صحيفة أفغانية تشن حرباً على الفساد لكن عليها أولاً دفع الإيجار

«إتيلات إي روز»... وقودها الإعلانات والمنح ومستقبلها في ظل القلاقل الأمنية مجهول

زكي داريابي مؤسس الصحيفة يتابع آخر الأنباء من مكتبه المتواضع في كابل (نيويورك تايمز)  -  يتم إرسال 500 نسخة لإقليم غازني يومياً (نيويورك تايمز)
زكي داريابي مؤسس الصحيفة يتابع آخر الأنباء من مكتبه المتواضع في كابل (نيويورك تايمز) - يتم إرسال 500 نسخة لإقليم غازني يومياً (نيويورك تايمز)
TT

صحيفة أفغانية تشن حرباً على الفساد لكن عليها أولاً دفع الإيجار

زكي داريابي مؤسس الصحيفة يتابع آخر الأنباء من مكتبه المتواضع في كابل (نيويورك تايمز)  -  يتم إرسال 500 نسخة لإقليم غازني يومياً (نيويورك تايمز)
زكي داريابي مؤسس الصحيفة يتابع آخر الأنباء من مكتبه المتواضع في كابل (نيويورك تايمز) - يتم إرسال 500 نسخة لإقليم غازني يومياً (نيويورك تايمز)

