نقابة الفنانين اللبنانية تطالب بعدم التجريح في نجوم «أيام العز»

أصدرت بياناً يمنع إثارة موضوعات أحوالهم المادية والصحية

الممثلة رينيه الديك كانت ضحية برامج وتقارير تلفزيونية  سلّطت الضوء على حالتها النفسية المتعبة
الممثلة رينيه الديك كانت ضحية برامج وتقارير تلفزيونية سلّطت الضوء على حالتها النفسية المتعبة
TT

نقابة الفنانين اللبنانية تطالب بعدم التجريح في نجوم «أيام العز»

الممثلة رينيه الديك كانت ضحية برامج وتقارير تلفزيونية  سلّطت الضوء على حالتها النفسية المتعبة
الممثلة رينيه الديك كانت ضحية برامج وتقارير تلفزيونية سلّطت الضوء على حالتها النفسية المتعبة

انشغل اللبنانيون في الفترة الأخيرة بأخبار الممثلة رينيه الديك التي تناولتها برامج وتقارير تلفزيونية سلّطت الضوء على حالتها النفسية المتعبة بعدما توقفت عن ممارسة أي عمل فني منذ فترة.
فهذه الممثلة التي تعاون معها رواد المسرح اللبناني أمثال نضال الأشقر وشكيب خوري ومنير أبو دبس وغيرهم، أحدثت في إطلالاتها الأخيرة هذه حالة من النقمة لدى جمهورها الذي اتهم الدولة اللبنانية بالتقصير تجاهها وتجاه غيرها من الفنانين المسنين، الذين أسهموا في فترات معينة بتلميع صورة لبنان الثقافية والفنية. أما أفراد عائلتها فأبدوا استياءهم من أحد الصحافيين الذي كتب مقالة عنها قال فيه إن «رينيه الديك تموت جوعاً» وأرفقه بعنوانها السكني ومقر إقامتها، كأنها تستجدي العطف، رغم أنها تعيش بمن يحيطونها بكل اهتمام.
هذه الحادثة تسببت بحالة من الإحباط لدى الممثلة التي لمع اسمها في مسرحية «الخادمتين»، ودفعت بنقابة الفنانين المحترفين في لبنان إلى إصدار بيان رسمي طالبت فيه وسائل الإعلام ورواد المواقع الإلكترونية بالعودة إليها في حال رغبوا في إلقاء الضوء على أوضاع فنانين يرزحون تحت وطأة الأوضاع الاقتصادية المتردية.
ومما جاء في البيان: «إن إثارة مثل هذه الموضوعات ليست مناقضة للواقع فحسب، بل تدل على عدم إلمام ودراية بشؤون الفنانين اللبنانيين، وأيضاً يدل على عدم الالتفات منهم إلى كرامة الفنان اللبناني التي يسيئون إليها من خلال ما يقومون بنشره وترويجه.
كما تهيب نقابة الفنانين المحترفين بغالبية وسائل الإعلام ورواد التواصل الاجتماعي توخي الدقة والموضوعية، وتتمنى عليهم عدم إثارة موضوعات كهذه أمام الرأي العام، واستقاء المعلومات الدقيقة من مجلس إدارة نقابة الفنانين المحترفين دون سواه».
وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت نقيبة الفنانين المحترفين في لبنان شادية زيتون دوغان، أن النقابة لم تتخلّ يوماً عن فنانيها المنتسبين إليها وغيرهم، وقالت: «نحن غير مقصرين مع أحد وهناك تواصل دائم بيننا وبينهم، بحيث نؤمّن لهم الطبابة والأدوية بشكل دائم، إضافة إلى معاش شهري خاصّ لبعض من هم يعانون من حالة مادية متردية». وأشارت دوغان إلى أنه من المعيب أن تتباهى النقابة باهتماماتها هذه، كونها تشكل واجباً عليها تجاه أعضائها وتصب في سبيل الحفاظ على كرامتهم». وأضافت: «هي ليست المرة الأولى التي يختلقون فيها أخباراً غير دقيقة، إذ سبق وعانت الفنانة الراحلة صباح الأمرّين من شائعات مماثلة، وكذلك الممثلان الراحلان كمال الحلو وآماليا أبي صالح وغيرهما، رغم التأمينات الصحية التي كان يلحظهم بها صندوق النقابة». وأفادت دوغان بأنه من تجب ملامته هي الدولة اللبنانية وبالتحديد وزارة المالية ومديرية الأمن العام، فهما لا يطبقان فعلياً المادة 8 من المرسوم التطبيقي لجباية الضرائب، الذي يقضي بأن «يقتطع كل فنان أجنبي يزور لبنان 10 في المائة من مجموع المبلغ الذي يتقاضاه، ووفقاً للعقد الذي وقّعه مع الجهة التي استقدمته». وتتابع: «فلا وزارة المالية تطالب الفنان الزائر بإبراز براءة ذمة، ولا مديرية الأمن العام تقتطع هذه النسبة من أجره». وأشارت دوغان إلى أن من شأن تطبيق هذا البند أن يسهم في إثراء صندوق التعاضد الموحد لنقابة الفنانين بحيث يمكن أن يوفر لهم مبلغاً يفوق المليون دولار سنوياً.
وتحاول نقابة الفنانين المحترفين من موقعها مساعدة فنانين كثر ما زالوا يتمتعون بحالة صحية جيدة وبمظهر يليق بالكاميرا، إلا أنهم مغيّبون من قبل المنتجين عن الساحة بسبب تقدمهم في العمر من ناحية، وتقديم المنتجين مصالحهم الشخصية على غيرها من ناحية ثانية. «لدينا لائحة طويلة بأسماء هؤلاء الممثلين التي زوّدْنا بها كل منتجي الأعمال الدرامية في لبنان من أجل الاستعانة بهم للقيام بأدوار تناسب سنهم. لكن مع الأسف يلجأ هؤلاء إلى ممثلين شباب ويخضعونهم لعملية ماكياج نافرة ليبدون في سن متقدمة رغم عمليات التجميل الظاهرة على ملامحهم. فتغيب مصداقية الدور من ناحية ويعاني ممثلون مخضرمون في المقابل من البطالة». وتساءلت: «لماذا اليوم لا أحد يفكر بإسناد دور ما إلى الممثلة القديرة الفيرا يونس مثلاً أو لزميلها جهاد الأطرش؟ فلماذا يعتبون على الآخرين بدل أن يشاركوا في إحياء زمن عمالقة الشاشة وأبطال أعمال الأبيض والأسود ويساهمون في تأمين عيش كريم لهم؟»، وتعدّ الممثلة وفاء طربية من ممثلات الجيل القديم، وما زالت تمارس عملها التمثيلي رغم تقدمها في العمر وكذلك مارسيل مارينا، بينما غاب آخرون أمثال هند طاهر وسوزان بيرقدار بسبب حالتهما الصحية التي لم تعد تسمح لهما بمزاولة عملهما. ومن الفنانين الذين تطالب النقابة منتجي أعمال الدراما بإدراجهم على لوائحها إيلي أيوب وليلى اسطفان وميراي أبي جرجس وأحمد هاني وأحمد سيف وغيرهم.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».