الرئيس الصيني مستمر بـ«الاشتراكية على الطريقة الصينية»

يريد الانفتاح على العالم مع «صين واحدة» وحزب «متماسك» وجيش من «الطراز الأول»

الرئيس الصيني مستمر بـ«الاشتراكية على الطريقة الصينية»
TT

الرئيس الصيني مستمر بـ«الاشتراكية على الطريقة الصينية»

الرئيس الصيني مستمر بـ«الاشتراكية على الطريقة الصينية»

أبدى الرئيس الصيني تشي جينبينغ تفاؤله تجاه مستقبل الصين والتحديات التي تواجه بلده في ظل المتغيرات الدولية. ودعا إلى التصدي لكل ما يمكن أن يهدد سلطة الحزب الحاكم، مفتتحاً في بكين المؤتمر الوطني التاسع عشر للحزب الشيوعي، الذي يتوقع أن يمنحه ولاية جديدة على رأس ثاني أكبر اقتصاد في العالم وأكبر بلد من حيث السكان في العالم.
وعبر في خطابه أمام 2338 مندوبا في إطار هذا الملتقى المهم الذي يعقده الحزب كل خمس سنوات، عن حلمه بتحويل بلاده إلى قوة عظمى عالمية. وقال: «على كل منا أن يبذل المزيد دفاعا عن سلطة الحزب والنظام الاشتراكي الصيني، والتصدي بحزم لأي أقوال أو أفعال من شأنها أن تقوضهما».
واستمر خطابه أكثر من ثلاث ساعات، أمام رمز عملاق للمطرقة والمنجل الشيوعيين محاطا بأعلام حمراء، وأعلن الرئيس أن «الاشتراكية على الطريقة الصينية دخلت حقبة جديدة»، مبددا أي أمل في الانفتاح الليبرالي للنظام. إن «التوقعات مشرقة ولكن التحديات قوية»، مضيفا: «على الجميع أن يطمحوا للأعلى وأن يتوخوا الحذر من المخاطر».
ومن المتوقع تغيير معظم قادة الحزب الشيوعي خلال المؤتمر، ومن بينهم أعضاء اللجنة الدائمة للمكتب السياسي للحزب السبعة. وطالب الرئيس الصيني، الذي يقود حملة ضد الفساد، أدت حتى الآن إلى معاقبة 1.3 مليون مسؤول، بمحاربة ما «يقوض» الحزب الشيوعي. وطالب تشي الحزب بالاستمرار في تحسين قدرته على «تطهير» نفسه. وقال: «علينا أن نزيل أي شيء يقوض طهارة الحزب، وأن نخلص أنفسنا من أي فيروس يضر بصحة الحزب».
وحول ما يتعلق بالعلاقات الخارجية، قال الرئيس الصيني إن بلاده «لن تغلق الباب أمام العالم»، وبدلا من ذلك سوف تصبح «منفتحة بشكل متزايد على العالم». وذكر أن خطته لخلق تجارة عابرة للقارات وشبكة للبنية التحتية تمثل وسيلة لربط الصين بالعالم.
وقال إن الصين ستحافظ على سيادتها وأمنها وتعارض أي سلوك يسعى لتقسيم الدولة. وتعتبر بكين تايوان التي تتمتع بحكم ذاتي إقليما منشقا يجب إخضاعه لسيطرتها بالقوة إذا لزم الأمر، وتقول إن الانفصاليين يحاولون فصل مناطق التبت الغربية عن بقية البلاد. وقال الرئيس الصيني إنه يجب الحفاظ على مبدأ «صين واحدة»، في إشارة إلى سياسة جوهرية للحكومة تنص على أن تايوان جزء من الصين.
وبمناسبة انعقاد مؤتمر الحزب دعت رئيسة تايوان، تساي إينج - وين، بكين إلى إيجاد سبل جديدة للتفاعل، وذلك بعد أن قطعت بكين الاتصالات مع الجزيرة العام الماضي. وذكرت تساي، في بيان، أنه يتعين على قادة الجانبين البحث بشكل مشترك عن سبل جديدة للتفاعل لوضع أساس أكثر صلابة للسلام والاستقرار على المدى الطويل في العلاقات عبر المضيق. وقالت تساي: «لن تتغير نياتنا الحسنة، ولن تتغير التزاماتنا، ولن نعود إلى مسار المواجهة القديم، ولن نرضخ للضغط».
وأكد تشي مجددا في مؤتمر الحزب أن الصين سوف تتعامل بشكل مناسب مع التغيرات في وضع تايوان، ولن تدخر جهدا في معارضة حركة استقلال تايوان والحفاظ على السلام والاستقرار.
وقال تشي «إن الوضع في الداخل والخارج على السواء يشهد تبدلات عميقة ومعقدة (...) تطور الصين ما زال في مرحلة الفرص الاستراتيجية فيها مهمة. الآفاق واعدة، لكن التحديات أيضا جسيمة».
وكان مندوبو «أكبر حزب في العالم» يبلغ عدد أعضائه 89 مليون شخص، وجميعهم تقريبا يرتدون بدلات قاتمة وربطات عنق حمراء، ينصتون لخطاب تشي في قصر الشعب ببكين، وقد صفقوا له بحرارة عند دخوله مبتسما إلى جانب الرئيسين السابقين جيانغ زيمين وهو جينتاو. وتوجه تشي الذي يستقبل الرئيس الأميركي دونالد ترمب الشهر المقبل، إلى باقي العالم واعدا بأن بلاده «ستنفتح أكثر»، ومتعهدا بمعاملة الشركات الأجنبية العاملة في الصين بـ«إنصاف». وأكد عزمه على مواصلة تحديث القوات المسلحة الصينية، ليجعل «من الجيش الشعبي جيشا من الطراز الأول» بحلول 2050.
وسيقوم المشاركون في المؤتمر بحلول الثلاثاء بانتخاب لجنة مركزية جديدة في جلسات مغلقة بدورها ستختار حتما الرئيس أمينا عاما للحزب لفترة جديدة من خمس سنوات، لا بل قد تتيح له حتى فرصة في البقاء في السلطة لمدة أطول. فمن المرجح إلغاء الحد الأقصى للعمر البالغ 68 عاما المفروض على أعضاء المكتب السياسي، الهيئة المؤلفة من 25 عضوا التي تقود الصين، ما يأتي في الوقت المناسب لتشي جينبينغ الذي سيكون عمره 69 عاما في المؤتمر المقبل عام 2022.

