامتها». أما من الجانب الأميركي، فإن المشكلة مع واشنطن، منظور إليها من باريس، تكمن في أنها «ما زالت تركز على محاربة (داعش) حتى الآن، وهي لا تذهب أبعد من ذلك». وما يزيد من «ضبابية» الموقف الأميركي التداخل القائم بين رؤية واشنطن وتحركها إزاء الحرب في سوريا وسياستها «الجديدة» إزاء إيران وأولى مؤشراتها رفض المصادقة على تنفيذ طهران لالتزاماتها في إطار الاتفاق النووي للعام 2015، والرغبة في تحديد سياسة احتواء «شاملة» ليس الملف النووي إلا أحد عناصرها.
وتترافق هذه الصعوبات المعيقة مع عامل آخر هو كيفية إدخال إيران في ديناميكية «مجموعة الاتصال» التي تريد باريس أن تضم الخمس الكبار والدول الإقليمية المؤثرة، وبينها إيران. وحتى الآن، ترفض واشنطن الجلوس مع ممثل طهران إلى طاولة واحدة. ومع التوتر الناتج من قرار الرئيس دونالد ترمب الأخير، ارتفع سقف الصعوبات بوجه باريس. لكن المصادر الفرنسية ترى أن الدبلوماسيين «يحصلون على أجر؛ لأن إحدى مهماتهم إيجاد المخارج للمسائل المعقدة وهذه إحداها». لذا؛ فإن أحد الحلول المطروحة كما شرحتها هذه المصادر والعمل في إطار «مجموعة الخمس» في مرحلة أولى على أن يُضم إليها ممثلو الدول الإقليمية لاحقا. ويمكن أن «تكون باريس قناة التشاور والتواصل مع طهران قبل أو بعد لقاءات مجموعة الاتصال». لكن هذه الصعوبات، رغم أهميتها، تبقى في نظر المصادر الفرنسية «إجرائية»، وهي ترى أن «الصعوبة الكبرى» تكمن في «توافر الإرادة السياسية» للسير في حل سياسي. وحتى الآن: «ليست باريس مقتنعة» بأن الأطراف المعنية راغبة حقيقة بحل كهذا في الوقت الحاضر.
إلى جانب ما سبق، ترى باريس أن إطلاق «مجموعة الاتصال» عمليا: «لا يمكن أن يتم بمعزل» عما يقوم به المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دي ميستورا. ذلك أن باريس التي خفضت سقف توقعاتها، ترى أن دور «مجموعة الاتصال» هو «مواكبة» مفاوضات جنيف وتوفير الدعم السياسي لها بحيث تشكل لها «المظلة الضامنة».
وقالت الخارجية الفرنسية: إن النجاحات الملموسة في «الحرب على (داعش) تبين الحاجة إلى الوصول سريعا إلى حل سياسي يتيح التصالح بين السوريين، ويمنع عودة الإرهاب». وأضافت الخارجية الفرنسية، أن باريس «تعمل من خلال مجموعة الاتصال على جمع الأطراف في سوريا من أجل تسهيل التوصل إلى حل كهذا». وشهرت باريس مجددا ورقة إعادة الإعمار للضغط على الأطراف المعنية، وهي تربط مساهمتها ومساهمة الأطراف الأوروبية فيها بالتوجه إلى حل سياسي واضح» يمكّن من استقرار الوضع وعودة النازحين واللاجئين. وخلصت الخارجية الفرنسية إلى أن هذه الشروط «غير متوافرة اليوم».
وتراهن باريس على رغبة روسية في التوصل إلى حل سياسي «على المدى القريب» من جهة وعلى قدرتها على دفع النظام إلى التفاوض بعد أن يكون قد ضمن له إخراج مستقبل الرئيس بشار الأسد من سلة التفاوض. وهذه المسألة كانت المسؤولة إلى حد بعيد عن إفشال اجتماعات جنيف حتى الآن. وتعتبر أوساط قصر الإليزيه، أن العلاقات الجيدة التي أقامها الرئيس ماكرون مع نظيره الروسي يمكن أن تكون «عاملا مساعدا».
هل ينجح الرهان الفرنسي؟ تقول المصادر الفرنسية إن «لا شيء مضمونا» حتى الآن لكن رغم ذلك، يتعين الاستمرار في الدعوة إلى حل سياسي «لأنه الوحيد الذي من شأنه أن ينهي النزاع وأن يضع حدا للحرب في سوريا».
8:17 دقيقة
باريس تقر بصعوبات مع موسكو وواشنطن لتسويق «مجموعة الاتصال»
https://aawsat.com/home/article/1057686/%D8%A8%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%B3-%D8%AA%D9%82%D8%B1-%D8%A8%D8%B5%D8%B9%D9%88%D8%A8%D8%A7%D8%AA-%D9%85%D8%B9-%D9%85%D9%88%D8%B3%D9%83%D9%88-%D9%88%D9%88%D8%A7%D8%B4%D9%86%D8%B7%D9%86-%D9%84%D8%AA%D8%B3%D9%88%D9%8A%D9%82-%C2%AB%D9%85%D8%AC%D9%85%D9%88%D8%B9%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D9%84%C2%BB
باريس تقر بصعوبات مع موسكو وواشنطن لتسويق «مجموعة الاتصال»
- باريس: ميشال أبونجم
- باريس: ميشال أبونجم
باريس تقر بصعوبات مع موسكو وواشنطن لتسويق «مجموعة الاتصال»
مواضيع
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة