قرار إصدار «كريبتو روبل» لم ينهِ الجدل في روسيا حول العملة الرقمية

استمر الجدل في روسيا حول آفاق تداول العملة الرقمية بين مشكك ومؤيد، وذلك على الرغم من حسم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين موقفه مؤخراً وإعلانه تأييد فكرة إصدار عملة رقمية روسية تكون خاضعة للرقابة المالية والنظام الضريبي.
وكان ميخائيل زادورنوف، مدير «في تي بي 24» وهي واحدة من أضخم المؤسسات المصرفية - المالية الروسية، شكك، في تصريحات أمس، بإمكانية إصدار عملة رقمية وطنية روسية، وقال: «يدهشني الجدل الدائر حول هذا الموضوع»، ووصفه بأنه «جدل حول لا شيء». وأضاف: «لن يكون هناك أي كريبتو روبل، وأنا واثق تماما بهذا الأمر»، معتبرا أن عدم إصدار عملة رقمية «قاعدة أساسية في عمل السلطات المالية في أي بلد».
وتأكيدا لوجهة نظره حول عدم واقعية إصدار الروبل الرقمي، قال زادورنوف: إن «الجدل حول الكريبتور روبل لن يأخذنا إلا إلى الحكاية الروسية عن إيفان الذي يمكنه اصطياد السمكة وهو على ظهر الموقد، وعوضا عن أن يعمل تقوم السمكة بتلبية كل رغباته».
واللافت، أن تصريحات زادورنوف، وهو واحد من الشخصيات المؤثرة والمهمة في عالم المال الروسي، أتت بعد يوم من تأكيد وزير الاتصالات الروسي نيكولاي نيكيفوروف، أن الدولة تعمل على إصدار كريبتو روبل، دون أن تسمح بتداول العملات الرقمية الأخرى.
ونقلت وسائل إعلام، منها صحيفة «أرغومنتي إيه فاكتي الروسية» عن الوزير الروسي قوله: إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، كلف بإصدار عملة رقمية روسية، مشيرا إلى أن الإجراء يستهدف تعزيز مكانة روسيا في مجال التجارة الإلكترونية. وقال نيكيفوروف للصحافيين: إن «الحكومة الروسية ستتولى عملية إصدار العملة الرقمية، وستفرض عدداً من القواعد بهذا الصدد». وأضاف، أنه بمجرد إصدار العملة الرقمية سيتم حظر العملات الرقمية الأخرى مثل الـ«بيتكوين».
ولم يعلن الوزير الروسي موعدا محددا لظهور هذه العملة الروسية الرقمية، لكنه أكد أنه يتعين الإسراع في هذه العملية؛ لأن جيران روسيا في آسيا وأوروبا سيتحركون بشكل أسرع. وأشار نيكيفوروف إلى أنه ستُفرض ضرائب على جميع العمليات المالية التي تنطوي على العملة الرقمية، ولم يستبعد إمكانية تبديل العملات الرقمية بأموال تقليدية بعد إثبات منشأ هذه العملات الرقمية؛ تجنباً لدفع ضريبة بنسبة 13 في المائة.
ومن ثم، قال نيكفيوروف لوكالة «إنتر فاكس»: إن وزارة الاتصالات أعدت مشروع قرار حكومي بخصوص إصدار عملة رقمية وطنية، موضحا أن هناك اهتماما «تنافسيا» بالعملات الرقمية في السوق الروسية؛ ولهذا يرى أنه لا بد من التحرك بسرعة في هذا المجال. لكنه استدرك وأوضح، بأن الحديث يدور حاليا حول «اقتراحات تقنية»، لافتاً إلى أن إصدار عملة رقمية وطنية يتطلب بالضرورة تعديلات على التشريعات والقوانين.
ويبدو أن روسيا التي تسعى جاهدة إلى مواكبة التطورات التقنية ودورها الرئيسي في الاقتصاد وعالم المال، تحاول عبر إقرار «كريبتو روبل» إيجاد مخرج من الجدل الدائر حول العملات الرقمية وتداولها في السوق الروسية، ولا سيما تفادي المخاطر التي تنطوي على استخدام تلك العملة، وعدم السماح بظهور أداة مالية جديدة خارج تحكم المؤسسات المالية التابعة للدولة الروسية.
وتناول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هذه القضية خلال اجتماع خاص في العاشر من أكتوبر (تشرين الأول)، لبحث مسألة العملة الافتراضية، تحت عنوان: «إدخال التقنيات الرقمية إلى المجال المصرفي المالي، واستخدام الأدوات المالية المبتكرة».
وأشار بوتين خلال الاجتماع إلى «التقنيات العصرية في المجال المصرفي»، وعبّر عن قناعته بأن «تلك التقنيات تتيح دون شك إمكانات جديدة للمؤسسات وللمواطنين، وتجعل من النشاط الإنتاجي - الاقتصادي عملية سهلة، وكذلك الأمر بالنسبة للحياة اليومية».
وحذر خلال الاجتماع من أن «استخدام هذه العملة ينطوي على مخاطر جدية، وبالدرجة الأولى تتيح هذه العملة إمكانية تبييض الأموال التي تم كسبها بطرق غير شرعية. وتتيح أيضاً إمكانية التهرب من الضرائب، وتمويل، بما في ذلك، حتى الإرهاب. وبالطبع تساعد هذه العملة على انتشار أساليب جديدة للنصب والاحتيال، الذي قد يقع ضحيته مواطنون بسطاء».
رغم ذلك، عبّر بوتين عن قناعته بضرورة تداول العملة الرقمية، لكن دون خلق عوائق إضافية في عالم المال، وقال: «علينا الاستفادة من الحلول التي تقدمها التقنيات (التكنولوجيا) الحديثة في القطاع المصرفي، لكن من المهم ألا نقيم في غضون ذلك عوائق زائدة لا حاجة إليها، وإنما نخلق الظروف الضرورية لتطوير المنظومة المالية الوطنية وتحديثها».