في المرة الأولى التي أسس فيها زكي داريابي صحيفة صغيرة في أفغانستان، تم إغلاقها في غضون بضعة أشهر. وفقد داريابي، الذي كان قد تخرج لتوه من الجامعة في كابل، الجزء الأكبر من المال الذي اقترضه من أصدقائه لإنشاء هذه المطبوعة.
مع ذلك وبعد فترة قصيرة من حدوث ذلك، أنشأ صحيفة أخرى باسم «إتيلات إي روز»، وبعد خمس سنوات، وجد نفسه في خضم نقاش من أهم النقاشات في أفغانستان.
لا تزال الصحيفة تعتمد على الدعم المالي، حيث كثيراً ما يجد داريابي نفسه يكتب طلبات للحصول على منح بدافع اليأس، ويطلب من الدائنين الصبر، أو حتى يكثف من نشاط الصحيفة على الإنترنت في الأيام التي لا يستطيع فيه دفع تكلفة طبعها التي تبلغ 250 دولاراً. في الوقت ذاته، يكتب الصحافيون العاملون مع داريابي الكثير من التقارير الاستقصائية التي تتناول وضع الدولة الأفغانية الديمقراطية التي تزداد الفوضى فيها بسبب أمراء الحروب، والفصائل، الذين يحتاجون إلى تذكيرهم دائماً بقواعد اللعبة الجديدة، ودور وسائل الإعلام فيها.
ويعد اتساع مساحة حرية وسائل الإعلام الأفغانية من أكبر الإنجازات منذ إسقاط حكومة طالبان على أيدي التحالف الدولي عام 2001؛ فخلال فترة حكم طالبان لم يكن هناك سوى إذاعة وصحيفة النظام، أما اليوم فيوجد أكثر من 300 محطة إذاعية، و200 محطة تلفزيونية، وما يزيد على 70 صحيفة، فضلاً عن مئات المجلات المنتشرة في أنحاء أفغانستان. مع ذلك تحجب الأعداد حقيقة العمل المرهق المضني، الذي تبذله تلك المؤسسات الصحافية والإعلامية، والمخاطر التي تواجهها.
تواجه الصحف، التي تقوم أكثرها على أموال التبرعات طوال الخمسة عشر عاماً الماضية، بوجه خاص، مشاكل مالية، وتواجه أيضاً سؤالاً ملحاً هو: هل تستطيع حقاً إحداث تغيير في دولة لا يحظى فيها النظام الدستوري كثيراً بالسلطة، بل يتمتع بها الرجال النافذون الأقوياء ومن يدعمهم؟
بالنسبة إلى ناشرين مثل داريابي، يعني العمل الصحافي أن تعيش حياة أساسها الديون، وكثيراً ما يضرّ هذا حياة المقربين منك. مع نشر صحيفته لتقارير تنتقد حكومة أشرف غني، بدأت علاقة داريابي بوالده، الذي يؤيد غني، تتوتر، حيث لا يدرك والده لماذا يصرّ ابنه على إحراجه أمام أصدقائه.
ويوجد مقر صحيفة «إتيلات إي روز» في شقة بالطابق الثالث في غرب كابل، ويبدأ فريق مكون من 10 صحافيين بها العمل في وقت متأخر من الصباح، وحتى وقت متأخر من الليل. العمليات محدودة، لذا يتولى داريابي ورئيس التحرير أمر التحقيقات الكبرى. ولدى الصحيفة عدة موزعين على دراجات يوصلون 3 آلاف نسخة عند الفجر لمدة خمسة أيام أسبوعياً. مع ذلك تعتمد الصحيفة بالأساس على تواجدها المتميز على الإنترنت، حيث يبلغ عدد مشتركي صفحتها على «فيسبوك» 300 ألف.
تغطي الإعلانات نحو 30 في المائة فقط من تكاليف إصدار الصحيفة، وقد حصل داريابي مؤخراً على منحة من مؤسسة «المجتمع المفتوح»، قيمتها 50 ألف دولار تقريباً، من المفترض أن تغطي 30 في المائة أخرى من تكاليفها خلال العام المقبل. مرت أسابيع دون طبع الصحيفة، ولم تصدر خلالها سوى على الإنترنت. ويقرّ داريابي بأنه خلال إحدى تلك الفترات في العام الماضي ضعف أمام بريق المال السياسي، حيث قبل مبلغاً من المال قدره 3 آلاف دولار من مؤسسة الرئيس السابق حميد كرزاي، وهو أمر تم ترتيبه عن طريق أحد محرريه، الذي كان يعمل في الماضي في مكتب الرئيس السابق، وأخبره أن الصحيفة على وشك الإغلاق.
وبعد نقاش طويل، قبل فريق داريابي المال، وسددوا به الإيجار. وظل فريق داريابي وآخرون لأشهر يكتبون تقارير صحافية تشير إلى أن البشتون قد أنشأوا دائرة من الأشخاص المقربين من مكتب غني، مهمشين بذلك جماعات عرقية أخرى.
كذلك عثرت صحيفته على وثيقة تمثل دليلاً قاطعاً على الجريمة. وتحدث موظف بارز في مكتب غني عن مذكرة على محطة تلغراف داخلية تسلط الضوء على ضرورة تهميش أفراد الجماعات العرقية الأخرى لصالح البشتون. وفي غضون دقائق كتب الموظف في المجموعة مرة أخرى: «محطة غير مقصودة». وكان ذلك متأخراً، فقد تم تسريب المذكرة إلى وسائل الإعلام، والتقطها فريق داريابي، ووثق جيداً كل خطوة من التقرير الصحافي، مع العلم بأنه سيتم السؤال عن الوثيقة الأصلية التي تدعم هذه المسألة الحساسة التي تتعلق بالاضطهاد العرقي.
وكانت المقالات تمثل بداية أسبوع من النقاشات والجدل المحتدم على المحطات التلفزيونية وفي الصحف الأفغانية، وبوجه خاص على مواقع التواصل الاجتماعي، التي شهدت هجوماً شرساً على داريابي وصحيفته.
وأكد داود نورزاي، الرئيس الجديد لمكتب غني، أن المذكرة كانت مجرد عمل فردي، ولا تعبر عن توجه المكتب. مع ذلك لم يهدئ هذا التصريح من المخاوف بشأن وجود فساد في النظام. وأصدر غني، الذي كان في نيويورك من أجل حضور اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في ذلك الوقت، أمراً لممثل الادعاء العام بإجراء تحقيق في هذا الأمر.
كان اعتراف نورزاي بالمشكلة، وتعهد غني بمساءلة المذنب، بالنسبة إلى داريابي وفريقه، انتصاراً كانوا يحتاجونه خلال فترة عصيبة أخرى يمرون بها، ويفكرون فيها بإغلاق الصحيفة.
ونشأ داريابي في قرية في جاغوري، وهي منطقة تنتشر بها ثقافة الكتب والأفكار، رغم كونها واقعة في إقليم غازني المضطرب. وهو في الواحدة والثلاثين من العمر، بحسب التاريخ الذي كتبه والده على ظهر نسخة القرآن الخاصة بالعائلة. وربما يكون في الثامنة والعشرين، بحسب ما اعتقد حاكم المنطقة حين رآه ليوقع على بطاقة هوية داريابي لتسجيل عمره رسمياً عندما التحق بالجامعة في كابل.
وبدأ داريابي، كطالب يدرس العلوم السياسية، كتابة مقالات لإحدى الصحف المحلية، وكان يتقاضى خمسة دولارات عن المقال الواحد. وبعد تخرجه في الجامعة، اقترض نحو 16 ألف دولار من أصدقائه لإنشاء صحيفة «إتيلات إي روز»، التي كانت تركز في البداية بشكل كبير على الترفيه. وبعد إغلاق الصحيفة، تلقى داريابي، الذي لا يجيد الإنجليزية، عرضاً من مؤسسة نشر برئاسة صحيفة إنجليزية تم إنشاؤها بالأساس لتحقيق أرباح من الإعلانات. قبل داريابي الوظيفة شريطة أن يتاح له استخدام موارد الشركة في إعادة صحيفته إلى العمل؛ وتم إبرام الاتفاق.
وبعد عام من إدارة صحيفتين معاً، تمكن من العمل بدوام كامل في صحيفته التي باتت تركز على السياسة. وقال داريابي إنه في تلك الأيام، وتحديداً عام 2012، كان هناك شعور بالتفاؤل تجاه مستقبل البلاد، ودور الإعلام فيه، لكن السنوات العصيبة التالية، بما شهدته من فوضى الانتخابات التي كانت ستؤدي إلى تمزق البلاد، وهجوم طالبان العنيف، والمشاكل المالية التي واجهتها صحيفته، لم تتمكن من إنهاكه وإحباطه كلياً كما يقول.

- خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

دواء قد يُطيل خصوبة المرأة لمدة 5 سنوات

صحتك الدواء يُطيل خصوبة المرأة ويساعدها على العيش لمدة أطول (رويترز)

دواء قد يُطيل خصوبة المرأة لمدة 5 سنوات

أكدت مجموعة من العلماء فاعلية دواء مثبط للمناعة في إطالة خصوبة المرأة لمدة خمس سنوات، ومساعدتها على العيش لمدة أطول وبصحة أفضل.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أوروبا غلاف صحيفة «فاينانشيال تايمز» يظهر مع صحف أخرى في كشك لبيع الصحف في نيويورك (رويترز)

«فاينانشيال تايمز» و«ذي إيكونوميست» تعلنان دعمهما حزب العمال البريطاني

أعلنت صحيفة «فاينانشيال تايمز» ومجلّة «ذي إيكونوميست»، الاثنين، دعمهما حزب العمال البريطاني قبل الانتخابات العامة المقررة، الخميس.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا مارين لوبان، مرشحة حزب "التجمع الوطني" القومي، تتفاعل في نهاية يوم الانتخابات الفرنسية في باريس، فرنسا، 1 يوليو 2024 (إ.ب.أ)

ردود فعل متباينة على فوز اليمين القومي بالانتخابات التشريعية الفرنسية

تصدّر فوز اليمين الفرنسي بقيادة حزب «التجمّع الوطني» بالجولة الأولى من الانتخابات التشريعية الصفحات الرئيسية للصحف العالمية وبدأت تخرج ردود الساسة الأوروبيين.

شادي عبد الساتر (بيروت)
أوروبا الصحافيات مارتين كروكسال وكارين جيانوني وكاسيا ماديرا وأنيتا ماكفي (بي بي سي)

بتهمة التمييز... أربع صحافيات يقاضين «بي بي سي»

رفعت أربع صحافيات مخضرمات دعوى قضائية ضد هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، متهمة إياها بالتمييز، بعد الاستغناء عن عملهنّ كمقدّمات في الهيئة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الولايات المتحدة​ إيفان غيرشكوفيتش المعتقل بتهم التجسس، ينظر من داخل قفص المتهمين قبل جلسة استماع للنظر في استئناف تمديد احتجازه السابق للمحاكمة في محكمة مدينة موسكو (أ.ف.ب)

بعد عام على اعتقاله بروسيا... عائلة الصحافي الأميركي غيرشكوفيتش «تواصل النضال»

بعد عام على اعتقال الصحافي الأميركي إيفان غيرشكوفيتش في روسيا بتهم تجسس، تعهدت عائلته مواصلة معركة الإفراج عنه، مؤكدة أن براءته تمنحه القوة لمواجهة المحنة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

«واشنطن بوست» لن تؤيد أي مرشح للرئاسة الأميركية

باتريك سون شيونغ (أ.ب)
باتريك سون شيونغ (أ.ب)
TT

«واشنطن بوست» لن تؤيد أي مرشح للرئاسة الأميركية

باتريك سون شيونغ (أ.ب)
باتريك سون شيونغ (أ.ب)

في كل انتخابات رئاسية وعامة تشهدها الولايات المتحدة، كان للمؤسسات الإعلامية الأميركية على الدوام نصيب من تداعياتها. وفي العادة أن جلّ المؤسسات الاعلامية كانت تنحاز لأحد طرفي السباق، حتى في بعض الانتخابات التي كانت توصف بأنها «مفصلية» أو «تاريخية»، كالجارية هذا العام. بل وكان الانحياز يضفي إثارة لافتة، لا سيما إذا «غيّرت» هذه المؤسسة أو تلك خطها التحريري المألوف، في محاولة للظهور بموقف «حيادي».

