السودان ينشّط اتصالاته لتمويل مشروعات الإسكان بعد رفع الحصار

شرع السودان في تنشيط اتصالاته مع «الاتحاد العربي للاستثمار العقاري» وبيوتات التمويل العالمية، لتمويل مشروعات الإسكان لمحدودي الدخل والمغتربين، وذلك بعد رفع العقوبات الاقتصادية الأميركية عنه الجمعة الماضي، والسماح له بالتحويلات المالية والتعامل مع كل الشركات حول العالم.
وطرح السودان الشهر الماضي مشروعات إسكانية لمحدودي الدخل بالعاصمة الخرطوم، للاستثمار والتمويل الدولي، وفي الإطار ذاته، أوفد الصندوق القومي للإسكان خبراء ومهندسين لتفعيل اتفاقيات وقعها مع تركيا وبيلاروسيا والإمارات، لنقل تجاربها إلى الخرطوم في مجالات السكن الرأسي والسكن الريفي والمنازل الذكية.
وعاد للخرطوم، أمس، الأمين العام للصندوق القومي للإسكان بعد جولة أوروبية، لبحث التمويل لمشروعات الإسكان وعرض الفرص الاستثمارية في قطاعي المقاولات وصناعة مواد البناء الحديثة.
وقال المهندس غلام الدين محمد عثمان، الأمين العام للصندوق القومي للإسكان، إن السودان سيطرح نفسه بشكل جديد بعد رفع العقوبات الاقتصادية عنه؛ «إذ سينشط علاقاته مع (الاتحاد العربي للاستثمار العقاري) الذي اختار الخرطوم مقرا له، وذلك لتنشيط مشروع الملتقى الاستثماري التركي - السوداني الذي تأجل عدة مرات بسبب تعقيدات الحصار».
ووفقا للاتفاق مع «الاتحاد العربي للاستثمار العقاري»، فسيتم تنفيذ مشروعات السكن الريفي وسكن الحلول المتكاملة، بجانب تقوية شراكاته مع الشركات العالمية للاستفادة من الاستثمارات والخبرات الأجنبية.
وحصل الصندوق القومي للإسكان في أغسطس (آب) الماضي على تعهدات من الاتحاد التركي للاستثمار العقاري والتجاري (موصياد)، ببناء 20 ألف وحدة سكنية، وذلك لسد الفجوة السكنية في السودان المقدرة بنحو 2.5 مليون وحدة.
يذكر في هذا الصدد أن السودان وقع اتفاقا مع شركتين تركيتين تابعتين لبلدية إسطنبول متخصصتين في «المدن الذكية» التي تعتمد على تقنية الليزر في المخططات الهيكلية للمساكن.
وتتخصص الشركتان التركيتان في إعداد المخططات العقارية والسكنية وتوفير الخدمات الأساسية والمرافق التعليمية والصحية والمساجد، ومواقف المواصلات، بجانب عملها في مجال توفير الأراضي وتخطيطها، والتشييد، وتسليم الوحدات لمستحقيها، بجانب إدارة خدمات ما بعد البيع والتسليم.
وستقدم الشركتان امتيازات للمتعاملين معها، حيث يتم عبرها البيع للوحدات بدفع 20 في المائة من المبلغ الكلي مقدما والباقي دون فوائد لمدة 5 سنوات. وأشار غلام الدين في حديثه إلى أن السودان موعود بتدفقات استثمارية من قبل شركات العقارات والمقاولات العالمية، بعد رفع الحصار، الذي حدث الجمعة الماضي، مبينا أن وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي في السودان تمنح حاليا تسهيلات وضمانات لاستقطاب مؤسسات التمويل الخارجي، لتنفيذ مشروعات الإسكان الريفي وسكن الفقراء في البلاد.
ووجهت «المالية» الجهات المعنية كافة بتسهيل الإجراءات كافة لاستقطاب التمويل الخارجي والداخلي، كما وجهت بنك السودان المركزي بضخ مزيد من التمويل العقاري للبنوك التجارية، خصوصاً «البنك العقاري التجاري السوداني»، الذي تقررت زيادة رأسماله ليكون الذراع التمويلية للصندوق القومي للإسكان الذي يقود ويدير قطاع الإسكان والسكن في البلاد.
ووفقا للمصادر، فإن أول مشروع للإسكان الفئوي ستنفذه شركة «هيتكو» البريطانية، وستبدأ بناء 50 ألف وحدة سكنية بالعاصمة الخرطوم الشهر المقبل.
يذكر أن اتحاد المقاولين السوداني، وفي إطار توسيع علاقاته الخارجية للاستفادة من تجارب الدول في الإسكان، خصوصا بعد الرفع الكلي للعقوبات الاقتصادية الذي بدأ جزئيا في يناير (كانون الثاني) الماضي، قد أجاز مؤخرا خطة إصلاح شاملة لتنظيم سوق العقار وتحفيز البنوك التجارية لتمويل مشروعات الإسكان في البلاد وفك التمويل العقاري المحظور منذ عام 2014.
وأبرم الاتحاد السوداني للمقاولات مع وزارة التنمية الوطنية السنغافورية، اتفاقا لنقل التجربة السنغافورية في مجالات البناء والتشييد إلى السودان، لتنفيذ مشروع قومي لبناء وحدات سكنية متنوعة للفئويين والمهنيين بنظام التقسيط، ينفذه الصندوق القومي للإسكان، ومشروع آخر كبير لإسكان المغتربين السودانيين الذين تجاوزت أعدادهم 5 ملايين مغترب.
وأبدت شركات إيطالية للتطوير العمراني رغبتها في الاستثمار في مجالات البناء والتشييد للمشروعات العقارية والسياحية في السودان، وذلك لما يتمتع به من فرص في الأراضي ومواد خام.
وأبدت الشركات رغبتها في الدخول في عدد من الاستثمارات في السودان تتعلق بالعقارات والزراعة والصناعة والخدمات والسياحة، حيث تنفذ مشروعات تنموية بتمويل أوروبي، ولها أنشطة استثمارية في عدد من الدول الأفريقية. ويصل سعر المتر في بعض المواقع بالخرطوم، البالغ سكانها نحو 10 ملايين نسمة، إلى نحو 1500 دولار، متجاوزا سعر المتر في كبرى العواصم العالمية، مثل لندن.
ويقدر حجم الفجوة السكنية في الخرطوم بنحو مليونين ونصف المليون وحدة، وتعهد الاتحاد التركي للاستثمار العقاري والتجاري (موصياد)، ببناء 20 ألف وحدة سكنية، لتغطية جانب من هذه الفجوة، وفقا لاتفاقية أقرت التعاون في مجال الاستثمار العقاري بين البلدين.
وتقدر مشروعات إسكان محدودي الدخل بنحو مليون وحدة سكنية بنظام البناء الرأسي، وستستفيد منها الفئات الضعيفة، بجانب ذوي الدخل المحدود. ووضع الصندوق القومي للإسكان بولاية الخرطوم خطة لمشروعات إسكان لجميع فئات المجتمع في العاصمة الخرطوم وبقية ولايات السودان، إلا أن التمويل وقف ضد الاستمرار، لارتفاع تكلفة مواد البناء والعمالة، مما تطلب البحث عن شركاء في التمويل من داخل وخارج البلاد، وهذا ما ينتظر بعد تكملة إجراءات رفع الحصار والسماح بانسياب التحويلات المالية والتقنيات وغيرهما.