أنطوان سعد: التحالفات الانتخابية قد تعيد تماسك «14 آذار»

نائب «اللقاء الديمقراطي» رأى أن التسوية الرئاسية في لبنان اهتزت

النائب اللبناني أنطوان سعد
النائب اللبناني أنطوان سعد
TT

أنطوان سعد: التحالفات الانتخابية قد تعيد تماسك «14 آذار»

النائب اللبناني أنطوان سعد
النائب اللبناني أنطوان سعد

رجّح النائب في كتلة «اللقاء الديمقراطي» أنطوان سعد، إعادة تماسك أو «شدّ عصب» تحالف فريق «14 آذار»، وهو ما قد ينسحب على فريق «8 آذار»؛ نتيجة التحالفات الانتخابية المفترضة وحذّر من أن تؤدي الانتخابات النيابية المقبلة إلى سيطرة عسكرية وسياسية لـ«حزب الله»، داعيا في الوقت عينه إلى مواجهة حملات التطبيع مع النظام السوري التي يروج لها فريق «شكرا سوريا» التي أدت برأيه إلى اهتزاز التسوية التي جاءت بميشال عون رئيسا، كما غيرها من الأمور.
وفي ظل الحديث عن عودة الانقسامات السياسية نتيجة مواقف الأفرقاء، يقول سعد في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إنه «حتى اللحظة، لا تزال الصورة ضبابية وغير واضحة بشأن عودة الاصطفاف الذي كان قائما بين 8 و14 آذار، ما بعد عام 2005، والذي تشكل نتيجة استشهاد الرئيس رفيق الحريري، ولكن الأجواء توحي بتفاهمات وتحالفات انتخابية من شأنها أن تخلق تماسكاً جديداً في صفوف قوى (14 آذار) أو بين قسم كبير من مكونات (14 آذار)، وهذا لا يلغي تفاهمات انتخابية مع قوى من خارج الاصطفافات».
وأضاف: «أعتقد أن نسيج (14 آذار) المتفكك حاليا يحتاج إلى أن تشد عراه لمواجهة حملات التطبيع القوية التي تروج لها وتسعى إلى ترسيخها جماعة (شكرا سوريا)، وفي مقدمهم (حزب الله) المستفيد من أجواء التوتر بين قيادات (14 آذار) كما من الظروف الإقليمية السائدة هذه الفترة».
ولم يستبعد سعد أن تؤدي نتائج الانتخابات المقبلة وفق القانون الجديد إلى سيطرة سياسية وعسكرية لـ«حزب الله»، موضحا أن المعادلة السابقة كانت بسيطرة عسكرية لـ«حزب الله»، مع أكثرية نيابية لقوى «14 آذار»؛ الأمر الذي فرض شبه توازن مقبول، ولكن منذ بضع سنوات اختل التوازن لمصلحة «حزب الله»، ما يعني سيطرة عسكرية ونفوذاً أمنياً وسيطرة على القرار السياسي، وهو ما قد يتكرس أكثر في حال أدت الانتخابات وفق القانون المطروح إلى حصول «حزب الله» وحلفائه على الأكثرية البرلمانية، وما يستتبع ذلك من إمكانية الانقلاب على الاتفاق الذي أدى إلى انتخاب ميشال عون رئيساً للجمهورية.
وعما إذا كان يرى أن التسوية التي أتت بميشال عون رئيسا قد اهتزت، يقول: «انتخاب الرئيس عون أصبح خلفنا، ونحن كقوى سياسية ولقاء ديمقراطي متنوع، لا ننظر كثيرا إلى الوراء ونمد يدنا للجميع، ولكن يبدو أن البعض لم يخرج من ماضيه. ونأمل أن تتم مقاربة العلاقة بين رئاسة الجمهورية والمكونات السياسية، من منطلق أن الرئيس هو لكل البلاد وليس لتيار سياسي محدد»، مضيفا: «لذا لا بد من التمييز بين موقفنا من موقع رئيس الجمهورية الذي هو رئيس البلاد، وبين التباين السياسي مع التيار الوطني الحر في بعض العناوين. وعلى فريق رئيس الجمهورية أن يفصل بين زعامة الرئيس عون للتيار وبين موقعه كرئيس للجمهورية، أضف إلى ذلك أن ممارسات رئيس التيار ووزير الخارجية جبران باسيل، تسيء إلى العهد، وهو ما كرسه بشكل واضح اللقاء الذي جمعه مع نظيره السوري وليد المعلم».
وفي حين وصف الاجتماع الذي طلبه باسيل بأنه «انتهاك للدبلوماسية وللدستور اللبناني وتجاوز لصلاحيات رئيس الحكومة وتطاول عليه»، رأى فيه «إهانة للبنان وشعبه، كما بحق الشهداء الذي اغتالهم النظام السوري وحلفاؤه»، معتبرا أن هذا التصرف من شأنه أن يزعزع الحكومة ويوتر الأجواء الداخلية، مشددا على أنه «لا يمكن للأمور أن تستقيم إذا استمر مسلسل التنازلات قائما، خاصة منذ قيام بعض الوزراء بزيارة سوريا ولقائهم مسؤولين سوريين في النظام».
أمام كل هذا الواقع، يقول سعد، إن «التسوية الرئاسية اهتزت فعلا، وقد أظهرت المشكلات التي تعرضت لها التسوية الرئاسية بأنه مهما حاولت الأطراف المعلنة، وغير المعلنة (حزب الله)، إلى تغييب الخلاف العميق من المشهد السياسي اللبناني، فإنها تعود دائماً عند كل مفترق أساسي يدخله لبنان. وهنا مكمن ضعف هذه التسوية»، مضيفا: «يبدو جليا للعيان أن رئيس الجمهورية ومحيطه لم يتوقفا منذ انتخاب رئيس للجمهورية عن الانحياز الواضح والفاضح لـ(حزب الله)، ليس فقط في المعادلة الداخلية وإنما أيضا من خلال المعادلة الإقليمية»، آملا أن يتنبّه الرئيس عون «إلى كل هذه القضايا التي تسيء لعهده وهي ناجمة عن الالتصاق بـ(حزب الله)، ومن شأن ذلك الدفع إلى قيام جبهة معارضة سيادية عريضة لهذا النهج».
وعن خوضه الانتخابات النيابية التي من المفترض أن تجري في شهر مايو (أيار) المقبل، يختم سعد قائلا: «كما كنت منذ عام 2005 في اللقاء الديمقراطي ومرشحاً من قبل رئيسه الزعيم وليد جنبلاط، وبعد 12 سنة من العمل النيابي، أنا مستعد لخوض الاستحقاق القادم عن المقعد الأرثوذكسي في راشيا والبقاع الغربي، إذا طلب مني رئيس اللقاء الديمقراطي أن أخوض الانتخابات مرة جديدة».



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.