غير أن الواقع كان دائماً يشير إلى أن العوامل التي تقف وراء هذا «التغيير» تتجاوز مسألة الحفاظ على الحياد والربحية وتعزيز المردود المالي. إنها سياسية بامتياز، خصوصاً في لحظات «الغموض والالتباس» كالتي يمر بها السباق الرئاسي المحتدم هذا العام بين نائبة الرئيس كامالا هاريس مرشحة الحزب الديمقراطي والرئيس السابق دونالد ترمب مرشح الحزب الجمهوري.

مقر «اللوس أنجليس تايمز» (أ.ب)

«واشنطن بوست» لن تؤيد أي مرشح!

يوم الجمعة، أعلن ويليام لويس، الرئيس التنفيذي وناشر صحيفة «واشنطن بوست»، التي يملكها الملياردير جيف بيزوس، رئيس شركة «أمازون» العملاقة، أنها لن تؤيد أي مرشح رئاسي لا في هذه الانتخابات، ولا في أي انتخابات رئاسية مستقبلية. وأضاف لويس، في مقال: «نحن نعود إلى جذورنا بالإحجام عن تأييد المرشحين الرئاسيين... هذا من تقاليدنا ويتفق مع عملنا في 5 من الانتخابات الـ6 الأخيرة». وتابع لويس: «ندرك أن هذا سيُفسَّر بطرق مختلفة، بما في ذلك اعتباره تأييداً ضمنياً لمرشح واحد، أو إدانة لمرشح آخر، أو تنازلاً عن المسؤولية... هذا أمر لا مفر منه. لكننا لا نرى الأمر بهذه الطريقة. إننا نرى ذلك متوافقاً مع القِيَم التي طالما دافعت عنها صحيفة (واشنطن بوست)». واختتم: «إن وظيفتنا في الصحيفة هي أن نقدّم من خلال غرفة الأخبار، أخباراً غير حزبية لجميع الأميركيين، وآراءً محفزة على التفكير من فريق كتّاب الرأي لدينا لمساعدة قرائنا على تكوين آرائهم الخاصة». إلا أنه في بيان وقّعه عدد من كبار كتّاب الرأي في الصحيفة، بينهم ديفيد إغناتيوس ويوجين روبنسون ودانا ميلبنك وجينيفر روبن وروث ماركوس، وصف الموقّعون القرار بأنه «خطأ فادح». وتابع البيان أن القرار «يمثّل تخلّياً عن المُعتقدات التحريرية الأساسية للصحيفة... بل في هذه لحظة يتوجّب على المؤسسة أن توضح فيها التزامها بالقيَم الديمقراطية وسيادة القانون والتحالفات الدولية والتهديد الذي يشكله دونالد ترمب على هذه القيم...». ومضى البيان: «لا يوجد تناقض بين الدور المهم الذي تلعبه (واشنطن بوست) بوصفها صحيفة مستقلة وممارستها المتمثّلة في تقديم التأييد السياسي... وقد تختار الصحيفة ذات يوم الامتناع عن التأييد، لكن هذه ليست اللحظة المناسبة، عندما يدافع أحد المرشحين عن مواقف تهدّد بشكل مباشر حرية الصحافة وقِيَم الدستور».

مقر «الواشنطن بوست» (آ. ب.)