ورأى خبير الشؤون الصينية في جامعة هونغ كونغ المعمدانية جان بيار كابستان، في تصريحات أوردتها الصحافة الفرنسية، أن الرئيس الصيني «يسعى إلى السير على خطى بوتين» ببقائه في السلطة إلى ما لا نهاية، في إشارة إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي يشاطره تشي على ما يبدو التوق ذاته إلى الزمن السوفياتي والريبة حيال الغرب، مدعوما في موقفه هذا بالنهوض الاقتصادي الهائل لبلاده. ومنذ وصوله إلى السلطة في نهاية 2012، حرص تشي الذي يعتبر أقوى زعيم صيني منذ مؤسس النظام ماو تسي تونغ، على تعيين مؤيدين أوفياء له في المناصب المفصلية، وما ساهم في تعزيز موقعه خوضه حملة لمكافحة الفساد عاقبت أكثر من 1.3 مليون مسؤول.وأكد في هذا الصدد، أن الحزب سيستمر في نهج «عدم التسامح إطلاقا» حيال المسؤولين الفاسدين.
وإن كان تشي لم يعترض على الانتقال إلى «حكومة السوق الاشتراكية»، إلا أن رئاسته ترافقت مع عودة إلى الآيديولوجيا الماركسية وقمع معمم استهدف المحامين والمنشقين والمتدينين والإنترنت.
وقال كابستان: «هذا لا يرضي الجميع في الصين. هناك من يعارض فكرة أن يبقى لأكثر من عشر سنوات»، معتبرا أن «العودة إلى النهج الماوي يثير الحيرة في البلاد». ولفت الخبير إلى أنه بتصديه للفساد واستهدافه حتى قيادة الجيش وصفوف المكتب السياسي، فإن تشي جينبينغ «مس بمصالح راسخة، وكل هذا يؤلب عليه الأعداء. لقد قام بمجازفات نجح حتى الآن في تجاوزها». وفي مؤشر إلى نفوذه، قد يدرج اسمه في ميثاق الحزب، وهو شرف لم يحظ به حتى الآن سوى مؤسس الصين الحديثة ماو تسي تونغ ومهندس الإصلاحات الاقتصادية دينغ هسياو بينغ.



كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.