... وأيضاً «لوس أنجليس تايمز»

في الواقع خطوة «واشنطن بوست» سبقتها، يوم الأربعاء، استقالة مارييل غارزا، رئيسة تحرير صحيفة «لوس أنجليس تايمز»، كبرى صحف ولاية كاليفورنيا، احتجاجاً على منع مالك الصحيفة، الملياردير باتريك سون شيونغ، مجلس التحرير من إعلان تأييد هاريس. وهذه الخطوة أشاد بها ترمب، وعلّقت حملته، في بيان، بأن «زملاء هاريس في كاليفورنيا يعرفون أنها ليست مؤهلة للوظيفة». غارزا كتبت في رسالة استقالتها «أن الصمت ليس مجرد لامبالاة، بل هو تواطؤ»، معربة عن قلقها من أن هذه الخطوة «تجعلنا نبدو جبناء ومنافقين، وربما حتى متحيّزين جنسياً وعنصريين بعض الشيء». وأردفت: «كيف يمكننا أن نمضي 8 سنوات في مهاجمة ترمب والخطر الذي تشكّله قيادته على البلاد ثم نمتنع عن تأييد المنافس الديمقراطي اللائق تماماً الذي سبق لنا أن أيدناه لعضوية مجلس الشيوخ؟»، في إشارة إلى هاريس. من جانبه، كتب سون شيونغ، في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، أن هيئة التحرير «أتيحت لها الفرصة لصياغة تحليل واقعي» للسياسات التي يدعمها كل مرشح خلال فترة وجوده في البيت الأبيض، وعلى مسار الحملة الانتخابية، كي يتمكّن «القراء (أنفسهم) من تحديد مَن يستحق أن يكون رئيساً»، مضيفاً أن الهيئة «اختارت الصمت»!

هل الدافع تجاري؟

بالمناسبة، سون شيونغ يُعد من الداعمين للديمقراطيين عموماً، يرجح البعض أن يكون الدافع وراء موقفه الاعتبارات التجارية، ومنها جذب مزيد من القراء، بمَن فيهم الموالون للجمهوريين، لرفع نسبة الاشتراكات والدعايات والإعلانات، عبر محاولة تقديم الصحيفة بمظهر وسطي غير منحاز. كذلك، سون شيونغ، الطبيب والقطب في مجال التكنولوجيا الحيوية من منطقة لوس أنجليس، الذي ليست له أي خبرة إعلامية، كان قد اشترى الصحيفة التي يزيد عمرها على 140 سنة والشركات التابعة لها، مقابل 500 مليون دولار عام 2018. لكن خسائر الصحيفة استمرت، ما دفعه إلى تسريح نحو 20 في المائة من موظفيها هذا العام. وذكرت الصحيفة أن مالكها اتخذ هذه الخطوة بعد خسارة «عشرات الملايين من الدولارات» منذ شرائها.

ترمب يدعو لإلغاء تراخيص الأخبار

ما حصل في «واشنطن بوست» و«لوس أنجليس تايمز» سلّط حقاً الضوء على التحديات التي تواجهها المؤسسات الإعلامية الأميركية وسط الضغوط المتزايدة عليها، وتحويلها مادة للسجال السياسي.

وفي الواقع، تعرّضت وسائل الإعلام خلال العقد الأخير للتهديدات ولتشويه صورتها، وبالأخص من الرئيس السابق ترمب، الذي كرر اتهام منافذ إخبارية كبرى بالتشهير، ومنع الصحافيين من حضور التجمّعات والفعاليات التي تقام في البيت الأبيض، وروّج لمصطلح «الأخبار المزيفة»، الذي بات يتبناه الآن العديد من قادة اليمين المتطرف في جميع أنحاء العالم.

وفي حملات ترمب الجديدة على الإعلام، اقترح أخيراً تجريد شبكات التلفزيون من قدرتها على بث الأخبار، إذا كانت تغطيتها لا تناسبه. وكتب على منصته «تروث سوشال» في الأسبوع الماضي «يجب أن تخسر شبكة (السي بي إس) ترخيصها. ويجب وقف بث برنامج (60 دقيقة) على الفور». وكرّر مطالبه في الخطب والمقابلات، مردداً دعواته السابقة لإنهاء ترخيص شبكة «الإيه بي سي» بسبب استيائه من الطريقة التي تعاملت بها مع المناظرة الوحيدة التي أُجريت مع هاريس.

وقال في مقابلة مع قناة «فوكس نيوز» الداعمة له: «سنستدعي سجلاتهم»، مجدداً ادعاءه أن تحرير الشبكة لمقابلتها مع هاريس في برنامج «60 دقيقة»، كان «مضللاً» ورفض عرض الشبكة إجراء مقابلة معه. وأيضاً رفض الإجابة عما إذا كان إلغاء ترخيص البث «عقاباً صارماً»، ليشن سلسلة من الإهانات لهاريس، قائلاً إنها «غير كفؤة» و«ماركسية».